الإخراج يركز على المبالغة في «الأكشن»

«ثلاثي إكس» يعود في حلة «السريع والغاضب»

صورة

هناك مشهد في فيلم xXx: Return of Xander Cage أو «ثلاثي إكس: عودة زاندر كيج» تجتمع فيه أهم ثلاث شخصيات على طاولة يتبادلون رمي قنبلة يدوية على بعضهم بعضاً، بينما قناصة تشاهدها من خلال منظار بندقية وتثرثر مع نفسها.

ابتسامة ديزل

يأتي الفيلم بعد عقد من الجزء السابق، وديزل بلغ الـ50 عاماً وأمامه 10 سنوات فقط ليصنع ثلاثة أجزاء كحد أقصى من «ثلاثي إكس» قبل بلوغ الـ60، ناهيك عن دوره في أفلام «السريع والغاضب» التي لاتزال تتمتع بشعبية كبيرة عالمياً. وبما أنه سيكون صعباً التمييز بين السلسلتين نظراً للتشابه الكبير بينهما، فإن كل ما على ديزل فعله هو رسم تلك الابتسامة البلهاء على وجهه لنعرف الفرق! وحتى لو لم يبتسم، فمن يهتم!

2002

ظهر أول أجزاء «ثلاثي إكس» بينما رأى الجزء الثاني النور في 2005.

المشهد تجتمع فيه كل سمات الفيلم:

أولاً: نبرة الفيلم غير جادة بينما الممثلون جادون.

ثانياً: الحوارات تبدو مرتجلة حتى لو لم تكن كذلك.

ثالثاً: ديبيكا بادوكون لا تعرف التمثيل ولا تتقن طريقة أداء الحوار.

هذا الفيلم هو الجزء الثالث من سلسلة «ثلاثي إكس» أو هو إعادة إطلاق تلك السلسلة التي صدرت في جزأين الأول عام 2002 والثاني 2005. هذا الفيلم خير مثال على الحالة التي يمر بها الممثل الأميركي فين ديزل، فعام 2002 كان ممثلاً صاعداً بحاجة إلى بطولة مطلقة أو مشتركة كي يبرز من خلالها، وعندما نجح في سلسلة «السريع والغاضب» طالب بزيادة أجره مقابل دوره في «ثلاثي إكس: حالة الاتحاد»، التي تركته وذهبت إلى مغني الراب آيس كيوب. ثم تبدلت الحال، وانتقل ديزل من الحاجة إلى الترف (نعم نريد القول إن هذا الفيلم ليس ضرورياً) فهو مشهور لكن كبرياءه يحتم عليه الظهور في فيلم بطولة مطلقة أو حتى مشتركة يكون هو أشهر اسم فيه، فأعاد التاريخ نفسه وعاد «ثلاثي إكس» إلى ديزل.

الذي يختار مشاهدة الفيلم يعني أنه جاء من أجل ديزل أو يبحث عن ترفيه، لكن حتماً ليس من أجل قصة جيدة، أو أداء يجلب ذلك التمثال الذهبي. على العكس، فمن السهل رصد أداء سيّئ، أو حوارات غبية أو إخراج تنعدم فيه الرؤية والإبداع. لا نتحدث عن الواقعية ولا المبالغة، بل نتحدث عن ديزل يستخدم سلاحاً رشاشاً وهو ينظر إلى ساعته! أو يعدّل مسار طائرة تسقط على مقدمتها وهي في الجو كأنها سيارة! وهو ما لم يفعله الأبطال الخارقون!

أجر الظهور

الفيلم يبدأ بالجاسوس أوغستس غيبونز (ساميول إل جاكسون) جالساً في مطعم صيني يحاول إقناع نيمار (نعم هو لاعب كرة القدم البرازيلي نفسه) بالانضمام لفريق ثلاثي إكس. تقع كارثة تستدعي عقد اجتماع أزمة في مقر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في نيويورك (مقر الوكالة في لانغلي بولاية فيرجينيا الأميركية ولا نعلم كيف انتقل إلى نيويورك!)، تترأس الاجتماع الجاسوسة ماركي (توني كوليت) - التي يبدو أنها لم تستطع مقاومة أجر الظهور في أسهل دور يمر عليها ولم تحسن حتى أداءه. ماركي تكشف للمشاركين في الاجتماع عن جهاز خطير يسمى «باندورا بوكس» يمكن بواسطته التحكم بالأقمار الاصطناعية العسكرية وإسقاطها على أهداف لتدميرها. يقتحم رجل يدعى زيانغ (نجم سينما الأكشن في هونغ كونغ دوني ين) - الذي ظننا أنه قرر التحول إلى التمثيل الحقيقي في فيلم «روغ ون: قصة حرب نجوم» الشهر الماضي لكن يظهر أنه لا يستطيع الابتعاد كثيراً عن الفنون القتالية - المهم يقتحم الاجتماع ويسرق الجهاز. طبعاً زيانغ يقتحم غرفة اجتماعات في برج، ويخرج منها بكل بساطة بالقفز من النافذة إلى المبنى المجاور كأنه يقفز فوق سور حديقة منزل! وفي هذه الحالة على ماركي إيجاد الشخص المناسب الذي يتمتع بتلك المهارات نفسها أي لا تنطبق عليه قوانين الجاذبية الأرضية للتصدي لذلك اللص. ولا يوجد أفضل من زاندر كيج (فين ديزل) - هذا الأخير يريد إقناعنا أنه ممثل يجيد بث مشاعره عبر الشاشة، فقرر التخلي عن وجهه الجامد في سلسلة أفلام «السريع والغاضب»، الذي كاد أن ينافس به أسطورة التسعينات ستيفن سيغال، واختار ابتسامة بلهاء على وجهه في كل مشاهد هذا الفيلم! كيج لفق قصة موته ويعيش في منفى اختياري يركب أجهزة لاقطة للبث الفضائي للفقراء ليتمكنوا من مشاهدة مباريات كرة القدم في إحدى دول أميركا اللاتينية. تجند ماركي زاندر من جديد وتضعه ضمن فريقها إلا أنه يأبى ذلك لأنه يريد تجنيد فريقه الخاص، فيتخلص من فريقها بلمح البصر، ويذهب لجمع فريقه المؤلف من قناصة ثرثارة اسمها أديل (روبي روز)، وسيرينا (نجمة بوليوود ديبيكا بادوكون) - واضح أنها لا تستطيع مجاراة معايير هوليوود - وبيكي (نينا دوبريف). الفيلم يقدم كل عضو من عصابة كيج في سطور على الشاشة كما فعل فيلم «فرقة الانتحار»، بل إنه لا يتردد في تقليده بشكل أعمى. طبعاً كيج ينقلب على الحكومة ثم تنقلب الحكومة عليه، كما حدث في أفلام «السريع والغاضب»، وكأنه يقدم لنا جديداً. في الحوارات ديزل يتحدث كأنه غير مهتم بما يحدث حوله، لكن ذلك ليس مشكلة فهذه قدراته وهو هكذا في كل أفلامه السابقة، الفرق أنه يبتسم أكثر هنا! دوني ين هنا ليستعرض قدراته القتالية وليس للتمثيل وهذا مقبول كذلك، ودعونا نستبعد الأسترالية كوليت لأنها هنا تتسلى في دور محدود للغاية، لكن ديبيكا لها قصة أخرى. ديبيكا الوحيدة العاجزة عن مجاراة زملائها، وحين يتعلق الأمر بالتحدث بالإنجليزية فإن لهجتها الهندية الثقيلة طغت على لسانها، نعم ذلك طبيعي لكن كان ضرورياً التخلص من اللهجة لأن مخارج حروفها لم تكن واضحة، ونطقها لم يكن سليماً تماماً كنظيراتها من نجمات بوليوود اللاتي يظهرن في أفلام مماثلة من إنتاج هوليوود.

لا موت أو إصابات

من ناحية أخرى ديبيكا غير مدربة على القتال بما فيه الكفاية، فبينما دوني ين يتفنن في أداء حركاته القتالية كأنه يرقص، ظهرت ديبيكا بطيئة وثقيلة رغم رشاقتها، تركل وتلكم وهي تلهث بشدة، ما استدعى تدخل المخرج الأميركي دي جي كاروزو لمساعدتها بقطع اللقطات سريعاً بالقرب منها لتظهر أسرع مما هي عليه في الواقع، وهي خدعة معروفة تستخدم مع ممثلين متقدمين في السن، مثل آرنولد شوارتزينيغر وستيفن سيغال. الإخراج يركز على المبالغة الشديدة في «الأكشن» على حساب التشويق، وليس هناك سبب يدعونا للاهتمام بأحد لأنهم مثل الروبوتات الحديدية في أفلام «المتحولين»، فلا أحد يموت ولا إصابات تذكر ولا خدوش ولا آلام!الفيلم من إنتاج شركات صينية وواضح أنه موجه لجمهور الشرق الأوسط وآسيا من خلال طاقم الممثلين الدولي (ليس هناك ممثل عربي واحد ما يعكس تردي أوضاع السينما العربية). الفيلم يحمل كثيراً من ملامح أفلام التسعينات، وقرار صنعه بطريقة تحاكي أفلام «السريع والغاضب» أو (فاست آند فيوريوس) هو لضمان تحقيق النجاح.

تويتر