الكليشيهات من أول إلى آخر دقيقة في الفيلم

«غير مقفل».. التلفزيون يتغلب على السينما في قصص الجاسوسية

صورة

فيلم Unlocked أو «غير مقفل» انتظر عامين على الرفّ قبل أن يطرح، ويتصادف وقت عرضه في الدولة مع الهجمة الإرهابية التي تعرّضت لها محطة بارسونز غرين في لندن، أول من أمس.. نقول ذلك لأن الفيلم يناقش قضية تآمر خلية إرهابية لإطلاق فايروس في أحد الأماكن العامة في العاصمة البريطانية لندن. قد نغض النظر لو طرح هذا الفيلم في أسواق الفيديو مباشرة، أو لو كان في بطولته نجوم آفلون أو حتى مصارع حالي أو سابق أو مطرب راب (غضّ النظر لا يعني بالضرورة أن الفيلم يستحق المشاهدة تحت أي ظرف)، لكن وجود كل هذه الأسماء القوية في فيلم أقل من عادي بمعايير هذا الصنف في القرن الـ21 فهو بحق محبط جداً.

رائحة مؤامرة

أليس راسين (السويدية ناومي راباس - بطلة أفلام Alien الحديثة) ضابطة متفانية في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، انسحبت من العمل الميداني بسبب فشلها في إحباط هجوم إرهابي في باريس عام 2012، وقررت العمل كعميلة متخفية في وظيفة مكتبية أيضاً تابعة للوكالة وهي أخصائية اجتماعية متمركزة في لندن. ترفض أليس طلبات متكررة للعودة إلى العمل الميداني من مرشدها السابق إيريك (النجم مايكل دوغلاس) لكنها تجد نفسها مضطرة للعودة عندما تصل معلومات استخباراتية تفيد بتخطيط خلية تابعة لتنظيم إرهابي لتنفيذ هجوم بيولوجي في لندن.

يتم القبض على مرسال لديه معلومات مهمة وهو في طريقه لإيصال رسالة، ويطلب من أليس أن تستجوبه، طبعاً الحصول على المعلومات من المرسال سهل بالنسبة لضابطة متمرسة مثل أليس؛ لكنها تشم رائحة مؤامرة أو الموقف الذي وضعت فيه عندما أتت للاستجواب ليس كما يبدو عليه في الواقع.

حقاً، حدسها صحيح، وتتمكن أليس من الهروب من غرفة الاستجواب بعد أن انكشفت المؤامرة المدبّرة ضدها. تصبح أليس مطاردة، ولا تعرف بمن تثق وتصطدم بالكثير من الأشخاص الذين يثيرون شكوكها. الشخصيات الأخرى في الفيلم بجانب دوغلاس، هي رئيس محطة «سي آي إيه» في لندن بوب هنتر (النجم جون مالكوفيتش) الذي يصدق أليس لكنه يشكك في سلوكها في الوقت ذاته.

للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.


أعيدوا مشاهدة «جيسن بورن»

أثرت أفلام «جيسن بورن» سينما الجاسوسية في العقد الماضي، وتركت بصمة واضحة إلى درجة أن أفلام «جيمس بوند» تأثرت بها رغم أن بوند أعرق من بورن. فلو قلنا إن تأثير أفلام بورن على المشاهد مثل مفعول مشروب طاقة، فإن فيلم «غير مقفل» بالمقارنة هو شاي أعشاب! بكلمات أخرى، أعيدوا مشاهدة أفلام «جيسن بورن» القديمة، وانسوا هذا الفيلم.


• نجوم وأسماء قوية في فيلم أقل من عادي بمعايير هذا الصنف في القرن الـ21.

هناك أيضاً مصدر أليس في المخابرات البريطانية إميلي نولز (الأسترالية توني كوليت)، التي تتظاهر بأنها لا تعرف أكثر مما تعرف! وهناك لص البيوت جاك ألكوت (البريطاني أورلاندو بلوم - من أفلام ملك الخواتم وقراصنة الكاريبي)، الذي تصطدم به أليس عندما تضبطه يسرق بيتاً كان من المفترض أن تختبئ فيه حتى تأتيها النجدة، وتكتشف أنه يتمتع بمهارات قتالية عالية جداً ليست متوقعة من مجرد لص بيوت يسرق أجهزة تلفاز. وهناك أمجد (توسين كول) الشخص الوحيد الذي تثق به، وهو مصدر يزودها بمعلومات عن أشخاص تراقبهم، وهو يتمتع بمهارات تؤهله أن يكون ضابط استخبارات يوماً ما.

عمل ضعيف

«غير مقفل» فيلم ضعيف مليء بالكليشيهات التي شاهدناها في أفلام الصنف (سينما الجاسوسية) القديمة والحديثة، ودعونا نذكر أمثلة:

الكليشيه الأول: انسحاب أليس من العمل الميداني بعد إخفاق عملية سابقة، وطلب مرشدها السابق منها العودة مجدداً.

الثاني: اكتشاف أليس أنها وسط مؤامرة تحاك ضدها.

الثالث: لقطة نرى منها شخصاً يحاول قتل شخصية من خلال انعكاس نظارة وضعت على طاولة أمام الشخصية. هذا تحديداً كليشيه شاهدناه حتى في الرسوم المتحركة في الثمانينات. بشكل عام رؤية مسلح من خلال انعكاس سطح كليشيه من أفلام التسعينات وربما قبل ذلك (فيلم داي هارد 3 عام 1995 مثلاً، يكتشف جون ماكلين أنه وسط إرهابيين من خلال انعكاس باب المصعد).

الرابع: كشف اختراق في الـ«سي آي إيه» من قبل مسؤولين نافذين يعارضون سياسة واشنطن.

الخامس: شخصية مايكل دوغلاس كليشيه في حد ذاتها.

السادس: تلفيق موت شخصيات. السابع: مسدس يفرغ من الرصاص في لحظة حاسمة.

الثامن: شخصية تقول: «لقد كبرت على هذا الهراء» وهذه العبارة تحديداً وحرفياً منسوخة من رباعية Lethal Weapon أو «السلاح الفتاك» (1987-1998) إذ يقولها داني غلوفر في كل الأجزاء. التاسع: شخصية تبدو صديقة تكشف معلومة بالخطأ أثناء حوار فتتيقن البطلة أنها أمام عدو! وهلم جرا..

كثير من الهراء

قصص الجاسوسية عموماً ضعفت كثيراً سينمائياً بسبب منافسة التلفزيون في هذا الصنف تحديداً، حيث شاهدنا مسلسلات أعلى جودة بكثير من هذا الفيلم، مثل مسلسل «24» الشهير، ومسلسل «هوملاند» أو حتى Designated Survivor أو «الناجي المختار» وهو مسلسل «24» بعد إعادة تدويره.

الذي شاهد المسلسلات المذكورة سيعرف أن هذا الفيلم في أفضل حالة يبدو مثل حلقة ضعيفة منها.

كاتب السيناريو بيتر أوبرايان، واضح أن الرجل لا يتمتع بالخبرة اللازمة ولا الخيال الإبداعي، ومعظم أعماله كانت نصوص ألعاب فيديو.

يحوي الفيلم الذي أخرجه مايكل أبتد (أخرج أفلاماً شهيرة أبرزها فيلم جيمس بوند «العالم لا يكفي» عام 1999، وهو صاحب سلسلة أفلام Up التوثيقية وهي من أروع الأعمال التوثيقية وأنبلها في تاريخ السينما) الكثير من الهراء، فمثلاً، ما الذي يجعل موظف مستودع أسلحة تابع للمخابرات البريطانية يتحدث مباشرة عبر الكمبيوتر مع الـ«سي آي إيه» ويزودهم بمعلومات عن شخص تابع للمخابرات البريطانية يستخدم سلاحاً معيناً مع إبراز صورته؟ ألا يتطلب هذا إجراء مخاطبة رسمية؟ طبعاً لا يتطلب مخاطبة رسمية لو كان متجر سلاح، لكن الفيلم يصور مستودع سلاح تابعاً لجهاز مخابرات مثل سوبرماركت!

مثال آخر: كيف توافق ضابطة ميدانية محترفة على اصطحاب لص بيوت اكتشفت أنه يتمتع بمهارات عالية في مهمتها لمجرد إبداء رغبته في ذلك؟

مثال ثالث: كيف يذهب مدير محطة استخبارات لملاقاة ضابطة ميدانية في الشارع ويأخذها في سيارته؟!

بالنسبة للمشاهد المتمرس فإن هذا الفيلم لا يستحق المشاهدة في السينما، والأفضل مشاهدته على التلفاز في المنزل للتسلية فقط، دون أخذه بجدية، والأفضل أن يكون الفيلم خلفية لشيء أهم تفعله مثل تصفح جريدة أو العبث بهاتفك الذكي، أو تحضيرك حقيبة سفر مثلاً!

هناك بعض العناصر المسلية في الفيلم؛ مثل مشاهدة أورلاندو بلوم في دور مختلف إلى حد ما، فهو هنا رجل عصابة متمرس، لكن ذلك لا يعني أن الشخصية مقنعة، وهناك مشهد جميل لكوليت وهي تستخدم سلاحاً رشاشاً ببراعة ضد قناص مختبئ، عدا عن هذا المشهد فإن كوليت تضيع وقتها هنا.

تويتر