بعد انقضاء أسبوعين من مسلسلات رمضان

المخرج والكاتب والممثل.. بطولات مفردة

صورة

بعد مرور أكثر من 15 حلقة من المسلسلات العربية، التي تعرض في شهر رمضان المبارك على قنوات وفضائيات متعددة، تستطيع ببساطة أن تحدد مدى تأثير هذه الأعمال في ذائقتك واحساسك تجاهها، إذا كنت كمشاهد وضعت جدولاً لمتابعة الأعمال التي أعجبتك. لكن بالنسبة للمتابعين المتخصصين في الشأن الفني، فطريقة مشاهدتهم لتلك الأعمال تحيط بها العديد من العوامل والعناصر الفنية التي تحدد جودة عمل عن آخر، وطريقة حصره للقضايا تختلف حسب طريقة عرضها وتناولها بدءاً من النص، مروراً بالأداء، وليس انتهاءً بالإخراج.

 هذه الثلاثية التي يقوم عليها بناء أي عمل درامي وفني بشكل عام، كانت متفاوتة بين مسلسل وآخر، ففي بعض الأحيان انتصر النص على الاخراج والأداء، وفي أحيان أخرى انتصر الأداء على النص، ومع كل هذا التفاوت من البديهي أن يتحمل المخرج سوء التوازن، لأن مسؤولية الإدارة تقع على عاتقه.

انتصار النص

 

في الحديث عن انتصار النص على الأداء والاخراج، يظهر المسلسل السوري «عناية مشددة» للكاتبين علي وجيه ويامن الحجلي، وهو من اخراج أحمد ابراهيم أحمد، وبطولة عباس النوري الذي يبدو أنه فنان الدراما السورية هذا العام، لوجوده في غالبيتها، المفارقة في هذا العمل أن النص أراد أن يقترب الى حال الشأن السوري من وجهة نظر مغايرة، أراد أن يحكي الوضع الداخلي نتيجة الثورة التي خلقت في المجتمع السوري تجار الحروب، الذين يتاجرون بكل شيء حتى بأعضاء الانسان، وبالرغم من أن العمل لم يتطرق كثيراً الى النظام بشكل مباشر حال العديد من الأعمال التي تنتج على الأراضي السورية، إلا أنه تعرّض لحذف مشاهد كثيرة منه أثناء عرضه على شاشة التلفزيون السوري.



 
لكن هذا لا يعني غياب الأعمال التي تقترب من الصورة الكاملة في عناصرها، مثل مسلسل "العراب - نادي الشرق" للمخرج حاتم علي، فقد استطاع أن يترجم نصاً من الممكن أن يكون متواضعاً أمام أداء ولغة بصرية فائقة في الصناعة، كل ممثل في العمل من جمال سليمان الى باسل خياط ومنى واصف، وغيرهم الكثير، قدموا أداء سيضيف الى رصيدهم الفني الكثير.

ومع ذكر الفنان السوري باسل خياط، لا بد من الإشارة الى دوره المميز أيضاً في مسلسل «طريقي» مع الفنانة المطربة شيرين، التي كانت خفة ظلها وروحها طاغية على أدائها كممثلة، لكن من الصعب تجاهل محاولتها الأولى أمام كاميرا المخرج محمد شاكر خضير.

أما بالنسبة لمسلسل «العراب» للمخرج المثنى صبح، فالحديث هنا عن نص للكاتب السوري حازم سليمان تفوّق بلا شك على أداء الممثلين والاخراج، حتى إن سلافة معمار التي تترك دائماً بصمة في أي عمل تقوم ببطولته لم تخلق الصدى ذاته، ويشاركها البطولة الفنان سامر اسماعيل الذي عرفه الناس في مسلسل «عمر» للمخرج حاتم علي، وظهر حسب متابعين كأنه يقف أمام الكاميرا أول مرة، اضافة الى أن وجود المطرب اللبناني عاصي الحلاني لم يخلق توازناً كافياً..

المثنى صبح، هذا العام، قدم عملاً آخر اسمه "في ظروف غامضة» بطولة نسرين طافش، وتاريخ هذا المخرج لن يشفع له اختيار موسيقى لا يمكن أن تتناسب مع أي مشهد في العمل، بل بدت دخيلة على كل مشهد وحوار، لا الصوت ولا اللحن، حتى إن التحدي كان في قدرة المشاهد على متابعة الحلقة كاملة من شدة الازعاج في الموسيقى، ناهيك عن أن الفنانة طافش أثبتت منذ عودتها الى الدراما أنها لا تجدد في أدائها، بالرغم من تعدد الأدوار التي تلقتها، واكتفت بردود فعل اصبحت بديهية بالنسبة لمتابعيها.

 المثنى صبح الذي أخرج سابقاً «رفة عين»، و«جلسات نسائية» لا يمكن أن يكون هو الشخص نفسه الذي أخرج «العراب» و«في ظروف غامضة» .

وفي الحديث عن انتصار النص على الأداء والاخراج، يظهر المسلسل السوري «عناية مشددة» للكاتبين علي وجيه ويامن الحجلي، وهو من اخراج أحمد ابراهيم أحمد، وبطولة عباس النوري الذي يبدو أنه فنان الدراما السورية هذا العام، لوجوده في غالبيتها. المفارقة في هذا العمل أن النص أراد أن يقترب الى حال الشأن السوري من وجهة نظر مغايرة، أراد أن يحكي الوضع الداخلي نتيجة الثورة التي خلقت في المجتمع السوري تجار الحروب، الذين يتاجرون بكل شيء حتى بأعضاء الانسان، وبالرغم من أن العمل لم يتطرق كثيراً الى النظام بشكل مباشر حال العديد من الأعمال التي تنتج على الأراضي السورية، إلا أنه تعرّض لحذف مشاهد كثيرة منه أثناء عرضه على شاشة التلفزيون السوري، لكن مما لا شك فيه أن النص انتصر كثيراً، ومن يتتبع اللغة بين الممثلين سيدرك أن الغاية كانت منه وضع الجرح بصورته الكاملة، مع الإشادة بدور الفنانة أمانة والي.

 في المقابل وفي وقت باتت الطائفية تهدد العالم العربي، يظهر اليهود العرب في عملين بشكل مباشر هما "حارة اليهود" للمخرج محمد جمال العدل والجزء السابع من مسلسل "باب الحارة" للمخرج عزام فوق العادة، وبشكل غير مباشر في مسلسل "تشيللو" للمخرج سامر البرقاوي. تظهر تلك المسلسلات لتؤكد على التسامح، فمسلسل "حارة اليهود" بطولة اياد نصار الذي من المتوقع أنه سيأخذ وقته الكافي لنسيان هذا الاخفاق الذي لا يتناسب مع أدواره السابقة، يحكي عن يهود مصر، وعن كيفية العيش المشترك بين الطوائف في حارة اليهود التي كان يعيش فيها المسلم والقبطي واليهودي، مع وجود علاقة حب بين ضابط مصري وجارته اليهودية. والعمل ومع مرور أكثر من 15 حلقة منه ما زال غير واضح في المغزى المراد منه، خاصة مع حوار يؤكد دوما أن الظلم الذي وقع على اليهود في مصر سببه العرب، بالرغم من تصويره ايضا لمجموعة من اليهود المصريين الذين أبدوا طائفتهم على وطنيتهم تجاه مصر، إذ أن العمل لم يكشف بعد عن نواياه والتعقيدات فيه اضافة الى المغالطات التاريخية التي كانت حديث وسائل التواصل الاجتماعي منذ بدايته.

أما بالنسبة للجزء السابع من "باب الحارة"، ومع كل ما يقدمه من تسطيح فكري وثقافي وبصري، أراد أن يبني قصته هذا العام من خلال التعايش ايضا، مع يهود دمشق، عبر علاقة العقيد معتز مع فتاة يهودية، فقد حول العمل شخصية العقيد الى عاشق. لكن "باب الحارة" نفسه هو المشكلة بحد ذاته، وما يريد ايصاله للناس لم يعد خافياً، بأن الزعيم سيظل للأبد. تجسيد يهود دمشق من خلال عائلة الحبيبة هو واقع، ولم تكن هناك مشكلة في بلاد الشام تاريخياً مع اليهود، الا بعد أن أصبح بعضهم يدعي بأن له وطناً اسمه "اسرائيل" بعد أن تحتل فلسطين. هذه الحقيقة لا نستطيع تعميمها مع وجود يهود عرب ما زالوا يناصرون قضاياهم العربية.

"الإفلاس" المرتبط بإيجاد قصة من واقعنا يتجسد في مسلسل "تشيللو" الذي كشفت مواقع اخبارية مختلفة أن الرواية المبني عليها البناء الدرامي للمسلسل مأخوذة من الروائي الصهيوني جاك انغلهارد، الذي لا يعرف أغلب متابعي المسلسل أن العمل مقتبس من روايته التي تحمل اسم الفيلم نفسه، المنتج عام 1993، الذي بني عليه أحداث فيلم "عرض غير لائق" وهو اسم الفيلم الذي يشير اليه المسلسل دون ذكر اسم مؤلفه.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل انتهت القصص في المجتمعات العربية كي نبني عملاً على رواية لمؤلف صهيوني لا يتردد في كشف عدائه في كل مناسبة للشعب الفلسطيني والعرب؟ الاجابة تكمن في أن الأداء المميز لأبطال المسلسل خاصة للفنان السوري تيم حسن والاخراج لسامر برقاوي  كان يستحق أن يتوافق مع نص يشبهنا ويشبه حكاياتنا على الأقل

تويتر