إخراج رشا شربتجي.. ويصوّر بين الفجيرة ودبي ولنــدن

«وش رجعـك».. دراما إماراتية تكسر دائرة المـــحلية

صورة

الطريقة المعتادة لدراما إماراتية تتطلع لجذب جمهور عربي متنوع، هي استضافة وجه أو وجهين، أو ربما أكثر، من نجوم الدراما المصرية أو السورية تحديداً، من خلال أدوار كثيراً ما تبدو مقحمة في السياق الدرامي للعمل أو شرفية، رغم أن عدداً كبيراً من المخرجين السوريين والأردنيين، وسابقاً المصريين، جذبهم إخراج أعمال إماراتية.

لكن هذه الطريقة ليست حاضرة أبداً حينما نطل على قائمة أسرة المسلسل الإماراتي الذي يسابق الزمن للحاق بالموسم الرمضاني المقبل «وش رجعك»، ويجري تصويره بين دبي والفجيرة ولندن، ويجمع من خلال قصة وأشعار مدير الديوان الأميري في الفجيرة، محمد سعيد الضنحاني، وإخراج السورية رشا شربتجي، عدداً كبيراً من نجوم الدراما الإماراتية والكويتية والسورية.

الضنحاني: تنويع مستهدف

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/06/152563.jpg

أكد مدير الديوان الأميري في إمارة الفجيرة، الشاعر محمد سعيد الضنحاني، الذي يمتلك شركة أرى الإمارات للإنتاج الفني أن هناك تنويعاً مقصوداً في المدارس والتجارب الإخراجية للأعمال التي تنتجها الشركة، بهدف توفير خبرات مختلفة للفنان الإماراتي، وهو ما سيكون له مردود إيجابي على مجمل الحراك الدرامي بالدولة.

واعترف الضنحاني بأهمية الإنتاج الدرامي التراثي مع ندرته هذا العام تحديداً، لكنه شدد أيضاً على ضرورة أن تواكب الأعمال الدرامية المنجز الحضاري للدولة، وبيئة التناغم الحضاري التي تشهده.

ورفض صاحب قصة «وش رجعك» فكرة استيراد أفكار جاهزة من أجل تسويق الدراما المحلية عربياً، مضيفاً: «لا يمكن أن أتناول موضوع (الحرب) على سبيل المثال، في ظل السلام والأمن الذي تنعم به الإمارات، ومن المستحيل أن أتغاضى عن هذا الانسجام الرائع في النسيج المجتمعي، من أجل ملاحقة كوارث، لمجرد البحث عن المثير درامياً».


اعتذارات متبادلة

حالة من الاعتذارات المتبادلة شهدتها كواليس «وش رجعك»، بمناسبة اقتراب اختتام تصويره في إمارة الفجيرة، استعداداً للعرض الرمضاني.

وبخفة ظل تلقائية وقف الفنان الإماراتي جمعة علي ليعتذر للمخرجة السورية رشا شربتجي علناً «اعتذر لك نيابة عن زملائي الفنانين إذا كنا اتعبناك».

وتابع ملاحقاً بتأييد وتصفيق زملائه: «المخرجة علمتنا دروساً كثيرة من أجل الوصول إلى الخيار الأفضل، نشهد أنك امبراطورة في الإخراج».

هذه الحالة ردت عليها شربتجي أيضاً بتلقائية: «أعرف أنني بالفعل أتعبتكم كثيراً، لأن خياري المبدئي كان هو الخيار الأصعب، وكان لدي إصرار على أن يكون الممثل حقيقياً ومقنعاً أمام الكاميرا، وهو ما نجحتم فيه بامتياز».

وعلى الرغم من أن المسلسل كان يراد له البداية المبكرة، قبل أن يلح عليه سيف الإنجاز قبيل الموسم الرمضاني، إلا أن ظروفاً عديدة أدت إلى تأخير تصويره، الذي لم يتبق منه سوى أقل من 5%، بعد أكثر من 65 يوماً متواصلاً، حل فيها نجومه ضيوفاً بشكل أساسي على إمارة الفجيرة، مقر الشركة المنتجة للعمل «ارى الإمارات»، التي يمتلكها الضنحاني.

الضنحاني الذي يواظب على الكتابة للدراما من خلال مواسم متتالية، بدءاً من الغافة مروراً بالقياضة وغيرها، من خلال استلهام الموروث الثقافي والشعبي لإمارة الفجيرة على وجه الخصوص، والبيئة الإماراتية عموماً، من خلال محتوى اجتماعي، يميل هذه المرة بشكل أكبر إلى اللون الرومانسي، حيث يتكئ العمل على قصيدة تغوص في خبايا النفس البشرية، من خلال قصة حب حالمة.

ويجمع العمل الذي كتب السيناريو الخاص به وزير الثقافة السوري الأسبق د.رياض نعسان أغا، بين الإماراتيين عبدالله صالح وجمعة علي وعبدالله مسعود وعبدالرحمن الملا وبدرية أحمد وغيرهم، عدداً من نجوم الدراما السورية، منهم سوزان نجم الدين وأسعد فضة، إلى جانب بطلي العمل الرئيسين، الكويتية شهد الياسين والعماني إبراهيم الزدجالي، وايضاً البحرينيتين الشقيقتين شيماء وشيلاء سبت، حيث يحرك الأحداث على محاور عديدة وشيجة الحب التي تجمع بين بطليه، في حين يحتفظ الممثلون السوريون بلهجتهم، من خلال طبيعة الأدوار المنوطة بهم. استدعاء مخرجين غير إماراتيين إلى معظم الأعمال التي تنتجها «ارى الإمارات»، منهم الأردني إياد الخزوز الذي كان شريكاً سابقاً في الشارقة، والفنان السوري عدنان سلوم في تجربة إخراجية عبر مسلسل «القياضة»، وأخيراً السورية رشا شربتجي، بدا لافتاً في اختيارات الضنحاني، الذي أكد أنه يهدف إلى جانب المعطيات الإنتاجية إلى حراك إيجابي يستفيد من الفنان الإماراتي في المقام الأول، وبيئة العمل الدرامي المحلية عموماً.

وأضاف الضنحاني لـ«الإمارات اليوم»، أن «القضايا والمشهد الاجتماعي يبقى دائماً هو المحك الرئيس لمعظم الأعمال الدرامية، حتى مع اختلاف الشكل، أو الإطار العام الذي يحكم العمل، فالأعمال التراثية التي يظل هناك الحاح عليها، لا تكون في حقيقتها بعيدة عن هذا الإطار، وكذلك الأعمال الرومانسية، لأن المجتمع هو قالبها وسياقها، من خلال القاء الضوء على طبيعة العلاقات بين الشخوص، ومستويات تعاملهم مع الأحداث على تنوعها». وتابع أن «النتاج الدرامي المحلي يظل مخلصاً لبيئته، وحينما تكون القصة إماراتية فإننا لا يمكن أن نغفل هذا التعايش الثري بين مختلف عناصره، وهو ما أهل لبروز شخصيات غير إماراتية، تدخل في نسيج هذه العلاقات».

ورأى الضنحاني أن «الرومانسية وعلاقات الحب، والاستلهام من أجواء وروح القصيد، تبقى صالحة لرصد المشهد الاجتماعي بحرية، في حال توافر الخيال الخصب الذي يتمكن من استلهام تلك المعطيات، سواء على مستوى السيناريو أو الإخراج، وهو ما توافر إلى مسلسل (وش رجعك)، الذي اقتربنا كثيراً من إنجاز تصوير كامل مشاهده».

المخرجة السورية رشا شربتجي من جانبها أشارت إلى أنها وجدت نفسها في أجواء العمل، بعدما قرأت القصيدة المحورية له، قبل أن تعرج بعد ذلك على الديوان الشعري للضنحاني، مشيرة إلى أن المحتوى الدرامي لـ«وش رجعك»، هو الحب وتجلياته، في قالب اجتماعي متسق مع عنصري الزمان المعاصر، والمكان، الذي اختاره صاحب القصة، والمرتبط بالبيئة المحلية الإماراتية.

التجربة السورية في الإخراج كانت محل ترحيب ملحوظ من الممثلين الخليجيين والإماراتيين، فقالت الفنانة الكويتية شهد الياسين «لا يشبه دور (سارة)، الذي أجسده في (وش رجعك)، سواه، اتكاء على معطيات كثيرة، أبرزها النص المفعم بالرومانسية المستلهمة من أشعار الضنحاني، والرؤية الإخراجية الاحترافية لرشا شربتجي، التي من دون شك تمكنت من تحفيز أسرة العمل، مستثمرة مختلف العوامل التي تسهم في الوصول إلى مشهد يرضي طموح الممثل أولاً، فضلاً عن توافقه مع رؤيتها».

الفنان الإماراتي عبدالله صالح أكد أن العمل يشكل إضافة حقيقية للدراما الإماراتية في اتجاهها نحو المشاهد العربي، مشيراً إلى أنه لا فكاك من أسر المحلية المتقوقع فيها الإنتاج المحلي، إلا من خلال أعمال تستوعب الممثلين العرب، بشرط ألا يكون هذا الاستيعاب واقعاً في فخاخ المعالجة الميكانيكية لهذه الإشكالية، وهو ما أكدته الفنانة السورية سوزان نجم الدين ومواطنها أسعد فضة، اللذان أكدا أن أدوارهما في العمل غير مقحمة، وتتماشى مع أحد أهم ملامح البيئة الإماراتية، وهي استيعابها للآخر.

تويتر