يديرون حوارات عن خصوصية المكان ويتعرفون إلى أعـــــــلام الثقافة

المتطوّعون.. الإمارات فــــي مهرجان «الآداب»

المتطوعون: مهرجان «الآداب» أدخلنا كواليس عوالم الإبداع الأدبي. تصوير: أسامة أبوغانم

«هذا المبنى هو المقر الجديد لإحدى أهم المؤسسات الثقافية في إمارة دبي، وأمر ببنائه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تقديراً منه لدور الثقافة في النهضة الحضارية الشاملة للدولة، فيما يشير الشكل الهندسي الذي يتبدى في أكثر من ملمح إلى أحد حروف اللغة العربية التي تأتي في مقدمة كلمة ندوة، ليكون الحرف دلالة على كيان ندوة الثقافة والعلوم، أما البناء الكلي فمستوحى من تصاميم البراجيل والقلاع التراثية التي تعد أحد أهم أشكال الموروثات في فنون العمارة والهندسة والبناء».

الفقرة السابقة هي جزء من حديث طالبة متطوعة استثمرت فترة الاستراحة للتواصل مع بعض الضيوف، لشرح معالم المكان الذي يستضيف جوانب من فعاليات مهرجان طيران الإمارات للآداب، في دورته الثالثة المستمرة حتى يوم غد الأحد.

الحضور الإيجابي لمتطوعين من فتيات وشباب جامعيين في أيام المهرجان الثلاثة الأولى على وجه الخصوص، وانخراطهم في أعمال ومهام محددة، لم يمنعهم من التعبيرلـ«الإمارات اليوم» عن حالة انبهار بالفعل الثقافي، والانجذاب السريع لعوالم الأدب، رغم أن كثيراً منهم جاء بالأساس لأهداف تطوعية تهدف إلى دعم مهرجان مهم ضمن المشهد الثقافي الإماراتي، ما جعلهم بمثابة وجه إماراتي حاضر ولافت بالنسبة لمهرجان رواده من 27 دولة، بعضهم يزور الدولة للمرة الأولى.

جاهزة للقيادة

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/366776.jpg

قالت الطالبة شيخة المقبالي إن استمرار تنسيقها بين مجموعات طلابية من أجل القيام بمهام تطوعية جعلها، حسب شهادات المحيطين بها من أساتذة ومسؤولين، تبدو كأنها تخطّت مراحل التدريب واستقاء الخبرات العملية التي يفترض أن تتلقاها عقب التخرج، مضيفة «تندهش أسرتي حينما أضعها في صورة عروض لمشروعات إعلامية وإدارية تلقيتها بالفعل، وأقابَل من زملائي وزميلاتي بتعاون تام يتخطى حساسيات إدارتي لمهام التطوع رغم كوننا في السن ذاتها».

واضافت «قال لي بعض اساتذتي في الجامعة إن الخبرة العملية التي استقيتها من تلك المشاركات، لا تقل أهمية عن الأخرى الأكاديمية، بل إن ثمة عبارة سحرية أسمعها دائماً من عميد الكلية، د. عطا عبدالرحيم، تجعلني أكثر تطلعاً لبدء حياتي العملية فعلياً، حيث يقول لي دائماً إنني أصبحت بناءً عليها جاهزة لقيادة مشروعات إعلامية حقيقية».

وكشفت المقبالي أن هذا الدعم الذي تحصل عليه من خلال إتاحة المجال لها للمشاركة المجتمعية الفعالة، كان بمثابة المفجر لإمكاناتها، مضيفة «هناك الكثير من المشروعات الإعلامية التي أضحت جاهزة امام مسؤولين في القطاع الإعلامي بالدولة، بعد ان أصبح الجميع يقدر الطاقات والمواهب والإمكانات الطلابية، من دون أن يحول افتقاد عنصر الخبرة دون الحصول على فرص مشروعة».

انتماء الكثير من المتطوعين إلى كلية واحدة، هي كلية الإعلام والاتصال الجماهيري في جامعة الجزيرة لم يحل دون تنسيقهم مع زملاء لهم من كليات أخرى، وبدا الجميع يتحركون بطريقة واعية تتخطى بساطة الضيافة والترحيب بالضيوف، وصولاً إلى نسج حوارات حقيقية مع بعضهم، والتعريف ببرامج المهرجان المختلفة، وصولاً إلى شرح موجز عن ذاكرة المكان وخصوصيته في ما يتعلق بندوة الثقافة والعلوم، وموقعها على شواطئ دبي المطلة على الخليج العربي، بل والإحالة ايضاً إلى قامات شعرية وادبية محلية وعربية.

عميد كلية الإعلام وعلوم الاتصال بجامعة الجزيرة بدبي، عطا عبدالرحيم، أكد ان مبادرة الطلاب والطالبات للاشتراك في هذا الحدث ذاتية وتحمل قيم الاستشعار بالمشاركة المجتمعية في المقام الأول، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم» أن «إحدى وسائل قياس التقدم الحقيقي للأمم والشعوب هي المشاركة المجتمعية، خصوصاً من فئات عمرية في حالة نضوج فكري كما هو الأمر بالنسبة لشرائح طلبة وطالبات الجامعات، وهي حقيقة تتفاعل معها كليات الإعلام خصوصاً، كون خريجيها يصبحون على تماس يومي مع نبض المجتمع بفعل طبيعة وظائفهم المستقبلية، لذلك فإن طلبة (الجزيرة) سيقومون عقب الاشتراك بمشروعات تتعلق بإعادة ترتيب أوراق تلك الفعالية من وجهات نظر مختلفة تتعلق بكل منهم».

وكخلية نحل رصدت «الإمارات اليوم» حركة نحو 16 طالباً وطالبة، يعملون بتنسيق شديد في ما بينهم، تتولاه بشكل رئيس زميلتهم شيخة المقبالي التي أصبحت وجهاً مألوفاً في المشاركات التطوعية بالنسبة للإعلاميين، مضيفة «نسعى جميعاً إلى رسم صورة الوطن الذهبية بمختلف تجلياتها المشرقة من خلال كلمات موجزة نتواصل بها مع رواد الحدث. تبدأ فكرة التطوع عادة من خلال رصد بيبلوغرافيا الأحداث المهمة التي لا تخلو منها في مساحة زمنية ما نهارات دبي ومساءاتها، لكن الاختيار يميل دائماً لمصلحة الفعاليات التي من الممكن أن تشكل رسالة إلى الآخر، وتمنحه معلومات حقيقية عن حجم الازدهار والتنمية والرقي الذي نحياه سلوكاً يومياً في شتى المجالات، وهي رسائل لا يمكن إلا أن تصل من خلال التواصل الحقيقي مع أبناء الوطن، وليس فقط إعداد برامج مثالية في ما يتعلق بموضوع المهرجان أو المنتدى أو المؤتمر، يغيب فيه عن الآخر رصد السلوك الإماراتي ممثلاً باحتكاكه مع شباب وفتيات الوطن الناضجين». واضافت المقبالي «لم تعد زميلاتي يشعرن بأي حرج عندما يتطوعن في مثل تلك الفعاليات المهمة، بل الوعي المجتمعي المتنامي بأهمية العمل التطوعي جعلهن يحظين بدعم وتشجيع من الأهل، وهو الأمر الذي يسهل كثيراً من مهام حشد الطاقات الشبابية لهذه الأحداث، وتحولنا إلى قوة حقيقية فاعلة في إنجاح مختلف التظاهرات والمهرجانات التي نشارك فيها».

المتطوعة سمية محمود من الكلية نفسها أكدت، شأن الكثير من المتطوعات، أنها تحضر أمسية شعرية أول مرة، مضيفة «كانت أفكار حضور الفعاليات الثقافية يكسوها شيء من الجمود، لكن الأمر اختلف بالنسبة لي بعد مشاركتي الأولى في حدث ثقافي، ورغم أن الأعمال التي يتم تكليفي بها في ضوء تنسيق الجهد التطوعي بيننا لا تتيح الكثير للاستمتاع بالفعاليات، إلا أنني تعرفت للمرة الاولى إلى بعض ملامح المشهد الثقافي من خلال هذا المهرجان».

الشقيقة الأخرى لسمية، وهي الطالبة منى محمود، أكدت ايضاً أن المهرجان أتاح لها الانفتاح على عوالم جديدة، مضيفة أن طريق التطوع سيصبح رافداً اساسياً في حياتها في المرحلة المقبلة، بعد ان اكتشفت أنه يختزل بشكل عملي معارف كثيرة تتعلق بممارسة العمل الإعلامي الذي هو في صلب تخصّصها، وهو الرأي الذي وافقتها فيه أيضاً زميلاتها سارة سيف، وميعاد عبدالجليل ووسام الماطري، مؤكدات أن خدمة المجتمع ايضاً وعكس واقع الفتاة الإماراتية كانا من الأسباب الرئيسة وراء تطوعهن، مؤكدات جميعاً حالة الانبهار بعوالم الأدب بعيداً عن قصر التعاطي معه بين دفات الكتب ووسائط الإعلام، وتجاوز ذلك إلى التواصل مع الأدباء على اختلاف صنوف إبداعهم في المسميات والصالونات الأدبية.

الطالبان إسحاق العبيدلي ووسام الماطري اللذان ينتميان ايضاً لكلية «الجزيرة» نفسها، هما أيضاً من الوجوه المألوفة في مجال الفعاليات والمهرجانات الدولية التي تقام بالإمارات، يحملان وجهة نظر متقاربة في ما يتعلق بأهمية المشاركة الطلابية في الأحداث المهمة، وفيما يؤكد العبيدلي تأثير مشاركاته التطوعية في تنمية علاقاته الاجتماعية ومهاراته في التواصل كطالب في كلية متخصصة في العمل الإعلامي، فضلاً عن كون تلك المشاركة إحدى المحاولات الرمزية لرد الجميل للوطن، فإن الماطري يؤكد أن الاهتمام الشخصي بحقل بعينه يجب ألا يغفل المتطوع عن أهمية استعداده للمشاركة في فعاليات وتظاهرات دولية تنتمي لمجالات متباينة، مشيراً إلى انه لا يفرق في خياراته التطوعية بين مجالات الأدب والثقافة والفنون، ومجالات الطب والرياضة والاقتصاد، وغيرها من مختلف النشاطات التي تزخر بها الفعاليات في الدولة، مؤكداً في السياق ذاته انبهاره بتواصل الأدباء من مختلف دول العالم على طاولة مهرجان طيران الإمارات للآداب.

تويتر