بعضها مستحق وحصيلة عمر وأكثرها دعائي

«ألقاب المشاهير».. هل يمنحها الجمهور أم «مدير مكتب الفنان»

صورة

«يحيي حفل اليوم ملك الأغنية، أو امبراطور الفن، أو حتى قيثارة الألحان، وعصفورة ساحة الفن»، هكذا هي شاكلة ألقاب كثيرة تحيط بممثلين ومغنين كثر، معظمها غير معلومة المصدر، وحتى أصحابها كثيراً ما ينكرون مصدرها الحقيقي، ملصقينه في كثير من الأحيان بالجمهور، أو يبقى منسوباً إلى «فاعل مجهول»، لأن معظم هذه الألقاب يتم الإلحاح عليها في سياق دعائي ترويجي.

حسين الجسمي.. بلا ألقاب

على الرغم من أنه أحد أكثر الفنانين الإماراتيين حصولاً على ألقاب رسمية، سواء ما تعلق منها بسفارة النوايا الحسنة للأمم المتحدة، من أكثر من مؤسسة رسمية فيها، ومنها «الفاو» و«أمسام»، أو نيله الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون بالقاهرة، إلا أن اسم الجسمي نفسه، هو أغلى ألقابه إليه، ولا نلمس أي حرص لديه أو لدى إدارة أعماله لترويج لقب بعينه.

الجسمي ينظر إلى فكرة البحث عن لقب باعتبارها «سراباً»، فحسب قناعته فإن المحبة هي كلمة السر التي تربط بين الجمهور والفنان، وليست الألقاب، مضيفاً: «قد تُنسى الألقاب، لكن الرصيد الحقيقي للفنان هو ما قدمه بالفعل من أعمال مميزة، استحق بها محبة الناس وإشادتهم، وكم من ألقاب ذابت وتلاشت بسبب عدم ترافقها مع هذين العنصرين، محبة الناس، والعطاء الفني الحقيقي».

مراد النتشة: لم أصنع الألقاب

أحد أكثر من تولوا الإدارات الإعلامية لفنانين في الإمارات، مراد النتشة، يؤكد أن «الألقاب المصنوعة لا تدوم طويلاً، وتبقى أقرب إلى الفقاعة».

ويضيف النتشة: «مع تقديمي استشارات فنية للعديد من الفنانين الإماراتيين، وغيرهم، سابقاً قبل أن أصبح مستشاراً إعلامياً للفنان حسين الجسمي، لم أسع إلى صنع ألقاب لأي فنان، بل على العكس، كانت النصيحة الدائمة التي أوجهها لأي فنان ناشئ خصوصاً، هي أن صناعة الألقاب يجب ألا تكون مهمة ترويجية بل جماهيرية». وأقر النتشة بأنه «للأسف فإن الكثير من الألقاب الفنية تتم في إطار ترويجي من قبل إدارات التسويق والعلاقات العامة الخاصة بالفنانين أنفسهم ووكلائهم».

صباح اللامي: الواسطة تسود

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/8ae6c6c54aa0819a014d86eeab451bca.jpg

قال الفنان العراقي المقيم في الإمارات، صباح اللامي، إن الوسط الفني أصبح تسيطر عليه الواسطة والشللية، وفرص النجاح الموضوعي أصبحت قليلة جداً، بسبب غياب الموضوعية في التقييم، والحيادية في تبني الخامات الصوتية الجيدة.

وقال اللامي إن البعض يستند في انتشاره على ألقاب أقرب إلى «الوهمية»، لأنها لا تعبر عن حقيقة قيمته الإبداعية، لكنها رغم ذلك توفر له انتشاراً، من خلال الاعتماد على العلاقات الشخصية، والجهود الترويجية والتسويقية المضللة.

ورأى اللامي أن فرص الالتفات إلى ذوي الإبداع في الإعلام، ماداموا بعيدين عن «البروباغندا» وإثارة الجدل، ضئيلة جداً.

وعلى شاكلة مقدمي حفلات الأفراح، فإن ما يصل من أخبار من مكاتب الفنانين، إن كانت هناك مكاتب حقيقية بالأساس، نظراً لأن إرسال تلك الأخبار أصبح مختصاً به وسطاء يتقاضون «مكافآت» من المغنين والمطربين، تأتي بصيغ أفعل التفضيل، وتكرر لقباً بعينه، مستثمرة فوضى الألقاب التي تمنح بشكل مجاني في كثير من الأحيان.

في المقابل، فإن ثمة ألقاباً ترسخت لمطربين وفنانين، بعضهم ينتمي إلى جيل العمالقة، وآخرون احتاجوا وقتاً طويلاً جداً من أجل ترسيخ لقب منحه لهم جمهور غفير، أو الاستخدام المتكرر في وسائل الإعلام، بعيداً عن تأثيرات الأخبار «الجاهزة» التي يرسلها وسطاء محسوبون على بعض الفنانين، لأهداف ترويجية ودعائية.

وإذا كانت الظاهرة تعود بالأساس إلى جيل الستينات والحقبة الزمنية القريبة منه، فإن تلك الحقبة نفسها هي التي حظيت بأحد تلك المسميات، التي شكلت مظلة للمنضوين تحتها، وهو لقب «الزمن الجميل»، ما يعني أن جميع فناني تلك الفترة هم بالضرورة جيل «الزمن الجميل» في الفن والطرب، وهو تعميم يجوز على اختلاف القامات الفنية، لأن المعيار هنا زمني بحت.

فالألقاب لا تصنع القامات الفنية، بل عطاء الفنان والتقدير الذي يحظى به لدى الجمهور والأوساط الإعلامية والنقدية هو ما يجعله في مكانة مختلفة عن أقرانه، لذلك فإن معظم النجوم الذين استحقوا ألقابهم، لم يكونوا باحثين أو ملحين عليها.

وفي مقدمة الألقاب الفنية التي حققت انتشاراً واسعاً دون سعي أصحابها للترويج لها، تأتي ألقاب هامات فنية لها وزنها، سواء في مجال الطرب أو الغناء، مثل «كوكب الشرق» بالنسبة لأم كلثوم، و«العندليب الأسمر» لقب الفنان عبدالحليم حافظ، و«سيدة الشاشة العربية»، وهو لقب الفنانة التي رحلت أخيراً، فاتن حمامة، في حين تبقى «فيروز» بمثابة اسم يكاد يصبح في حد ذاته لقباً، بعد أن تغلب من حيث الانتشار على العديد من الألقاب التي سعى البعض إلى إطلاقها عليها، تقديراً لعطائها الفني المميز، مثل «سفيرتنا إلى النجوم»، وغيرها من الألقاب. معاصرو ما يطلق عليه «الزمن الجميل» في الطرب والدراما لم يكونوا ملائكة، وبعض الألقاب كانت تثير غيرة المنافسين، وربما اعتراضهم، لكن أصحاب هذه الألقاب أنفسهم لم يقفوا أمام إثباتها أو حتى نفيها، خصوصاً تلك النوعية من الألقاب التي تشي بأن صاحبها يأتي قي صدارة نظرائه، ومنها لقب «سيدة الشاشة العربية»، الذي لقي اعتراضاً من بعض معاصري فاتن حمامة حينها، منهم مريم فخر الدين، وغيرها، في الوقت الذي لم تثر ألقاب أخرى لا تحمل المدلول التراتبي الحساسية نفسها، مثل لقب «سندريللا» الشاشة العربية لسعاد حسني. العلاقة السببية بين اللقب والفنان تبقى دافعاً لاستمراريته، فأفلام الستينات التي لعب بطولتها الفنان فريد شوقي أقنعت الجمهور بلقب «وحش الشاشة»، الذي ناله بعد أن شارك بعشرات الأفلام في دور البطل القادر دوماً على إلحاق الأذى بخصومه بفضل قوته البدنية، والانتشار الواسع للفنان السعودي محمد عبده، ليس خليجياً فقط بل عربياً أيضاً، في توقيت كان الغناء باللهجة المصرية، ومن بعدها الشامية واللبنانية أوسع انتشاراً، جعله نموذجاً لانتشار الصوت الخليجي عربياً، لذلك كُتب لهذه النوعية من الألقاب الانتشار.

وفي هذا الإطار أيضاً يبقى لقب «شحرورة الوادي» منطقياً مع فنانة بحجم صباح، قدمت المئات من الأعمال المميزة، بعد أن ترعرعت في منطقة أحد الأودية اللبنانية المعروفة، ولقب محمد عبدالوهاب بـ«موسيقار الأجيال»، نظراً لعبقريته الفذة في مجال التلحين، وتتلمذ العديد من الفنانين على يديه، في الوقت الذي يؤكد ارتباط الفنان عبادي الجوهر وبراعته في العود تحديداً لقبه «اخطبوط العود»، حيث يرتبط لقب اخطبوط أيضاً بتعدد أوتار العود نفسه.

بعض الألقاب اكتست تخصيصاً واضحاً مرتبطاً بانتشار صاحبها، فعلى الرغم من أن المطرب الكويتي نبيل شعيل عرفه الجمهور العربي على نطاق أوسع، بعد ألبومه في أواخر الثمانينات «سكة سفر»، إلا أن ارتباطه بالأغنية الخليجية جعله يحتفظ بلقب «بلبل الخليج»، وهنا يبقى اللقب مستنداً أيضاً على اسم نبيل نفسه الذي يُكنى بالشق الأول من لقبه، في حين تشير لفظة «الخليج» إلى موقع انتشاره، فالبعض استمد لقبه من الساحة الفنية التي انطلق منها في بداياته، دون أن يتضمن لقبه إشارة استعلائية على آخرين، كالفنانة حياة الفهد «سيدة الشاشة الخليجية»، وفايز السعيد «سفير الألحان» الإماراتية، و«فنان الإمارات» عيضة المنهالي.

وفي حين التصق بجورج وسوف لقب «سلطان الطرب»، وهاني شاكر «أمير الغناء العربي» أجمع جمهور الفنان كاظم الساهر على نعته بـ«القيصر»، وعمرو دياب «الهضبة».

في المقابل، هناك مغنون وممثلون حققت ألقابهم انتشاراً أقل، على الرغم من أنهم كانوا يزجون بها دوماً في إطار الترويج لأنفسهم، بسبب أن الجمهور أو الإعلام لم يقرأها ولم يقف عندها، أو أنها لم تكن منطقية أو مستحقة.

تويتر