القصة سطحية.. والفيلم لا يقدم جديداً

سكارليت جوهانسون تخفق في إنقاذ «شبح في الصدفة»

فيلم Ghost in the Shell أو «شبح في الصدفة» يبدأ بعبارة تشير إلى أن أحداثه تجري في المستقبل القريب، وأن التطور التقني يسمح بزرع عقل بشري، أو روح أو شبح، كما في الثقافة الغربية، في آلة تشبه الجسم البشري (صدفة).

مؤثرات قوية.. وعمل فاقد النبرة

الدقائق الأخيرة من «شبح في الصدفة» هي الأقل إلهاماً، وغارقة في الكليشيه، والأقل إبداعاً، إنه حتماً الاتجاه الخاطئ، قد يكون فيلماً يتمتع بقوة مؤثراته الخاصة، لكنه فاقد النبرة بشكل كامل.

- الفيلم كتابةً وإخراجاً لا يتمتع بالجرأة.. ويلتزم المنطقة الآمنة

- التركيز منصبّ على المؤثرات ومشاهد العنف.. ولا جوانب إنسانية

ثم تظهر عبارة أخرى تقول إن الخط الفاصل بين الإنسان والآلة لم يعد واضحاً، ما معناه أن كل الشخصيات التي سنشاهدها لن تكون آدمية بالكامل، ولن تكون آلية بالكامل. بمجرد أن نضع تلك العبارة في بالنا أثناء مشاهدة الفيلم، فإنه بحلول الدقيقة 45 منه، وبدخول الفصل الثاني، تراود الذهن حقيقة من الصعب تجاهلها، وهي أن الخط الفاصل بين اللقطات الطبيعية في الفيلم، ونظيرتها المصنعة بالكمبيوتر لم يعد واضحاً كذلك.

شركة «هانكا روبوتيكس»، المطور الأفضل في العالم لتقنية دمج عضو بشري في جسم اصطناعي، تنشئ مشروعاً سرياً لزرع عقل بشري في جسم آلي، بدل اللجوء إلى تقنية الذكاء الاصطناعي. ميرا كيليان (سكارليت جوهانسون) الناجية الوحيدة من هجوم إرهابي قتل والديها، ويتم اختيارها لتجربة المشروع بعد أن دمر الهجوم جسدها لدرجة لا يمكن علاجها، ورغم اعتراض مصممة المشروع د.أوليت (جولييت بينوش)، يقرر المدير التنفيذي للشركة، كاتر (بيتر فيرناندو) استخدام كيليان عميلةً لوحدة مكافحة الإرهاب.

بعد عام تنال كيليان رتبة رائد في وحدتها، وتعمل مع العميل باتو (بيلو أزبيك) تحت إمرة الرئيس ديسوكي أراماكي (تاكيشي كيتانو). ينجح الفريق في إحباط هجوم إرهابي على «هانكا» وتتمكن كيليان من تدمير آلة «غيشا» شريرة بعد أن قتلت الأخيرة رهينة.

تبدأ كيليان في الشعور بهلوسات؛ وهو ما ترفض مصممتها أوليت قبوله، وتقول إنها مجرد أخطاء تقنية بسيطة. تتضايق كيليان من عدم قدرتها على تذكّر ماضيها، وعندما تعلم أن «غيشا» التي دمرتها تعرّضت لعملية قرصنة من قبل كيان غير معروف على نطاق واسع اسمه كوزي (مايكل بيت)، تقرر كيليان تجاوز البروتوكول، والغوص في نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بـ«غيشا» بحثاً عن إجابات.

يشن كوزي عملية قرصنة مضادة، فيضطر باتو إلى فصل كيليان عن النظام، باستخدام المعلومات التي استطاعت جمعها، يقرر الاثنان (كيليان وباتو) تتبع الكيان إلى نادي ياكوزا حيث يتعرضان لفخ. يغضب كاتر ويهدد بإغلاق وحدة مكافحة الإرهاب ما لم يضع أراماكي حداً لتحركاتها.

ضائع في الزحام

يأتي فيلم «شبح في الصدفة» في حقبة مزدحمة جداً بأفلام مشابهة من ناحية القصة والمؤثرات الخاصة، والحقيقة أنه يضيع وسط الزحام. الفيلم لا يتميز بشيء خاص، المؤثرات الخاصة قد تكون جميلة لكنها ليست استثنائية. القصة سطحية ولا تقدم جديداً، فكلنا شاهدنا قصة صراع البشر على الهوية عندما يتعرضون لعمليات تهجينية، أو عندما يواجهون تحديات وجودية من قبل أنظمة ذكاء اصطناعية.

نتحدث عن صراع نشاهده في السينما منذ فيلم «2001: سبيس أوديسي» 1968، أو حتى فيلم «بليد رانر» 1982، والكثير من الأفلام الأخرى المقلدة من جهة والمجددة من جهة أخرى؛ على رأسها ثلاثية أفلام «ذا ميتريكس» أو «المصفوفة» 1999-2003، وهذه الثلاثية تحديداً مستلهمة بشكل مباشر من فيلم الأنيمي «شبح في الصدفة» الياباني عام 1995.

وعندما تأتي نسخة هوليوود من «شبح في الصدفة» بعد كل هذه الأفلام، فإنها حتماً لا تبهر. نضيف إلى ذلك أن الفيلم كتابة وإخراجاً لا يتمتع بالجرأة، ويلتزم المنطقة الآمنة، إذ كان من الواضح جداً خوفه من الخروج من المعادلة، والالتزام بإرضاء الشريحة العظمى من الجمهور أو فئة الشباب والمراهقين، عندما يركز على مَشاهد الحركة (الأكشن).

بلا عاطفة

يدور الفيلم كثيراً حول محور هوية كيليان، ويجعلها تعيد سؤالها عن هويتها أكثر من مرة، لكن من دون الغوص فيه، ولا حتى يحاول طرح المسألة بطريقة مختلفة، بل كل التركيز منصبّ على المؤثرات ومَشاهد العنف، وبالتالي كتمت الجوانب العاطفية والإنسانية منه، وهو ما قد لا يرضي عشاق الفيلم الأصلي، أو من هم على دراية به.

قصة صناعة الفيلم تعود لآخر التسعينات، وعندما نعلم أن عملاً ما تأخر في التحضير فإننا نتوقع شيئاً استثنائياً بكل المقاييس (آفاتار مثلاً)، «شبح في الصدفة» يخفق في هذا الجانب، وبالنظر إلى النتيجة النهائية؛ فإن الفيلم لم يستحق جهد صناعته، حاله كحال «الجميلة والوحش». مشاهدة الفيلم تعيد إلى الذاكرة فيلم «إكس ماكينا» الذي شاهدناه منذ عامين، والذي كان جريئاً جداً في طرح مسألة تهديد الذكاء الاصطناعي للبشر. «شبح في الصدفة» بالمقابل يهرب من ذلك الطرح، ويهمله جانباً كأنه يستخدم أعذاراً واهية استخدمت سابقاً، مثل أن الجمهور لا يريد فيلما جاداً، أو أنه لا يريد أن يكون فيلماً تأملياً يدعو إلى التفكير في موضوعات جادة توسع مدارك المشاهد.

غياب «الروح»

نأتي عند البطلة سكارليت جوهانسون، ونقول إنها غير مناسبة، ولا نعني مسألة عرقيتها، وقضية تبييض الأدوار التي ذكرناها هنا («الإمارات اليوم» 12 أبريل)، بل المقصود أن جوهانسون تخفق في إعطاء أداء مقنع، وغير قادرة على بث روح في شخصيتها؛ رغم أن الفيلم يناقش مسألة الروح ولو بشكل سطحي. قد لا تكون تلك غلطتها، وربما يكون ذلك بسبب اعتماد المخرج رووبرت ساندرز على الشاشة الخضراء في كل مشاهد جوهانسون لإدخال المؤثرات الخاصة في مرحلة ما بعد التصوير.

جسدياً ومن ناحية اللياقة البدنية وإجادة الفنون القتالية، فإن جوهانسون جيدة جداً، ولديها خبرة كبيرة في هذا المجال اكتسبتها من دور «بلاك ويدو» في أفلام «ذا أفينجرز». مشكلة جوهانسون هنا أنها لا تحسن أداء اللقطات الهادئة القليلة جداً التي تتطلب إبراز مشاعر عاطفية. شخصية الفيلم الشريرة ضعيفة، ومن حسن الحظ أن جولييت بينوش تظهر في لقطات أكثر من فيلم «غودزيلا»!

شخصية كوزي مثيرة للاهتمام، لكن ساندرز يهمشها كثيراً، خصوصاً عندما تبدأ في تكوين كيمياء مع كيليان، وهي الكيمياء التي تجعلنا نهتم بالشخصيتين أكثر من أي شيء آخر في الفيلم. رغم تلك الكيمياء فإن الحوار بينهما مكرر على طول الفيلم، فهو يقول لها إنهما الشيء نفسه، وهي تنفي ذلك، والمُشاهد لا يتمنى سوى انتهاء اللقطة في أقرب وقت!

تويتر