كتاب للبريطانية ساندرا بيسيك يبرز أساليب البناء بسعف النخيل

«العريش» يلتقط اللحظات الأخيرة لتراث مهدد

صورة

عن مشروع «كلمة» للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، صدر كتاب جديد بعنوان «العريش.. العمارة بسعف النخيل»، للمعمارية البريطانية ساندرا بيسيك، وترجمه إلى العربية عمر الأيوبي.

شكل سعف النخيل مادّة مهمّة للبناء في الإمارات، باعتباره من أشكال النباتات القليلة المتوافرة في هذه البيئة. ويتميّز استخدام العريش في تاريخ دولة الإمارات بثراء واتساع استثنائيين. ووفرت العمارة التقليدية بسعف النخيل الملجأ من المناخ الشديد القسوة السائد في الإمارات وشبه الجزيرة العربية على مرّ القرون، وقدّمت أشكالاً متنوّعة من المباني التي تنمّ عن أصالة وإبداع وفهم عميق للبيئة، وكيفية التعايش معها.

ارتباط عميق

ترتبط شجرة النخيل ارتباطاً عميقاً بالحضارة الإسلامية من خلال الدين والثقافة والزراعة، وما التمر إلا إحدى الفوائد المتأتية من زراعته، فزراعة صفوف من أشجار النخيل تنشئ مناطق ظليلة تقي من أشعة الشمس الحادّة. وتنشئ الأوراق المتساقطة والبقايا العضوية الأخرى نطاقاً غنياً يمكن أن تُزرع فيه جميع أنواع النباتات الأخرى. وتوفّر أشجار النخيل موادّ للبناء والصناعات الحرفية، ويشكّل سعف النخيل مادّة البناء الرئيسة لإنشاء مساكن العريش، ويستخدم السعف أيضاً في صنع السلال والحبال، في حين يستخدم الجريد (قضبان النخيل المجرّدة من أوراقها) لصنع الأثاث. وعندما تتوقّف الشجرة عن الإثمارتستخدم الجذوع في البناء.

ويأتي كتاب «العريش.. العمارة بسعف النخيل»، الذي وضعته المعمارية ساندرا بيسيك، وهو لا يشكل مرجعاً للمعماريين والدارسين فحسب، وإنما يشرح ويوضح أيضاً أساليب البناء باستخدام سعف النخيل ومبادئه، وهي أساليب تتكيّف على نحو فريد مع مختلف الأماكن والمواد المتاحة في دولة الإمارات.

لقد كانت مباني العريش تستأثر بنحو 80% من المساكن في دولة الإمارات حتى عهد قريب، غير أنها تكاد تختفي اليوم تماماً. ويهدف الكتاب إلى جانب مشروع بحوث العريش إلى التقاط اللحظات الأخيرة لتراث العريش المادي قبل أن يصبح أثراً بعد عين، فلايزال هناك أشخاص أحياء تمثّل ذاكرتهم تراثاً غير مادي. وربما يوجد أمامنا 10 سنوات، أو 20 سنة على الأكثر، لحفظ وأرشفة ذاكرة العريش، وتالياً التقاط تراث أجيال من الهوية الثقافية لدولة الإمارات والإحاطة به.

وتركّز الدراسة كذلك على المسألة الملحّة المتعلقة بكيفية تفسير التراث الثقافي في البيئة المبنيّة اليوم، وإيجاد لغة ملائمة لمشروعات لا تقلّد وتحاكي وإنما تخلق وتُلهم. وهي تشكّل جزءاً لا يتجزّأ من مشروع النموذج الأولي لأبنية العريش البيئية في قلعة الموقب في ليوا الذي يسعى إلى وسيلة لضمان الاستمرارية الثقافية الأصيلة. وفي الكتاب، حاولت المؤلفة تحليل خصائص المعايير التصنيفية للعريش في كل منطقة وتعريفها، مستفيدة جزئياً من مقابلات أجرتها مع أفراد بارزين.

وفي إطار هذا العمل، تنقّلت المؤلفة على نطاق واسع في أنحاء دولة الإمارات، وقامت بزيارات ميدانية، وسجّلت مقابلات، وعملت مباشرة مع موظفين في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في العين لإنشاء مبانٍ تجريبية من العريش. ولعل هذا الكتاب يمثّل أول بحث في منهجه المميز عن العمارة بسعف النخيل باللغة العربية.

ويضمّ كتاب «العريش.. العمارة بسعف النخيل» أربعة أقسام هي: نظرة عامة من خلال الصور الفوتوغرافية التاريخية، مقارنة بين مختلف الأماكن في دولة الإمارات والمزايا التي تتفرّد بها كل منها، تركيز على التفاصيل المعمارية والأسلوبية، تطبيقات معاصرة للعمارة بسعف النخيل. بالإضافة إلى قسم خاص بالمصادر، بما في ذلك مدخل لصناعة العريش خطوة خطوة من مواد البناء إلى الشكل المبني. وتعد المؤلفة ساندرا بيسيك استشارية متخصّصة في العمارة والتصميم والبحوث الثقافية، تعمل على نطاق واسع في دولة الإمارات في مشروعات ترمي إلى إعادة وصل الثقافة التاريخية لدولة الإمارات وتراثها بالبيئة المعاصرة، وتركّز تحديداً على استخدام أساليب البناء بسعف النخيل، وهي عضو المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين.

تويتر