انطلق في دبا الحصن.. ويستمر حتى السبت المقبل

«مهرجان المالح» يتغنّى بالفلكلور البحري

المهرجان يسلط الضوء على إحدى أهم الصناعات الغذائية التقليدية ويسعى لتعريف الأجيال بها. تصوير: أشوك فيرما

محتفية بالتراث البحري الإماراتي؛ انطلقت، صباح أمس، بجانب ميناء دبا الحصن، وتزامناً مع بدء موسم «المالح»، الدورة الثالثة لـ«مهرجان المالح» الذي يسلط الضوء على إحدى أهم الصناعات الغذائية التقليدية التي استثمرت الثروة السمكية لتأمين الاحتياجات الغذائية، وتحويلها لمخزون غذائي صالح لمختلف المواسم والفصول.

يتضمن المهرجان، الذي تنظمه بلدية مدينة دبا الحصن وجمعية دبا الحصن لصيادي الأسماك، بإشراف المجلس البلدي، مجموعة من الفعاليات والأجنحة التي تحتفي بالطابع البحري وتجسده في صور متنوعة، من أبرزها أصناف بحرية تقليدية ومنتجات منوعة، إلى جانب متحف بحري وركن للحرف البحرية. ويعد هذا المهرجان عرساً تراثياً بحرياً يصدح بالأهازيج ويتغنى بالفلكلور البحري.

أجنحة متخصصة

يضم «مهرجان المالح» أجنحة منوعة، منها محال لبيع «المالح» بجميع أنواعه: «القباب» و«الكعند» و«الخباط» و«الصد»، وصناعات تقليدية أخرى تتعلق بالثروة السمكية، وركن للأسر المنتجة يشمل صناعات مختلفة منها البهارات، بالإضافة إلى ركن للحرفيات يركز على حرف بحرية، منها صناعتا الليخ والقراقير، فضلاً عن ركن يحمل عنوان المتحف البحري يضم أدوات تعود إلى بداية القرن الماضي كانت تستخدم في البحر، وركن خاص بأدوات الصيد، وركن لمحركات القوارب الحديثة، فضلاً عن ركن خاص للدوائر الحكومية، بالإضافة إلى ركن للمهتمين بالتراث.

يوم عالمي

تأتي الدورة الثالثة لـ«مهرجان المالح» بالتزامن مع اليوم العالمي للتراث، الذي يصادف 18 أبريل من كل عام، وفق ما حددته المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، بهدف إبراز جوانب من الموروث الثقافي الذي يركز على ملامح من حياة الأجداد في الماضي، كما هي الحال بالنسبة للصناعات الغذائية والطبخ الشعبي وفنونه وحرف تقليدية.

يتجسد جديد الدورة الثالثة لـ«مهرجان المالح» في تخفيض أسعاره، إذ ستراوح أسعار «المالح» طوال أيام المهرجان، الذي سيستمر حتى بعد غد، ما بين 130 و230 درهماً، بالإضافة إلى عقد بعض الندوات التي ستركز على التعريف بالفنون البحرية المختلفة، والتعريف كذلك بالمالح كوجبة شعبية متداولة في منطقة دبا الحصن، وفقاً لمدير بلدية دبا الحصن، طالب عبدالله بن صفر.

تميز حفل انطلاق المهرجان الذي افتتحه رئيس المجلس البلدي بمدينة دبا الحصن، المهندس علي أحمد بن يعروف النقبي، وعدد من المسؤولين وأهالي المنطقة، بالاحتفاء بصناعة «المالح» عن طريق عرض مسرحي لأطفال صوّر ملامح مختلفة حول الصناعة، من تأليف وأداء وإخراج، محمد رشود، ومشاركة جمعية المعلمين.

 

صناعة

من جهته، قال المشارك في المهرجان، المواطن أحمد، الذي يمتلك محلاً خاصاً لبيع الأسماك الطازجة والمملحة والمجففة منذ نحو 15 عاماً: «يصنع المالح من أسماك مختلفة، منها الكنعد والقباب، والصد من الحجم الصغير، ويتم تقطيع رأس السمك وذيله، ثم يقطع بالطول إلى نصفين، ويشق من الداخل بخطوط طولية، وفي حال كان السمك كبيراً يقطع إلى قطع، أما الصغيرة فتظل كما هي. ويتم تنظيف السمك من خلال استخراج أحشائه، ومن ثم إضافة الملح بكميات لا يدركها إلا من تمرّس في إعداد المالح».

وأضاف أحمد «يتم الاحتفاظ بالسمك المملح (المالح) بعد ذلك في عبوات خاصة وتوضع في الشمس لثلاثة أشهر في فصل الصيف، أما في الشتاء فتستخدم بعد أربعة إلى خمسة أشهر من وضع العبوات في الجو الخارجي».

من ناحيتها، قالت المواطنة سلطانة علي أحمد، المشاركة ضمن مجموعة من النساء المنتجات في مركز التنمية الأسرية بدبا الحصن «سيدات مجلس جيران»: «يعد إعداد وجبة المالح أمراً سهلاً خالياً من التعقيدات، إذ تخرج قطع المالح من العبوة الخاصة، وتغسل من الملح مرتين، ثم يتم سلقها وتقطيعها إلى قطع صغيرة الحجم، ويعاد غسلها حتى يتم التوصل إلى كمية الملح المرغوب بها، وتقدم مع الأرز الأبيض والبصل والليمون، كما تستخدم كذلك في إعداد أصناف تقليدية معروفة ومنها القشيد والصالونة والمردودة والمجبوس».

وعن مشاركتها في المهرجان؛ أضافت سلطانة «تأتي مشاركتي إلى جانب زميلاتي في (سيدات مجلس جيران) رغبةً في التعريف بالمالح كصناعة غذائية تقليدية في إعداد مجموعة واسعة من الأصناف التقليدية التي تمثل أحد أبرز جوانب الموروث الثقافي الذي تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، وسعت للحفاظ عليه وحمايته والعمل على الاستفادة منه حتى وقتنا الحاضر».

بينما قالت آمنة أحمد العبد، من مركز التنمية الأسرية بدبا الحصن «أشعر بسعادة كبيرة كوني أشارك وزميلاتي لتحقيق هدف المهرجان المتمثل في التعريف بإحدى أهم الصناعات الغذائية التقليدية التي استثمرت الثروة السمكية لتأمين الاحتياجات الغذائية، وتحويلها لمخزون غذائي صالح لمختلف المواسم والفصول، أسوة بصناعات غذائيـــــة تقليــــدية أخــــرى اعتـــمدت على هــــذا المخــــــزون».

وعن الأسر المنتجة التي تشارك ضمن «سيدات مجلس جيران»، قالت المشاركة (أم عبيد) «نشارك اليوم في مهرجان المالح بمنتجات أسرية تقليدية نعدها بأنفسنا داخل المنزل، ومن أبرزها (السحناء)، والسمن المعروف بـ(الدهن)، والحناء و(البزار)، وهو عبارة عن خليط منوع من البهارات المستخدمة في إعداد مجموعة واسعة من الأكلات التقليدية».

مخزون الأجيال

توارثت أجيال إماراتية أساليب مختلفة لحفظ منتجات أسماك، ومن أبرزها «المالح» الذي يعتمد على طريقة الحفظ بالتمليح، و«السحناء» التي تعتمد على طريقة الحفظ بالتجفيف.

يذكر أن أهل الإمارات قديماً لم يكتفوا بالاعتماد على الثروة السمكية لتأمين احتياجاتهم الغذائية اليومية فقط، بل عمدوا إلى تحويلها لمخزون غذائي صالح لمختلف المواسم والفصول، حتى تلك التي يندر وجود أصنافها فيها، من خلال تسخير الإمكانات المتاحة لابتكار أساليب منوعة للحفظ تعتمد على طريقتي التمليح والتجفيف. ويتضمن الـمهرجان مجموعة واسعة من الأجنحة والفعاليات التي تحتفي بالطابع البحري وتجسده في صور متنوعة، من أبرزها أصناف بحرية تقليدية ومنتجات منوعة، وورش عملية يومية تتعلق بصناعة «المالح»، ومسابقات طهي سيشارك فيها فنانون وفنادق، وندوات عن «المالح تراث وأصالة» وندوة «صحتك تهمنا في صناعة المالح»، وندوة ثقافية وأخرى بـ«الفنون البحرية فن ونغم».

تويتر