معرض للفنان الفنزويلي رافايـيل باريوس في «آرت سوا»

«أغوار لا تُسْبر».. قواعد جديدة للعبة التصور

صورة

تحمل منحوتات الفنان الفنزويلي رافاييل باريوس خاصية الخداع البصري، إذ يمنح الفنان أعماله الكثير من العمق المخادع من خلال الزوايا الهندسية التي يعتمدها في التركيب. تبدو المنحوتات في المعرض الذي افتتح أخيرا في «آرت سوا» غاليري في دبي، بعنوان «أغوار لا تسبر» وكأنها عملية إعادة بناء للحجم والكتلة، فيدخل الفنان مرحلة تغيير وتبديل القناعات عند المتلقي. إنها عملية بناء قواعد جديدة للعبة التصور بين ما يراه المرء وحقيقة الشكل والحجم.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/11/EAY_MA_2511_30_v1.jpg


اعتراف دولي

بدأ الفنان رافاييل باريوس مسيرته بالفن المفاهيمي، وتطورت تجربته مع النحت لتقوم على الهندسة. وتكرست هذه التجربة من خلال الجائزة التي حصل عليها من ابارك أفنيوب، فقدم مشروعاً ضخماً عرض على امتداد ابارك افنيوب في نيو يورك لمدة أربعة أشهر.

صناديق مركبة فوق بعضها بعضاً وبأحجام مختلفة، تلتصق عند زوايا محددة، هذا هو المشهد الذي يمكن أن يراه المرء لمنحوتات الفنان المتميز في البناء الهندسي في أميركا اللاتينية، أما عند الاقتراب من الأعمال فتظهر التجاويف، وكيف يتكون العمل من قطع معدنية رفيعة. ويربط باريوس بين الفكر الهندسي والتكوين، فالشكل أساسي في العمل، وهي لعبة تشبه لعبة تركيب الأحجية. أما اللون فيتأثر بالتكوين الهندسي، إذ إن الزوايا والتجاويف وكذلك المسافة بين المتلقي والعمل تظهره وكأنه بدرجات متباينة. من الجانب الآخر، يبتكر باريوس من خلال أعماله النحتية علاقة جديدة بين الكون والجاذبية، فهو يجعل أعماله تبدو أجساماً متحركة في الفضاء، لا تعرف معنى الجاذبية

المسافة ليست العامل الوحيد الذي يحكم تغير الرؤية للعمل، وإنما أيضاً عامل الاضاءة والاختلاف بين الليل والنهار. الفنان الفنزويلي أدخل نفسه في لعبة الظل والنور عبر العمل الثلاثي الأبعاد، ليضيف إلى أعماله بعض العوامل التي تكون أساسية في اللوحة الثنائية الأبعاد. يستدرج المتلقي إلى عالمه الخاص، وينجح في بناء جسر بين الحقيقة والخيال. ولا يكتفي باريوس بمنح المشاهد دور المتفرج، فهو يريده أن يغوص في تقنيات التركيب والنحت، وأن يحلل الشكل الذي يراه أمامه. تترك أعمال باريوس بصمتها لدى المتلقي، فلا تمر مرور الكرام، فهي ترسخ وتعيد بناء المفاهيم المرتبطة بالأشياء المحسوسة التي تحيطنا، والقدرة على التلاعب بها. أما نقطة البداية في العمل فهي تبدو من الأسفل إلى الأعلى، قوامها الأساسي التوازن في الستانلس ستيل، المادة الأساسية في أعماله.

ويحول باريوس الفن إلى تجربة بصرية جديدة، تجربة تحتفي بالتقنية وتقدمها على المادة. يقدم في المعرض إلى جانب مجموعة الأعمال النحتية عملاً يقوم على الثقوب الصغيرة الحجم للستيل، فيبدو في غاية الشفافية، ويستطيع أن يرى المرء من خلالها، كما أن أعمال باريوس لا تقتصر على المنحوتات الصغيرة الحجم، فهو صاحب تجربة طويلة مع الفن الحضري، وقدم مجموعة من الأعمال النحتية الضخمة التي توضع في الأماكن العامة، والتي استخدم بعضها في إعلانات لشركات كبرى.

وقال باريوس لـ«الإمارات اليوم» إن «أعمالي تغيرت عبر السنوات، وهذه التجربة التي تحكمها الهندسة بدأت منذ 30 سنة، بعد أن بدأت بالعمل المفاهيمي بعد تخرجي في الجامعة». ولفت إلى أن الهدف الاساسي بالنسبة له هو أن يغير مفهوم الشيء بالنسبة للمتلقي، فهو يبتكر واقعاً جديداً، وان الالتباس بين ما نرى والحقيقة لابد من وجوده في الحياة، كي نفكر عميقاً في كل ما يحيط بنا. واعتبر أن الحياة تعتمد على الدرجة 90 في الهندسة بشكل أساسي، ولهذا اعتمد عليها في الكثير من أعماله. ورأى أن الحياة تعتمد على الرياضيات، حتى الطاقة في الحياة مبنية على حسابات رياضية.

أما اللون الذي يبدو بدرجات متباينة، فلفت باريوس إلى انه لم يعد يعتمد على الاكريليك المائي الأساس، بل يعتمد على كل ما تقبله المادة النحتية ليصل إلى الدرجة التي تتبدل مع الإضاءة.

تويتر