برنامج أسبوعي تقدمه «الشارقة للإعلام»

«الهيرات» يغوص في التراث الإماراتي ويحرس الموروث

صورة

بتطور الحياة وتتابع الأجيال قد تندثر عادات وممارسات عرفها الإماراتي قديماً، لتحل محلها عادات جديدة، قد تكون دخيلة على المجتمع، لاسيما أن المجتمع الإماراتي يضم ذلك التنوع في الحضارات والثقافات، من هذا المنطلق، وبهدف الحفاظ على العادات والتقاليد والموروث الشعبي، طرحت مؤسسة الشارقة للإعلام، ممثلة في تلفزيون الشارقة، ضمن الدورة البرامجية الجديدة، برنامج «الهيرات».

واختير اسم «الهيرات» ليكون عنوان البرنامج التراثي، كونها مفردة من المصطلحات التراثية الإماراتية، وتعني «مغاصات اللؤلؤ» التي كان يستعملها البحارة الإماراتيون بحكم مزاولة مهنة الصيد، للدلالة على أن البرنامج يغوص في كل حلقة لاستخراج لآلئ من التراث الإماراتي، ويقدمها للمشاهد بقالب يجمع بين المعلومة والصورة والحكاية التاريخية من حيث أساليب الحياة القديمة ممثلة في البيوت القديمة التي يقطنها سكان المنطقة، سواء بيوت الجريد أو الخيام، إضافة إلى الحرف النسائية، والطب الشعبي، والألعاب الشعبية، وجوانب الحياة الاقتصادية، مثل رحلات الغوص على اللؤلؤ، والصيد البحري، وصناعة السفن، والسوق الشعبي، والزراعة والصحراء.

وفي سبيل دعم وإحياء الموروث الشعبي، فإن مثل تلك البرامج من شأنها تسليط الضوء على الحياة القديمة، والحفاظ على الفنون الشعبية من الاندثار، من ناحية الاهتمام بالأزياء الشعبية التراثية، وصناعة المنتجات الشعبية القديمة، مثل الدمى والسفافة والبراقع، إضافة إلى التلي والمأكولات الشعبية، إذ تعد الحرف والعادات والتقاليد العديدة من أبرز المجالات التي تميز الشعوب المعاصرة عن غيرها، وهي تتنوع وتتوزع بحسب طبيعة العادات والتقاليد التي تحكم الشعوب، وكذلك بحكم البيئة واتصال الدول ببعضها، كما تلعب الموروثات الثقافية والدينية والإنسانية المختلفة أدواراً أخرى في تشكيل هوية الدولة، ووضع بصمتها المتميزة عبر العصور.

وتتميز الإمارات كغيرها من الدول بالعديد من العادات والتقاليد والحرف المختلفة التي شكلت شواهد حية على طبيعة الحياة اليومية، والظروف التي حكمت الإنسان الإماراتي لصياغة تاريخه الخاص، ونقله بين الأجيال، وقد ضم هذا الموروث شواهد كثيرة، تم تناولها بالشرح والتحليل والدراسة، وضم أمكنة وشخصيات وحرفاً وتقاليد عدة.

وبخصوص البرنامج قالت المنتجة المنفذة لبرنامج الهيرات، نورة القصاب المهيري، إن «البرنامج يصب ضمن قائمة البرامج الثقافية، التي تقدم على تلفزيون الشارقة لتعزيز الحضور الثقافي في الإمارة، لاسيما وما تحتله الشارقة من مكانة ثقافية باعتبارها عاصمة للثقافة الإسلامية، وحرصاً على تقريب الصورة للجيل الحالي حول مجالات حرفية وتراثية وشعبية تضمن التعرف إليها عن قرب، والتمسك بها وإحياءها باعتبارها تراثاً حياً له بصمة متفردة، وهوية محددة الملامح بين الشعوب الأخرى».

وتابعت المهيري أن «البرنامج يسهم في تعزيز حضور الباحثين الإماراتيين الشباب، لاسيما المتخصصين ببحث الأمور التراثية، ويستأنس بآرائهم حول الموضوعات التي يستعرضها، والتي كشفت عنها أبحاثهم المتعددة في شخصيات وأمكنة وتقاليد أبناء الإمارات، وهو ما يدعم حضور البرنامج من الجمهور والمتابعين والمهتمين الذين تواصلوا بوجهات نظرهم المختلفة، وقدموا اقتراحاتهم ليشمل البرامج صفحات متنوعة أخرى يزخر بها التاريخ الإماراتي على مر العصور».

لافتة إلى أن البرنامج يتطرق كذلك إلى الألعاب الشعبية التي رغم الظروف التي كان يعيشها طفل الإمارات في السابق، وعدم توافر أدوات ووسائل للتسلية والترفيه، فقد كان ذلك الطفل يبتكر وسائل خاصة به ليتمكن من تحقيق تسليته، معتمداً على الأدوات المتاحة، منها العلب الفارغة والأشجار والأغصان وأصداف البحر والقواقع، فصنع نماذج للمراكب الراسية على شاطئ البحر وسيارات «المواتر» من العجلات، وصنع الهواتف من العلب الفارغة والمراوح (القرقعانة) من أغصان النخيل، ولم يقف عند ذلك الحد، بل بات يطور ما صنعه في الماضي.

وهناك علاقة ارتباط قوي بين التراث والفنون البدائية للإنسان في جميع انحاء العالم، سواء كانت تلك الفنون شفهية أو مادية ملموسة، إذ إن الإنسان في الماضي وعلى مر العصور اكتسب معارفه وصنع ادواته بناء على تلك المكتسبات البيئية، في محاولة منه لحماية جسده من العدو، خصوصاً الحيوانات، واعتماده على نفسه في تأمين مأكله ومشربه، فكان لابد له من أن يصمم أدواته، مثل الحراب والسهام والملابس والمسكن. كما خاض الإماراتي وسط قسوة الحياة وصعوبتها، غباب البحر، وجاب الجزر والبلدان بحثاً عن الرزق من خلال صيد الأسماك والتجارة التي كانت أحد اهم مصادر العيش في ذلك الوقت العصيب، فقد تنقلوا من الهند إلى الصين، ووصلوا حتى شرق إفريقيا للمتاجرة في الأخشاب والبهارات، ولأن هذا التنقل يحتاج إلى وسيلة، فقد برع الإماراتيون في صناعة السفن التقليدية، وامتهنوا تلك الحرفة الشهيرة، وتوارثوها عبر الأجيال التي تعاقبت على مدن الساحل في الدولة، وأكدت المصادر التاريخية والمكتشفات الأثرية القديمة أن هذه المهنة والصناعة في منطقة الخليج تعود إلى أكثر من 5000 سنة قبل الميلاد.

ويتطرق البرنامج إلى رحلة الغوص على اللؤلؤ التي تعد من أصعب رحلات طلب الرزق، تلك التي يغوص فيها الإنسان بحثاً عن رزقه في ظلمات البحر، معرضاً حياته لخطر الغرق والضياع والموت في أعماقه من شدة الاعياء، منها الغوص الكبير والردة والرديدة والخانجية والقحة، وهي أسماء اختزنتها ذاكرة الإماراتي، وتحديداً الغواص، الذي انتظر كثيراً مواسم الغوص لتوفير لقمة العيش لأسرته، تلك التي غالباً ما كانت تنتظر معيلها بفارغ الصبر على «سيف» البحر، فإما أن يعود محملاً بالغنائم أو خالي اليدين أو قد يكون محمولاً على أكتاف زملائه.

وقد واجه المواطن الإماراتي قديماً جميع أنواع صعوبات المعيشة وقسوة الطبيعة، التي سعى في كل الاحوال إلى تجاوزها، وإن كان ثمن ذلك حياته أو فقدان عزيز عليه، فلجأ قديماً إلى «المقيظ»، وهي إحدى الرحلات التي ابتدعها الإماراتي ليواجه حرارة الصحراء عبر التنقل من مناطق الساحل التي تشتد حرارتها ورطوبتها صيفاً إلى المناطق المعروفة بالمقايظ، ومنها «البراحات» و«الواحات» و«المحاضر»، التي غالباً ما تمتاز ببرودة الطقس.

وتبدأ رحلة المقيظ مع بداية فصل الصيف، والمعروفة عند سكان الإمارات قديماً بـ«الكيظ» أو «القيظ»، وهو الموسم الذي ترتفع فيه درجة الحرارة، إذ غالباً ما تتجاوز 40 درجة، كما ترتفع نسبة الرطوبة، خصوصاً على السواحل، ويبدأ موسم القيظ في الإمارات تحديداً مع دخول شهر مايو، وظهور نجم الثريا أول نجوم الصيف «القيظ»، وما يلحق به من ظواهر أخرى، مثل انتشار الرطب، ومنها النغال والصلانى، وينتهى موسم «القيظ» في شهر سبتمبر، وتحديداً وقت دخول «الأصفري»، أي فصل الخريف عند طلوع نجم سهيل.

 صناعات مهددة

 http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/1266725%20(2).JPG

تواجه صناعات تقليدية خطر الاندثار، ومنها صناعة السفافة التي تعد واحدة من الصناعات التقليدية المنتشرة في الإمارات، والتي احترفتها المواطنات، وتحديداً اللاتي يقطن المناطق المنتشرة بها أشجار النخيل، فقد طوعت المرأة الإماراتية خوص النخيل لتلبي احتياجاتها اليومية من مواد متعددة الاستعمال، فصنعت السلال والمراوح اليدوية أو ما يعرف بـ«المهفة»، إضافة إلى ميزان «المكيال» والضميدة والمجبة والمشب.

ولعل ما يميز صناعة السفافة تلك الدقة والجودة في صنع المنتجات، والتي باتت علامة مميزة للإمارات عن غيرها من الدول، لاسيما أن السياح والزائرين يفضلون اقتناءها كرمز ارتبط بالهوية التراثية للدولة، والسفافة هي خوص من أوراق سعف النخيل، تجمع مع بعضها، وتفرز بحسب اللون والسماكة، وتصنع السفافة على شكل جديلة، تتحكم الصانعة في حجمها، وذلك بحسب المنتج الذي ترغب في صناعته.

برنامج وتحليل

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/1266725%20(3).jpg

«البرنامج الذي يقدمه الإعلامي علي الشريف، ويخرجه غازي بقجة جي، يضم العديد من الفقرات التي تتناول الحياة الإماراتية التراثية بالشرح والتحليل، والتنوع في تلك الفقرات، لتشمل بعض الممارسات القديمة، مثل الصيد بالصقور، والحديث عن أشجار الغاف والسدر، كما يستعرض بعض الطرق القديمة في الممارسات والعادات، مثل الزراعة وأنماطها، وحفر آبار المياه في دولة الإمارات».

آراء الجمهور

 http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/1266725%20(4).jpg

شهد برنامج «الهيرات»، وهو برنامج أسبوعي، يقدم في الساعة التاسعة والنصف من مساء كل خميس، تفاعلاً لافتاً من قبل الجمهور، ورصد آراء ومقترحات المشاهدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الاتصال بالبرنامج، فضلاً عن الوجود والتسابق في حل أسئلة الحلقات.

أسئلة تراثية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/04/1266725%20(1).jpg

يقدم البرنامج سؤالين في كل حلقة، يحمل السؤال الأول اسم الدانة، والثاني الحصباة، وهما من اسماء اللؤلؤ كما هو معروف في مصطلحات مهنة الغوص، وذلك لتوجيه اهتمام المشاهدين إلى هذه الأسماء، ونشر ثقافة المصطلحات التراثية المختلفة بين أبناء الإمارات، ويحمل السؤالان في العادة أموراً تخص التراث الإماراتي لدعم البحث عن المعلومة.

تويتر