في معرض بمجمع أبوظبي للفنون

البرقع وأبوظبي بعيون مجرية

صورة

رؤية جديدة لمدينة أبوظبي قدمها خمسة من فناني المجر شاركوا في معرض «الفن المجري تحت سماء أبوظبي»، الذي افتتح أول من أمس، في مجمع أبوظبي للفنون «ابوظبي هاب جاليري»، ضمن برنامج الفنان المقيم، الذي يخصص كل شهر لدولة من دولة العالم.

تنوّعت الثيمات والموضوعات التي توقف أمامها الفنانون الخمسة وهم: مارتن تاكاتس، ولوتسا كورودي، وابل تسابو، وايلونا فيتشي وكاتالين فيربتش، وجسدوها في لوحاتهم، فتشابهت في بعض الأحيان، ولكنها اختلفت في الرؤية والأسلوب وتقنية الرسم، بحسب كل فنان.

في لوحات الفنانة كاتالين فيربتش، كان الحضور الأبرز للوجوه التي طالما تفضل الفنانة تجسيدها في أعمالها، ولكن هذه المرة ارتدت الوجوه البرقع الإماراتي التقليدي الذي لفت نظرها بشدة، خصوصاً أنها شغوفه بالملابس التقليدية للشعوب، كما تولي اهتماماً خاصاً بالتفاصيل في كل ما تراه، بحسب ما قالت لـ«الإمارات اليوم»، ولكن اللافت أن فيربتش التي تستخدم خليطاً من الرسم بالزيت والكولاج أقرب إلى «البوب آرت»، رسمت البرقع على وجوه بملامح غربية لتبرز من خلفه عيون زرقاء، ومن يدقق في الصور يدرك بسهولة أنها ملامح الفنانة نفسها، وهو ما أرجعته إلى رغبتها في التعبير عن التقارب بين الشرق والغرب عبر زيارتها لأبوظبي، كما أنها لا تتقيد بالواقع كثيراً في ما تجسده، ولكنها ترسم ما تشعر به. اعتبرت فيربتش أن زيارتها لصحراء ليوا كانت من التجارب التي تركت أثراً كبيراً في نفسها، ولذا جسدتها في جانب من لوحاتها، ولكن أيضاً برؤيتها الخاصة، ومن بينها لوحة لرمال الصحراء يتمدد فوقها وجه فتاة بذات الملامح الغربية وهي تنظر بهدوء ودعة للمتلقي. مشيرة إلى أن هناك الكثير من الأفكار التي استلهمتها من زيارتها لأبوظبي وستكون موضوعاً للوحاتها في الفترة المقبلة.

البرقع أيضاً ظهر في لوحات الفنانة لوتشا كورودي، ولكن بصورة أكثر تجريدية، فهي لا تسعى إلى التركيز على البرقع في حد ذاته، ولكنها تبرز ما خلف البرقع، ولذا بدا وكأنه شفافاً. كذلك كان لجامع الشيخ زايد الكبير نصيب من لوحات كورودي التي جسدتها بطريقتها الخاصة، فاختفت الملامح والأبعاد خلف غلالة شفافة في اللوحات، فكورودي شاعرة أيضاً وترتبط رسوماتها بالشعر ورؤيتها لشعرية التي ترى اللوحات قصائد تكتب من دون كلمات.

عمارة حديثة

الفنان آبل تشابو، فكان أكثر اهتماماً بالعمارة الحديثة التي أثارت انتباهه في ابوظبي، خصوصاً أنها لم تقتصر على الجدة والحداثة، ولكنها اهتمت بتشييد مبان أيقونية تحمل لمسات فنية تتفرد بها على مستوى العالم، من بينها مبنى «الحياة كابيتال جيت» المائل، ومبنى الدار الدائري، حيث جسدهما الفنان بدقة متناهية مركزاً على كل التفاصيل الدقيقة التي قد لا يلتفت إليها الكثير، حتى ان اللوحات تبدو للوهلة الأولى من بعيد مثل الصور الفوتوغرافية. مشيراً إلى أن هناك الكثير الذي يسعى إلى تجسيده في الفترة المقبلة، لأن الوقت لم يكن كافياً لتقديم كل ما لديه في لوحاته، إلى جانب أنه مازال يعيش التجربة التي خاضها في الرحلة، ويحتاج إلى وقت لاستيعاب كل ما مر به وإخراجه في لوحات فنية.

العمارة والشوارع والمباني كانت كذلك موضوع لوحات الفنان مارتن تاكاتس، الذي عرف ببراعته في توصيف العمارة الأوروبية في أعماله، ومن بينها أعمال ضمها المعرض، ظهرت فيها شوارع من باريس ومدن أوروبية أخرى، كما عرض لوحة لابنته الصغيرة وهي داخل شقته مركزاً فيها على تفاصيل المكان بأسلوب واقعي، وعلى الغرار نفسه رسم تاكاتس شوارع أبوظبي كما لو كانت مدينة أوروبية ببعض اللمحات العربية، مجسداً شوارع رئيسة مثل شارع الخالدية، وفي لوحات أخرى توقف أمام مشاهد جانبيه أقل ازدحاما، لافتاً إلى أنه كان حريصاً على التجول في الشوارع ومحاولة الاقتراب من الحياة اليومية للسكان، والحضور البشري في لوحاته لا يأتي مقحماً، ولكن جزءاً من المكان، ويعبر عن روحه ويضيف إليه حياة وحيوية.

بينما عمدت الفنانة إيلونا فينتشي، في لوحاتها لاستخدام تقنية جديدة في الرسم تبدو أقرب إلى الغرافيك، ولكن باستخدام الألوان الزيتية وهي تقوم بذلك من دون استخدام الفرشاة، وكانت الصحراء والحروف العربية من أبرز الموضوعات التي تأثرت بها الفنانة خلال زيارتها لأبوظبي، ولذا طغى اللونان الأصفر والأسود على لوحات فينتشي التي تتسم بالتجريدية الواضحة.

وعرضت الفنانة لوحات رسمتها من قبل بالقلم الرصاص المفضل إليها في الرسم، وفي واحدة من هذه اللوحات جسدت الفنانة الاشجار لتبدو مثل أيدي أطفال صغيرة تلوح لمن يراها، مشيرة إلى أنها ترى الأشجار دائماً في هذه الصورة، كما أنها اعتادت أن ترسم الأشياء كما تراها وليست كما تبدو في الواقع.

في بيتنا لوحة

من جانبه، عبر مالك «مجمع ابوظبي للفنون»، أحمد اليافعي، عن سعادته بالتعرف بشكل أقرب إلى الثقافة المجرية، خلال شهر استضافة الفنانين المجريين في أرجاء المجمع، واكتشف عن قرب كم هي غنية بالفن العظيم والتاريخ العريق، في هذه التجربة التي أقيمت بالتعاون مع السفارة المجرية ومؤسسة زيلوتا المجرية للفنون. وأشاد اليافعي بالنتائج المبهرة من قبل الفنانين والتي استُلهمت معظمها من الثقافة الإماراتية وتنوعت بين الألوان الزيتية والرسوم بالقلم الرصاص، إضافة الى تجسيدهم لقصر الحصن كل حسب رؤيته الخاصة واتجاهه في الفن فقد تابعوا المهرجان المقام بمناسبة بمرور ‬250 عاماً على إنشاء القصر. وأضاف أنه «من الملاحظ أن المكان قد بدأ اكثر في التفاعل مع جميع فئات المجتمع فقد كان حافلاً باستضافة الكثير من ورش العمل الناجحة خلال الشهر الماضي».

ومن المقرر أن يستضيف مجمع أبوظبي للفنون معرضا جماعيا ضخما بعنوان«في بيتنا لوحة» خلال شهر مارس، للفن الأصلي بأسعار معقولة ومناسبة للجميع، حيث لا تزيد أسعار اللوحات على ‬2000 درهم ولا تقل عن ‬500 درهم، وبذلك يكون متاحاً لجميع أفراد المجتمع الحصول على لوحات فنية جديدة، ويشترك في هذا المعرض نحو ‬20 فناناً، على سبيل المثال وليس الحصر: وفاء خزندار وعلا حجازي وجينفير سيمون وأيوب هاميلتون، ويتوقع أن ينهي المجمع شهر مارس بمعرض لفناني دول الخليج العربي من الكويت والبحرين وقطر والسعودية واليمن وسلطنة عُمان.

تويتر