عبق الأصالة في ركن التراث

تنوّع غني في ركن التراث. من المصدر

عالم آخر مملوك بالأصالة وعراقة الماضي، يضمه عالم مدهش بين أركانه التي اعتاد الجمهور تميزها وتنوعها ودمجها الأصالة بالحداثة، والماضي بالحاضر، عالم يعود بذاكرتك إلى الزمن البعيد، وحياة أجدادنا وطريقة عيشهم، إنه ركن التراث الواقع في القاعة الغربية من عالم مدهش، ويجذب جميع الزوار من دون استثناء، إلى هذا الركن المتجدد دوماً، الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من عالم مدهش الكبير والمتميز.

ويضم الركن مجموعة من الأقسام التي تعكس طريقة الحياة في الزمن القديم، من مأكل وملبس، وأدوات مطبخ، وغيرها من الفعاليات التي تجذب الزوار على اختلاف جنسياتهم وأعمارهم، وتشعرهم بخصوصية المكان، وجماليته المتفردة، ومنها: العريش ويسكنه أهل الساحل وكانوا يسمون بالحضر، ويبنى من جريد النخل وحبال الكومبار، وهي ألياف النخل، حيث إن بناء البيوت القديمة كان يعتمد على شجر النخيل الذي كان يستخدم وقتها في مجالات عدة، حيث يُبنى السقف من الزور وهو حزمة كاملة من الدعن، أي ورق النخيل.

ويضم العريش الليوان، وهو بمثابة ساحة الدار التي تستخدم للجلسة العائلية، والزوية هي مسبح الاغتسال، والتنكة عبارة عن صندوق معدني توضع فيه الملابس وهو بمثابة خزانة الملابس في وقتنا الجاري، والسرود طاولة الطعام التي تستخدم للأكل، والمجبة غطاء الطعام كي لا يفسد أو يكون عرضة للحشرات.

وينصب فوق بيت العريش «البراجيل» المبني من سعف النخيل، وهو عبارة عن أربعة أعمدة أو مربعات، يسهم ارتفاعه في جلب الهواء، ويحاط من الداخل والخارج بقماش الأشرعة مع تشبيك سعف النخيل وإحاطته بالحصير والسجاد، وتثبيته بأوتاد من كل الأطراف ليتماسك ويصمد في وجه التيارات الهوائية، ويزود بسقف من السعف أو الدعون على شكل مظلة تقي من أشعة الشمس الحارة، وتجلب بعض النسمات وتبرد البيت.

ويضم بيت الشعر الذي كان يستخدم لاستقبال الضيوف «الكوار» الذي توضع فيه دلة القهوة وتوقد تحته نار الفحم، لتحميص القهوة ومن ثم دقها «بالرشاد» أو الهاون ويوضع فوقها الهيل والزعفران لتعطي نكهة طيبة ولذيذة.

كذلك يضم بيت الشعر المندوس الذي توضع فيه الملابس، ويكون مصنوعاً من الخشب، والمدخن والمشتختة و إلى جانبه «الحظيرة» وهي المكان الذي يجلس فيه الرجال ليتسامروا وينشدوا الأشعار والشلات على صوت الربابة الجميلة.

ويسكن العريش أهل الساحل أو كما يسمون قديماً «الحضر»، أما بيت الشعر فيسكنه البدو أهل الصحراء. ولا يمكن لأي زائر إلا أن يلفت نظره رؤية الحاج علي عبدالله، الذي يأتي يومياً إلى ركن التراث في عالم مدهش، ويبدأ يومه مع الماضي الجميل بصنع العريش من اليريق، وهي الحرفة التي تعلمها أباً عن جد، بينما يمكنك في زاوية أخرى أن ترى أم محمد وهي منهمكة في عمل «المخرافة» التي تتقن صنعها، وتوارثتها عن جدتها.

وتتعدد الأقسام الرائعة في ركن التراث الذي يأسر الزوار بجماليته عراقته وأصالته التي تدعم الحفاظ على تراث الإمارات الجميل بكل تفاصيله على اختلافها، حيث يمكن للزائر ان يطلع على ما كانت تضمه المطابخ في البيوت القديمة من أدوات منها الطاسة والمغرفة والملاس والصواني النحاسية، والرحى التي كانت تستخدم لطحن الحبوب.

أما القهوة الشعبية فتقدم المشروبات الساخنة كالشاي والزعتر والحليب بالزعفران، والباجلة أي «الفول»، بالإضافة إلى القهوة العربية والتمر اللذين يقدمان مجاناً للزوار.

من جانبها اختارت أم غيث أن تقدم للزوار واحدة من أكثر الحلويات شعبية، ويحبها الكبار والصغار، وهي اللقيمات حيث تصنعها أمام الزوار الذين يقفون بانتظار الانتهاء من تحضيرها وأكلها ساخنة لذيذة.

ولا يكتمل التراث من دون وجود قسم الحناء الذي يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار الذين يرغبون في رسم الحناء، حيث يمكنهم اختيار ما يريدون رسمه ضمن مجموعة مميزة من الأشكال ترسمها إحدى الفتيات الموجودة بشكل مستمر في الركن، وتملك خبرة كبيرة في الرسم بالحناء.

وتتنوع الأقسام ما بين دكان الأقمشة الذي يضم مجموعة متنوعة من تصاميم الملابس، وأنواع الأقمشة، والتطريزات، والرسومات على الأقمشة التي كان يرتديها أجدادنا، ولايزال الكثير متمسكين بارتدائها حتى الآن، منها بوطيرة، وبوقليم أي القماش المقلم، وبونيرة الذي يكون على شكل دوائر صغيرة، بوتيلة على شكل دوائر كبيرة، والساري وهو قماش من النوع الخفيف تصنع منه الشيلات، بالإضافة إلى الشيلة المنقدة وهي عبارة عن شيلة «غطاء رأس» مصنوعة من خوص الفضة وتلبس في المناسبات والأفراح وتكون غالية الثمن وخيوطها من الفضة.

دكان الأعشاب، ويضم مجموعة متنوعة من الأعشاب التي كانت ولاتزال تستخدم أدوية، بعد أن ثبتت صحتها علمياً، وتنبت في صحارى الدولة وجبالها، مثل الرمث والعتر والعشرج، وغيرها، بالإضافة إلى الأدوية الشعبية المتوافرة عند الباعة والعطارين ومنها، الزعفران والصندل والمسك والشب والخي، والهليلج واليانسون، وغيرها.

النمليت، وهو المشروب الأكثر، شعبية يصنع بشكل يدوي من خلال مزج عصائر مختلفة ببعضها البعض، وهو بمثابة مشروب غازي يدوي الصنع طعمه حلو ويكون بنكهات متعددة. أما الاستوديو التراثي فيضم مجموعة من اللوحات التي ترمز إلى التراث الشعبي الإماراتي، من أزياء وبيوت، وغيرها من اللوحات التي تشكل سيمفونية تراثية جميلة في ركن التراث المميز في عالم مدهش. يذكر ان القائمين على عالم مدهش يحرصون إلى جانب اهتمامهم بالحضارة، على إحياء تراث الإمارات والحفاظ عليه عبر الأجيال، من منطلق إيمانهم بأنه حلقة الوصل النابضة بين الماضي والحاضر، التي تحمل في طياتها حياة الأجداد والآباء بكل ما فيها من تجارب وأصالة ليبقى التواصل مستمراً بين القديم والحديث.

 

تويتر