Emarat Alyoum

بحث عن الذات ومكابدات الوطن فـــي «أمير الشعراء»

التاريخ:: 10 مايو 2013
المصدر: إيناس محيسن - أبوظبي
بحث عن الذات ومكابدات الوطن فـــي «أمير الشعراء»

على خلاف المنافسة الافتتاحية لمسابقة «أمير الشعراء»، التي عرضت الأسبوع الماضي وخلت من الإبداع الشعري إلى حد كبير، جاءت منافسات الحلقة الثانية التي اقيمت مساء أول من أمس، على مسرح شاطئ الراحة، متميزة في مستوى الأشعار، مقارنة بالحلقة الأولى، وكذلك في درجة تفاعل الجمهور مع الشعراء وقصائدهم، لتنتهي بتأهل الشاعر المغربي عبدالله آيت الصديق، بقرار من لجنة تحكيم المسابقة التي تضم د.عبدالملك مرتاض، ود. صلاح فضل، ود.علي بن تميم، ليلحق بالشاعر العماني هشام الصقري، كما اصبحت الشاعرة الاردنية مناهل العساف أول عنصر نسائي يتأهل في المسابقة، بعد حصولها والشاعر الموريتاني سعد الهادي على اعلى نسب من تصويت الجمهور، بينما خرج الشاعر المصري أحمد حسن عبدالفضيل.

نتائج ومراحل

تضمنت الحلقة تقريراً حول زيارة الشعراء إلى مسجد الشيخ زايد، قبل اعلان مقدم البرنامج الفنان باسم ياخور، عن تأهل الشاعر المغربي عبدالله الصديق، بينما ينتظر الشعراء الثلاثة التصويت عبر الرسائل النصية، لينتقل اثنان منهم إلى المرحلة التالية من المسابقة حال حصولهم على أعلى نسبة تصويت مُضافة لدرجة التحكيم. لتتواصل منافسات «أمير الشعراء» حيث بقيت ثلاث حلقات من المرحلة الأولى، تستضيف كل واحدة منها أربعة متسابقين، في حين أن إجمالي عدد الحلقات ‬10، تشتمل على مراحل المسابقة كافة. وقد راعت الآلية الجديدة منح وقت أطول للشاعر. أما المرحلة الثانية من المسابقة فتتكون من ثلاث حلقات، يتنافس في كل حلقة خمسة شعراء، وتكون نسبة اللجنة في هذه المرحلة ‬50٪ مع تأهيل شاعر واحد مباشرة للمرحلة اللاحقة، أما نسبة تصويت المشاهدين فهي ‬50٪، ويتنافس بقية الشعراء الأربعة على تصويت المشاهدين طوال أيام الأسبوع للحصول على فرصة.


قصيدة لليندا إبراهيم تثير الجدل

أثارت الشاعرة السورية ليندا إبراهيم، التي تشارك في مهرجان «أمير الشعراء» في العاصمة الاماراتية أبوظبي حالة من الجدل بين نقاد وشعراء، بعد إلقائها قصيدة سياسية اعتبرت فيها أن تركيا تعمل على تخريب بلادها. وانتقدت لجنة تحكيم المسابقة الشاعرة السورية. وقال عضو اللجنة الدكتور صلاح فضل، في بيان أمس، إن الشاعرة قالت في قصيدتها «الروم تعبث بالمدائن.. تذبح النخل الكريم.. وتستبيح معابد النساك»، وفي ذلك، إشارة سياسية واضحة غير محببة». ولاقت القصيدة التي اذيعت على الهواء هجوما على مواقع التواصل الاجتماعي التي قالت إن الشاعرة «موالية للنظام السوري»، وتلقى تأييدا كبيرا من الصفحات المحسوبة على النظام الحالي منذ شاركت في المسابقة.

وليندا إبراهيم مهندسة تكتب الشعر منذ ‬12 عاماً، وتمثلت أولى تجاربها برثائية في جدها، ومنذ أن اختيرت للمشاركة في المسابقة الاماراتية توقعت الوصول إلى هذه المرحلة، لأنها قدمت نصاً جيداً كما قالت، كما أن مقابلتها مع لجنة التحكيم كانت إيجابية. وقالت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، المنظمة للمهرجان، إن الشعراء المتنافسين تأهلوا للمرحلة النهائية بعد تفوقهم على آلاف المتقدمين للمشاركة من دول آسيوية وإفريقية وأوروبية.

جمعت منافسات الحلقة الثانية بين أربعة شعراء هم عبدالله آيت الصديق من المغرب، وعبدالله بيلّا من بوركينا فاسو، وعبدالمنعم الأمير من العراق، وليندا إبراهيم من سورية. وتنوعت قصائدهم بين أغراض مختلفة، فألقى عبدالله الصديق قصيدة بعنوان «مُتْخَمٌ بالأمْنِيَات» تميز فيها بإلقائه المؤثر، الذي اشادت به لجنة التحكيم، وأشاد د. عبدالملك مرتاض بالتصوير في النص، بينما توقف د. صلاح فضل أمام ما يمتلكه الشاعر من لمسة شعبية رقيقة، يحاول فيها تقديم سردية موثقة فيها شعر جميل. من جهته، اعتبر د. علي بن تميم أن القصيدة الحق هي تلك التي تُسمع في العين، وتربك المتلقي بتداخل وظائف الحواس، وأن الشاعر قدم وصفاً حكائياً جميلاً.

وحاز الشاعر عبدالله موسى بيلّا، الذي ينتمي إلى بوركينا فاسو بلد والده، بينما والدته من غينيا، وهو من مواليد السعودية، تفاعل جمهور المسرح بإلقائه المميز وقصيدته ذات الطابع الانساني التي حملت عنوان «محاولةٌ.. للخروجِ إلي»، ورغم توقف د. مرتاض أمام عدد من الاخطاء اللغوية، إلا أنه اعتبره مشروع شاعر كبير، وأثنى د. صلاح على ما لدى الشاعر من القدرة على صياغة عباراته، ومزاوجة كلمات لم يسبق لها أن تزاوجت قبل ذلك. وقال د. علي بن تميم انه اصطدم خلال بحثه عن الفكرة في النص بجدار من التراكيب الملتوية.

وقدم الشاعر العراقي عبدالمنعم الأمير ابن العراق، قصيدة بعنوان «شفاه لسنبلة الكلام»، رأى فيها د. عبدالملك مرتاض مستوى شعرية ثابتاً لا يلين، وهي صفة تحمد في أي نص شعري يُقرأ أو يُلقى. في حين قال د. صلاح فضل: «إنه شعر جهير الصوت، لكنه بليغ إلى أبعد مدى، عارم النبرات، وصل فيه الشاعر إلى درجة من الصياغة المحكمة، والقوة الآسرة في التعبير، وهذا ما تعودناه من شعراء العراق». وأشار د. علي بن تميم إلى أنه عاش مع هذه القصيدة لحظة ساكنة، فهو لا يجد في النص بارقة أمل، على الرغم من أن شعراء العراق مثل العنقاء المتجددة.

ومال الصوت النسائي الوحيد بين متنافسي الحلقة إلى التعبير عن اوجاع الوطن والمنطقة، فقدمت الشاعرة السورية ليندا ابراهيم نصاً بعنوان «مُكَابَدَاتُ المُتنبِّي الأخيرة»، قال عنه د. عبدالملك مرتاض ان العنوان لا يغفل الحقيقة، ذلك أن المكابدات مستمرة عند العرب، والنص استنساخ لنصوص المتنبي في سيف الدولة، وفيه بعض من عبقرية التصوير، ودفق من العاطفة، والكثير من رقة الوجدان. في المقابل، ذكر د. صلاح فضل أنه حين سمع عنوان النص أشفق على الشاعرة من ارتداء عباءة المتنبي، إلى أن بدأت في التحنان الشجي عن عراق الروح. واعتبر د.علي بن تميم أن القصيدة تقدم ومضة شعرية غير مكتملة، ولم تفلح كاتبتها بأن تكون المتنبي، فكان المتنبي في النص قناعاً، لكنه سرعان ما انكشف.