19 عملاً لـ 3 فنانين عراقيين في «مـيم غالـيري» بدبي

الفن يرصد أحزان العـراق

الأعمال مستمدة من ذكريات الماضي وواقع العراق الحالي. تصوير : مصطفى قاسمي

ليست الأعمال التي قدمها الفنانون العراقيون المشاركون في معرض «الفن في العراق اليوم» في جزئه الثاني، الذي افتتح أخيراً في «ميم غاليري» في دبي، بعيدة عن واقع العراق الحالي بمآسيه وأحزانه، وكذلك الماضي وجمال ذكرياته. ولا تكتفي لوحات كل من غسان غائب، وكريم ريسان، ونازار يحيى، بإظهار الحنين الى الماضي والذكريات التي تكون مغلفة بأمل بغد أفضل، بل تصور أيضاً الترحال والمعاناة المتجسدة في صراع من اجل إعادة بناء الوطن، تماماً كالطير الذي يعيد بناء عشه حين تهدمه عاصفة هوجاء.

وقدم الفنان غسان غائب سبعة أعمال، كان منها ست لوحات تشكيلية، حرص من خلالها على تصوير رؤيته للعراق، وما يحمله من ذكريات جميلة، وكذلك تجسيد الواقع المأساوي الذي أجبر الناس على الرحيل وترك البلد. وقد حول غائب لوحاته الى رواية عنوانها «مطرود من الجنة»، تحكي كيفية رحيل الطير عبر الامكنة لعله يتمكن من بناء مسكنه من جديد، فبعد الترحال والفوضى التي ابتكرت في هذا البلد، لا يمكن أن يبقى من المكان سوى ذكريات تحث على اعادة الوقوف، ولاسيما مع الذكريات الجميلة. وجمع غائب في لوحاته التي استخدم فيها خامات متعددة بين التشكيل و«الكولاج»، فأدخل الكثير من المواد على أعماله، كما قدم الى جانب اللوحات مجسماً عبارة عن شجرة تتدلى منها «الصرر» في رمزية لتجسيد رحيل الناس وترك الوطن. كما كانت ألوانه هادئة، تجمع بعض القوة والصرامة في اللوحات الدرامية.

توثيق

الفنان كريم ريسان وثق الحرب العراقية بعلاقتها مع البشر، فهو لا يعرض الاثر دون أن يربطه بالوجوه والتعبير الانساني الذي يعتبر جزءا أساسيا في العمل الفني لديه. وقد اعتمد ريسان في لوحاته التي تندرج تحت عنوان «جدران الحرب» الألوان الهادئة المليئة بالحنين، لإجراء حوار بين المباشرة والمجاز في الرسالة الفنية، فابتكر حواراً بين خيال خلفياته الفنية التجريدية، وترجمته الواقعية لأحداث بلده. وتعبر أعمال ريسان عن رؤيته للحياة، والفن الذي يجب أن يكون وسيلة تعبير وتوثيق تذكر الناس بما يدور من أحداث في العالم. وعلى الرغم من انه يحاول إظهار ما احدثه الاحتلال في العراق، فهو لا يخفي حنينه الى الجدران القديمة والمنازل، التي أحيانا تكون خير شاهد على ما يحل بالناس الذين يتركون تعابيرهم عليها قبل ان يغادروا ويمضوا.

في المقابل، شكل جمال طبيعة العراق المرتكز الأساسي لأعمال الفنان نازار يحيى العراقي المقيم في أميركا، وهي مشروع بعنوان «آه دجلة»، إذ يأخذ المتلقي في رحلة الى دجلة بجماله وأسماكه، ويبرز كيف تحول جماله الى مشهد دموي، حيث بات مكانا محاطا بالدماء والتلوث. ويعتمد يحيى الحركات التكرارية في لوحاته الأكريلية المرسومة على الكانفاس فوق الاوراق الصينية، ليؤكد أن حركة الحياة التي تمتد من الماضي الى الحاضر ثم المستقبل، لابد أن ترسم واقعا جديدا ومختلفا، علما انها لا يمكنها أن تمحو حقبة مازالت عالقة في أذهان كل العراقيين. وكان لافتاً استخدام المادة الخارجة عن اللوحة كجزء من اللوحات، فعمد إلى وضع الحصى الى جانب لوحة «في حب دجلة»، وكذلك الاوراق المقصوصة، والمايكروفون الى جانب اللوحة التي صور فيها الشاعر العراقي الجواهري.

الفن في العراق

يعد هذا المعرض الذي افتتح بمشاركة ثلاثة فنانين بعنوان «الفن في العراق اليوم»، ويستمر حتى 12 ديسمبر المقبل، الجزء الثاني من المعرض الذي وضع فكرته ونسقه الفنان العراقي ضياء العزواي. وقدم الجزء الأول من المعرض بمشاركة ثلاثة فنانين أيضاً. كما سيكون هناك جزء ثالث لإظهار الفن العراقي، ويشارك فيه هيمت علي، وعمار داوود، ودلير شاكر، وسيفتتح في فبراير المقبل.

وقال الفنان غسان غائب، وهو الوحيد الذي حضر افتتاح المعرض، إن «الأعمال التي قدمتها تعتبر تجربة حياة مريرة وصعبة، وكذلك جميلة، وبالتالي عملت في مشروعي (مطرود من الجنة)، على تصوير رحلتي في خروجي من بلدي، وكيف رفض قبولي في السويد لأسباب لا اعرفها، وبالتالي حملت معي الكثير من الذكريات الجميلة عن بلد طبيعته مميزة».

وأكد ان المشروع يعمل عليه منذ سنوات، وهو مختلف عن أعماله المعهودة ولهذا صور مشاهد من الطبيعة.

واعتبر أنه بوصفه فناناً غادر العراق لكن لايزال العراق يعيش داخله، فكل أعماله مستمدة الجذور من الماضي.

وحول ارتباط الاعمال بالحرب، أكد غائب أن «مرحلة الحرب دائما تحتاج الى توثيق، وبالتالي اللوحة بعد سنوات ستكون قادرة على رواية الاحداث التي حلت في العراق».

ولفت الى ان كل عراقي مسكون بالأمل بالعودة، وعلى الرغم من ان بعض الاعمال تحمل الدراما، ولكن الامل مهم لنا، مشدداً على ان هذه المعارض مهمة للفنانين العراقيين، لأنها «تمكننا من الاطلاع على التجارب الاخرى وعلى آراء الناس، كما أن الهم يوحد الناس، ونحن مصرون على تقديم أعمالنا معاً، لعرض حياتنا وتجربتنا».

تويتر