سامح فايز يروي رحلته مع الجماعة

«جنة الإخوان»: لا مكان لأحلام فردية

صورة

بسرد يمزج بين الذاتي والموضوعي، يحكي الكاتب سامح فايز قصته مع جماعة الإخوان المسلمين، منذ انضمامه لها طفلاً، وحتى لحظة مفارقته لها، أو مفارقتها هي له، بعدما رأت الجماعة في ذلك الشاب تمرداً غير مسموح به، وتغريداً نشازاً، من وجهة نظرهم، فهو الشاب المفتون بالأدب، الذي تجرأ على قراءة «الرواية الكافرة» «أولاد حارتنا»، على مرأى من أحد أعضاء الجماعة.

مقدمة الخرباوي

قال صاحب «سر المعبد» الكاتب ثروت الخرباوي في تقديمه لكتاب «جنة الإخوان»: «كان سامح إخوانياً منذ طفولته غير أنه لم يكن في رحلته الإخوانية سهلاً طيعاً، وهم كانوا يظنونه شاباً مشاغباً مزعجاً، وكان مرد هذا الظن أنه كثير السؤال كثير الاستفهام، وهذه أشياء تقدح في إخوانيته، فكان أن تسلق سور الجماعة ونظر إلى العالم الذي كان يظنه عالم أشباح، فإذا به عالم من لحم ودم، حياة إنسانية بكل معانيها، غاب عنها وغابت عنه. عرف وقتها أنه كان يعيش في عالم الأشباح، فقرر أن يقفز من سور الجماعة، وولى هارباً لا يلوي على شيء».

يحاول فايز في «جنة الإخوان.. رحلة الخروج من الجماعة» الصادر عن دار التنوير ببيروت، أن يجيب عن سؤال وجه إليه من كثيرين: لماذا تركت الإخوان المسلمين؟ ويتوقف في محطات كثيرة، تبرز سيرته أولاً، ليتداخل الهمّ الشخصي بالعام، وتكشف الرحلة عن أحداث بالجملة، شهدتها بلاده في العقدين الأخيرين، وفي قلبها أخيراً جماعة عمرها أكثر من 80 عاماً، مازالت تحاول اجتذاب أشبال، وترويضهم على السمع والطاعة، من أجل الوصول إلى حلم «أستاذية العالم»، تحت شعارات براقة.

رغم أن الجماعة حاضرة في كل صفحات الكتاب، إلا أن المؤلف روى تفاصيل إنسانية، فالبداية الإخوان، لكن النهاية رحلة تحرر وخلاص، فالكتاب حافل باليوميات التي تعود إلى طفولة المؤلف، والمعاناة الحقيقية لأسرة مصرية، والتي لا تهم كثيراً «الإخوان»، وكذلك الأحلام الفردية الصغيرة.

يضيء فايز في كتابه زاوية مختلفة، يكشف عن «إخوان الظل»، كيف يشتغلون في القرى، بعيداً عن المدن ودعاتها «المودرن»، أصحاب القاموس المهذب، و«التيشرتات العصرية»، إذ يتحدث المؤلف عن بداياته مع الجماعة في قرية، وكيف اختارته عين إخوانية لاقطة، ليكون أحد أشبال الجماعة، وعضواً في إحدى الأسر التي تنتمي إلى شعبة توصل إلى منطقة فمحافظة، وكل عضو في السلسلة المعقدة «مطالب بطاعة الذي يعلوه دون رد». ويروي كيف كان لا يسمح له بقراءات خارج المقرر من مسؤوله في الأسرة الإخوانية، ما دفعه إلى إقامة عالم سري مواز، يمتثل لأوامر الجماعة في الظاهر، لكن ثمة حياة أخرى، يلجم أسئلة بالجملة، ويطمس علامات الاستفهام في جلسات تردد فيها الأوراد والتكليفات الأسبوعية، لكن لم يستمر ذلك طويلاً، خصوصاً بعدما رأى الشاب المصري أن العالم أرحب مما تصوره الجماعة، وأن «الأغيار» ليسوا جميعاً عملاء لأمن الدولة، أو علمانيين يعادون الدين ويؤخرون الحلم الإخواني، وأن نجيب محفوظ ليس روائياً كافراً، وجمال عبدالناصر ليس زنديقاً، كما يحشو بعض أعضاء الجماعة رؤوس الأشبال والشباب.

يكرر مؤلف «جنة الإخوان» الذي يقع في 203 صفحات عبارة «دين الإخوان»، كأنه ثمة عقيدة تتبعها الجماعة (قال قيادي بالجماعة في فيديو شهير أسال الله أن يتوفني على الإخوان)، ويرى المؤلف أن ذلك مقصود من قبل «الإخوان» التي تحاول أن ترسخ في أذهان أبنائها ذلك. ويتناول سامح فايز يوميات كثيرة، من حياته مع الإخوان، وكيف كان يتم تكليفهم بأشياء، ولا يسمح لهم بالمناقشة، إذ تعد الطاعة شرطاً، لذا فالأعضاء يستجيبون لأي حشد، يروي ذلك قائلاً: «تم حشدنا لحضور عقد قران ابن عصام العريان على ابنة الشيخ محمد الرواي، لم أكن أعلم حينها ما علاقة القضية التي تربينا على الجهاد من أجلها بزواج ابن العريان. كنت أجلس أثناء القران كالحمار، فأنا لا أعلم من سيتزوج من، لست قريباً للعروس، ولا من أصدقاء العريس، ولست مدعواً من أحد الطرفين، كنت أعلم أنه من الجائز أن يحشدنا الإخوان لتظاهرة في الجامع الأزهر، لحضور مؤتمر بنقابة الأطباء عن القتل الدائر في فلسطين، لكن أن نحشد لحضور ليلة زفاف!».

 

 

تويتر