44 عملاً لـ 22 فناناً في غاليري «آرت بلس»

«فضاءات».. إبداعات تتجسد عبر الوجوه والخط والتراث

صورة

جمع معرض «فضاءات» الذي افتتح أول من أمس، في غاليري «آرت بلس» في دبي 22 فناناً من الإماراتيين والمقيمين في الدولة. تتباين التجارب الفنية التي يجمعها المعرض من حيث توجهها الفني، فتنقلنا الأعمال عبر حدود زمانية ومكانية متبانية في فضاءات التجريدية والتكعيبية والتعبيرية والحروفية والواقعية والانطباعية، ثم الى الكثير من القضايا الانسانية التي فاضت على اللوحات عبر الوجوه من جهة والموضوعات الفنية من جهة أخرى. في مقابل ذلك كان للتراث حصة مميزة في الأعمال التي قدمت، ولاسيما مع مجموعة الفنانين الإماراتيين الذين شاركوا في المعرض، وكذلك للحرف العربي الذي برز مع ثلاث تجارب فنية.

المشاركون

جمع معرض «فضاءات» 22 فناناً من الإمارات ولبنان وفلسطين والأردن والعراق وتونس وسورية وإيطاليا، هم: أسماء العريض الطهروني، وسلطان صعب، ورحاب صيدم، وخالد شاهين، وعلي العامري، ووداد ثامر، وندى الهاشمي، ولينا العكيلي، وخالد المقدادي، ومحمود عبود، وفهيمة فتاح، وليلو دليتري، ووصال آل علي، وعبدالرحمن زينل، وشيماء زينل، وفيصل عبدالقادر، وفريد الريس، ومصعب الريس، وسمية الريس، وفاطمة الحمادي، وأحمد السعدي.

المعرض الذي حضر افتتاحه السفير العراقي لدى الدولة، موفق مهدي عبود، ومدير إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، هشام المظلوم، وعدد من مقتني الفن والفنانين من بينهم عبدالقادر الريس، تضمن 44 عملاً فنياً، بين لوحات ومنحوتات، إذ كان لكل فنان عملان، استطاع من خلالهما أن يبرز جانباً من رؤيته الفنية. وقال مدير غاليري «فضاءات» الفنان خالد شاهين، إن الغاليري يؤكد دعمه للفنانين في مدينة الفن دبي، التي تستقطب تجارب تشكيلية من مختلف دول العالم.

وشارك في المعرض الذي يستمر حتى 12 يونيو الجاري في مقر الغاليري في القرهود 10 فنانات و12 فناناً، وكانت حصة الإماراتيين بارزة، فقد شارك تسعة فنانين وفنانات من الإمارات، كان لعائلة الريس النصيب الأوفر فيها، إذ شارك ثلاثة منها، هم مصعب وسمية عبدالقادر الريس، وكذلك فريد الريس وهو ابن أخي الفنان عبدالقادر الريس. وحملت التجارب الثلاث الكثير من الملامح التراثية، فبدت في بعض جوانبها متأثرة بتجربة أحد أبرز رواد الفن في الامارات وهو عبدالقادر الريس، ولاسيما في لوحاته التي جسد فيها التراث.

وحرص الفنان فريد الريس على الجمع بين عناصر التراث والعمارة الحديثة، فكانت في لوحاته البراجيل الممزوجة مع الأبراج الشاهقة، بينما قدمت سمية الريس أعمالاً ترتبط بالتراث وتحمل الكثير من الأنوثة، ولاسيما في عملها الذي قدمت فيه طبق الرمان وحبات الرمان المنثورة على الدانتيل. أما مصعب الريس فكانت تجربته مختلفة لكنها الأكثر قرباً إلى تجربة والده، فقد جسد في أحد أعماله الأبواب التراثية، في حين قدم في الآخر أسلوبه التجريدي الذي بدت فيه الألوان شديدة القوة، متعمداً تقطيع اللوحة وتقسيمها عبر ضربات قوية. هذا التأثر بتجربة الريس هو الذي دفع مصعب الى التوقف عن تقديم الأعمال الفنية في مرحلة من حياته، إذ لفت الى أن النقاد كلهم وضعوه في خانة المقلد لأعمال والده، موضحاً أن التأثر بأي تجربة فنية أمر طبيعي، ويمر به كل فنان، لكن الفنان يختار طريقه في مرحلة لاحقة. وشدد على أن أعماله تبدلت مع الوقت، وستكون مختلفة في مرحلة لاحقة.

من جهته، قدم الفنان خالد المقدادي لوحتين لخيول عربية، وبرزت مهارات الفنان في استخدام درجات لونية شديدة التقارب، مجسداً خبرته في التعامل اللوني ومبرزاً جمالية الحصان العربي. وقدم الفنان سلطان صعب لوحتين حملتا تأثره الواضح بالتجربة التكعيبية، إذ أبرز من خلال التقاطعات اللونية بعض الأشكال للوجوه التي قطعها على اللوحة بقوة لونية تقوم على التناقض أكثر من التدرج، فيما كان للرموز الهندسية حيزاً بارزاً فيها. من جهة أخرى، برزت أعمال الفنان علي العامري الذي قدم فيها الوجوه النسائية بملامحها البارزة وتفاصيلها التي تعكس الكثير من المشاعر الإنسانية. وتبدو أعمال العامري شديدة الاتصال بالداخل الإنساني، فنجده يحرص على تضمينها ملامح الحياة المتناقضة، فهو يختصرها في لغة لونية تصل للمتلقي من خلال العيون أو الحركة أو جلوس المرأة التي كانت لها أجنحة، فبدت ملائكية التوجه، وأثيرية وتحمل المتلقي على ولوج عالم أنثوي فيها من الحلم بقدر ما فيه من الحزن. أما الفنان الإماراتي عبدالرحمن زينل، فقد أبرز الوحدة في العمل الفني، فبدت أعماله مثقلة بالحزن والأسى، في حين أبرزت الفنانة لينا العكيلي تعبيرية تجريدية لأجساد بشرية في درجات للونين الأزرق والرمادي، في البحث عن الذات والسلام والطمأنينة عبر جمهرة للوجوه والبشر في لوحاتها. وتناولت الفنانة ندى الهاشمي، وهي منسقة المعرض، في لوحة لها وجه امرأة، وفي الثانية انتقلت الى التجريد، مستخدمة ألواناً حارة.

في المقابل، قدم الفنان العراقي وداد ثامر الطبيعة في العملين بحركة تكرارية للزهور، فحول قماش اللوحة الى رياض من الزهور التي تبعث في النفس الشعور بالهدوء والسكينة. هذا الهدوء يتجلى بوضوح في أعمال الفنانة اللبنانية ماجدة نصر الدين التي عبرت عبر ألوانها الساكنة والهادئة عن السلام في لوحاتها، فكتبت كلمة السلام بلغات متعددة، مشيرة الى أنها اعتمدت تراكم تجربتها، فهي تتهجى ألوانها كل يوم، وهناك اكتشاف في كل عمل. وتحمل أعمال نصر الدين الكثير من الاشارات والرسوم، فأعمالها غنية بالرموز، وعملت من خلال اللوحات على جوانب الفرح والموسيقى والشجر، مبينة أنه من الضروري أن يكون للفنان رد فعل إيجابي تجاه ما يحدث بتقديم ما يحتاجه الناس من فرح، لذا بدت كما لو أنها في حالة بحث عن فرح ووطن. وكان من بين الأعمال بعض التجارب التي مزجت جمال اللون بقوة الحرف العربي وجماله في اللوحة، ومن بينها أعمال الإماراتية وصال آل علي، التي برز الجانب الحروفي في أعمالها، الى جانب أعمال الفنان خالد شاهين الذي جعل الحروف تتوسط اللوحة، ثم حرص على تغطيتها بالألوان، فبدت مقطعة وبعض جوانبها مختفية، وهو يركز على رسم لوحة يدخل في فضائها الحرف العربي. أما فاطمة الحمادي فكانت تجربتها بارزة مع الخط في المعرض، إذ قدمت الفنانة الحروف بأسلوب خطي قوامه مدارس وأنماط الخط الكلاسيكي، ووزعت الحروف في اللوحة في سياق لوني يجعلها تتواصل مع اللون وتبدو كما لو أنها في حالة توأمة مع اللون.


اللوحة عالم

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/06/152736.jpg

ألقت منسقة المعرض ندى الهاشمي كلمة في المعرض عبرت من خلالها عن اللوحة كعالم، فهي تعد مسألة عميقة ومازالت غامضة. وقالت الهاشمي التي ضم المعرض عملين لها، إن «معرض فضاءات ليس محاولة بل اختيار للإبداع، كما أن التنوع والاتجاهات والاجتهادات سمة الإبداع الذي يتسع الفضاء لجناحيه مهما كان عدد الفنانين، ومهما كان موضوع الإبداع». ورأت أن المعرض يحرص على تقديم اللوحة لتكون هي الأساس، والتي تقدم للجمهور، فليس مطلوباً أن يعرف الجمهور تاريخ الفنان كي يعشق لوحته. ورأت الهاشمي أن المطلوب من المعرض المتعدد الانتماءات والرؤى الفنية، هو نفسه المطلوب من جمهور متعدد الانتماءات والجنسيات والثقافات، مع اختلاف عملية اعادة إنتاج الابداع عند المبدع، وعملية انتاج الإبداع عند المتلقي. وشددت في الختام على أن المعرض لكل من يؤمن بأن هناك حاجة لفضاء من أجل لوحة واسعة تعادل هذه المشاعر المختلفة لكل إنسان، فرحاً وحزناً، حلماً وخيالاً، ألماً وسعادة.

 

تويتر