«مسرح هادف لمجتمع بنّاء» تستلهم مبادرات محمد بـــن راشد لدعم «العربية»

«للماء لغة فصيحة».. دراما تنتصر للبيئة والهوية وذوي الإعـاقة

اللغة والقضايا المجتمعية الملحة جمعت رعاة يمثلون جهات رسمية وخاصة ذات اهتمامات مخنلفة. من المصدر

متى ينتصر الإبداع للمجتمع، دون أن يكتفي بالانحياز له؟ وإلى أي مدى يمكن أن يكتسـب العمـل الفني وصف «هـادف»، دون أن يقع في فخاخ التقريريـة المباشـرة، فيغدو أقرب إلى السياق التعليمي الملقن؟ والأهم ما السبيـل الأمثل كي تجتمع جهات مقدرة لدعم مشروع إبداعي فاعل، سواء مادياً أو تنظيمياً وإدارياً وغير ذلك؟ مجموعـة من التساؤلات التي أجاب عنها عمليـاً الكشف عن مبادرة وطنية أطلقتها في قصر الثقافـة بالشارقة، مساء أول من أمس، «جمعية حمايـة اللغة العربية» بعنوان «مسرح هادف لمجتمع بناء»، التي تأتي ضمن سياق دعم حضور اللغة العربية لغة حاضنـة للتواصل المجتمعي والتعبير الإبداعي في الدولة، وفق حركة القرارات التي أطلقها أخيراً، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

بناء مجتمع صحي

لغة الدراما

قال رئيس مجلس إدارة جمعية اللغة العربية بلال البدور، إن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من الانفتاح من قبل الجمعية لتبني مبادرات إبداعية تسعى من خلالها لتدعيم حضور «العربية» لغة أولى وأصيلة للإبداع عموماً، والدرامي منه بشكل خاص، مضيفاً أن «الدراما التلفزيونية بحاجة إلى مزيد من الدعم في هذا الإطار، باعتبارها الأكثر قدرة على الوصول إلى قطاع أعرض وشرائح متباينة من المتلقين».

وأضاف البدور لـ«الإمارات اليوم» «لغة الإبداع هي الأقدر على استيعاب وظائف وجماليات اللغة معاً، والمزج بين الرسائل المجتمعية الهادفة، ومتعة الإبداع يظل ممكناً عند حضور المشروعات الفنية الكبرى التي لا يعيش مبدعوها في سياق منعزل عن واقع المجتمع وتحدياته».

وأبدى البدور تفاؤلاً بتقبل الجمهور لمسرحية «للماء لغة فصيحة»، مضيفاً أن «العمل مبدئياً مشمول بدعم ورعاية مهمين، وهناك توجه بتعميم عرض المسرحية على الكثير من المسارح في مختلف إمارات الدولة، وحال وصولها إلى مرتبة العمل المسرحي المتكامل تبقى ذات أولوية لتمثيل الدولة في محافل خارجية، نظراً لمضمونها المهم على السياقين المحلي والعربي، لأن المسرحية التي تنتصر للعربية تعكس وعياً بقضايا ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى وعي بخطر عالمي متمثل في التصحر والحفاظ على الماء، سر الحياة في الأرض».

الحرص على دعم مشروع إنتاج «للماء لغة فصيحة» الذي يمثل بادرة لسلسلة مشروعات تستلهم شعار «مسرح هادف لمجتمع بناء»، يأتي تأكيداً على أهمية الوعي المجتمعي وحضوره من خلال وجود عدد كبير من الرعاة الحكوميين، وكذلك من يمثلون القطاع الخاص، حيث يتكاتف لإنتاج العمل كل من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، وزارة البيئة والمياه، بنك دبي الإسلامي ممثلاً في مؤسسة بنك دبي الإسلامي الإنسانية، مواصلات الشارقة، مدرسة دبي للتربية الحديثة، شركة سوا للتجارة العامة، فضلاً عن جمعية حماية اللغة العربية.

تبني مشروع المسرحية، وفق السياق الأكثر شمولية الذي يربط بين الإبداع والصالح المجتمعي هو جوهر الانحياز إلى «للماء لغة فصيحة» حسب الوكيل المساعد لوزارةالثقافة والشباب وتنمية المجتمع، رئيس مجلس إدارة جمعية حماية اللغة العربية، بلال البدور الذي كشف لـ«الإمارت اليوم» أن العمل الذي لايزال نصاً ويتم حالياً توفير المقومات الفنية والمادية كافة، من أجل انضاجه مسرحية قادرة على تجسيد فكرة الارتباط العضوي بين الإبداع وبناء مجتمع صحي، يحمل ثلاث قضايا كبرى رئيسة ينتصر من خلالها للمجتمع هي توكيد حضور اللغة العربية لغة قادرة على استيعاب جماليات التعبير الأدائي الدرامي المسرحي، وتنمية الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الماء مصدرا للحياة، في ظل سياق صالح ليس فقط وطنياً بل إنسانياً شاملاً، فضلاً عن العمل على سياق آخر يحمل مفهوماً عملياً في ما اصطلح عليه بمفهوم «دمج فئة ذوي الإعاقة في المجتمع».

رسالة إلى الأسرة

البدور الذي اعتبر العام الجاري هو عام اللغة العربية بامتياز، رغم أن الجمعية مضى على تأسيسها سنوات عدة، أكد أن المشروع في جملته من وحي المبادرات التي أطلقها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتعزيز حضور اللغة العربية، لافتاً إلى أن المشروع الإبداعي ممثلاً في «للماء لغة فصيحة»، يستهدف مختلف شرائح المجتمع من الناطقين بلغة الضاد، قافزاً على محدودية الالتزام بجمهور بعينه تفرضه لهجة ما، كما هو سائد في معظم الأعمال الإبداعية التي تتقيد بلهجة محلية.

مؤلفة النص المسرحي، التي تخوض التجربة للمرة الأولى السعودية ناهد بنت أنور التادفي، التي تزاوج بين عضوية جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، وعضو جمعية حماية اللغة العربية، من جانبها كشفت أن خيوط المسرحية تتمحور حول ثمانية شخوص يدور الحوار بينهم في قالب من الكوميديا الهادفة، مشيرة إلى مثالية فكرة المواءمة بين الفكرة والمضمون بحيث يظل المنتج الإبداعي في مجمله وفياً لتقاليده الفنية، في الوقت الذي يحمل فيه رؤى وأفكاراً مخلصة لمضمونه على نحو واضح.

واعتبرت أنور عملها تظاهرة وطنية واجتماعية موجهة للناشئة والطفولة والأسرة العربية.

من جانبه، قال الدكتور عمار بن حسن عضو جمعية حماية اللغة العربية المنسق الإداري للمشروع، إن جمعية حماية اللغة العربية رأت البدء بهذا المشروع الوطني كرسالة موجهة إلى الأسرة بأن الماء والحفاظ على اللغة كلاهما نبض لحياتنا، منوهاً بأهمية دور الإعلام خصوصاً لتسليط الضوء على هذه التظاهرة الوطنية والتوعوية المهامة.

وأشار الأمين العام المساعد بالهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة خالد المدفع، إلى أن «التصور المبدئي لمشروع (للماء لغة فصيحة) يؤكد أن المسرحية تهدف إلى تعزيز المخزون اللغوي والوعي المائي وتوثيق ركائزهما الإيجابية لدى أفراد الأسر، والتحذير من الأخطار التي تتعرض لها اللغة العربية وأهمية النهوض لحمايتها، إضافة لما تبرزه المسرحية من واجبات الأسرة نحو أبنائها تجاه اللغة العربيـة من منظـور ديني ووطني»، متوقعاً أن تعرّف المسرحية بالدور الكبير والمهم أيضاً في مسألة ترشيد استهلاك الماء وتوعية الأسر بأهمية المحافظة على المياه والطاقة، كما ثمّن سعي المسرحية إلى إبراز دور المعاق في المجتمع على نحو إبداعي غير تقليدي.

تويتر