فيلم إماراتي يفتتح الدورة الثامنة من المهرجان

«من ألف إلى باء».. في كل محطة حكاية

صورة

التساؤل كان واضحاً على وجوه مشاهدي الفيلم الإماراتي «من ألف إلى باء»، الذي افتتحت به الدورة الثامنة من مهرجان أبوظبي السينمائي «أين الإماراتي في الفيلم؟».

والجواب سيكون مخرجاً له علاقة باللغة السينمائية، التي قد تغيب عن بال مشاهدين يريدون المباشرة، وهو أن الإماراتي في الفيلم لم يكن بطلاً من لحم ودم، بل هو فكرة لها علاقة بأن الإمارات التي يعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية، هي بلد الأمن والأمان، حتى لهؤلاء المقموعين والمضطهدين وغير القادرين على العودة إلى أوطانهم، لأسباب سياسية واجتماعية.

وبما أن هذه المرة تعد الأولى التي يُفتَتَح فيها المهرجان بفيلم إماراتي، الذي يقوم ببطولته الفنانون فهد أبوطريري وشادي ألفونس وفادي الرفاعي، وضيوف الشرف، بطل «الجنة الآن» الفلسطيني، علي سليمان، وعبدالمحسن النمر، وخالد أبوالنجا، وسامر المصري، ومن إخراج الإماراتي علي مصطفى، فقد كان الاحتفاء به في ليلة كهذه له علاقة بالفخر.

وللحديث عن الفيلم من المنصف التطرق قليلاً لطبيعة الأبطال الثلاثة الذين ظهروا على أنهم من طبقة اجتماعية غنية، سعودي نصفه ايرلندي، ومصري من عائلة مرموقة، وسوري ابن سفير، تجمعهم حكاية مرت عليها خمس سنوات، بعد فقدان صديقهم اللبناني في أحداث الضاحية ببيروت عام 2006، وتدور القصة حول الشاب السوري الذي يحمل ذنب أن صديقه اللبناني استشهد وهو على خلاف معه بعد أن استولى على حبيبته.

يلتقي الشباب الثلاثة، يوسف السعودي، وعمر السوري، ورامي المصري، بعد انقطاع دام خمس سنوات، بطلب من صديقهم السوري، الذي يقترح عليهم القيام برحلة من العاصمة أبوظبي إلى بيروت، كما كان متفقاً عليه قبل خمس سنوات، وهي الرحلة التي ألغيت آنذاك بسبب خيانة عمر صديقه الشهيد هادي. الفيلم يدور زمانه بعد ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن، وبدايتها في سورية، والطريق إلى لبنان سيكون من أبوظبي إلى السعودية، ثم إلى الأردن ، وانتهاء بسورية، قبيل الوصول إلى لبنان.

في كل محطة حكاية ترويها أحداث الفيلم، ففي السعودية بلد يوسف المقيم في الإمارات، تظهر علاقة يوسف مع الحالة العامة، فشخصية يوسف في الفيلم هي الأساسية من ناحية اجتماعية وسياسية، أما الشاب السوري عمر فالتقى في الأردن فتاة من درعا، كانت على علاقة عابرة مع هادي قبيل ذهابه إلى بيروت، حتى هذا الاكتشاف لم يكن مؤثراً في العمل، لأن القصة انتقلت إلى درعا بعد مجازر ارتكبت بحق الأطفال، فتقرر الفتاة الذهاب معهم إلى سورية للاطمئنان على عائلتها هناك.

سورية في الفيلم كانت قضيتها منصفة إلى حد ما، فالشباب يدخلون الحدود السورية متجهين إلى درعا بسيارة تحمل أرقاماً إماراتية، تلحقهم شاحنة مكتظة بجنود النظام، يضربوهم ويشتمونهم، خصوصاً عندما يعلمون جنسياتهم، فيزيد حنقهم بشكل مضاعف، وينقذهم جواز سفر الشاب السوري الدبلوماسي.

في حوار بين الضابط وعمر ابن السفير رسالة، ومثل دور الضابط الفنان خالد أبوالنجا.

أبوك انشق؟

لا.

بيقدر يطلعني من هون؟

ما بوعدك، لأني ما بحكي معه.

هذا المشهد كان يحمل في طياته الكثير، خصوصاً أن عنصراً صغيراً في الجيش، مقارنة مع الضابط الكبير، كان يراقبه عن بعد.

أفرج جيش النظام عن الشباب الثلاثة، واستطاعوا إيصال الفتاة إلى عائلتها، وفي طريقهم وجدوا مئات العائلات تنتحب، ليعلموا أنهم في حالة التعرف إلى جثث ذويهم، هنا يقفز رامي المصري الذي يظهر كمدمن على شبكات التواصل الاجتماعية، ويقوم بتصوير كل شيء، إلى أن تقع كاميرته في يد ثوار درعا. يقتاد ثوار درعا الشباب إلى مقرهم، يستجوبونهم، ويطلبون في النهاية طلباً واحداً فقط بلسان قائدهم، الذي أدى دوره الفنان السوري سامر المصري «وصلوا اللي شفتوه، بكل تفاصيله للعالم، بلكي تحرك».

ويفرج عنهم، ويصلون أخيراً إلى بيروت في يوم عيد ميلاد صديقهم الشهيد هادي، يقفون أمام قبره، يعبرون عن اشتياقهم له، ويرحلون، ومع أن الحكاية بنيت على أساس الوصول إلى القبر، إلا أنها لم توصل الرسالة المطلوبة، وباتت رمادية، خصوصاً عندما وقف عمر أمام قبر هادي ولم يقل شيئاً مهماً.

الفيلم الذي أنتج بالتعاون ما بين «تو فور 54» و«إيمج نيشن أبوظبي» مع المنتجين محمد حفظي وبول بابودجيان، وجرى تصوير آخر مشاهده في العاصمة الأردنية عمّان خلال شهر مايو الفائت، واستمر تصويره 26 يوماً من العمل، لم يكن خلاباً بمشاهد الرحلة التي قررها الأصدقاء، والأحداث السياسية فيه كانت أقوى من السيناريو الذي كان بين الأصدقاء، والتعاطف لم يكن على حال صداقتهم المبتورة بقدر التعاطف مع تلك القضايا السياسية.

تويتر