مشتت النبرة.. ومملوء بأفكار غير مكتملة

«المومياء».. أسوأ أفلام توم كروز على الإطلاق

أن تشاهد فيلماً لأفضل نجم حركة وإثارة (أكشن)، خلال الـ20 سنة الماضية دون منازع، ويظهر فيه بطل الفيلم في حوار مع المومياء الشريرة، فيقول: «لقد قتلتِ والدك وزوجته وطفلهما». ويكون ردها: «لقد كان ذلك في زمن مختلف»، فذلك يعني أننا أمام مشكلة.

المشهد الأفضل

مشهد سقوط الطائرة العسكرية هو أفضل ما في هذا الفيلم، وهو المشهد الذي أصر كروز على تصويره بطريقة مختلفة، وعلى أن يكون الأفضل، وبالفعل هو أجمل مشهد لسقوط طائرة سينمائياً في هذا العقد، والأفضل منذ مشهد انقلاب الطائرة وسقوطها في فيلم «فلايت»، لروبرت زيميكيس عام 2012.

إفلاس «هوليوود»

نهاية الفيلم غبية ومبتذلة، وتعكس اتجاهاً واضحاً لم تعد «هوليوود» تخجل منه، وهو جزء ثانٍ من «المومياء»، لضمه إلى «العالم المظلم»، المزمع إطلاقه في حال نجح هذا الفيلم الذي أشارت التقارير الأولية إلى أن «ووندر وومان» دفنه في شباك التذاكر. نعم، سيتذكر التاريخ أننا نعيش الحقبة الأشد إفلاساً في تاريخ هوليوود.

أن تشاهد فيلماً لشخصية تعتبر من كلاسيكيات الرعب، منذ حقبة السينما الصامتة إلى اليوم، وهو يبدو محتاراً، فيضع مومياءه المصرية في العراق، ويقول إنها أتت من مصر، ثم ذهبت إلى لندن، فذلك يعني أننا أمام مصيبة!

أن تشاهد فيلماً يظهر فيه د. جيكل، وهو شخصية لا علاقة لها بالمومياء بخطط حمقاء ويصطاد المومياء؛ ثم يتحول الدكتور إلى شخصية هايد، ويكشف أن المومياء تلاحق «المختار»، والمومياء تقول إنها تلاحق المختار، وتعيد قصتها في مشهد واحد ثلاث مرات، وتهرب من الأسر لملاحقة مختارها، الذي تتملكه رؤى موميائية يحاول الخلاص منها، فذلك يعني أننا أمام كارثة سينمائية!

ما يحدث هنا هو أن استوديوهات «يونيفرسال» قررت إطلاق «دارك يونيفيرس» أو العالم المظلم، أسوة بعالمي «مارفل» و«دي سي»، وعالم «إم نايت شايامالان» السينمائي! عالم «يونيفرسال» سيضم كل شخصيات أفلامها الشهيرة، من المومياء إلى دراكولا، أي أن السينما ستشهد دخول أفواج جديدة من الوحوش، كأن وحوش «مارفل» و«دي سي» لا تكفينا!

أشياء غريبة

تبدأ كارثة The Mummy أو المومياء من مصر الفراعنة، حيث نرى الأميرة أحمنيت/‏‏‏‏ المومياء (الجزائرية صوفيا بوتيلا)، تتهيأ لخلافة عرش والدها، لكن أحلامها تتحطم عندما تلد له زوجته الجديدة ابناً. تصر الأميرة على العرش بالقوة، وتقرر بيع روحها إلى كيان شرير يسمى سيت، الذي يعدها بالعرش مقابل أن يتجسّد في شكلها. تقتل الأميرة أحمنيت عائلتها، وتتوجه لقتل عشيقها، لكن يلقى القبض عليها، وتلعن وتدفن حية.

ننتقل إلى العراق في الزمن الحالي، إذ يكتشف جندي استطلاع أميركي اسمه نيك مورتون (توم كروز في أسوأ دور له على الإطلاق)، ورفيقه فيل (جيك جونسون)، قبر أحمنيت أثناء هروبهما من لصوص مسلحين.

تقتحم عالمة الآثار جيني هالسي (أنابيل والاس) المشهد، وتلقي محاضرة عن القيمة التاريخية لذلك القبر، ويقررون أخذ القبر معهم إلى خارج العراق. يضع الفريق القبر على متن طائرة عسكرية، وبمجرد أن تبدأ التحليق تحدث عليها أشياء غريبة. تصطدم الطائرة بسرب غربان؛ ما يتسبب في سقوطها في مشهد مرعب.

يستفيق نيك في اليوم التالي، ويلتقي دكتور هنري جيكل (راسل كرو)، الذي يشرح له طبيعة عمله، وهي اصطياد الكيانات الخارقة للطبيعة، وأنه - أي نيك - تم اختياره من قبل الأميرة ليكون أداة لقهر البشرية، واختياره سبب نجاته من تحطم الطائرة. بعد هذه النقطة تتبقى ثلاثة مشاهد طويلة قبل نهايته!

ضجر

هناك أفلام كثيرة جداً عن المومياء، أهمها نسخة عام 1932 الكلاسيكية من بطولة بوريس كارلوف، ونسخة عام 1959 من بطولة كريستوفر لي، وهاتان النسختان كانتا في تصنيف الرعب.

بعد 40 سنة - في عام 1999 - أعيد إطلاق المومياء مجدداً تحت إدارة المخرج ستيفن سومرز، من بطولة برندان فريزر، وجزء ثانٍ منه بعنوان «عودة المومياء» عام 2001، وهاتان النسختان غيرتا النبرة من الرعب إلى حركة ومغامرات، وحققتا نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير. ثم جاءت أفلام Scorpion King أو «الملك العقرب» عام 2002 من بطولة الصاعد آنذاك دواين جونسون، وهي سلسلة متفرعة من أفلام المومياء، ثم يأتي هذا الفيلم.

«المومياء» فيلم مشتت النبرة، يحاول أن يكون أشياء عدة في آنٍ واحد، وفي بطولته أحد أكثر النجوم شعبية في العالم (كروز)، وحائز جائزة أوسكار (كرو)، إلا أن الفيلم سيئ من بدايته، ومبتذل ومثير للسخرية ومضجر وغبي جداً، ويدعو مع كل مشهد لتركه والخروج من الصالة.

عصيّ على الفهم

أشياء كثيرة في الفيلم إما عصية على الفهم أو أفكار غير مكتملة، زجت في السيناريو، أو ربما تم تصوير الفيلم قبل اكتمال النسخة النهائية، وعندما اكتملت كان الممثلون قد غادروا إلى مشروعات أخرى!

مثلاً، في الفيلم توجد مقبرتان، كل واحدة تصلح لأن تكون موضوعاً لفيلم! الأولى في لندن، والثانية في العراق. مقبرة لندن تحوي بقايا فرسان من العصور الوسطى يلقبون بالصليبيين، وفيها جوهرة مهمة استراتيجياً، أخذها الفرسان من مصريين دفنوا في العراق! نعم، مصريون في العراق، كيف ذلك؟ لا نعلم، الشرح في الفيلم غير منطقي، ربما كانوا عناصر شريرة فتم نفيهم هناك، كما تختطف وكالة المخابرات المركزية الأميركية مشتبه فيهم بالإرهاب في دول أجنبية! لا يهم. في مشاهد لندن، ينقلب الفيلم من مومياء إلى زومبي؛ ثم يتحول إلى شيء لا يمكن فهمه. وفي مشهد آخر ينقلب إلى فيلم عن استلباس جن وشياطين ببشر لوهلة، قبل أن يتغير إلى شيء لا يمكن فهمه. ثم في مشهد يتحول إلى دراما عن الجشع والفساد، لكنه يغيّر رأيه وينقلب إلى رومانسية وغيرة كالتي نشاهدها في الدراما الخليجية، والمشاهد يترقب لعل المومياء تعلن أنها الزوجة الثانية لنيك! ثم يغير رأيه ولا نفهم شيئاً!

المخرج أليكس كورتزمان صرح بأن فيلمه أصلي لمجرد أن المومياء هذه المرة امرأة، وكانت رجالاً في كل الأفلام السابقة. لن نختلف معه لكن الجزائرية بوتيلا رغم ملامحها الشرق أوسطية هي أسوأ اختيار، وكل أدوارها السابقة كانت عبارة عن مخلوقات ووحوش! بوتيلا ضعيفة وغير مخيفة، وأداؤها رديء جداً، وصرختها في الفيلم كصرخة مراهقة غاضبة من والديها، وليست صرخة مومياء كانت ميتة لآلاف السنين.

شخصية المومياء بلا هدف سوى تدمير البشرية، ولا تستحق الاهتمام لانعدام دوافعها الشخصية، وفي معظم الفيلم هي إما محبوسة ومكبلة أو مسجونة داخل رأس نيك! كروز لا يبدو قادراً على الخروج من إيثان هانت، وهي شخصيته في «مهمة مستحيلة». د. جيكل يرأس مجموعة سرية تحارب الكيانات الخارقة للطبيعة، ويتحول إلى هايد دون شرح أسباب ذلك!

تويتر