ماجد بن محمد افتتح معرضاً يضم أعمال 23 مصوراً فـــــــــــــــــــوتوغرافياً

«تقارب».. 80 صورة تختزل الزمن

ماجد بن محمد خلال جولته في معرض «تقارب» الذي جمع أعمالاً لمحترفين وشباب. تصوير: مصطفى قاسمي

افتتح سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، أول من أمس، في مرسم مطر بدبي، معرض «تقارب» للتصوير الفوتوغرافي الذي يجمع أعمالاً لـ23 مصوراً فوتوغرافياً بينهم 18 من الإمارات، وثلاثة من المملكة العربية السعودية، ومصور هندي وحيد قام بالتقاط صورة ذات أبعاد خاصة لبرج خليفة. وأبدى سموه إعجابه بموجودات المعرض الذي يتضمن 80 صورة فوتوغرافية، وأثنى على إبداعات المشاركين، كما استمع سموه إلى وجهات نظر العديد منهم، خلال تفقده الحدث الذي شهد إقبالاً ملحوظاً سواء من المهتمين بفن التصوير الفوتوغرافي، أو وسائل الإعلام المختلفة.

ويجمع «تقارب» بشكل ملحوظ بين أعمال مصورين محترفين، وآخرين لا يزالون في مستهل تجاربهم الفنية، وكأن أعمال المعرض تختزل الزمن بين جيلين فنيين. إلى جانب العديد من الأسماء الشابة، ضم المعرض أعمالاً لفنانين مخضرمين، منهم الفنانان د.جاسم العربي، وسعيد الشامسي، وآخرون. حالة من الابتهاج والاعتداد بالإبداع يسهل أن يلاحظها المتحاور مع الفنانين الشباب، الذين وقف كل منهم بالقرب من أعمالهم المشاركة، ساعين إلى التقاط انطباعات المدعوين عنها. وعلى الرغم من تعدد الرؤى الفنية باختلاف عدسات الفنانين المشاركين، فإن ثمة خطوطاً عامة تتعلق بالمحتوى تجمع بين معظمها في ما يتعلق بالمصورين الإماراتيين الذين انشغلوا بصياغة تعابير جمالية عن الوطن، طغى على بعضها استثمار مفردات الطبيعة الثرية، فيما التقطت أخرى نماذج من التطور العمراني والحضاري، وحمل بعضها أيضاً انطباعات ورؤى ذاتية خالصة مع اختلاف الفكرة والجو النفسي الذي يسود أعمال كل فنان.

هموم وحياة

لا مسافات

تجاوز الفنانون الشباب والمخضرمون غاية المعرض الفني في إحداث تقارب بين جيلين في فن التصوير، على إقرار اختزال المسافات بشكل عملي، وذابت التجارب الأكثر حداثة حينما تقاربت مع أخرى كلاسيكية لمصلحة مشهد فني يصبغ المعرض بمخيلة شديدة الخصوصية احتفظت في الوقت ذاته بشخصية عدسة كل فنان على حدة. الفنان المخضرم سعيد الشامسي رغم ذلك أكد أن الجيل الجديد في حاجة ماسة رغم ذلك إلى التركيز على محتوى يبدي إخلاصاً أكبر للفكرة الواحدة الأصيلة في المجموعة الفنية الواحدة. وأوضح الشامسي، أن «الفكرة التي تلح على الفنان يجب استغراق معالجتها من مختلف الزوايا والتصورات الممكنة»، وقال «حددت موضوعي عن المالوية، وعلاقة فردها بتلك الحركات المرتبطة بالطقوس الخاصة للمجموعات البشرية، وكنت أعتزم السفر إلى دمشق، لكن الوضع الأمني دفعني للسفر خصيصى إلى تركيا، وقمت بتنسيق دقيق من أجل التقاط صور عدة ترصد علاقة طقوسهم بحركة دورانهم العجيبة». وأكد د.جاسم ربيع العوضي، أن تواتر المعارض والمسابقات الرسمية لفن التصوير خلق تداخلاً واختزالاً للمسافات بين الجيلين بالفعل، مشيراً إلى أنه عمد إلى استرجاع فكرة إضفاء ألوان على الأعمال الكلاسيكية المشارك بها، فيما له دلالة على تداخل التقنيات الفنية تماماً كما تتداخل التجارب والخبرات في المعرض». وأضاف العوضي «لا قيود مطلقاً الآن على الفنان عموماً، وفن التصوير الضوئي خصوصاً، الذي يمر بأزهى عصوره، لاسيما على الصعيد المحلي، ويستطيع الفنان بكل سهولة أن يزاوج بين الاتجاهات والتقاليد المختلفة».

الفنانة الشابة أحلام الأحمد انشغلت في مجموعتها التي وصلت إلى خمس صور بهموم المرأة، فذهبت لتصوير وجه شقيقتها من زوايا متعددة، لكنها راحت في كل مرة تستخدم ساتراً قماشياً يحوي طلاسم حروفية، ولا يسمح إلا برؤية جانب وحيد منه، لتصل في الصورة النهائية لوجه كامل الملامح، بصيغة أقرب إلى الحكاية المستعينة بأدوات التشكيل اللوني.

المصورة ميثاء بنت خالد التي حصلت أخيراً على جوائز عدة، باتت تمتلك أسلوباً فنياً مميزاً، وربما لم يكن من الصعوبة بمكان أن يتم الربط بين النمط الفني للصورة ومحتواها من جهة، وبين هوية ملتقطها، في ما يتعلق بخمس صور أيضاً شاركت بها، من خلال إصرار على تتبع نبض الحياة في محيط يبدو للوهلة الأولى غير حيوي، وهو ما يلفت الانتباه في التقاطها لشجرة يانعة باخضرار صريح، وسط صحراء شاسعة قاحلة.

ما يزيد على الساعة، حسب ميثاء، اضطرت لأن تقضيها متتبعة علاقة جمل بصغيره، من أجل أن تلتقط صورة حميمية، تبدو فيها انحناءة عنق الجمل بمثابة طاقة أو «دريشة» يطل منها الأخير على عالمه، قبل أن تعود في صور أخرى لاهتمامها بمفردات العمارة الإماراتية، ممثلة بالتقاط صور مميزة للشبابيك والأبواب بنمطها التقليدي المعروف. التقنية أوصور للحياة من دبي الحديثة حاضران معاً هنا في أعمال الشاب عارف سعيد حارب، الذي تتبع مسيرة نجوم على مدار كاميرا مثبتة لساعات، وقام بدمجها مع مفردات أرضية أخرى منها ما يتعلق بالبيئة الشعبية وأخرى بالبيئة الصحراوية، عبر لقطات لم تحتج فقط لكاميرا متطورة تقنياً بقدر ما احتاجت لمخيلة شابة تلتقط جدة الفكرة.

الفنانة السعودية الشابة ديمة المشيقح جاءت خصيصى من المملكة من أجل المشاركة بصورتين فقط في المعرض، إلا أنهما لفتتا أنظار رواد «تقارب» في يومه الافتتاحي، فمن خلال نموذج لنظارة مقلوبة استوعبت كامل المشهد، راحت تنفتح عدستها على بهاء الطبيعة وثرائها واخضرارها، فيما التقطت الأخرى التفاتة عميقة لغزال بري بالأبيض والأسود، تبدو كأنها تضج بانفعالات لا متناهية تختلط ما بين الحزن والاستسلام لمخاوف مجهولة. «من الموت حياة»، رسالة حاول الفنان الشاب خليفة المهيري أن يبثها عبر التقاطه صورة عصفور محلي مستقر على أعلى جذع نخلة منكسرة، تأخذ الشكل الهندسي لرقم «ثمانية» بالحروف الهندية التي اعتدنا استخدامها في معظم الأقطار العربية، وهي صورة التقطها في إمارة رأس الخيمة، ليحذر من جهة اخرى من مخاطر السحب الجائر للمياه الجوفية ومخاطره على البيئة الطبيعية، لكنه انفتح في صورة أخرى على مشهد اعتاده في مدينة مانشستر الذي أتم دراسته الجامعية بها، ترتبط بظلاله حينما كان يقصد معارض فنية يراها شديدة الأهمية، في حين أن المكان يبدو دائماً خالياً من الرواد.

مجسمات

بمجموعة صور أطلق عليها عنوان «الرغبة» راح حمدان بطي الشامسي يرصد عبر ملامح شخص يطل من مجسمات تحاكي صيغة «لعبة الورق»، رغبة الكثيرين في امتلاك حظوظ وأقدار غيرهم، وبعد أن التقط المهيري عشرات الصور، راح يختار خمساً منها فقط ليعبر بتلك الانفعالات غير المستقرة التي يحملها الوجه المتبدل عن مآسي وتشوهات غياب فضيلة الرضا.

الوقوف عند أعمال الفنانة الشابة علا اللوز يمثل مساحة جمالية شديدة التنوع، فبعد أن شاركت اللوز في معرض الصور الذي استضافته مؤسسة العويس بمجموعة صور ذات فكرة وحيدة، بأسلوب أقرب إلى الإلحاح على بؤرة ضوئية واحدة، راحت عنها تتنوع في أفكارها المشاركة، لتلتقط صوراً شديدة الخصوصية لعلاقة جماليات دبي الحديثة بمياه الخليج، وأشعة الشمس، في صورة خلابة تجمع ما بين برج خليفة ونخلة جميرا وأشعة الشمس الذهبية، التقطتها بواسطة «طائرة مائية» استأجرتها في حديقة خور دبي، فيما جذبها رصد تلاصق وتزاحم أرجل جمال مشاركة في مهرجان «مزاينة الإبل» في أبوظبي، لتطل الشمس في علاقة أخرى هنا أيضاً، ولكن مع الرمال المتناثرة هذه المرة.

تويتر