حازت تكريم 5 رؤساء مدعومة بـ 68 عاماً من العـطاء الفني

سميحة أيوب: سلطان القاسمي يبث الروح في جســد «المسرح العربي»

صورة

لا تتداخل هوية فنان بعينه باللون الذي ينتمي إليه جنس إبداعه، بقدر ما يحدث ذلك مع «سيدة المسرح العربي» سميحة أيوب، ليصبح الحديث عن واقع المسرح العربي، من دون المرور على صفحة سميحة أيوب الناصعة، والزاخرة بالإخلاص لأبي الفنون، قفزة محالة.

المسرح فقير

التساؤل عن سر غياب تمويل مسرحيات كبرى قادرة على استقطاب الجمهور، كان مناسبة لإقرار سميحة أيوب حقيقة أن «المسرح فن يعاني فقراً مزمناً في الموارد والتمويل»، مضيفة «المسرح منذ تأسيسه عربياً لديه مشكلة متلازمة مع الفقر، والآن يعاني المسرح في كثير من البلدان العربية الآفة نفسها، ولكن بشكل أكثر ضراوة». وتابعت «معاناة المسرح المصري كانت قائمة قبل انتفاضة 25 يناير، وزادت بعدها، وأصبح النشاط المسرحي شبه متوقف، ولايزال المسرح يعاني آثار سنوات عجاف، لكن ثمة حراكاً الآن باد في الأفق».

وحول رأيها في «اسكتشات» الفنان أشرف عبدالباقي التي يستعيد بها بعض الأعمال المسرحية بأسلوب ساخر، تحت عنوان «تياترو مصر»، قالت أيوب «هي بكل تأكيد ليست أعمالاً مسرحية، ولا تغني عن المسرح، لكنها في ظل الهوة التي باتت تفصل الجمهور عن المسرح، تملأ مساحة ما من هذا الفراغ».

وكشفت أنها بصدد تصوير فيلم جديد بعنوان «الليلة الكبيرة» زمنه ممتد ليلة واحدة فقط، هي ليلة «المولد»، بالإضافة إلى مسلسل تاريخي من المنتظر أن يعرض برمضان المقبل، هو «أوراق التوت».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/01/8ae6c6c54aa0819a014b21ddde361b68.jpg

مشكلة الاختيارات

في الوقت الذي أبدت فيه الفنانة سميحة أيوب تقديرها لكل الجهود التي تصبّ في مصلحة عودة مهرجان المسرح العربي إلى الانعقاد، بعد أن تبنته الهيئة العربية للمسرح، برئاسة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فإن «سيدة المسرح» ترى أن ثمة تراجعاً فنياً في سوية الأعمال المقدمة خلال هذه الدورة، بشكل إجمالي.

وأضافت لـ«الإمارات اليوم»: «هناك تباين كبير في مستويات العروض، حتى في ما يتعلق بتلك التي شاركت في المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو أمر أعتقد أنه يجب الالتفات إليه في الدورات المقبلة، بحيث لا يتم قبول سوى الأعمال ذات السوية الفنية العالية، من خلال التشديد على معايير قبول الأعمال المسرحية المتنافسة».

وتوقعت أيوب التي انتقدت المسرحية التي مثلت بلدها مصر في المهرجان وهي «الزيبق» أن تكون هناك أعمال فنية أكثر جدارة من تلك التي لم تنل ذات القبول النقدي والجماهيري عقب عرضها، من دون أن تتوافر لها فرصة التقديم للمشاركة في المهرجان.

الفنانة المصرية التي حازت العديد من الأوسمة والأنواط والتكريمات المستحقة، متكئة على تاريخ حافل بالعطاء يمتد على مدار 68 عاماً، لاتزال مخلصة لفن الخشبة، وتحرص على دعم الأنشطة المسرحية العربية كلما تسنّى لها ذلك، ولم تغب عن مختلف دورات مهرجان المسرح العربي، الذي يشهد دعماً قوياً من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

«الإمارات اليوم» التقت «سيدة المسرح العربي»، خلال الدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي التي اختتمت أخيراً في العاصمة المغربية الرباط، في حوار أرادت في بدايته أن تثمن الدعم القوي الذي يلقاه المسرح العربي من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، مضيفة «لا يمكن أن يتصور واقع (أبوالفنون)، من دون الاحتضان والرعاية والدعم الهائل الذي يجده هذا الفن من قبل الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، ولا أتصور أننا على أقل تقدير كان من الممكن أن نحتفي بهذه التظاهرة التي تجمع المسرحيين العرب بشكل سنوي، فضلاً عن الكثير من المبادرات الخلاقة الأخرى التي كانت بمثابة بث الروح والحياة في جسد المسرح العربي».

وقالت أيوب، إن «ما يقدمه سموه للمسرح العربي، أبعد بكثير من مجرد الدعم المادي، بل هو التفاتة وموقف وانحياز إيجابي لقيمة الإبداع المسرحي، من رجل يقدّر قيمة المسرح وتأثيره، إنه ملهم حقيقي لجيل من المبدعين المسرحيين، سواء من خلال إبداع العديد من الأعمال الخالدة في المسرح الإماراتي والعربي، أو من خلال إصراره على دعم فن بات يشهد خذلاناً من أصدقاء الأمس».

ورأت سميحة أيوب أن المسرح الإماراتي عموماً يعد الآن من أهم وأنشط المسارح العربية، وهو ثمرة طبيعية لتواتر هذا الدعم، موضحة أنه «لا يمكن أن نغفل دور أيام الشارقة المسرحية في تحفيز الإبداع المسرحي، وما يسبقها ويواكبها من تنشيط مختلف فنون المسرح، فضلاً عن العديد من الأنشطة والفعاليات الأخرى التي جعلت من الإمارات بالفعل نواة لحركة مسرحية نشطة».

وأبدت إعجاباً بعرض مسرحية «طقوس الأبيض» التي مثلت الإمارات في مهرجان المسرح العربي، إذ «قدم العمل تجربة مسرحية تستحق التقدير، سواء على صعيد الرؤية الإخراجية، ومفرداتها، أو أداء الممثلين الذي كان على مستوى النص».

وذكرت الفنانة المصرية أنها عبّرت لمخرج العمل محمد العامري عقب العرض مباشرة عن تقديرها للعمل، مشيرة بشكل خاص إلى حالة التماهي مع الإطار النفسي للعرض، والسوية الفنية التي حكمت أداء الممثلين عموماً، والممثلات خصوصاً، إذ ضمت «طقوس الأبيض» التي كتبها محمود أبوالعباس في أسرة ممثليها كل من أحمد الجسمي، وحميد سمبيج، وملاك الخالدي، وأشجان، ورانيا آل علي، وهيفاء العلي. وعبر 68 عاماً بدأتها أيوب بالتمثيل للمرة الأولى في فيلم «المتشردة» عام 1947 وهي في سن الـ15، استحقت الفنانة القديرة العديد من الأوسمة والتكريمات، من بينها تكريمات من خمسة رؤساء دول مصريين هم جمال عبدالناصر، ومحمد أنور السادات، وعدلي منصور، مروراً بتكريم الرئيس السوري حافظ الأسد، والفرنسي جيسكار ديستان.

وبالإضافة إلى مشوارها الطويل مع المسرح الذي أبدعت خلاله عشرات الأعمال المميزة في مكتبته العربية، شاركت أيوب في أكثر من 40 فيلماً، بعد أن درست التمثيل على يد د. زكي طليمات، الذي اكتشفها مسرحياً.

وفي حين عبرت أيوب لـ«الإمارات اليوم» عن تشاؤمها بصدد مستقبل المسرح في بلدها في حوار سابق إبان حكم «الإخوان» في مصر، ترى أن «عودة المسرح إلى سابق ألقه، ليست مستحيلة، ولكنها بحاجة إلى التسلح بالثقة وإنتاج أعمال تراهن على اجتذاب الجمهور، الذي حتماً سيعود إلى المسرح، إذا ما استشعر أن على الخشبة ما يستحق عودته بالفعل، لأن معضلة المسرح العربي حالياً إلى جانب ضعف تمويله، هو زهد الجمهور الواضح في الإقبال على عروضه».

تويتر