في ندوة «الآخر في الرواية الخليجية»

العدواني: المجتمع الخليجي لديه وعي حادّ بالآخر

العدواني: المجتمعات المتطورة تكتب الرواية والعالم الثالث يكتب القصة. من المصدر

قال أستاذ النقد والنظرية في جامعة الملك سعود بالرياض د. معجب العدواني إن المجتمعات الأكثر تسامحا في شبه الجزيرة العربية، كانت أسبق إلى إنتاج الرواية، ففي التجربة السعودية كانت منطقة الحجاز أقدم الأماكن التي تناولت الرواية لأنه الإقليم الأكثر قبولا للآخر، حيث يتقبل الناس من شتى لغاتهم وصورهم، كما كان سببا لأول عمل روائي ونسائي في السعودية، مشيرا إلى ان الرواية من الأجناس الأدبية التي لابد ان تخلق آخر، إذ من مواصفات العمل الروائي ان يكون حواريا.

وأوضح العدواني أن المجتمع الخليجي لديه هذا الوعي الحاد بالآخرين ويجيد النظر إليهم، ولكن يظل، مهما حاول الانسان ان يكون منصفا، يقع في خطأ ما، فكما العدل يعني العدول كما يعني الإنصاف، وكذلك قد يحمل التعامل مع الآخر كلا المعنيين، مشيرا خلال المحاضرة التي نظمتها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، مساء أول من أمس، تحت عنوان «الآخر في الرواية الخليجية.. إدراك الذات في نص العدد»، بالمسرح الوطني في أبوظبي، إلى أن العرب كانوا أكثر انفتاحا وميلا لإقامة علاقات مع غيرهم من الأمم، لكن نتيجة لعوامل مختلفة مثل الاستعمار وممارسات النظم السياسية وافتقاد الحريات، اتجه العربي للانكباب على ماضيه ما جعل الثقافة العربية تتوقف عن النمو، وتعود إلى التراث حتى في الرواية باعتبارها المكان الأكثر أمنا. واستعرض العدواني المواقف المختلفة التي اتخذتها الرواية الخليجية من الاخر، معتمدا في ذلك على بعدين الأول يتصل بمهمة الرواية والذي يكشف عما يقترفه التعامل مع الآخر، والبعد الثاني يتصل بالإيمان بمهمة النقد التي تتجلى في الكشف عن الأعمال التي تدعم هذا الاتجاه أو ذاك. موضحا ان الرواية الخليجية انقسمت إلى ثلاث مجموعات: الأولى نصوص تشير إلى الظاهرة ولا تكشف ولا تحفز على تفكيكها، وتجعل العلاقة مع الآخر علاقة تماثل واستدعاء، ويندرج تحت هذه المجموعة معظم الأعمال الروائية التي تطرح هذه الثيمة بصورة متواترة، لتشكل امتدادا موسعا لمعالجة الآخر. وتتضمن المجموعة الثانية نصوصا تشير إلى الظاهرة وتحفز على تفكيكها، من بينها رواية «رجل من بنقلاد» للكاتب السعودي سيف الإسلام بن سعود، و«ريحانة» للكاتبة الإماراتية ميسون القاسمي. في حين تتجه روايات المجموعة الثالثة إلى تفكيك الآخر وحضوره في المجتمع، من بينها رواية «لأني أسود» للكاتبة الكويتية سعداء الدعاس، ورواية «أما بعد» للكاتب الكويتي ايضا محمد المريجب.

وفي استعراضه روايات المجموعة الأولى، كانت الجواري هي الصورة الطاغية للآخر في الامثلة التي استعرضها، لافتا إلى ان هذه الروايات اشارت إلى ان الجواري في النهاية يتمكن من الوصول لقمة الحياة الاجتماعية والاستمتاع بحياة القصور من خلال انجاب طفل لسيدها، معتبرة ان الجارية بذلك تحصل على حريتها، مشيرا إلى ان هذا الطرح ينسل من تراثيات الثقافة العربية.

أيضا توقف المحاضر أمام روايات المجموعة الثالثة، والتي تقوم بالنقد بنفسها، مثل رواية سعداء الدعاس «لأني أسود»، وهي رواية نقدية حيث يكشف السارد الأوضاع الاجتماعية في العالم كله، والمجتمع الشرقي على وجه الخصوص، دون ان يسلم من النقد تيار أو عرق على حساب الآخر، مع انتقاد الافكار المسبقة في النظر للآخر.

وأشار د.معجب العدواني إلى ان هناك دراسة بريطانية أفادت بأن المجتمعات المتطورة تكتب الرواية بمعدل يفوق دول العالم الثالث او الدول النامية، بينما تميل المجتمعات النامية إلى كتابة القصة القصيرة أكثر. لافتا إلى ان البنيات السردية لا تتشكل بناء على ثيمة معينة، لكن بناء على قدرة المبدع على اقتناص هذه الثيمة ومعالجتها.

وعن علاقة الرواية بالسيرة الذاتية للكاتب؛ استشهد العدواني بمقولة الكاتب المصري نجيب محفوظ «كل عمل فيه بعضي»، إذ يقوم الكاتب في بعض الأحيان بكتابة سيرته الذاتية، أو سيرة أحد معارفه أو أصدقائه ممن يرى ان حياتهم تصلح للكتابة، معترفا بأن كثيراً من الروايات العربية هي سير ذاتية لأصحابها.

تويتر