يوثق مجموعة مقتنيات «اللوفر أبوظبي»

«نشأة متحف» رحلة جمــالية عبر الحضارات

صورة

رحلة جمالية تمتد من بدايات الحضارة على وجه الكرة الأرضية وحتى وقتنا الحالي، يقدمها كتاب «اللوفر أبوظبي.. نشأة متحف»، الذي أطلقته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، أول من أمس، ويقدم رؤية للوفر أبوظبي، حيث يضم الكتاب معلومات عن مجموعة المقتنيات التي اقتنتها أبوظبي، حتى الآن، للعرض في متحف اللوفر أبوظبي، ويمثل وسيلة لتوثيق الرؤية القائم عليها المتحف، وتدوين لمجموعة المقتنيات وتعريف القاريء بها.

ويضم الكتاب وصفاً لـ‬300 قطعة فنية من مقتنيات متحف اللوفر أبوظبي، من بينها ‬130 قطعة معروضة في معرض «نشأة متحف: لوفر أبوظبي»، المقام حالياً في منارة السعديات بأبوظبي، وهو المعرض الذي يأتي تتويجاً لسنوات من العمل الجاد لبناء مجموعة اللوفر أبوظبي. بحسب ما أشار الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، في كلمة ضمها الكتاب الجديد، لافتاً إلى أن الكتاب يمثل حدثاً استثنائياً لتوثيق لحظة مهمة، وترسيخ رؤية هذا المشروع الذي سيبقى مصدراً للتأمل في المستقبل، بما يحمله في طياته دلالات رمزية تجسد معاني الطموح والتقدم والانتظار للمتحف المرتقب».

هوية متفردة

خصوصية

قدمت المدير العلمية بوكالة متاحف فرنسا، لورانس دي كار، شرحاً لجوهر الرؤية التي يقدمها «لوفر ابوظبي»، وما يتميز به من خصوصية عن متحف اللوفر، وهي خصوصية تنبع من موقعه ومن هوية الإمارات، موضحة أن «اللوفر ابوظبي هو اول متحف عالمي يقام في العالم العربي، وهو بالتالي مشروع مجدد وطموح، ورغم انه ينقل ويكيف شكلاً ثقافياً نشأ في اوروبا خلال عصر التنوير نحو أفق جديد، فإنه يحمل في صلب هويته مفاهيم الاكتشاف والتلاقي الثقافي»، مشيرة إلى أنه «في زمن تنتشر فيه العوالم الافتراضية، يراهن اللوفر أبوظبي على مبدأ «هنا والآن»، أي على الصلة المباشرة مع التحفة الأصلية ومع التأثر الفريد النتاج عن هالتها. وفي المقام الأول سيكون اللوفر أبوظبي مجمعاً غير مسبوق لشهادات مادية عن النتاج الفني العالمي في الإمارات، وفضلاً عن ذلك، فإن الصلة المباشرة والحساسية مع تحف أصلية تعني ضمناً انه يجب على المتحف أن يتجاوب مع مهمة تنطوي على التعليم ونشر المعارف، وهي مهمة تنشدها الإمارات، ولكن عليه أيضاً خصوصاً أن يكون فضاء للمتعة. وإلى جانب ذلك، فالمقاسات البشرية للمتحف ومساحة معارضه الدائمة البالغة ‬6000 متر مربع تدعوان إلى اقتراح مسار غير موزع على أقسام مختلفة عدة منظمة على أساس التقنيات المستخدمة او النطاق الحضاري، كما هي الحال عادة، بل ينبغي وبالعكس ان يراهن على استمرارية مبدأ فني عالمي يتأرجح بين الأساس الأنثروبولوجي الثابت وبين الانفصال التاريخي. وهكذا فإن التسلسل الزمني، لن يتحول إلى قيد يوحي باعتماد خطاب ذي طابع خطي أكثر مما ينبغي.

واشارت دي كار إلى ان «اللوفر أبوظبي» سيعتمد على منظومة غير مسبوقة لعرض المجموعات بشكل يجمع، على مدى ‬10 أعوام، بين التحف المعارة من المجموعات الفرنسية وبين المجموعة الخاصة به، وهي حالياً قيد الإنشاء، استناداً إلى مبدأ المداورة، وبفضل تنوع المجموعات القائمة، سيتحقق عرض رؤى متعددة بفضل تسليط الضوء على تعايش الحضارات المختلفة المعروضة في المتحف، موضحة ان التحف الأولى التي حصل عليها «اللوفر أبوظبي»، الوارد وصفها في الكتاب، تميل إلى استحدث مجموعة متحفية عن طريق تفادي عقبة التجاور البسيط بين النماذج الثقافية والجمالية، وعلى اساس مبدأ هذا السرد الموحد فإن عملية التجميع المتقاطع للتحف الفنية الناشئة عن سياقات تاريخية مختلفة ترسم شيئاً فشيئاً خطة متوازية عالمية وفريدة من نوعها.

أضاف أن اللوفر أبوظبي؛ المتحف الذي نشأ في شبه الجزيرة العربية، في عالم دائم التغير وأكثر عولمة، لتسليط الضوء على القواسم المشتركة للتجربة الإنسانية متجاوزاً بذلك حدود الجغرافيا، والعِرق، والتاريخ، فالمتحف ما هو إلا إعادة قراءة لتاريخ الفن ولكن بأسلوب متفرد. مستطرداً: «وبعيداً عن محاولة محاكاة تجربة افتتاح المتحف عام ‬2015، بإمكاننا التعرف من خلال هذا الكتاب على العديد من الأمور الأساسية من الناحيتين الفنية والجمالية اللتين تكشفان عن جوهر هوية اللوفر أبوظبي بقراءة مقارنة للأعمال الفنية التي تنتمي لكبرى الحضارات العالمية العريقة من أقدم العصور وحتى الآن، بينما يتم التأكيد في الوقت ذاته، على الطبيعة متعددة الآفاق للإبداع الفني. إنه يستكشف حالة العمل الفني، ويتناول الأسئلة العالمية حول العمل التشكيلي أو النص المقدس، ونظريات الإلهام المتبادلة، والتأثيرات الجمالية، والرحلة الكبرى التي قطعتها الأشكال والأفكار ما بين الواقع والخيال».

وقال إن تفرد وثراء وتنوع المجموعة الفنية، مع اللمسات الابتكارية في طريقة عرضها، يؤكد أن اللوفر أبوظبي سيجسد التقدم الجمالي والاجتماعي والتاريخي، من شأن ذلك أن يضمن للمتحف دوراً مهماً لتسهيل التفاعل الثقافي والإبداعي بشكل يعود بالفائدة على المجتمع، موضحاً أن من طبيعة المتاحف العالمية ان تستكشف خصائص التجربة الإنسانية المشتركة على مدى قرون من الزمن، هي خلاصة هذا الكتاب والجوهر الذي يقدمه المتحف لزواره والعالم على نطاق أوسع.

تواصل الحضارات

أوضحت مدير مشروع «لوفر أبوظبي»، حصة الظاهري، في لقاء إعلامي، صباح اول من أمس، ان كتاب «نشأة متحف»، الذي اشترك في كتابته فريق عمل من هيئة ابوظبي للسياحة والثقافة ومن الجانب الفرنسي، يوضح ما وصلت إليه مجموعة مقتنيات اللوفر أبوظبي حتى ‬2013، لكن عملية الاقتناء مستمرة، لافتة إلى ان كل ما يتم اقتناؤه يصب في المفهوم العام للمتحف، الذي يقوم على فكرة تواصل والتقاء الحضارات، في ما يشبه حكاية تاريخية تمتد عبر العصور حتى الوقت الحالي.

وقالت إن الكتاب يضم شرحاً لـ‬300 قطعة فنية اقتنتها أبوظبي حتى الآن، من بينها ‬130 قطعة معروضة في معرض «نشأة متحف»، أما بقية المقتنيات فبعضها يمكن ان يعرض في وقت لاحق، والبعض الآخر من الصعب عرضه لضخامة حجمه.

وضم الكتاب في مقدمته كلمات للمدير العام لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، مبارك المهيري، ورئيس مجلس إدارة وكالة متاحف فرنسا، مارك لادريت دو لاشاريير، ورئيس ومدير عام متحف اللوفر، هنري لواريت، والمدير التنفيذي لقطاع الثقافة في الهيئة، ريتا عون، بالإضافة إلى كلمة للمهندس المعماري العالمي، جان نوفيل، الذي قام بتصميم مبنى لوفر أبوظبي، يوضح فيها العناصر الثلاثة التي اعتمد عليها في وضع التصميم، وهي القبة والبحر والحديقة، وكيفية تعاقب المشاهد عليها. وتتسم هذه العناصر بالهدوء والنبل، مع استمرارية تامة مع مواد الهندسة في الخارج وألوانها، موضحا ان الجدران والأرضيات والسقوف هي في اساس تصميم متحف للحوارات والكشف عن مواطن الجمال عبر المواجهة بين تحف مختلف الحضارات ونتاجها.

تويتر