رواية لأنور الخطيب تتأمل رائحة المكان عقب «الربيع العربي»

«وردة عيسى».. عندما يصبح الموت «حلاً»

صورة

«الموت هو الحل»، بهذه الفرضية يضع الشاعر والروائي، أنور الخطيب، في روايته الجديدة «وردة عيسى» حلاً يراه مناسباً لما يحدث من قتل وتدمير وخراب بين طرفين لم يعد هناك مجال للمصالحة بينهما إلا بموتهما، مؤكداً، رغم ذلك، أن روايته الصدارة عن دار مداد في دبي «تنأى بنفسها أن تكون سجلاً سياسياً، ولكنها سجل إنساني، فهي تنحت في الواقع لتبصر المستقبل».

وقال الخطيب إن «رواية (وردة عيسى) تقدم تأملات هي رائحة المكان أكثر من كونها رصداً لواقع». وأوضح خلال الأمسية، التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، فرع أبوظبي، مساء أول من أمس، في المسرح الوطني، وقدمت لها الكاتبة آمال الأحمد، إنه من الصعب الحديث عن مسارات الرواية لأنها ليست «حدوتة»، فهناك تأمل متعب بعض الشيء بها، مثل الرواية التي سبقتها «سماء أولى جهة سابعة»، وفق الخطيب.

وأضاف «هناك صعوبة في أن تتأمل في واقع شديد التطرف، وشديد الاستبداد، حيث دائرة دفن الموتى تتوسط الطرفين، الشرقي والغربي، اللذين لا يصنعان إلا الموت، لهذا سمحت لنفسي في الرواية أن أتنبأ وأضع حلاً يعتمد على فرضية عدم وقوع مصالحة بين الطرفين سوى بموتهما، فالموت هو الحل».

عن نقاط الصعوبة في كتابة الرواية؛ ذكر الخطيب أن «هناك نقاطاً عدة، من بينها: الحفاظ على الحيادية، إلى جانب أنه لم يعش بجسده في مناطق تشهد مثل حالات القتال التي تتناولها الرواية، فكان يسافر بخياله وروحه إلى مثل هذه المناطق، كذلك من الصعب الحديث عن الموت».

واستهل الباحث والإعلامي مني عبدالقادر القراءة التي قدمها للرواية بالإشارة إلى أنها تناقش موضوع الصراع والانقسام اللذين أصابا بعض الدول العربية إثر «الربيع العربي»، منتقدة الاستبداد واستغلال الدين للوصول إلى السلطة، حيث تغوص في أعماق الواقع لتكشف مظاهر الفساد والخراب الذي عمّ المدينة على يد المتقاتلين اللذين يرى كل منهما شرعية فعله، وأحقيته في السلطة.

وقال إن «العنوان يعد حقلاً دلالياً رئيساً، يمثل إضاءة بارعة وغامضة، باعتباره يحيل إلى سؤال إشكالي يتكفل النص بالإجابة عنه، لأنه يعلن عن طبيعة التلازم بين الوردة وعيسى، وفي سياق الرواية يحيل إلى مغزى عميق تتكشف عُراه في نهاية الرواية».

ولفت إلى أنه «ثمة زمان استباقي تحيل إليه الرواية، لم يحدث في الواقع، لكنه ضمن المستقبل المنظور، وهذا ما يتجلى في نهاية الرواية عندما يتنبأ الكاتب بموت الطرفين المتقاتلين، وبداية ميلاد جديد للمدينة يبزغ فجره مع بارقة أمل تتجسد في وردة، التي تخرج من ثلاجة الموتى وتغني نشيدها مع الأطفال».

وأضاف أن «الخطيب يصوّر في روايته مشاهد الخراب والدمار اللذين طالا مدينة قسّمتها الحرب الدائرة بين الجيش النظامي والجماعات المتطرفة، إلى قسمين شرقي يحكمه النظام، وغربي يحكمه المتطرفون، وتتوسط القسمين دائرة دفن الموتى، التي تعد رمزاً محورياً لعملية السرد، ومكمن المفارقة، حيث تكون الدائرة مصدراً للنور بعد أن أطبقت الحرب على المدينة ومزقت أوصالها، مصوراً ما آلت إليه من مجازر وهدم وحرق وسحل وتدمير على أيدي النظاميين والمتطرفين على حد السواء».

وقال إن «أنور الخطيب يتكئ في سرده على مخزون فكري وثقافي كبير استطاع من خلاله أن ينفذ إلى عمق المشهد ويصوّره ببراعة، كما لو أنه مصور محترف يتجول بكاميرته في أرجاء المكان الذي عاث فيه النظام والمتطرفون فساداً».

وتمثل شخصية عيسى الرمز الذي تدور حوله القصة، بصفته مسلماً ولد في كنيسة، وينتهي به العمل في دائرة دفن الموتى التي تتوسط طرفي المدينة بين المتقاتلين. أما وردة، فهي الرمز الذي يتجسد حيناً في امرأة جميلة ونقية، وحيناً آخر في فكرة البقاء والأمل.

 

تويتر