تصدى لأساليب الكتابة التقليدية في العالم العربي

محمد جبر: الأدب الإلكـــتروني يخطو ببطء

صورة

أصبح الأدب الإلكتروني حقيقة أدبية تميز العصر التكنولوجي في العالم، لاسيما في ظل ما تحقق في مجال اختصار الوقت وأداء الأعمال المتميزة وخفض الكلفة المالية، لكن العالم العربي مازال يخطو ببطء نحو أدب فني إلكتروني، وذلك بحسب كتاب ونقاد اعتبروا أن التأخر له علاقة بمدى انخراط الأدباء العرب في حالة التطور ومدى توفر المناخ الذي يسمح بمثل هذا الإبداع.

الكاتب والإعلامي الفلسطيني محمد مهيب جبر، ضمن منتدى الأحد الثقافي الذي تنظمه إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، سلط الضوء على أهم تلك الأسباب التي رافقت تأخر انتشار الأدب الإلكتروني لدى الأدباء العرب، ومنها اعتياد الأدباء الأجانب استخدام وسائل كتابة متطورة في التأليف قبل ظهور أجهزة الكمبيوتر الشخصي، ولذلك كان سهلاً عليهم التعامل مع لوحة المفاتيح على اعتبار انها تخضع لترتيب الحروف نفسه، كونهم جربوا آلات تقليدية شبيه بالأجهزة الحديثة المتطورة، مضيفاً أن «الاهتمام العربي (شركات الكمبيوتر) بتطوير وسائل التنمية الفكرية والثقافية باستخدام اجهزة الكمبيوتر وشبكة الانترنت كان اقل مما حظي به الاهتمام في مجالات اخرى كالتربية والتعليم والاقتصاد والترفيه».

وتابع جبر أن «جيل الكتاب العرب، الذي واكب انطلاقة الكمبيوتر الشخصي، والذي كان يحمل راية التأليف واجه صعوبات تمثلت في تأخر تعريب أنظمة التشغيل والبرامج، فحافظ على انتمائه لأسلوب الكتابة التقليدية بالورقة والقلم، ولم يتحمس لتدريب نفسه على التأليف الالكتروني، بعدما توفر التعريب لأنه شعر بأنه أصبح كبيراً على ذلك تاركاً الأمر لجيل الشباب الذي بات يهتم بتلك التكنولوجيا».

الكاتب مستفيد

القراءة الإلكترونية

كانت القراءة من على شاشة الكمبيوتر تمثل عائقاً كبيراً لأسباب يمكن اعتبرها تقنية، منها ثبات الشاشة وعدم التحكم في حجم الخط، وعدم الراحة والجلوس لفترات طويلة، ولكن مع ظهور الأجهزة اللوحية، ظهرت اجهزة مخصصة فقط لقراءة الكتب يراوح حجمها بين ‬5-‬7 انشات، تلك الأجهزة مصممة بشكل يتيح ترتيب وتصنيف الكتب الالكترونية بشكل جذاب وسهل، وإظهارها بشكل يشبه المكتبة الحقيقية.

كما اتاحت هذه الاجهزة طريقة لتصفح الكتاب الالكتروني تحاكي طريقة تصفح الكتاب العادي، مع مزايا سرعة التصفح كالانتقال الى فصل او صفحة معينة، واستخدام طريقة البحث للوصول الفوري الى السطر الذي توقفت عنده آخر قراءة، اضافة لامكانية كتابة الهوامش والملاحظات على الصفحة نفسها.

ويؤكد محمد جبر، أن «برامج قراءة الكتب الالكترونية حلت مشكلة الحجم الثابت في الكتاب المطبوع بحيث اصبح بامكان القارئ على الاجهزة التي تعمل باللمس (آي باد) ان يكبر حجم الحرف بالتحكم بتحريك اصبعين فقط، كما يستطيع تغيير لون الحرف، او الخلفية لاراحة العين (الاسود في الليل والابيض في النهار مع التحكم بدرجة سطوع الشاشة وهذه ميزة تتفوق على الكتاب المطبوع».

لافتاً إلى أن «مع تطور هذه الاجهزة اصبحت قراءة الكتب الالكترونية تتم في اي وقت، وفي أي مكان، وبواسطة برامج خاصة تتفاعل مع برامج اخرى على الجهاز نفسه، إذ يمكنك وانت تقرأ كتاباً ما ان تدخل في حوار مناقشة حوله مع صديق آخر على الشبكة، وإرسال نسخة له من الكتاب في اللحظة نفسها بالايميل، او عن طريق برامج الحوارات او شبكات التواصل الاجتماعي.

يرى جبر أن البيئة «الإلكترونية-الرقمية» تتيح للكاتب أن يستفيد بأكثر من عنصر في الكتابة مثل الطباعة والنسخ والتعديل واستخراج الأوراق واستخدام الصور والرسوم والأفلام الإلكترونية والحوارات الصوتية والتعليق من القراء، وكل تلك العناصر أو بعضها يشارك في صناعة النص الأدبي الضوئي أو الرقمي أو الإلكتروني.

ويعتبر أن «الأدب الإلكتروني اختصر الكتابة المطبوعة بالكتابة الرقمية، وصار متفقاً على فهم تعريفه بأنه الأدب الذي يكتب من دون قلم أو حبر أو ورق، ويطبع وينشر ويوزع ويقرأ على الأجهزة الإلكترونية الثابتة أو المحمولة، على عكس الأدب المطبوع، فإن الإلكتروني لا يعني انجاز نص أدبي على الورق ثم نشره او طباعته او توزيعه بوسائل الكترونية لكي نقول إنه الكترونياً، إذ إن الأدب الالكتروني لا يمكن إنجازه خارج المجال الإلكتروني، لأنه يتحقق بواسطة البرامج المعلوماتية، ولا يُقرأ إلا من خلال شاشة الكمبيوتر وعبر تشغيل البرامج».

تصنيفات الأدب

جبر أكد أيضاً أن «منظمة الأدب الإلكتروني أيلو» بصفها منظمة أميركية غير ربحية انشئت عام ‬1999 بهدف الاهتمام والترويج للقراءة والكتابة والتعليم وفهم الادب في تطوره ونموه في بيئة الكترونية-رقمية، صنفت الأدب الالكتروني إلى مجموعة من الأصناف منها الخيال النثري والشعر على صفحات الانترنت والمدونات وموقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، والشعر الحركي الذي يعرض على هيئة ملفات فلاش واستخدام أنظمة تشغيل خاصة.

ويضاف إلى تلك الأصناف أدب الحوارات الفورية والخيال التفاعلي والاعمال التي تأخذ شكل رسائل في البريد الالكتروني أو الرسائل النصية على الهاتف المتحرك، فضلاً عن القصائد والقصص التي يتم إنشاؤها من قبل أجهزة الكمبيوتر إما بشكل تبادلي أو استناداً إلى معايير معينة، ومشروعات الكتابة التعاونية التي تسمح للآخرين المساهمة بنص الكتابة والعروض الأدبية على الانترنت، التي طورت طرقا جديدة للكتابة.

التأليف الإلكتروني

بدأ التأليف الالكتروني ببرامج بسيطة مثل «نوت باد»، وسرعان ما تطورت الى معالجات نصوص، التي تطورت بدورها الى برامج نشر كاملة، (مثل برنامج وورد بنماذج تطبيقية متنوعة للاغراض كافة)، بحسب جبر الذي تابع قائلاً: ظهرت بعد ذلك برامج نشر خاصة للكتب والمجلات والصحف تستخدم الاجهزة الثابتة مثل اجهزة الكمبيوتر الثابتة والمحمولة مثل الناشر المكتبي والناشر الصحافي «بيج ميكر»، «كوارك»، «انديزاين»، «ببلشر».

وتابع جبر أن «خدمة البريد الإلكتروني سبقت ظهور شبكة الانترنت بشكلها المعروف، إذ كان يتم تبادل الرسائل وفق نظام خاص بحيث تكتب الرسالة اليوم ويصل الرد عليها بعد اسبوع بعد ان تدور العالم من خلال نقاط بريدية تتشارك معاً في تقديم هذه الخدمة، وهذا شجع فكرة التأليف الجماعي للنصوص والمواد المعرفية بين اشخاص لا يعرفون بعضهم بعضاً، لكن كان يجمعهم الاهتمام الأدبي ذاته».

ثم جرت محاولات لتطوير هذه الفكرة باستخدام المنتديات والمواقع الثقافية المتخصصة التي ظهرت على شبكة الانترنت لاحقاً بنظام يشبة فكرة البريد الالكتروني، وهي ان يبدأ احدهم كتابة نص ثم يضيف عضو آخر على النص، ثم ثالث وهكذا مع الحفاظ على وحدة الفكرة، ويعتمد التأليف الجماعي اليوم على مشاركة وتعاون اكثر من شخص واحد في تأليف نص، اما من خلال منتدى او موقع ثقافي عام (مجلة ثقافية أو صحيفة الكترونية)، او من خلال الصفحة الخاصة بالكاتب، او تبادل الاضافات والتعديلات بالبريد الالكتروني، أو المساهمة في اعداد مادة لمحتوى نصي لمجموعة مترابطة من المعلومات تجمعها فكرة مشتركة تدور حول موضوع معين في مجالات المعرفة الإنسانية.

لافتاً إلى أن «هناك مؤسسات ومعاهد ثقافية غربية لعبت دوراً في تطوير برامج خاصة بعضها مجاني والآخر يباع بمبالغ زهيدة، تلك البرامج مصممة لتأليف الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات وسيناريوهات المسلسلات والافلام السينمائية، ومع ظهور الاجهزة اللوحية، ظهرت اجهزة بقياسات تراوح بين ‬5-‬7 انشات، وهي اجهزة تتيح للكاتب التأليف باستخدام قلم خاص تماماً كما يفعل في الكتابة على الورق، كما تتيح للفنان ان يرسم ويلوّن كما لو انه يستخدم الحبر والفرشاة».

تويتر