ينطلق اليوم في قلب العاصمة ببرنامج ثري

«مهرجان قصر الحصن».. يجــدّد حكاية اسمها أبوظبي

صورة

بشكل أكثر تجدّداً وإبداعاً، يعود مهرجان قصر الحصن إلى قلب العاصمة أبوظبي، إذ تنطلق مساء اليوم فعاليات دورته الثانية التي تستمر حتى الأول من مارس المقبل.

ويشكل المهرجان، الذي يقام تحت رعاية الفريق أول سموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، منبراً ومعلماً سنوياً للنشاط الثقافي في الدولة، ومناسبة سنوية للاحتفاء بقصر الحصن، الذي يمثل رمزاً لهوية أبوظبي الأصيلة، ويحمل دلالة خاصة باعتباره حجر الأساس الذي قامت عليه العاصمة، ويرمز لنحو 250 سنة من التراث الإماراتي والتطور الثقافي الذي تشهده الدولة.

أركان

من جهة أخرى، ينقسم مهرجان قصر الحصن إلى أربعة أركان تعكس مظاهر تاريخ أبوظبي وثقافتها، هي: الصحراء والواحة والبحر وجزيرة أبوظبي. ومن خلال ركن جزيرة أبوظبي والحصن يمكن للزوار التعرف إلى عمليات حفر أثرية تعليمية، وجلسات صناعة الحرفيات، إضافة إلى عروض ركوب الخيل والألعاب الشعبية التي يمكن الانضمام إليها بالقرب من «المدرسة» التي تحاكي المدارس الإماراتية التقليدية وأساليبها المعتمدة في الماضي. كما سيتعرف الزوار في بيت الزهبة (بيت العروس) إلى أجواء الاحتفالات من خلال مشاهدة عروض تحضير العرس الإماراتي التقليدي، وما يتضمنه من أزياء وموسيقى وفنون شعبية. وتتضمن ورش العمل تحضير الدخون والعجفة والرسم بالحناء وصناعة التلي والسدو، إضافة إلى تعلم أساليب إعداد مأكولات إماراتية تحت إشراف طهاة إماراتيين. وفي الركن نفسه سيكون هناك السوق الشعبي الذي تُباع فيه التحف والهدايا القيّمة التي تعكس التقاليد والمهن الإماراتية.

وينقل ركن الصحراء الزوار إلى الحياة الصحراوية في أبوظبي، وتتضمن الأنشطة كيفية إعداد القهوة الإماراتية الأصيلة في «الحظيرة» وهي جلسة إماراتية محاطة بسعف النخيل، وصناعة الزبدة، وتذوق أصناف المأكولات الشعبية. وسيشاهد الزوار عروض اليولة، وسيتعرفون إلى العادات والتقاليد البدوية، وكيفية صناعة السروج. كما يتضمن هذا الركن حظيرة للطيور والحيوانات تضم طيور الحبارى المهددة بالانقراض، لتعريف الزوار إلى الجهود التي تبذلها الإمارات للحفاظ على أصناف الحيوانات المهددة بالانقراض. كما تتضمن العروض والأنشطة في هذا الركن مشاهدة الكلاب السلوقية وعروض الصقارة والتعرف إلى أنواع الجِمال المحلية. وتتضمن ورش العمل صباغة الكندورة وصناعة البرقع، وحياكة سعف النخيل (الخوص)، وإعداد القهوة العربية، والرسم بالحناء وإعداد الدخون واستخدامه. وستجري جميع ورش العمل في خيمة بدوية.

أما ركن البحر، الذي تم حفر ما يشبه بحيرة صغيرة في المكان، خصوصاً له بما يكسبه واقعية وصدقية، فيبرز الرابط التاريخي بين أبوظبي والعمل في مجالات صيد السمك واستخراج اللؤلؤ، وسيشاهد الزوار العديد من العروض.

ويتميز مهرجان قصر الحصن هذا العام ببرنامج مميز يتضمن أنشطة وفعاليات متنوّعة تناسب كل الأعمار، ولعل أهم ما تتميز به الدورة الحالية هو إتاحتها للمجتمع فرصة الاطلاع على مسيرة أعمال الترميم التي تتم في قصر الحصن، والتي يقوم بها فريق متميز من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال، إذ سيتم فتح منطقة باحة قصر الحصن والقلعة الداخلية للزوار لرؤية التطور الذي طرأ على مشروع أبوظبي التاريخي الأكثر أهمية. كما ستعرّف الجولات التي تبدأ من الرابعة والربع عصراً، إلى العاشرة مساءً، الزوار على مقر المجلس الاستشاري الوطني، الواقع بالقرب من أسوار القصر وشهد اتخاذ العديد من القرارات التاريخية. وتنطلق الجولات كل 10 دقائق، وتستغرق ما يقرب من 30 دقيقة، وتضم بين 10 و15 شخصاً في كل مرة، ويتم الشرح خلالها باللغتين العربية والإنجليزية.

«كفاليا» متعة وإبهار

يأتي عرض «كفاليا قصر الحصن»، الذي تم تصميمه خصوصاً ليتناسب مع تاريخ الإمارات وتراثها، وأخرجه المخرج العالمي نورمان لاتوريل، أحد مؤسسي «سيرك دوسوليه»، ليقدم مجموعة من اللوحات الفنية المبهرة التي تمزج بين الاستعراض والحركة واللون والموسيقى وسرعة الإيقاع، لتأخذ المشاهد في رحلة طريفة على مدى ساعة، تستحضر فيها الفرقة «كفاليا» عناصر من تراث الإمارات وبيئتها، سواء البحرية أو الصحراوية.

قوة العلاقة بين الإنسان والخيل، هي جوهر عرض «كفاليا قرص الحصن»، الذي يعرض بداية من بعد غدٍ، وحتى نهاية الشهر الجاري. أيضاً نقطة بدايته، حيث يظهر على المسرح فارس جالساً على الأرض وهو يرتدي الزي الإماراتي، وفي الخلفية تبرز لوحة لأشجار باسقة، وموسيقى الناي، ثم تظهر ستة خيول غير مسرجة، تلتف حول الفارس، وتقوم بعمل حركات وتشكيلات مختلفة وفقاً لأوامره، في مشهد يوضح مدى التفاعل بين الفارس والخيول.

مشهد آخر ينتقل فيه العرض من أجواء الهدوء وعزف الناي، إلى الحماسة وصخب المنافسة، وتقف في خلفيته الصحراء العربية الممتدة، وهو يبدأ بفارس على جواده، سرعان ما يلحق به فارس آخر يختطف عمامته، ليشتعل المسرح بالحماس على إثر توالي ظهور الفرسان والفارسات على أحصنتهم، وهم جميعاً يرتدون الأزياء التقليدية الإماراتية التي تم تصميمها بحيث تواءم ركوب الخيل والحركات الاستعراضية الخطرة التي يتضمنها العرض. وعلى مدى ما يقرب من 10 دقائق، حبس جمهور العرض الخاص الذي أقيم مساء أول من أمس، للإعلاميين، أنفاسهم وهم يتابعون الحركات البهلوانية التي يؤديها أفراد الفرقة ببراعة متناهية، وسرعة خاطفة رغم صعوبة هذه الحركات.

أما المشهد الثالث، فيبدأ بتساقط مياه الأمطار على هيكل حصان ضخم رسمته الأضواء على المسرح، ليفاجأ الجمهور بأن الأمطار لم تكن مؤثرات صوتية كالمعتاد، ولكنها مياه حقيقية انهمرت لتغرق جزء من أرضية المسرح، ويعود الفرسان والفارسات الثمانية مع خيولهم لتقديم تشكيلات تشكل لوحات فنية مبهرة، قبل أن تنضم لهم الخيول الستة غير المسرجة، وتشارك في أداء الحركات الاستعراضية، سواء في الماء أو على الأرض الجافة، في تناسق مبهر ودقة تامة رغم ضيق مساحة المسرح.

وفي المشهد الرابع تقدم «كفاليا» لوحة متكاملة تجمع بين أبرز عناصر التراث الإماراتي مثل الصقور التي يمثلها لاعبو أكروبات يحلقون في سماء خيمة العرض مؤديين حركات بهلوانية والسباحة في الهواء، وكذلك مجموعة من الغواصين والصيادين الذين يؤدون حركات استعراضية في الماء، قبل أن تنضم إليهم الخيول في مشهد ختامي يمثل لوحة فنية رائعة.

وتقام عروض «كفاليا قصر الحصن» تحت خيمة عملاقة تمتد على مساحة قدرها 2440 متراً مربعاً، ويصل ارتفاعها إلى 35 متراً لتمنح الخيول مساحة واسعة لتنفيذ العروض مع المدربين والفنانين. بينما تعرض خلفيات المسرح على شاشة بقياس 60 متراً، لتضع المشاهدين في أجواء مبهرة.

 معرض

قصة أبوظبي ونشأتها وتاريخها، عبر مبناها الأكثر أهمية «قصر الحصن»، عبر مجموعة من الشهادات الشفهية والصور التاريخية المهمة التي تروي قصة هذا الصرح التاريخي، يجمعها «معرض قصر الحصن» الذي يتضمنه المهرجان للعام التالي على التوالي. ويتكون المعرض، بحسب ما ذكرت مديرة المشاريع في قطاع الثقافة بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة منسقة المعرض، سلامة الشامسي، من خمسة أقسام تتناول العمران والتاريخ والتاريخ الشفاهي، ومن بينها قسم تم استحداثه هذا العام هو «لأن لا ننسى»، وهو مشروع لطلبة جامعة زايد. ونفذت المعرض الهيئة بالتعاون مع جهات عدة، من بينها المركز الوطني للوثائق والبحوث، والاتحاد النسائي، وشرطة أبوظبي، وغيرها. وأضافت الشامسي أن «المعرض يتضمن تسجيلات للتاريخ الشفاهي لأشخاص عاصروا قصر الحصن قام بجمعها باحثون، وكذلك عرض لمراحل تطور البناء التاريخي، ومراحل بنائه كبرج للمراقبة وتطورة بعد ذلك».

المجمّع الثقافي.. عودة الروح

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/02/963981%20(2).jpg

يشهد مهرجان قصر الحصن هذا العام حدثاً مهماً يتمثل في عودة مبنى المجمع الثقافي من جديد إلى المشهد الثقافي، بعد غياب استمر على مدى ما يزيد على أربع سنوات، إذ يستضيف المبنى الذي يحتضن جزءاً رئيساً من ذاكرة أبوظبي وأهلها الثقافية، مجموعة من الأنشطة والفعاليات، من أبرزها تنظيم ورش عمل يتم خلالها تدريب الأطفال على تنفيذ مشغولات تراثية بطابع عصري حتي يمكنهم استخدامها، مثل صناعة السدو والتلي، وصناعة وتلوين الفخار، وصناعة الدمى التقليدية من الأقمشة، وملابسها التراثية، إضافة إلى صناعة العطور والدخون والملابس التقليدية، وإكسسوارات تراثية، بحسب ما أوضحت مديرة المرسم الحر، سوسن خميس، لـ«الإمارات اليوم»، مشيرة إلى أن معظم القائمين على التدريب في ورش العمل إماراتيون.

ويحتضن المسرح الروماني المفتوح في المجمع الثقافي برنامج العروض الأدائية بمشاركة 30 فناناً إماراتياً، من الممثلين والموسيقيين والشعراء، يقدمون عروضاً يومية قصيرة ذات طابع تقليدي ومعاصر يشرحون من خلالها أشكال تطور الفن الإماراتي. ومن هذه العروض التي تقدم بالتعاون مع «توفور54»، الأفلام الوثائقية «قصة حصن، مجد وطن»، «أبوظبي من 1962-1964»، «وداعاً أيتها الصحراء»، والفيلم الكارتوني «الأسطورة»، إلى جانب أمسيات شعرية مختلفة.

حلقات نقاش

يتضمن برنامج «مهرجان قصر الحصن» هذا العام سلسلة من «محاضرات وحلقات النقاش قصر الحصن»، التي سيجري من خلالها مناقشة جوانب مرتبطة بالمكان وتطوره، وعدداً من الموضوعات التي ستكشف عن حقائق مثيرة حول قصر الحصن، مثل موقعه السياسي، والأشخاص المشهورين الذين زاروا هذا المكان، والتغيرات المعمارية التي طرأت عليه، في خمس حلقات نقاشية مدة كل منها ساعة، وهي: «قصر الحصن: رمز سياسي إداري منذ القدم»، وتقام مساء السبت، و«ضيوف قصر الحصن عبر التاريخ» مساء الإثنين، و«الأهمية الثقافية الاجتماعية للقصر في الحاضر والمستقبل» مساء الثلاثاء. إضافة إلى حلقة تقام مساء الأربعاء بعنوان «مراحل وبناء وتطوير قصر الحصن»، وتختتم حلقات النقاش بحلقة 28 الجاري، التي تحمل عنوان «قصر الحصن نواة لبناء العاصمة أبوظبي».

معلومات تاريخية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/02/963981%20(1).jpg

أشار رئيس قسم دراسات الأنساب في المركز الوطني للوثائق والبحوث، سعيد السويدي، إلى حرص المركز على المشاركة في فعاليات المهرجان، لافتاً إلى أن مشاركته الأبرز تمثلت في دعم المهرجان بالمعلومات الدقيقة، وتدقيق المعلومات التاريخية التي تصدر عن المهرجان، سواء في المطبوعات الخاصة به، أو في اللافتات الإرشادية والتوضيحية للزوار أو غير ذلك، إذ كانت تتم مراجعتها وتصحيحها والتأكد من دقتها، إلى جانب تزويده بالصور ومقاطع الفيديو اللازمة. وتابع السويدي أن «هناك معلومة أتمنى التركيز عليها وتصحيحها لدى الجمهور، وهي اعتقاد البعض أن قصر الحصن تم بناؤه من 250 عاماً، ولكن الحقيقة أنه بُني في مرحلة متأخرة، بينما وضعت اللبنة الأولى له قبل ما يزيد على 250 عاماً، وكان في البداية عبارة عن برج للمراقبة بني في أوائل ستينات القرن الـ18، ثم بُني قصر الحصن في أواخر القرن نفسه».

 

 

تويتر