وفيق الخطيب: نسعى إلى اتفاقات مؤاخاة مع ملتقيات عالمية

«بينالي الشارقة للأطفـال» يترجم ثقافات الشعوب

المشاركون في «بينالي الأطفال» عبروا عن بيئاتهم. تصوير: مصطفى قاسمي

قال مشرف عام الفنون في مراكز الأطفال والفتيات في الشارقة، وفيق الخطيب، ان «الفن لدى الأطفال لغة، وليس مجرد وسيلة تعبير»، مضيفاً ان «الفن مترجم ثقافي لحياة الشعوب وعاداتها وقيمها وتقاليدها»، وموضحاً ان «بينالي الشارقة للأطفال» يعتبر ملتقى لحرية الطفل والاطلاع على ثقافات المشاركين من مختلف دول العالم، كما ان البينالي الذي يعد الأول من نوعه في دول الخليج العربي يتيح الفرصة للمنافسة وتعزيز مواهب الأطفال، مشيراً الى طموح البينالي بإبرام اتفاقات مؤاخاة وصداقة مع الملتقيات المثيلة في العالم.

وفي الدورة الثانية للبينالي، الذي تستمر فعالياته حتى 31 ديسمبر المقبل، في متحف الشارقة للفنون، شارك اطفال من عمر ست الى 18 سنة، من 42 دولة، من بينها الإمارات، ودول عربية اخرى، اضافة الى مشاركات من دول اجنبية. وعبرت اعمال الأطفال في الرسم والخزف وطباعة الـ«باتيك» والحفر عن ثقافات شعوب متنوعة، بلغة بصرية تتميز بالفطرية، وكشفت في جوانب منها عن الطبيعة التي تميز بلدان المشاركين، علاوة على احلام الأطفال والأزمات التي عايشوها واثرت فيهم. كما اوضحت اعمال مشاركة البيئات المتعددة للمشاركين، القروية والبحرية والمدنية، علاوة على العلاقة العائلية، والملامح المميزة للوجوه والنباتات، وملامح من العمارة الخاصة ببلدان المشاركين، والأزياء التقليدية. وكما عبرت اعمال فنية عن طموحات المشاركين واحلامهم، كشفت اعمال اخرى عن رؤية اطفال لنزاعات شهدوها او تأثروا بها عبر وسائل الإعلام، خصوصاً التلفزيون. وكان خيال الأطفال طليقاً وهم يلونون بألوان حارة غالباً، وكذلك وهم يبدعون اعمال الطباعة والخزف.

وأضاف الخطيب لـ«الإمارات اليوم» ان الدورة الثانية للبينالي التي افتتحت في الرابع من نوفمبر الجاري شهدت مشاركة 42 دولة، من بينها الإمارات ودول عربية اخرى واجنبية. ويضم 1250 عملاً فنياً، اختارتها لجنة الفرز من بين 4500 مشاركة وصلت الى ادارة البينالي. وبلغ عدد الفائزين في البينالي 110 مشاركين من دول عدة.

ويشمل البينالي الثاني الذي تستمر فعالياته حتى 31 ديسمبر المقبل، فنون الرسم والـ«باتيك» وطباعة الحفر على الـ«لينوليوم» والمواد البديلة. وقال الخطيب ان «بعض المواد التي يصعب ان يتعامل معها الطفل، جرى تطويع الخامات من خلال استخدام بدائل لتتوافق مع قدرات الطفل، وكانت النتائج رائعة، كما يتيح البينالي للطفل المشارك استخدام مواد متعددة، تأكيداً على حريته في التعبير الفني».

الفن لغة

آن ستيوارت: الفن أساس الانفتاح على العالم

اكدت أستاذة السياسة العامة بجامعة نيويورك في ابوظبي، الدكتورة روث آن ستيوارت، ان الفنون اساس الانفتاح. وقالت «من الرائع تنمية مهارات الأطفال وتشجيعهم على التعلق بالفن في مثل هذه السن المتقدمة ليصبح الطفل أكثر انفتاحاً على العالم». واعتبرت بينالي الشارقة الدولي لفنون الأطفال فرصة جيدة لدراسة تطور الفن من خلال اللوحات المشاركة من 42 دولة حول العالم، كما أثنت على إتاحة الفرصة أمام ذوي الاحتياجات الخاصة للمشاركة وتكريم اللوحات الفائزة منها.

وكان وفد من جامعة نيويورك في أبوظبي، ضم عدداً من الأساتذة والطلاب، زار امس معرض بينالي الأطفال في متحف الشارقة للفنون. وأعربت ستيوارت عن تقديرها للاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة للثقافة والفنون «اللتين تعدان مظهراً من مظاهر الحضارة، حيث يعد الموروث الفني لأي حضارة جزءاً مهماً من إسهاماتها الإنسانية». وثمنت مبادرة حرم صاحب السمو حكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، بتنظيم البينالي، ما يعد دلالة بارزة على الدور الثقافي والتنموي الذي تلعبه إمارة الشارقة ودولة الإمارات، واصفة البينالي بـ«العمل الرائع والفكر السامي».

وقال أستاذ التاريخ في الجامعة، الدكتور مارك سويزلاكي إن «البينالي تجربة رائعة حيث نرى مستقبل الفن يتشكل من خلال إبداعات الأطفال، فناني المستقبل»، مضيفاً «من الرائع مشاهدة كل هذه الأعمال الفنية من مختلف دول العالم في مكان واحد». وأوضح أن «الأعمال الفنية، على الرغم من بساطة خطوطها، تحمل مدلولات مهمة، وقراءة مختلفة للحياة لا يتقيد فيها الأطفال بالمعايير الفنية السائدة، كذلك تعكس اللوحات ارتباطهم ببيئتهم وما تحتويه من مشاهدات»، ولفت إلى أن «الفن لا يعكس فقط الحضارة وإنما يؤرخ أيضا للشعوب». أما الطالب ناويل روسا من الأرجنتين، ويدرس العلوم السياسية، فعبّر عن سعادته عندما شاهد أعمال الأطفال الفنية من بلاده وراح يحكي لزملائه من خلال اللوحات عن الأرجنتين. وقال إن «الأطفال عكسوا بشكل دقيق ثقافتهم وحياتهم اليومية من خلال اللوحات، معتبراً الفن وسيلة مهمة لقراءة الشعوب حضارياً وسياسياً أيضاً». وقالت بثينة البلتاجي من السعودية، التي تدرس الأبحاث الاجتماعية في الجامعة، ان «طريقة الأطفال العفوية والصادقة في التعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم رائعة، بعيداً عن الحسابات وتجميل الصورة التي يلجأ إليها الكبار، فهم يرسمون مجتمعاتهم كما يرونها ويعكسون قيمهم المجتمعية ببساطة من دون تعقيد». الشارقة ــ الإمارات

حول تمييز اعمال الأطفال وكشف اي تدخلات للكبار فيها، اشار الى ان لفنون الطفل خصائص، واي دارس لسيكولوجية الطفل يستطيع معرفة خصائص مراحله في التعبير. وقال ان «الفن لدى الطفل لغة، وليس وسيلة تعبير فقط، ووفقاً للمعايير نستطيع قراءة اعمال الطفل؛ اي لغته»، موضحاً ان تحديد مستوى الأعمال يقوم على تقييم اسس تتضمن فكرة العمل الفني وعناصره ومدى وضوحها، وتكوين العمل، اي طريقة توزيع العناصر فيه، اضافة الى الابتكار.

وأشار إلى ان لجنة التحكيم في البينالي تساءلت حول بعض أعمال الخزف المشاركة من مراكز الأطفال والفتيات في الشارقة، ولذلك اعد المخرج محمود ابوالعباس فيلماً بعنوان «أنامل ناعمة تغزل الطين» لتوثيق مراحل انجاز الخزف في المراكز، مؤكداً ان «الفيلم اثبت ان الأطفال انفسهم ابدعوا اعمالهم من دون تدخل، وبذلك تأكدت اللجنة من صدقيتها، اذ جاءت النتائج متطابقة مع مستوى المشاركات في البينالي».

وأوضح ان مراكز الأطفال في امارة الشارقة تعلم الموهوبين تقنيات للخزف والحفر تتوافق مع قدرات الأطفال، وتكون نتائجها الفنية عالية المستوى.

فئات

تضمن البينالي أعمالاً للمشاركين، من بينهم أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ضمن اربع فئات عمرية، الأولى لعمر ست الى ثماني سنوات، والثانية من تسع الى 12 سنة، والثالثة من 13 حتى 15 سنة، والرابعة من عمر 16 الى 18 سنة. وتم تقسيم الجوائز الى ثلاثة مراكز، ذهبية وبرونزية وفضية، اضافة الى جوائز تشجيعية.

عن بداية فكرة الملتقى الدولي لفنون الأطفال والفتيان، قال الخطيب ان «بينالي الشارقة الدولي لفنون الأطفال الذي ينظمه المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، جاء بتوجيهات من قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، واهتمامها بإبداعات الأطفال وتعزيز مهارات الموهوبين في الفن التشكيلي»، مشيراً الى «تحقق البعد العالمي في البينالي، عبر معاييره والمشاركات من مختلف دول العالم»، إذ شهد مشاركة محلية وعربية واجنبية، وأضاف عن اهداف بينالي الأطفال، انه «يهدف الى اطلاع الأطفال على ثقافات متعددة، إذ إن الفن مترجم ثقافي لعادات الشعوب وتقاليدها وبيئاتها، وبالتالي يتاح للطفل ممارسة الفن باعتباره لغة، والاطلاع على تجارب من دول متعددة»، مؤكداً ان البينالي يطمح الى مزيد من التطوير، ونسعى الى اتفاقات مؤاخاة مع ملتقيات فنون الأطفال الأخرى في العالم.

غزل الطين

قال المخرج محمود ابوالعباس انه بناء على ايعاز مدير عام ادارة مراكز الأطفال والفتيات في الشارقة، احسان مصبح السويدي ومديرة المراكز بضرورة توثيق فعاليات المراكز، وللتأكيد على صدقية الأعمال التي ابدعها الأطفال، من دون تدخل الكبار فيها «قمنا بتصوير فيلم بكاميرا من وضعية ثابتة يوثق مراحل ابداع الأطفال اعمالهم الفنية، ومن بينها الخزف، وسجلت الكاميرا عمل مجموعة من الأطفال في مراكز المنطقة الشرقية خلال ورشة للخزف، اظهرت مهاراتهم مباشرة، اثناء مراحل العمل»، بدءاً بالتخطيط الأوّلي للقطعة الخزفية والتعامل مع عجينة الطين وطلائها ووضعها في الفرن.

واضاف ان «الفيلم اظهر تطابق انتاج الأطفال خلال الورشة مع نتاجهم الذي شاركوا فيه في البينالي، ما يؤكد صدقية اعمالهم وعدم تدخل الكبار بإبداعاتهم من جهة، ويضمن حقوق الأطفال في التعبير الحر»، مشيراً الى ان الفيلم جاء بعنوان «انامل ناعمة تغزل الطين»، ومدته 15 دقيقة.

وكان البينالي الأول في العام ،2008 وهو الأول من نوعه على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، والثاني عربياً.

شاركت في بينالي الأطفال الأول 24 دولة، وشمل فنون الرسم وطباعة الباتيك والخزف، ووصلت 3500 عمل فني شارك منها 1500 بعد فرز الأعمال.

تويتر