كتاب الطفل يتحدى التكنولوجيا

الأشكال المبتكرة للكتب تعزز حب القراءة لدى الأطفال. تصوير: إريك أرازاس

أكد ناشرون ومديرو تسويق في دور نشر متخصصة في كتب الاطفال في معرض أبوظبي للكتاب أهمية تظافر كل الجهود، لاكمال مسيرة إصدار كتب ومجلات الاطفال العربية، بما يجعلها قادرة على مواجهة التحديات والمتغيرات في عصر التكنولوجيا الحديثة الذي نعيشه. وكانت ثقافة الطفل في العقود الأخيرة من القرن العشرين واجهت عددًا من المتغيرات والتحديات، اهمها منافسة الإنترنت للكتاب لما يتضمنه استخدامها من تفاعل بين الشاشة والطفل، ما أثّر في الاقبال على شراء الكتب الورقية، وفق ناشرين، اشاروا الى وقوع دور النشر في مأزق بين وجوب ترسيخ قيمة الكتاب، وجانب مادي يتلخص في البحث عن طرق ابتكارية لجذب الطفل وتحبيب الكتاب إليه. وعلى الرغم من كل تلك التحديات تواصل دور النشر المتخصصة طباعة كتب للأطفال، ومحاولة تعزيز مكانتها في ظل المتغيرات المتسارعة في وجود التقنيات الحديثة.

7 نصائح

1- استخدام أسلوب الرسوم المتسلسلة «استربس» في كتب الأطفال، مع الحرص على أن نقدم للطفل نصا متكاملاً، لا تكون فيه الرسوم بديلاً عن العبارات والألفاظ.

2- استخدام أساليب الإخراج الصحافي، خصوصاً التوسع في استخدام العناوين بمقاسات الحروف المختلفة، والتوسع في استخدام الصور الفوتوغرافية مع الرسوم الملونة، وتقديم الموضوع الواحد بأساليب مختلفة، مع استخدام أشكال لاخراج صفحات جذابة.

3- أن يتناول الكتاب أكثر من موضوع واحد، وبذلك يشارك في الكتاب الواحد أكثر من مؤلف وأكثر من رسام، لتحقيق نوع من التنوع. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، أجزاء موسوعة «المعرفة» التي كان كل جزء منها يتناول عددًا متنوعًا من الموضوعات.

4- صدور سلاسل من الكتب بصفة دورية، ما يعزز عنصر التشويق لدى الطفل.

5- احتواء الكتاب على بعض الأنشطة، مثل الكلمات المتقاطعة، وإكمال بعض الرسوم أو تلوينها، والمتاهات، على أن تكون مرتبطة بموضوع الكتاب، وذلك حتى يكون هناك تفاعل ومشاركة بين الطفل وموضوع الكتاب.

6- تقديم بعض الرسوم الكاريكاتيرية أو ما يشبهها من أساليب تضفي روح المرح على جو الكتاب.

7- تحفيز الطفل على القراءة من خلال مكافأته عند انجاز قراءة مجموعة من القصص.

استمرارية

قال مدير عام التسويق في دار الفاروق في مصر، عماد الدين إبراهيم، إن «الدار تنتهج سياسة الترجمة وليس التأليف، وهذا من شأنه مواكبة ما هو موجود في كتب الاطفال في العالم التي مازالت موجودة ومقروءة في دولها». وأضاف أن «التحدي صعب للغاية، لكن الكتاب يظل له نكهته الخاصة، وما على الدور إلا ان تبتكر كل ما هوجديد وجاذب للطفل كي توطد العلاقة بينه وبين الكتاب»، مشيرا الى ان الاستمرارية في انتاج الكتب ونشرها اهم نقاط القوة في مواجهة الثورة التكنولوجية وحضور الانترنت والكتاب الالكتروني.

من قسم التسويق في دار الرواد من الاردن، قال طارق خان حول مواجهة الدار لمغريات شاشات الكمبيوتر «قبيل قرار نشر اي كتاب للطفل، نقوم بعملية بحث كبيرة كي نرى ما يهواه الاطفال ويحرصون على وجوده في منازلهم». وأضاف «تتم المناقشة بعد ذلك مع المؤلفين الخاصين بدار النشر وطرح العناوين المقترحة، وبذلك نكون حققنا جانبا من رغبة الطفل في طرح موضوعات مفضلة لديه»، مشيراً الى ان اقبال الطفل على استخدام الكمبيوتر جعل الدار تُلحق بالكتب اقراصاً مدمجة تحكي القصة نفسها، لكن من خلال قراءتها عبر الكمبيوتر، مضيفاً ان «مواجهة الواقع ضرورة للاستمرار في تقديم كل ما هو جديد ولافت».

ابتكار

من دار النهضة العربية من لبنان، قال حسام شقير «في الماضي لم يكن لدينا مؤلف مختص، لذلك لجأنا الى الترجمة، لكن في ما بعد استطعنا ان نثير موهبة المؤلفين ولم نعد نترجم، وكان هذا انتصارا». واضاف «اليوم نعيش تحديا من نوع آخر، يتمثل بما تقدمه الثورة التكنولوجية من مغريات، حتى باتت جزءا من حياة الطفل في المنزل والمدرسة، ما جعل دور النشر المختصة بكتب الاطفال تعيد صياغة عملها، من خلال تقديم كل ما هو عصري، وهذا ما نفعله».

وأكد شقير ان «لا شيء ينافس قيمة الكتاب، ولو كانت الثورة التكنولوجية تهدد بقاءه لتوقف في الدول المتحضرة»، مستشهداً بموقف حصل معه شخصياً «كنت جالسا في مقهى في باريس، اتصفح الكمبيوتر المحمول، لكنني عندما نظرت حولي، انتبهت الى انني الوحيد في المقهى الذي يحمل هذا الجهاز، بينما الآخرون يجلسون ومعهم كتبهم، فأيقنت ان العلاقة بين الكتاب والانسان لا يمكن زعزعتها ابدا».

مؤلفة كتب الاطفال اللبنانية المقيمة في الامارات، هلا خوري، قالت «كانت كتب الأطفال أقل من ست سنوات تعتمد في معظمها على الصور التي تجاورها كلمات قليلة، وكان يطلق عليها كتب الصور»، مشيرة الى أن هذه الكتب لم تكن تتيح للطفل أن يتعامل معها إلا بحاسة البصر، فلم تعمل على ترسيخ حب القراءة لديه.

واضافت ان «الكتاب لن ينتهي عمره مع الثورة التكنولوجية، لان له خاصية لا يمكن ان يستشعرها الطفل مع شاشة الكمبيوتر وهي لمس الاوراق ورائحة الكتاب، ما يبني علاقة عاطفية لا ينتهي اثرها بسهولة». ودعت المؤسسات الى مواصلة جهودها في الحفاظ على مكانة الكتاب، بوصفه مصدراً للمعرفة والمتعة والمرح ايضاً، من خلال الابتكارات التي تزيد من حاذبية اقتناء الكتب مع الحفاظ على القيمة المعرفية له.

آباء وأمهات

كثير من الكتب المعروضة تقترب من الألعاب، فهي تتجسم، وفيها أجزاء تتحرك، أو تصدر عنها أصواتا أو موسيقى أو رائحة، اضافة الى إمكانية تحقيق مشاركة الطفل. كما انتشرت كتب بصفحات من القماش او البلاستيك، خصوصا الشفاف، حتى يستطيع الطفل تكوين صور جديدة أو ألوان جديدة عندما تنطبق صفحة على أخرى.

هذا ما لفت انتباه (أم زايد) التي تحرص على تشجيع ابنائها على قراءة الكتب. لكنها قالت «اشعر بالغضب عندما ارى ابنائي يهتمون بتصفح المواقع الالكترونية اكثر من تصفحهم الكتب، لذا احرص على ان آتي معهم كل عام الى معرض الكتاب، ولفت نظرهم الى الاشكال الجديدة التي يقدمها الناشرون، والمقترنة بقصص جميلة تشجع على القراءة»، مؤكدة أن الابتكارات الجديدة للكتب نجحت فعلاً في اثارة اهتمام ابنائها.

والحال ايضا مع (ابي فهد) الذي يبهر شخصياً من اشكال كتب الاطفال الجديدة، «في ايامنا كان الابتكار فقط في الصور المرفقة او الرسومات، اما الآن فالكتب تنطق وتلمس وتشم، ما يغريني شخصيا على اقتناء البعض منها لأواكب متطلبات العصر»، مؤكداً حرصه على ان تعزيز علاقة اطفاله بالكتاب، على الرغم من اهتمامه الكبير بالكمبيوتر.

تويتر