بالتزامن مع الاجتماع الــ 17 لوزراء ثقافة «التعاون»

مثقّفون يطالبون بــ « ثورة ثقافـــــية »

وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون مطالبون بالتفاعل مع الشباب ومتغيرات العصر. تصوير: إريك أرازاس

دعا مثقفون إماراتيون وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون إلى العمل على تفعيل آليات العمل الثقافي المشترك، وعدم الاكتفاء بوضع توصيات مكتوبة لا تترجم في النهاية إلى خطوات إيجابية على أرض الواقع، معتبرين أن الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية في الوقت الحالي تتطلب مزيداً من الاهتمام بالثقافة العربية، والعمل على نشرها بين قطاعات المجتمع المختلفة خصوصاً الشباب.

كاتب حارب الظاهري:

«آمل ألا يتـــوقف الأمر على عــقد الاجتمــاعات، وأن تخرج هـــذه الاجتــماعات برؤيـــة تشــرك المثـــقــف في صنع القرار».

كاتب إبراهيم مبارك:

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/428322.jpg

«أمنياتنا سهلة ومحدودة، فنحن لا نطالب بالمستحيل، ورغم ذلك نجد أن هناك صعوبات في تحقيق هذه المطالب الفقيرة».

شاعر خالد الظنحاني:

 

«يجب الاهتمام بالثقافة كإحدى وسائل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، التي تسعى الإمارات ودول الخليج لتحقيقها».

باحثة شيخة الجابري:

«أطالب بأن تتفق آراء وزراء الثقافة على إعادة الروح إلى مركز التراث الشعبي لدول الخليج، وأن يعود معه ذلك الزخم التراثي».

وتعددت مطالب المثقفين في إجاباتهم عن السؤال الذي طرحته «الإمارات اليوم» بمناسبة الاجتماع الدوري الـ17 لوزراء الثقافة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد في فندق ياس بالعاصمة أبوظبي صباح أمس، بمشاركة وزراء الثقافة في دول المجلس، ورئاسة وزير الثقافة الإماراتي عبدالرحمن العويس، «ما الذي يطلبه المثقفون من وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون؟».

في إجابته عن السؤال؛ دعا رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات - فرع أبوظبي، الشاعر الإماراتي حارب الظاهري، إلى وضع خطة مدروسة لاستيعاب الثقافة الخليجية، وإعداد مخرجات جيدة للشعوب من خلال المنظومة الثقافية، «فالتغيير عندما يحدث لابد أن يكون للثقافة والتثقيف يد فيه».

بلا جدية

عبر الظاهري عن أمله في ألا يتوقف الأمر على عقد الاجتماعات وتظل حبراً على ورق، وان تخرج هذه الاجتماعات برؤية تعمل على إشراك المثقف في ما يتم اتخاذه من قرارات باعتباره المعني الأول بها، مشيراً إلى أنه سبق أن نادى المثقفون في مناسبات مختلفة بضرورة التواصل بين الشعوب في الخليج، بحيث لا تقتصر العلاقات بينها على الجانب الرسمي، ولكن هذه المطالبات لم تفعل، ويبدو أنه ليس هناك مجال للاستماع إليها.

ونبه الظاهري إلى أن الفعاليات الثقافية التي يتم تنظيمها على المستوى الخليجي تنقصها الجدية، معتبراً ان الاهتمام بالرياضة في المنطقة يفوق الاهتمام بالثقافة التي تبدو كأن ليس لها حضور. كما لفت إلى غياب الدعم لاتحادات الكتاب والأدباء، وعدم الاهتمام بإظهار المثقف الخليجي، وغياب الرؤية التي تحقق التواصل بين المثقفين الخليجيين. وشدد الظاهري على ضرورة تفعيل ما يتم طرحه من أفكار وتوصيات، والتوقف عن تجاهل المثقف والثقافة.

مطالب عدة

بينما يرى الكاتب الإماراتي إبراهيم مبارك، ان هناك الكثير من المطالب التي يطالب بها المثقف، من أبرزها الاهتمام بالشأن الثقافي، والمزيد من حرية القلم، إلى جانب إنشاء مكتبات عامة في مختلف المدن والمناطق، والاهتمام بمكتبات المدارس وتزويدها بكتب مناسبة لعقليات الطلبة وأعمارهم بدلاً من الكتب الموجودة بها، معرباً عن أمله في ان يتم بحث انشاء هيئة أو صندوق مخصص لدعم الكتاب ومساندة أصحابه من خلال تلقي كتابات الكتاب والمبدعين في كل دول المجلس، والعمل على طباعتها ونشرها، حيث يعجز كثير من أصحاب الكتب عن طباعتها وتوزيعها على نطاق مقبول.

ودعا مبارك إلى الاستماع إلى تجارب وأصوات الشباب، «فالتغيير يأتي دائماً ممن هم خارج السلطة، أما المرتبطون بجهاز حكومي فلا ننتظر منهم تغييراً، لاعتيادهم على الروتين ومن الصعب ان ننتظر منهم أكثر من المتوقع، في كل الأحوال لابد من الانتباه إلى ان هناك تغيرا حادثا، وان العالم لم يعد جاهلا، فالعلم يتطور بسرعة أكبر من السرعة التي نتحرك بها بكثير». وأضاف «هي أمنيات وأحلام سهلة ومحدودة، فنحن لا نطالب بالمستحيل، ورغم ذلك نجد ان هناك صعوبات في تحقيق هذه المطالب الفقيرة».

مركز التراث الشعبي

مجال آخر تتجه إليه مطالب الشاعرة والباحثة شيخة الجابري، التي عبرت عن أملها في ان تتفق آراء وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون على إعادة الروح إلى مركز التراث الشعبي لدول الخليج، وان يعود معه ذلك الزخم التراثي الذي كان يتمثل في هذا المركز باعتباره مؤسسة متخصصة تكرس الوحدة الخليجية على المستوى الثقافي، وتجميع الموروث في دول الخليج بما يمنح المواطن شعوراً بوحدة هذه الدول، لأنه يعود إلى الأصول التي تجمع بينها.

واستطردت: «أتمنى ان يعود المركز، ولا أشك في ان كل دولة من دول المجلس ترحب باستضافته، خصوصاً ان كل دولة لها جهودها القائمة بذاتها في مجال التراث المادي واللامادي، ويجب أن يكون هناك نوع من المتابعة والحرص على الوجدان الخليجي بكل ما فيه من مفردات، وهو ما يعطي مؤشرات إلى عمق دول الخليج في التاريخ، ويكثف من قيمة العلاقات الانسانية والثقافية». لافتة إلى «ضرورة ايجاد فعل ثقافي مشترك لدول المجلس بعد ان أصبحت فعالية مؤسسات العمل المشترك الثقافية مثل مؤسسة الانتاج الخليجي المشترك، وبعد إغلاق مركز التراث الشعبي، غير ملموسة بالقدر الكافي، كأن تنظم مشاركات جماعية باسم دول المجلس في المعارض الفنية الخارجية، أو تنظم ورش عمل لتدريب الكوادر الشابة، وغير ذلك من الأنشطة التي نحتاج إليها لتكريس الصورة الابداعية للمنطقة، خصوصًا أن معظم العاملين في هذا المجال يعتمدون على الجهود الفردية التي لا تدوم، فهي وليدة لحالة أو قدرة فردية، وفي كثير من الأحيان تعجز عن الاستمرار بسبب ارتفاع تكلفة الترويج للسلعة الثقافية الخليجية، وضعف امكانات المبدعين في المقابل».

بادرة خير

أعرب الشاعر والإعلامي خالد الظنحاني، عن أمله في ان يكون اجتماع وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون بادرة خير، وحجر أساس لقمة ثقافية على مستوى دول العالم العربي، وهي القمة التي كانت هناك وعود بإقامتها من قبل ولكن لم تتحقق حتى الآن، موضحاً ان هناك تراجعاً في مستوى الثقافة في الوقت الحالي، رغم أنها من أساسيات التنمية في الدول، لذا يجب الاهتمام بالثقافة كإحدى وسائل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تسعى الإمارات ودول الخليج إلى تحقيقها، فكلما تطورت الثقافة، ارتقى المجتمع، وارتقت الدولة بالتبعية.

وتمنى الظنحاني أن تشهد المنطقة الخليجية «ثورة ثقافية» تقوم على العديد من الآليات من بينها تنظيم عمل أو مهرجان ثقافي ضخم يجمع المؤسسات الثقافية الخليجية، ويضم مختلف أنواع وأشكال التبادل الثقافي، وأيضاً العمل على التنسيق بين المؤسسات الثقافية في دول المجلس. «هناك لجان في الأمانة العامة للمجلس نتمنى تفعيلها لخدمة الثقافة العربية، والعمل من أجل المزيد من التواصل وتبادل الزيارات والخبرات حتى يتكامل العمل الثقافي، ويستفيد الجميع».

خطاب شبابي

الشاعرة ميرة القاسم ربطت بين الأحداث الراهنة في الدول العربية، وبين ما تفرضه هذه الاحداث من متطلبات ثقافية ملحة، لافتة إلى أن هذه الأحداث تشير إلى ان هناك جيلاً جديداً من الشباب لديه أفكار مختلفة، ويتعامل مع وسائل غير تقليدية للتواصل واكتساب الأفكار والثقافات، مثل الانترنت ومواقع التواصل وغيرها، لذلك بات على المؤسسات الثقافية العربية والخليجية العمل على تطوير خطابها الثقافي، وآليات هذا الخطاب الذي تسعى من خلاله للتواصل مع مختلف فئات المجتمع، كما أصبح من المهم السعي للوصول إلى هؤلاء الشباب في أماكن تجمعاتهم كالنوادي والمدارس، والتخاطب معهم بأسلوب يتناسب مع عمرهم وطريقة تفكيرهم، بعيداً عن الخطاب الثقافي التقليدي بما يتضمنه من جفاف حيناً، أو تعقيد أحياناً.

ودعت القاسم إلى تحقيق المزيد من التنسيق بين المؤسسات الثقافية المختلفة في دول المجلس بما يصب في مصلحة العمل المشترك في النهاية، والعمل على تبني المبادرات الابداعية والفكرية للشباب، لخلق صف ثانٍ وثالث من المثقفين القادرين على التواصل مع العالم، وتقديم صورة إيجابية لدول مجلس التعاون.


وزراء ثقافة «التعاون» يدعون إلى الاستجابة لطموحات مبدعي المنطقة

خلال الجلسة الختامية لوزراء ثقافة «التعاون». تصوير: إريك أرازاس

دعا وزراء الثقافة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى اتخاذ القرارات التي تستجيب لطموحات المفكرين وأهل الثقافة في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي، كما دعوا إلى اتخاذ قرارات تترجم تطلعات أصحاب السمو قادة دول المجلس لترسيخ قيم الثقافة العربية والإسلامية بين أبناء أوطانهم، وتحقيق ما أقروه من استراتيجية ثقافية تعنى بنشر الثقافة العربية والإسلامية بين مواطني دول المجلس والانفتاح على الثقافات المتعددة الأخرى، والإفادة من أوجه الإيجابيات والتطور فيها.

واختتم الوزراء اجتماعهم الدوري الـ،17 أمس، برئاسة وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عبدالرحمن بن محمد العويس، في فندق ياس بالعاصمة أبوظبي. بينما استمرت اجتماعات وكلاء وزراء الثقافة على مدى خمسة أيام لبحث القضايا الثقافية المختلفة.

و قال العويس «إنه لجدير بنا ونحن نلاحظ ما تعيشه امتنا العربية في بعض أجزائها من ظروف، ان نسأل الله لها أن تتجاوزها، ونشكره تعالى على ما أنعم به علينا من نعمة الاستقرار والأمان؛ بفضل قادة دولنا وما يكنونه من حب لشعوبهم وحرص على تأكيد التلاحم بين القيادة والشعب؛ مما هيأ لنا حياة كريمة ومنجزاً حضارياً». مؤكداً أن «تطلعات قادتنا كبيرة وحرصهم على تحقيق المزيد من التنمية لرخاء الشعوب واضح وجلي، وهذا ما نلمسه في توجيهاتهم المستمرة لتقديم كل ما هو في مصلحة مجتمعنا الخليجي، معتبرين إنسان المنطقة هو الجوهر وهو العنصر الأساسي في التنمية، كما أن طموحات المثقفين في بلادنا الخليجية وآمالهم معلقة علينا لإقرار البرامج والانشطة التي تضيف إلى منجزنا الثقافي، والتي تهيئ للأجيال فرص الوعي المعرفي، والعمل في إطار من متطلبات العصر وتحدياته، فعلينا أن نعمل على إقرار البرامج غير التقليدية وأن نواكب تطلعات الشباب والاعتناء بطموحاتهم».

ودعا العويس المجتمعين للقيام بمراجعة شاملة للبرامج المعتمدة مستلهمين الأهداف والرؤى الواردة في الاستراتيجية الثقافية، التي صادق عليها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي لتكون البرامج وفق معطيات العصر ومتطلبات الساحة الثقافية».

وألقى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني كلمة دعا فيها إلى «تفعيل الدور الثقافي في المجتمع، واستهداف شعوب دول المجلس بما يعزز الهوية الثقافية، إذ إننا بحاجة إلى ثقافة عصرية جديدة تمد الناشئة والشباب بالقوة والمنعة والقدرة على مواجهة متطلبات العصر والحياة ومواكبة الحضارة المعاصرة، وبحاجة إلى تفعيل دور المجتمع المدني والأهلي للعمل في إطار العمل الثقافي».

وفي أعقاب اجتماع مغلق، كرمّ الوزراء نحو 12 مبدعاً من أبناء دول مجلس التعاون في مختلف المجالات الأدبية والفنية والفكرية، فمن الإمارات العربية المتحدة تم تكريم الكاتب الصحافي ناصر الظاهري، والمؤلف المسرحي إسماعيل عبدالله، ومن مملكة البحرين الموسيقي جاسم محمد جاسم بن حربان، والفنان التشكيلي إبراهيم محمد بوسعد، ومن المملكة العربية السعودية الكاتب المسرحي سامي بن عبداللطيف الجمعان، والروائية رجاء عالم، والشاعر والباحث هلال بن سعيد بن محمد الحجري، والناقد محسن بن حمود بن محسن الكندي من سلطنة عمان، ومن قطر المصور محمد عبدالرحمن المناعي، والمؤلف المسرحي حسن عبدالله رشيد، ومن الكويت الشاعرة جنة عبدالرزاق القريني، والأديب والموسيقار علي زكريا الأنصاري. وقام الوزراء أيضاً بجولة في معرض إصدارات ومقتنيات وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.

وأوصى الوزراء المجتمعون الدول الأعضاء بتنفيذ الأنشطة الموضوعة ضمن الجدول الزمني المسبق حتى انتهاء العام الجاري، منها تنفيذ مهرجان الفنون الموسيقية في دولة الكويت خلال الفترة من 15 إلى 19 نوفمبر ،2011 وملتقى الفنون البصرية في المملكة العربية السعودية والمقرر إقامته في الفترة من 9 إلى 19 أكتوبر ،2011 وإطلاق المهرجان السينمائي بدولة قطر بالنصف الثاني من ديسمبر المقبل. على أن تقوم كل دولة بتقديم تقرير خاص عن النشاط الذي تنفذه.

ووافق وزراء الثقافة على تصور تنفيذي لمقترح بإقامة الأيام الثقافية لمنظومة مجلس التعاون في تركيا على أن يتم مناقشة محاور الفعاليات مع الجانب التركي. مع التوصية بالتعاون مع رابطة دول الآسيان، وإقامة الفعاليات الثقافية المتنوعة وتبادل نسخ المخطوطات بين الجانبين، وتبادل الخبرات الفنية والعلمية في مجال حفظ وترميم وصيانة المخطوطات والوثائق، إضافة للمشاركة في معارض الكتب ومناقشة إقامة نشاط ثقافي مشترك خلال عام .2014

واطلع المجتمعون على التوصيات الخاصة بمناقشة العلاقات الثقافية مع العالم الخارجي، ودول الاتحاد الأوروبي وإمكانية تنفيذ مجموعة من المقترحات منها إقامة أسبوع ثقافي خليجي ضمن منظومة دول المجلس خلال .2016

كما قرر المجتمعون تأجيل ملف التعاون مع روسيا الاتحادية للاجتماع القادم للجنة الثقافية العامة. على أن تقام الأيام الثقافية في جمهورية الصين الشعبية خلال عام ،2015 في الصين. كما أوصى الاجتماع بتحديد موعد لعقد اجتماع يناقش «إحصائيات الثقافة»، بين إدارة التخطيط بالشؤون الاقتصادية وإدارة الإحصاء بالأمانة العامة واللجنة الثقافية العامة بدول المجلس لإحاطة الدول الأعضاء بالجديد.

تويتر