قوي في المؤثرات.. وضعيف في الشخصيات

«روغ ون» ينقل حرب النجوم إلى مدار فضائي جديد

صورة

«ستار وورز»، أو حرب النجوم، من الأفلام القليلة التي تحتفل بقدومها للجماهير، سواء لعشاقها أو لأولئك الذين لا يعرفونها كأنها تقول لهم أنا هنا. تجلس في الصالة، وتسمع تلك الموسيقى الشهيرة كأنها سلام وطني لملحمة الفضاء الخارجي؛ ثم تظهر أمامنا مقدمة على شكل «تتر» تشرح سياق القصة. حتى «التتر» يظهر على الشاشة بطريقة غير عادية، فهو يبدأ زاحفاً من الأسفل ويتجه إلى عمق وسط الصورة. والمقدمة الشهيرة هي: منذ زمن بعيد.. في إحدى المجرات البعيدة.. البعيدة جداً.

3.5

لو أردنا إعطاء «روغ ون» رقماً فسيكون 3.5، أي بين الثالثة والرابعة من ثلاثيتي «حرب النجوم».

نحو «المليار» دولار

«حرب النجوم: القوة تستيقظ»، المملوك لاستوديوهات لوكاس فيلم، تخطى حاجز الملياري دولار العام الماضي، و«كابتن أميركا: حرب أهلية» المملوك لاستوديوهات مارفل تجاوز المليار دولار هذا العام، ومن غير المستبعد أن يذهب «روغ ون» في هذا الاتجاه. ومن المعروف أن هاتين السلسلتين تكادان تكونان الوحيدتين اللتين تكسران حاجز المليار.

يذكر أن مارفل ولوكاس فيلم مملوكتان من قبل استوديوهات وولت ديزني، ما يجعلها الشركة الوحيدة اليوم التي تمتلك اثنتين من أكثر السلسلات شعبية ونجاحاً ودراً للأرباح.

«روغ ون: قصة حرب نجوم» كسر القاعدة، واكتفى بمقدمة «التتر» مكتوبة من اليسار إلى اليمين دون الإدلاء بأي تفاصيل، وسنناقش هذه النقطة لاحقاً في هذا الموضوع.

جن إرسو (فيليسيتي جونز) تختبئ في طفولتها، عندما يجند والدها العالم غالين إرسو (مادز ميكيلسون) من قبل الإمبراطور أورسون كرينيك (بين ميندلسون)، لإكمال تصميم محطة الفضاء المسماة «ديث ستار» أو نجمة الموت. هذه المحطة ضخمة بحجم القمر، وبمقدورها تدمير الكواكب الأخرى، من خلال سلاح دمار شامل.

سو غاريرا (فوريست ويتيكر) متمرد متطرف، منشق عن حلف المتمردين وصديق والد جين، يؤوي الطفلة ويربيها بعد احتجاز والدها وإرغامه على العمل لصالح إمبراطورية المجرة وبناء السلاح. غاريرا ترك الفتاة - في ما بعد - عند وصولها لسن الـ16، بسبب تشكيك المتمردين في ولائها، خصوصاً أن والدها يعمل لصالح الإمبراطورية.

ينشق بوودي رووك (ريز أحمد)، وهو طيار محسوب على إمبراطورية المجرة، ويهرب معه رسالة هولوغرافية (طيفية) من غالين، موجهة إلى حلف المتمردين تقول لهم عن نقطة ضعف نجمة الموت، وكيف يمكنهم تدميرها. تتحالف جين مع المتمردين الذين يخططون لاستغلالها، من أجل العثور على والدها وقتله أو ربما إنقاذه، المهم منعه من صنع السلاح.

قصة منفصلة متصلة

إذا كانت ثلاثية لوكاس الأولى (1977-1983)، أي الحلقة الرابعة والخامسة والسادسة، تدور حول محاولات الأميرة ليا (كاري فيشر) تدمير محطة الفضاء، وسرقة مخططات تصميم المحطة، وإعادتها إلى حلف المتمردين، وتحرير الأميرة ليا من الأسر.

وإذا كانت ثلاثية لوكاس الثانية (1999-2005)، أي الحلقة الأولى والثانية والثالثة، عن قصة أصل أناكين سكايووكر، وتحوله إلى الشخصية الأيقونية الأبرز في السلسلة.

وإذا كان «حرب النجوم: القوة تستيقظ» هو أساساً الحلقة السابعة وإكمال للملحمة بشكل عام، فإن «روغ ون» هو قصة منفصلة متصلة إن كان بالإمكان وصفها كذلك. فالفيلم يفصل نفسه عن السلسلة بشجاعة، دون الاعتماد عليها في أي شيء سوى القليل جداً من التلميحات الضرورية لسياق القصة الأصلية.

لكن الفيلم يتصل بالقصة الأصلية عند المشهد الأخير بعد تحقيق المتمردين هدفهم، أي أن الفيلم ينتهي قبل ساعات قليلة من أحداث فيلم «حرب النجوم: أمل جديد» عام 1977 (لم نفسد القصة، فأي مشاهد لأفلام حرب النجوم يعلم ما سيحدث في النهاية، يبقى السؤال كيف سيحدث؟). المهم أن الاتصال يحدث ببراعة، وبصورة مثالية جداً.

جميعنا نتذكر أن «حرب النجوم: انتقام سيث» 2005 كان حلقة الوصل بين الثلاثيتين، وهو الحلقة الثالثة، بينما «حرب النجوم: أمل جديد» الحلقة الرابعة، لذلك لو أردنا إعطاء «روغ ون» رقماً فسيكون 3.5، أي بين الثالثة والرابعة.

والفيلم يشبه كثيراً في أحداثه الفيلم الأول في السلسلة بعنوان «أمل جديد» كما ذكرنا آنفاً؛ حيث هدف المتمردين هو الاستيلاء على خطط تدمير السلاح الشامل.

رؤية أكثر نضوجاً

نعود إلى المقدمة، فهي قد تكون فقدت بعض زخمها بعد 39 عاماً، ولا تتمتع بالوقع نفسه على جماهير اليوم، كما كانت تفعل منذ أربعة عقود. وهذا قد يكون سبباً من صناع هذا الفيلم لعدم التركيز عليها، رغم أنها أعطت لمحة تذكيرية، وكانت تلك كافية لنقلنا مباشرة إلى أجواء القصة.

بينما كان «القوة تستيقظ» إعادة تدوير لملحمة حرب النجوم لإثارة النوستالجيا، فإن «روغ ون» يتمتع برؤية أكثر نضوجاً، لأنه ترك فكرة التلاعب برؤية جورج لوكاس مؤلف وصانع الثلاثيتين لتأويل قصته كما فعل الأول، وانصرف إلى وضع قصة جديدة وشخصيات جديدة في زمن مختلف وركبها في المجرة البعيدة نفسها.

المخرج البريطاني غاريث إدواردز (أخرج «غودزيلا» 2014)، نفذ الفيلم بثلاثة أهداف كما يبدو: الأول صناعة فيلم حربي متخفٍ في شكل حرب النجوم، الثاني الإشادة بالثلاثيتين أو فلنقل بسداسية لوكاس، والثالث هو وصل الفيلم بـ«أمل جديد»، وهذا الثالث أقوى نقطة في السيناريو، ولا يمكن تخيل الفيلم دونه.

الجزء الأضعف هو قصة الحرب، والتي تفقد توازنها أحياناً في بعض أجزاء الفيلم، من ناحية أخرى هي قصة شبه مستنسخة من أفلام «ويسترن»، مثل «ذا ديرتي دوزين» أو «الرائعون السبعة»، وفي الوقت نفسه قريبة جداً من قصة فيلم «الجسر على النهر كاواي».

شخصيات للزينة

الفيلم يحوي شخصيتين مهمتين فقط، هما: جين وساسيان (دييغو لونا)، وهذا الأخير هو الأقرب إلى شخصية هان سولو، أما البقية فكلها شخصيات للزينة لا أكثر، وليس هناك شيء يستدعي الاهتمام بهم، خصوصاً أنهم يظهرون في مشهد أو اثنين جيدين، ولا نعلم عن خلفيتهم شيئاً.

دارث فيدر (جيمس إيرل جونز) يحصل على مشاهد قليلة، لكنها من أقوى مشاهد الفيلم. فيدر مرعب كما كان في الحلقة الرابعة «أمل جديد»، وهنا ظهر بصورة مستقلة دون وجود الإمبراطور خلفه. ودون أي شك فإن أقوى مشهد له في كل السلسلة يحدث في آخر هذا الفيلم.

إبداع الفيلم الأبرز ليس في المؤثرات الخاصة المعتادة، ولا في المعارك، بل في شخصية غراند موف تاركن (بيتر كوشنغ) المتوفي عام 1994، والذي أعيد صنع وجهه الحقيقي من الأفلام القديمة بالمؤثرات الخاصة في خطوة تستحق الثناء الشديد. خطوة لا تنجح دائماً في كل فيلم، لكنها نجحت هنا، وفي «فيوريوس 7» عام 2015، بإعادة صنع وجه الممثل بول ووكر، لكنها لم تنجح مع آرنولد شوارتزينيغر في «ترمينيتور غينيسز»، لرداءة ذلك الفيلم.

هذا أفضل مثال حتى اللحظة في استخدام وجه ممثل ميت في أداء جديد؛ خصوصاً أن تاركن لا يظهر في مشهد واحد، بل في مشاهد عدة، وفي لقطات أمامية ومركزية، وليس مخبأ في الخلفية كي لا نلاحظه مثلاً.

تويتر