«تي فيو» مبادرة إماراتية واعدة

قياس نسب المشاهدة.. أزمة الإعلام العربي

صورة

من جديد يعود الحديث عن الحاجة الملحة والمتزايدة إلى مقاييس للمشاهدة التلفزيونية، في ظل الجدل الساخن الذي تشهده الساحة حالياً حول نسب مشاهدة القنوات الفضائية العربية، التي باتت معياراً مهماً للوكالات الإعلانية في اختيار القنوات التي تبث إعلاناتها عليها، وبالتالي تلعب استطلاعات قياس نسب المشاهدة دوراً لا يمكن إنكاره في رسم وتشكيل الساحة الإعلامية العربية واللاعبين الأساسيين بها، وهو ما يؤكد أن وجود مثل هذه الاستطلاعات لم يعد نوعاً من الترف أو الرفاهية لكنه ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها، ليس فقط في توجيه ميزانيات الإعلان، وهي ضخمة، ولكن أيضاً في توجيه صناعة الدراما التي أصبحت تقوم على مليارات تنفق سنوياً في هذا المجال، خصوصاً إنتاج أعمال للموسم الدرامي الرمضاني، هذا الدور المتنامي يتطلب وجود جهات موثوقة تتولى توفير معلومات وبيانات شفافة وموثوقة حول نسبة المشاهدين، تمثل مؤشرات مهمة لإرشاد وتوجيه صناع الدراما في الاتجاه السليم، وفق دلائل وأرقام واقعية تعبر عما يفتقده المشاهد في الدراما والبرامج التلفزيونية، وما يطمح إلى رؤيته على الشاشة.

وكانت الأزمة الحالية التي تشهدها الساحة الإعلامية قد اندلعت نتيجة تشكيك عدد من القنوات المصرية الخاصة في استطلاعات رأي المشاهدين في مصر، المعنية بترتيب القنوات حسب نسب المشاهدة، التي أجرتها إحدى الشركات المتخصصة في هذا المجال (شركة ابسوس)، وفق ما ذكره البيان الصادر باسم هذه القنوات، موضحاً أن القائمين على هذه القنوات اضطروا إلى اللجوء إلى القانون للتدخل، التي وصفوها بأنها تهدد الإعلام المصري والتسويق الإعلاني. في حين ذكر نجاد البرعي المحامي بالنقض العام، أن الفضائيات متعاقدة مع الشركة منذ سبع سنوات، لكن المشكلة ظهرت عندما طالبت الفضائيات بالاطلاع على تقارير نسب المشاهدة التي استندت إليها الشركة، وهو حق أصيل بحسب بنود التعاقد، في الوقت الذي رفضت الشركة ذلك، وهو ما يعد إخلالاً ببنود التعاقدات طبقاً للقانون الذي يُلزم الشركات بأن تعلن تقاريرها.

وفي ردها على بيان القنوات الخاصة؛ أصدرت شركة «ابسوس» للأبحاث بياناً أكدت فيه استخدامها التقنیات المتطوّرة للحصول على الاستنتاجات الدقيقة والصحيحة، إضافة إلى الشفافية والمنهجية المتبعة في عملها. وأوضح البيان إنّ الدقة والشفافیة في النتائج التي أصدرتها «إبسوس» في مصر مدعّمة من قبل المدققین الداخليين الذين اعتمدتھم الشركة، بالإضافة إلى المدققين الخارجيين الذين كلّفتھم «إبسوس» بعمل مراجعة دقیقة لجمیع البیانات والوقائع التي تنشر. وان الشركة ليس لديها أيّ مصلحة في التلاعب بنتائج الأبحاث بغرض تلبیة أي مصلحة سواء أكانت لشخص أو لشركة.

هذه الأزمة تعيد الأهمية إلى ما سبق أن طرح عن ضرورة وجود مؤسسات رسمية ووطنية تتولى القيام باستطلاعات وأبحاث قياس نسبة المشاهدة وتحليلها وتوفير ما تتوصل إليه من بيانات ومعلومات لمختلف المؤسسات الإعلامية، وغيرها من الجهات التي يمكن أن تستفيد من هذه المعلومات، في الارتقاء بالمحتوى الإعلامي والدرامي. كما في دعوة مجلس التعاون الخليجي في وقت سابق لإنشاء هيئة أو مؤسسة تتولى هذه المهمة في دول المجلس.

وفي الإمارات؛ تأتي مبادرة «تي فيو» من شركة الإمارات لقياس الأداء الإعلامي، وهي مشروع مشترك تم تأسيسه بمبادرة من المجلس الوطني للإعلام وهيئة تنظيم الاتصالات، حيث يتولى المجلس الوطني للإعلام رئاسة مجلس إدارة شركة الإمارات لقياس الأداء الإعلامي. كما تسهم في المشروع مجموعة من الشركات الإعلامية في الدولة، لتمثل خطوة مهمة في مجال توفير ما تحتاج إلى المؤسسات الإعلامية والإنتاجية في الدولة، حيث تتيح «تي فيو» لمحطات البث والمعلنين والشركات الإعلامية فرصة مقارنة عوائد الاستثمارات المختلفة، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى نمو كبير في الأسواق المتفق على أنها أقل قيمة من غيرها، وهي معلومات يتم الحصول عليها عبر مراقبة عادات المشاهدات التلفزيونية لجميع المشاهدين في الإمارات، بحيث تمثل تلك النتائج مؤشراً موثوقاً إلى عادات المشاهدين وإقبالهم على مشاهدة البرامج والقنوات التلفزيونية، ما يسهم في تطوير فهم عميق ومفصل لعادات المشاهدة التلفزيونية. ويشمل مجال البحث أكثر من 80 قناة رائجة محلياً وإقليمياً سواء كانت قنوات أرضية أو فضائية مجانية أو مشفرة خاضعة لنظام اشتراك نقدي (كيبل - قنوات تلفزيونية خاصة). وتتم مراجعة نوعية وميثاقية البيانات باستمرار من قبل شركة الإمارات لقياس الأداء الإعلامي ومزود النظام، مؤسسة قنطار للإعلام، التي تشغل أنظمة مماثلة في المملكة المتحدة والصين والهند وبلدان أخرى كثيرة. كما تخضع البيانات لتدقيق الخارجي من قبل هيئة مستقلة كانت عاملاً رئيساً في موافقة «توفور 54» للانضمام أخيراً إلى المشروع. ويؤمل من المشروع أن يستقطب قبولاً أوسع في جميع أنحاء قطاع البث والإعلان.

المشاهد هو الفيصل

شددت الرئيس التنفيذي لـ«توفور 54»، نورة الكعبي، على أهمية مشروع «تي فيو» الذي يأتي لتطوير معايير جديدة في تقديم المحتوى التلفزيوني بشكل يركز على رأي المشاهد في ما يقدم له، لتكون العلاقة تفاعلية يستطيع من خلالها المشاهد أن يؤثر في المحتوى المقدم له، وبالتالي يكون ذلك المحتوى هو الفيصل والأساس في تقديم المادة الإعلانية وليس العكس. كما أشارت الكعبي إلى أن هذه المبادرة ستقدم معايير حقيقة لمستويات المشاهدة، وبالتالي التعرف إلى القيمة العادلة للإعلانات بشكل تكون فيه هذه الصناعة قائمة على معايير مهنية وتسويقية واضحة.

«قياس» في السعودية

 

ذكر رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في السعودية، الدكتور رياض بن كمال نجم، في تصريحات سابقة، أن الهيئة تعمل على إنشاء شركة لقياس نسب المشاهدة للجهات الإعلامية المرئية والمسموعة في المملكة، وسيكون اهتمامها في المرحلة الأولى قياس نسبة مشاهدة القنوات التلفزيونية، ثم التوسع لاحقاً إلى القنوات الإذاعية، موضحاً أن شركة «قياس» سيسهم فيها القطاع الخاص، وتعمل بمعايير دولية وشفافية تامة، مبيناً أنه سيكون لها أثر كبير في تنظيم سوق الإعلان في السعودية ومساعدة المعلنين ووسائل الإعلام ووكلاء الإعلان والمستهلكين.

 

ضرورة ملحة

وجود مثل هذه الاستطلاعات لم يعد نوعاً من الترف أو الرفاهية لكنه ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها، ليس فقط في توجيه ميزانيات الإعلان، وهي ضخمة، ولكن أيضاً في توجيه صناعة الدراما التي أصبحت تقوم على مليارات تنفق سنوياً في هذا المجال، خصوصاً إنتاج أعمال للموسم الدرامي الرمضاني، هذا الدور المتنامي يتطلب وجود جهات موثوقة تتولى توفير معلومات وبيانات شفافة وموثوقة حول نسبة المشاهدين، تمثل مؤشرات مهمة لإرشاد وتوجيه صناع الدراما في الاتجاه السليم، وفق دلائل وأرقام واقعية تعبر عما يفتقده المشاهد في الدراما والبرامج التلفزيونية، وما يطمح إلى رؤيته على الشاشة.

تويتر