يرسم عوالم سحرية للحب في معرضه «سحر التركواز» بأبوظبي

كاووش: ذهـبت المرأة وبقي الإبــداع

صورة

بوجوه حالمة، وعيون ناعسة تتطلع إلى عالمها الخاص المملوء بالحب؛ تطالع لوحات الفنان العراقي ستار كاووش زوار معرض «سحر التركواز»، الذي افتتح مساء أول من أمس في قاعة الاتحاد غاليري، ويستمر حتى نهاية الشهر الجاري.

التفاحة

تكررت التفاحة في أعمال ستار كاووش، وهو ما أرجعه الفنان العراقي إلى ما تحمله التفاحة من رموز ترتبط بالغواية والحب على مر الأزمان، بداية من قصة آدم وحواء، وحتى في العصر الحديث، مثل تفاحة البيتلز الشهيرة.

سيرة

ستار كاووش فنان عراقي تخرج في كلية الفنون الجميلة في بغداد، درس على يد الفنان فائق حسن، أحد الرواد الكبار للفن العراقي الحديث، والذي قدر موهبته من البداية. وأقام العديد من المعارض في مختلف دول العالم، كما حاز عدداً من الجوائز، واختارته مؤسسة «بيت فان كوخ» لعرض معرض شخصي لأعماله 2006.

عنوان وألوان

كما في عنوان المعرض «سحر التركواز»؛ يفرض لون التركواز حضوره على لوحات ستار كاووش؛ ليمتد على مساحات لا تخطئها العين، لكنها مدروسة بدقة.

رسالة إلى ساسكيا

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/11/492944.JPG

«رسالة إلى ساسكيا» هو عنوان إحدى لوحات المعرض، وفيها يجسد فيها ستار كاووش ساسكيا، زوجة الفنان الشهير رامبرانت، وهي تكتب رسالة وعلى الظرف كتب عنوانه الشخصي، مشيراً إلى أن هذه المرأة التي طالما جسدها رامبرانت في أعماله صارت حلماً للفنانين على مر الزمن، كل منهم يسعى لتجسيد ساسكيا الخاصة به، وربما حملت اللوحة لمحة من الدعابة التي لا يجب أن تخلو منها الحياة حتى تصبح محتملة.

منذ الوهلة الأولى تحمل لوحات كاووش المتلقي إلى عوالمها الخاصة، عوالم تلفها السكينة والهدوء والوداعة البادية على وجوه شخصياته، وفي نظرات عيونهم التي تنطق بالعشق والغرام. فالعشق هنا، في عالم كاووش ولوحاته ذات الطابع الشرقي، حكاية لا تنتهي، وفي كل لوحة هناك صورة من صور العشق وتجلياته. فالفنان، بحسب ما أوضح كاووش لـ«الإمارات اليوم»، يستمد موضوعاته من الحياة، وكل ما يقابله فيها، خصوصاً العلاقات الإنسانية، وكل ما يمر به من أحداث (النجاح والفشل والحب والموت)، كلها أشياء تشكل وعي الفنان، وتؤثر في مشاعره، وعليه أن يترجمها إلى فن وإبداع.

وأشار كاووش إلى أن الحب واللحظات العامرة بالمشاعر بين الرجل والمرأة تمثل موضوعاً أثيراً في لوحاته، مرجعاً ذلك إلى آخر معرض أقامه في العراق قبل انتقاله إلى الحياة بهولندا في 1993، الذي عبر فيه عن قصة حب عاشها بعمق ولكن لم يكتب لها النجاح، ومن وقتها بات الحب موضوعه المفضل في أعماله، «فقد ذهبت المرأة وبقي الإبداع».

ويرى كاووش أن على الفنان أن ينظر لكل ما يحدث حوله وفي حياته من زاوية خاصة، وعليه أن يتوقف طويلاً أمام الأشياء الصغيرة، مضيفاً «إطلاقاً لم أرتكز على الموضوعات الكبيرة في أعمالي، فهذه الموضوعات لها أهميتها في حد ذاتها، أما الموضوعات والتفاصيل الصغيرة فتمكن الفنان من صنع حكايته وأسطورته الخاصة، وكثيراً ما استمد موضوعات لوحاتي من وجه يستوقفني في الشارع، أو على القهوة، ومشهد في فيلم أو مسرحية يلامس تجاربي الذاتية، أو بيت شعر يشبهني».

هذا الرأي يبرز في العديد من أعمال كاووش، ومن بينها لوحة «الوداع» التي تحمل طابعاً في الرسم مختلفاً عن معظم اللوحات الأخرى، وفيها تقف فتاة مستندة إلى جدار، وهي شاردة الذهن والنظرات، وأمامها في نهاية ممر يبدو رجل راحل.

لوحة أخرى لفتاة تجلس على بساط تقرأ رسالة بين يديها، وعلى وجهها بدت نظرة شاردة، وهي لوحة استلهمها الفنان من مشهد استوقفه في إحدى المسرحيات، لكنه أضاف إليه الكثير من التفاصيل الخاصة به، سواء في ملابس الفتاة والألوان والنافذة المستديرة التي احتلت خلفية الصورة.

أما لوحة «عودة الغائب» فتحمل الكثير من المشاعر والثراء في المشاعر والألوان، وفيها تقف فتاة ممسكة بين يديها بلورة سحرية تخرج منها فقاقيع ملونة، بينما يظهر من بعيد شخص، اشار كاووش الى أنه هو شخصياً، مولياً ظهره، لا تظهر ملامحه، لا يدري المشاهد هل هو ذاهب أم عائد، ورغم هذه الحيرة إلا ان اللوحة تحمل بهجة ما مبعثها الألوان التي استخدمها الفنان العراقي في اللوحة، التي تمازجت وتداخلت في تكوينات مختلفة مبهجة.

كما في عنوان المعرض «سحر التركواز»؛ الذي افتتحه رئيس مجلس ادارة مجموعة أطلس، أحمد صديق المطوع، بحضور مالك قاعة «الاتحاد غاليري»، خالد صديق المطوع، يفرض لون التركواز حضوره على لوحات كاووش؛ ليمتد على مساحات لا تخطئها العين، لكنها مدروسة بدقة.

هذا الارتباط بالتركواز يرجعه الفنان العراقي المقيم في هولندا منذ ما يقرب من 20 عاماً، إلى ما يتميز به هذا المزيج اللوني الذي يجمع بين الأخضر والأزرق، من مساحة لونية واسعة تشمل العديد من التدرجات تتيح للفنان حرية الحركة في ما بينها، بالإضافة إلى انسجام هذا اللون الرائق لموضوعه المفضل، وهو اللحظات الإنسانية والعاطفية بين الرجل والمرأة، وأجواء السعادة والتآلف بينهما.

اهتمام الفنان ستار كاووش بالألوان والموضوعات في لوحاته ليس كل شيء؛ فالتقنية والشكل النهائي للعمل يستحوذ على جانب كبير من اهتمامه، ويرسم الكثير من ملامح نتاجه، من حيث إخراج اللوحة وتكوينها وتداخل خطوطها.

وأشار كاووش إلى أنه يستخدم تقنية تعتمد على وضع طبقات متعددة من اللون، بما يمنح اللوحة إشراقاً وشفافية وتداخلاً في الألوان بنعومة، لتبدو مثل الأيقونات، لكنها أيقونات عصرية، أو كأنها مصنوعة من الزجاج، ويساعد على ذلك استخدامه لألوان الاكريليك، على عكس الألوان الزيتية، وهي ألوان غطائية، تغطي كل طبقة على الطبقة السابقة لها، أيضاً يميل الفنان إلى توظيف أشكال هندسية مثل الدوائر والخطوط.

وتحتل الوجوه في لوحات كاووش مساحة واسعة، واللافت أنها تتشابه في اللوحات المختلفة، كأنها للأشخاص أنفسهم في لقطات مختلفة، بل يتشابه الرجل والمرأة معاً في ملامحهما.

وفي تعليقه على هذا الأمر، قال الفنان العراقي إن هناك نموذجاً في ذهنه يفرض نفسه على لوحاته، فكل فنان يحاول أن يخلق أسطورته، اما التشابه بين الوجوه الأنثوية والذكورية فربما يعود إلى أن الحب يوحّد المشاعر كما يقرب بين الملامح.

 

تويتر