مبدعة «كائنات سقف الغرفة» الفائز بـ «جائزة اتصالات»

نبيهة محيدلي: احترام عقلية الطفل سر نجاحي

سلطان القاسمي يكرّم نبيهة محيدلي. من المصدر

اعتبرت الفائزة بجائزة اتصالات لكتاب الطفل لهذا العام، الكاتبة اللبنانية نبيهة محيدلي، أن وصفة نجاح كتابها «كائنات سقف الغرفة» الصادر عن دار، تكمن في احترام عقلية الطفل، والتأني في صناعة الكتاب، لافتة إلى أن «الفوز بالجوائز ما هو إلا بداية للانطلاق من جديد، وخطوة نحو الطريق السليم في الكتابة». وأضافت محيدلي التي اعتادت الوجود على منصة التكريم، كونها تفوز للمرة الثانية بجائزة اتصالات، إذ فاز من قبل كتابها «أنا أحب» بالجائزة، ل«الإمارات اليوم» أنه «لا توجد وصفة سحرية، أو خلطة من نوع آخر يمكن اتباعها في صناعة كتاب الطفل، ولكن السر يكمن في عشق الكتابة، وتحديداً للطفل، والتي تحتاج الى الكثير من الاهتمام والاحترام والتقدير لهذه الفئة الصغيرة في العمر، والذكية من الناحية العقلية».

بدور القاسمي: «الجائزة» محطة بارزة
قالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، إن «جائزة اتصالات لكتاب الطفل غدت محطة سنوية بارزة للمهتمين بأدب الطفل العربي في أنحاء العالم كافة، وتثبت عاماً بعد آخر عن حجم المواهب الإبداعية التي يحتضنها وطننا العربي، من مؤلفين ورسامين في مجال أدب الطفل من خلال مجموعة الكتب النوعية التي تتقدم للمنافسة على الجائزة»، مؤكدة أهمية وجود العامل التحفيزي والتقديري لأي عمل كان، وخلق روح من المنافسة للحصول على نتاجات ابداعية متواصلة.

واعتبرت القاسمي أن «الأطفال هم الثروات الوطنية الحقيقية التي تمتلكها الأمة، وهم صناع الحضارة، وقادة النهضة، وأدوات التغيير، والتقدم المنشود، لذلك يجب علينا تسليحهم بالعلم والثقافة، وتوفير الأدوات اللازمة كافة للإبداع والتميز، ورسم الطريق السليم للمستقبل، وفي مقدمة تلك الأدوات القراءة والكتاب». وتنافس في النسخة الرابعة للجائزة 58 عملاً أدبياً تنتمي لأكثر من تسع دول.
 وأشادت القاسمي بالتعاون المتواصل مع مؤسسة «اتصالات» من خلال حرصها على رعاية الجائزة للعام الرابع على التوالي، لتؤكد بذلك دورها المجتمعي الفعال والحضاري في عملية البناء والنهضة في البلاد، معربة عن أملها أن تحقق المؤسسة المزيد من التألق في دعم المشروعات الإنسانية والحضارية المتسقة مع مكانتها في الدولة.

تكريم مميز
كرم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، دار الحدائق اللبنانية للنشر، لفوز كتابها «كائنات سقف الغرفة» للكاتبة نبيهة محيدلي والرسام حسان زهر الدين، بجائزة اتصالات لكتاب الطفل في نسختها الرابعة، والبالغ قيمتها مليون درهم.

من جانبه، قال مدير عام اتصالات - الإمارات الشمالية عبدالعزيز تريم، إن «رعايتنا السنوية للجائزة تصب في دعم الارتقاء بأدب الطفل العربي والمساهمة في رسم ملامح مستقبل أطفال الأمة من خلال توفير منتج ثقافي يليق بمستوى تطلعاتنا لمستقبل أفضل قائم على المعرفة، اضافة إلى تكريم الأقلام المبدعة ادراكاً منا لأهمية الدور الذي يطلعون به في حياة أبنائنا العلمية والثقافية والاجتماعية».

 وأشار تريم إلى أن «الاحتفاء بالعمل الأدبي المتميز هو احتفاء بالثقافة، واحتفاء بالروح المبدعة، وهو جزء من الوفاء والتقدير لجهود هذه الفئة القيمة في تطور مسيرة الثقافة والأدب، وهو فوق هذا وذاك تحفيز للمبدعين على مواصلة طريق الإبداع في مختلف ميادين الحياة»

ورأت أن صناعة الكتب تحتاج إلى تأن وعدم استعجال، تحديداً في اختيار الفكرة «إذ إنني أحرص على الجودة، وليس على غزارة الإنتاج، وتكثيف الإصدارات التي قد لا تليق، أو حتى ترقى لعقلية الطفل نفسه، وبخصوص كتابي (كائنات سقف الغرفة) و(أنا أحب) فقد أجريت الكثير من التجارب على النصين، وسبق ذلك اختيار دقيق للفكرة، التي يفترض ألا تكون مكررة أو سطحية».

ولادة
أشارت محيدلي الى أن «اصدار كتاب جديد تعد عملية ولادة، لا يمكن اعتبارها طبيعية، طالما لم ينجح الكتاب، إذ تظل تلك الولادة قيد التنفيذ حتى يرى الكتاب النور، ويحصد جوائز، وهذا تماماً ما حصل معي في الكتابين اللذين انتزعا الدهشة الأولى، ورسما البسمة على أفواه الكبار قبل الصغار، لاسيما أنني أحرص قبل نشر وتوزيع الكتب على قراءتها على مجموعات متنوعة من الأطفال والكبار».

وحول «كائنات سقف الغرفة» أفادت محيدلي بأنه كتاب خاص بالطفل بنسبة 100%، إذ يتناسب هذا النوع من القصص التي تكتبها مع الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين سبع و10 سنوات، وتمتاز هذه الكتب بعمق خاص لا يدركه إلا الطفل نفسه، خصوصاً أنها تنقله إلى عالم مملوء بالفرح والحب والسعادة إضافة إلى التعلم، مضيفة «يخلق (كائنات سقف الغرفة) جواً ممتعاً من خلال انشاء علاقة بين الطفل ومكونات الكتاب، سواء شخصيات أو كائنات حية أو حتى جمادات يستطيع عبرها الطفل توسيع مداركه العقلية، من خلال تلك الحوارات والعلاقات الإنسانية التي تربطه بتلك الشخصيات، فكثير من الأطفال يتعلقون بشخصيات القصة لدرجة أنهم يعشقونها، ويعيشون تفاصيلها، لذلك يعد كتاب الطفل من أصعب أنواع الكتابات التي تحتاج إلى حذر شديد».

حكاية سقف
تابعت محيدلي أن «قصة الكتاب مستوحاة من محيط الطفل، تحديداً من الطبيعة التي يعشقها، إضافة إلى الخيال الذي ينمي مداركه، وتدور القصة حول الطفل كريم ذي السنوات الثماني، الذي تربى في أسرة تعاني فقراً، وحالة معيشية تكاد تكون معدمة تماماً، فالبيت الذي تقطنه الأسرة مشقق، وجدرانه متهالكة، ورغم تأثر جميع أفراد الأسرة بهذا الفقر، إلا ان الطفل الصغير، بطل القصة، يجد متعته الخاصة في هذا الفقر، خصوصاً في الليل. وعندما ينام الجميع ويخلد الطفل إلى فراشه، ويثبت عينيه في سقف المنزل المتشقق، يرسم قصته الخاصة عبر الالتقاء بأصدقاء وهميين تشكلوا من تساقط شقوق السقف، فيرى غيوماً وأعشاباً وحيوانات غابة، وتدور حوارات بينه وبين أصدقائه، الذين يتغيرون يومياً جراء توسع تلك الشقوق». واستطردت الكاتبة «حتى جاء اليوم الذي تمكنت أسرته من توفير المال الكافي لإعادة ترميم المنزل، وبالتالي صبغ السقف، هذا الأمر رغم إسعاده للأسرة، إلا أنه أثار الكثير من الحزن في نفس الطفل الذي حول تلك الطاقة السلبية المكونة إلى تفجير موهبة إيجابية وهي الكتابة، إذ قرر الطفل رؤية أصدقائه على الورق من خلال سرده قصصاً من خياله الخصب». 
أما رسوم القصة التي كانت للرسام حسان زهر الدين، فتكونت لدى محيدلي فكرتها أثناء كتابتها للقصة، غير ان الرسام قام بتجسيد ما تأثر به بعد قراءة القصة، ومعايشة تفاصيلها بالكامل، لتكون قريبة من الواقع، وليس أي واقع، إنما ما قد يشعر به الطفل أثناء قراءة تلك القصة، فجاءت تلك الرسوم مكملة للنص المكتوب، حسب محيدلي التي لفتت إلى أنها تسعى الى ترجمة «كائنات سقف الغرفة» الى أكثر من لغة في حال تلقت عروضاً بذلك، معتبرة أن القصة تستحق القراءة من قبل أطفال العالم.

تويتر