نيللي كريم تتفوّق على نفسها مجدداً

«تحت السيطرة».. عمل لافت سيتذكره الناس

صورة

ليست نيللي كريم وحدها فحسب، بل كل اسم يظهر في «تتر» مسلسل «تحت السيطرة» للمخرج تامر محسن، ومن تأليف مريم نعوم، يستحق أن يقال له شكراً، لأنه كان سبباً في تقديم عمل من السهل القول عنه إنه متكامل بعناصر صناعته، من تمثيل وسيناريو وتصوير وإخراج، وحتى موسيقى ولو كانت الحلقة الأضعف.

ظافر العابدين

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/06/8ae6c6c54aa0819a014e1c3a46c43aec.jpg

ممثل تونسي، ولد في مدينة تونس عام 1972، درس مجال الحاسب الآلي في الوقت نفسه الذي كان يعمل فيه كعارض أزياء في متروبوليتان بالعاصمة الفرنسية باريس، ثم سافر إلى لندن ليلتحق بكلية برمنغهام للتمثيل، وتخرج فيها عام 2002، بعدها بعام بدأ بالظهور على شاشات التلفزيون من خلال مسلسل Dream Team، وظهر بعدها في عدد من الأفلام الأميركية، بدأ المشاركة في الأعمال العربية عام 2008، من خلال المسلسل التونسي «مكتوب»، لتتوالى بعدها أعماله، ومن أبرزها «نيران صديقة»، و«فرق توقيت».

من الممكن أن يقال إن الوقت مبكر للحديث عن هذا العمل الذي بات منذ الحلقة الأولى حديث معظم صفحات التواصل الاجتماعي واللقاءات الاجتماعية، لكن ما تركه من أثر في الأيام القليلة الماضية منذ عرضه يعطي الحق في الحديث عنه من الناحية البصرية والفنية على الأقل، بعيداً عن حكايته التي بدأت تتضح في الحلقة الرابعة منه.

لا شك في أن أداء نيللي كريم في المسلسل، والتي تؤدي فيه شخصية مريم، كان لافتاً للجميع، لكن الأمر الذي كان طاغياً هو البطولة الجماعية في المسلسل، فلا يوجد أحد يطغى على أحد، والمنافسة حاضرة في تقديم الأفضل، وهذا من السهل لمسه في آلية الأداء وطريقة إدارة المخرج لكل ممثل، فالتونسي ظافر العابدين الذي يؤدي دور زوج مريم، استطاع ببساطة أن يؤكد أداء سيعلق بذاكرة كثيرين، فهو يلعب دور الزوج المحب، الذي لا يتمنى سوى إنجاب طفل من زوجته التي تخبئ ماضياً تخجل منه له علاقة بالإدمان الذي كانت تعانيه قبيل رحيلها من مصر واستقرارها في دبي، والتعرف إلى زوجها، علاقة الحب بينهما وكل هذا الشغف سيبدأ المشاهد منذ الحلقة الخامسة بتتبعهما وتتبع قوتهما، وتتبع أداء ثنائي يستحق المتابعة والإشادة.

الكيمياء حاضرة، والحوار بينهما بطبيعته التي قد تحدث بين أي زوجين حاضر آخر، طريقة التعاطي مع كل مشكلة ولو كانت معقدة وبرتم الزوج الذي شبهته مريم كأنه يمشي في حياته بورقة وقلم، موجودة في الحقيقة في رجال كثر، لكن الأكيد أن المشاهد سيكون خائفاً في الحلقات القادمة من الريح التي من الممكن أن تهز كل هذا الحب.

فالمسلسل ليس قائماً على مسألة الإدمان، بل على ما بعد الإدمان وما يسمى «مرحلة التعافي»، التي من المفترض أن تجعل هذا المعافى قادراً على الاندماج، لكن خجله من ماضيه وما فعله يحول دون المضي في العيش بطريقة طبيعية، فيتحول هذا الماضي إلى سر يثقل قلب حامله، إذا لم يقرر المضي بطريقة لها علاقة بالمتعافين من الإدمان، ومن الواضح أن طريقة عرض القصة بهذه الحكاية سيكون لها وقعها على كثيرين وستؤثر إيجابياً فيهم، وهذه رسالة الفن المفترضة، والتي يجب أن تلامس الواقع وتقف إلى جانبه بطريقة تتماشى مع متطلباته.

وعودة إلى الممثلين في العمل، ومن بينهم شخصية (علي) التي يؤدي دورها الفنان محمد فراج، ومن الواضح أنه من المدمنين ومن الذين لا يولون للأخلاق معنى، لأنه ببساطة قرر ملاحقة فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً، علاقة علي ومايا من الممكن أن تكون حكاية مريم وحبيبها السابق رامي، كأن الحال تقول إن القضية مستمرة وتاريخها يعيد نفسه، طريقة أداء فراج مبدعة، وفيها الكثير من المحطات التي تؤكد أن مسألة وجود قصة وسيناريو بدرجة عالية من الأهمية ستساهم في إيجاد ممثل يكون على قدر النص المقدم له، وهذا الشيء تلمسه أيضاً في أداء الممثل والمطرب هاني عادل، الذي يؤدي دور شريف، وهو من المتعافين من الإدمان ويعمل على مساعدة المدمنين في التعافي أيضاً، ويحمل سر مريم، وهو المتحدث الرسمي عنها أمام زوجها.

أحمد وفيق، جيهان فاضل، سمر مرسي، وضيف الشرف عبدالرحمن أبوزهرة، والكثير الكثير من الأسماء، استطاعوا ببساطة أن يكونوا على قدر الوقوف أمام نيللي كريم التي سنتحدث عنها لتكون مسك الختام، هذه الفنانة التي يتذكرها الناس عندما أدت دورها أمام الراحلة فاتن حمامة في مسلسل «وجه القمر» بملامحها الناعمة، وطرح نفسها كراقصة باليه، ظلت هذه الصورة تحاصرها حتى في أدوارها في الأفلام، فهي دائماً تؤدي دور الفتاة الراقية البسيطة البريئة، لكن من الواضح أن كل هذه الرقة كانت تحمل في داخلها طاقة تمثيلية تريد أن تتنوع، فكان الانقلاب على الشكل والمضمون واضحاً وجلياً، عندما قدمت دور البطولة في مسلسل «سجن النساء»، الذي عرض في شهر رمضان الفائت، واستطاعت أن تؤكد أن سمات الشكل البريئة ليست لها علاقة بقدرات تمثيلية كانت بحاجة إلى نص ينتشلها من واقع فرض عليها وطال، وظهر حالياً في شخصية قريبة إلى ملامح وجهها البريئة، لكنها تحمل في داخلها الكثير من الطاقات التي من الواضح أنها ستتفجر في الحلقات المقبلة، ليس بداية من العيش مع هواجسها مع نفسها وردات فعلها التي لها علاقة بحالة نفسية تترجم عن طريقة هز رأسها تارة وقضم أظافرها تارة، وتكورها على نفسها تارة، ونظرات عيونها إلى الفراغ، كل تفصيلة في ردة فعلها حكاية بحد ذاتها، تستطيع ببساطة أن تضعها على حدة وتدرس طريقة تعاطيها مع كل مشهد، كي تدرك مدى الطاقة التي تبذلها لتكون مختلفة في كل مطرح.

نعم.. استطاعت نيللي كريم ببساطة في دور مريم في مسلسل تحت السيطرة، أن تكون قادرة على ترجمة نص بديع، وسيناريو وحوار تلاءما مع إدارة مخرج للكاميرا وللممثل وللضوء ولكل عنصر فني، إضافة إلى كوكبة من فنانين لم يقبلوا أن يكونوا أقل تأثيراً من حضورها، ليقدموا عملاً قرر أن يحترم عقل المتلقي.

تويتر