حصل على العلامة التامة وفق تصويت مشاهدين

«أسماء».. نظرة المجتمع تقتل أكثر من المرض

فيلم «أسماء» مستوحى من قصة حقيقية لامراة مصابة بالإيدز. أرشيفية

يتعاطف الجمهور بشكل أكبر مع الأفلام التي تتناول قصصاً حقيقية، وهذا التعاطف ظهر جليا في فيلم «أسماء» الذي انتهى عرضه أول من أمس، في دور السينما المحلية، وكان عرضه الاول في الدورة الخامسة من مهرجان أبوظبي السينمائي.

قصة الفيلم مستوحاة من حدث حقيقي حول فتاة تصاب بالايدز عن طريق زوجها الذي يموت قبل ان يعرف الناس بمرضه، ومواجهة تلك الفتاة للمجتمع الذي يكون قاسياً عليها أكثر من المرض نفسه.

لكن ما يميز أسماء أنها امرأة قوية وشجاعة، ولكن قواها تبدأ بالتراجع أمام ظلم الناس لها، الى ان تعود وتستمدها مرة أخرى عن طريق ابنتها الوحيدة، حيث تقرر أن تظهر أمام العلن في مقابلة تلفزيونية لتقول قصتها والتي تنهيها بعبارة «أنتم من سيقتلني، وليس مرضي بالايدز»،

أسماء باختصار هي حكاية مصابة بمرض الإيدز، لكن الضغوط الاجتماعية عليها تتزايد، مع الاحكام المسبقة من الناس، الذين لم يدركوا أن الايدز مرض، وفي حالة أسماء انتقل اليها عن طريق زوجها.

الفيلم الذي تمت صناعته بشكل ميلودرامي هو من إخراج عمرو سلامة وبطولة هند صبري وماجد الكدواني، وحصل حسب تصويت مشاهدين على علامة تامة، أي 10 درجات.

طريقان

قالوا عن الفيلم

** «فيلم عملاق يستحق المشاهدة أكثر من مرة، ويمكننا ان نتعلم منه من أجل مستقبل محترم استشعرناه في السينما». شريف أحمد من موقع «سينما دوت كوم»

** «الفيلم بقدر ما يحمل من مرارة يزرع أملاً، وهو ما عبر عنه المخرج عمرو سلامة بكل المفردات الفنية في التصوير والديكور والموسيقى. ويبقى أن المخرج تقدم كثيراً في فيلمه الروائي الثاني بعد فيلمه الأول «زي النهاردة». وستمكث كثيراً في الذاكرة هند صبري وهي تتقمص دورها بإبداع وألق في نبرة الصوت وبالإيماءة والحركة والنظرة. ولايزال ماجد الكدواني قادرا على إدهاشي في طريقة التقاطه تفاصيل الشخصية التي يؤديها». الناقد السينمائي طارق الشناوي

** «لم يحقق إيرادات مرتفعة عند عرضه تجارياً في مصر، هذه الحقيقة ولكن في المقابل فإن هذه الجوائز تزيد من سعر بيعه للفضائيات. والفيلم وإذا لم يحقق لي مكسبا ملموسا إلا أنه في المقابل لم يحقق خسارة، ومكاسبه الأدبية وترديد اسمه في العديد من المهرجانات أعتبرها تعويضا مرضيا جدا بالنسبة لي، وهي لا تقدر بثمن وتدفعني لإنتاج المزيد من هذه الأفلام». منتج الفيلم وكاتب السيناريو محمد حفظي

** «الفيلم أشبه بالأفلام التسجيلية، وهو من أهم وأجود الأفلام التي ظهرت أخيراً على الساحة الفنية، وذلك لتركيبة الفيلم الغنية من حيث الموضوع المتناول، وجودة لغته الإخراجية، والحوار المتميز، والأداء العبقري للفنانة هند صبري، إذ إن أداءها في فيلم (أسماء) تخطى كل حدود الأداء التمثيلي، فقد أدت دورها في الفيلم بتلقائية شديدة وبإحساس عميق، واستطاعت التخلص من شخصيتها الفنية كممثلة وبدت كمريضة إيدز حقيقية». الناقد السينمائي حسام عبدالهادي

يظهر طريقان في الفيلم: أحداث آنية لها علاقة بالمرارة التي تصيب بطلة الفيلم أسماء التي لا يتم معالجتها من قبل الاطباء بعد اكتشافهم مرضها بالايدز وطردها من المستشفى، والطريق الثاني قصة أسماء نفسها التي تسردها عبر خاصية الترجيع (فلاش باك)، فهي تعاني بسبب نظرة المجتمع لها.

أسماء تستعيد لحظاتها الاولى مع زوجها الذي تحبه والذي يتشاجر مع أحد الباعة بسبب مضايقته لزوجته فيدخل إثر هذا الشجار الى السجن ليخرج منه حاملاً مرض الإيدز.

المفارقة حسب رشا محمد (27 عاماً) تكمن في «هم أسماء في إجراء عملية المرارة التي قد تسبب وفاتها إذا لم تجرها وهي المصابة بفيروس خطر، لكنها تعايشت معه طوال هذه المدة». وتضيف «الفيلم رائع بتوجيهه رسالة واضحة للناس كي لا يكونوا ظالمين بنظرتهم لغيرهم». ومنحت الفيلم العلامة التامة.

في المقابل، تفيد عصمت أيوب (38 عاماً) بأن قصة اسماء هزتها من الداخل «الاسقاط الاجتماعي الظالم على هذه الفئة من الناس الذين نقل اليهم المرض ليس عبثاً بالجسد وتعدياً اخلاقياً، بل نقل اليهم ربما عن طريق الخطأ من دم أو علاقة جنسية مع حامله او أسباب كثيرة»، مؤكدة «يجب الوقوف الى جانبهم ودعمهم من الناحية النفسية، خصوصاً أن فيروس الايدز لم يعد قاتلاً كما في السابق، لكن القاتل نظرة الناس للمصابين به».

وتقول ان «أسماء أخطأت، إذ إنها بعاطفتها تغاضت عن اعتراف زوجها لها بإصابته بالمرض كي تدعمه نفسيا واصرت بالاستمرار معه وإنجاب طفلةمنه»، مؤكدة مرة أخرى «هذه هي طبيعة المرأة اذا أحبت». ومنحت الفيلم العلامة الكاملة.

زوج اسماء يقرر بالفعل الانفصال عنها، حتى لا ينقل إليها المرض، ولكن بعد أن تعلم الحقيقة تصر على الاستمرار معه وتوهمه بأنها مريضة حتى تحقق له حلمه بالإنجاب، ولكن يموت الزوج قبل أن تضع أسماء مولودتها وتضطر للابتعاد عن القرية وتعيش فى القاهرة حسب رغبة شقيق زوجها.

تكبر أسماء وتكبر معها ابنتها حبيبة، وتخفي عنها السر الذي لم يعرفه سوى والدها وبعض أصدقاء جمعية مرضى الإيدز الذين تتعايش معهم ويوفرون لها ما تحتاج إليه من أدوية.

حياة سرية

هذه الحياة السرية عاشتها أسماء طوال سنوات حياتها الى أن أصيبت بالمرارة، حسب رينا قصيص (30 عاماً) التي تقول «قوة أسماء في أن تعيش لأنها الوحيدة التي تعرف الحقيقة التي لو قالتها للناس لن يصدقوها، لأن السبب قد مات أصلاً». وتضيف إن «الفيلم فيه الكثير من العواطف التي لامستني بشكل شخصي، حيث وجود هؤلاء بيننا وتقاعسنا في مد يد العون لهم يعد سببا لمزيد من الحزن لهم»، مؤكدة «هذا الفيلم هو الافضل عربياً بلا منازع منذ عامين تقريباً».

تفاصيل حياتية

بعد مشهد أسماء في المستشفى وطردها منه، وتفاصيل بداية المرض معها، ينتقل المخرج مع المشاهد الى تسليط الضوء على حياة أسماء التي كانت صانعة وبائعة سجاد في قريتها. وبعد انتقالها للقاهرة بناء على رغبة شقيق زوجها تبدأ البحث عن أي عمل كي تربي ابنتها الوحيدة.

أسماء الآن عاملة نظافة في المطار، تطالبها مسؤولتها بتقرير طبي لزوم توظيفها، وتحيلها الى إجازة الى أن تكمل ملفها بالتقرير.

كليك

اقتراب من «التسجيلي»

قال مخرج الفيلم عمرو سلامة «عمدت أن يكون الفيلم قريباً من التسجيلي ليظهر بشكل واقعي، والاهتزاز في الصورة مقصود، لأن الكاميرا كانت محمولة على الكتف وهي طريقة تعطي الممثل الحرية في الحركة». وعن جمعه بين الكتابة والإخراج قال «لها مميزات وعيوب، فمن المميزات أني كنت أعلم تفاصيل السيناريو جيدا، وأحيانا أقوم بتغيير الحوار أثناء التصوير. أما العيب فهو الاعتماد على وجهة نظر واحدة لأن المخرج اذا لم يكن كاتبا للسيناريو فستكون عنده وجهات نظر فيه أحيانا لمصلحة الفيلم». وعن ظهور بعض المرضى في الفيلم رغم عدم تأثيرهم أو معرفة الجمهور بهم، قال إنهم رفضوا أن يظهروا كمرضى، وظهروا في مشاهد المجاميع حتى لا يلاحظهم أحد وذلك بسبب خوفهم من الناس. وأضاف عن أول مشهد كتبه في الفيلم «كان مشهد النهاية إذ تظهر البطلة في التلفزيون وتتحدث عن نفسها وتقول إنها لن تموت من مرضها، بل من المرض الذي لدى المجتمع». وقال «لقد غيرت مشاهد كثيرة الا المشهد الاخير»، مشيرا إلى أن شخصية البطلة الحقيقية كانت تحلم بأن تظهر بوجهها في التلفزيون.

تعود أسماء الى منزلها، فتنام على صوت سيمون وهي تغني في التلفاز «مش نظرة وابتسامة». تغمض عينيها لتُظلِم حياتها بين طردها المؤكد مقدماً من العمل، وترددها المتزايد في أن تظهر بالفعل في برنامج تلفزيوني دون ان تتخفى لتحكي قصتها على أمل أن ينصفها المجتمع.

ربا مأمون (27 عاماً) تعبر عن اعجابها الشديد بالدور الذي أدته هند صبري في شخصية أسماء. وتقول «هذه الفنانة تبهرني في كل دور تقدمه، لكن هذا الدور أظهر كل إمكاناتها». وتضيف «أهمية القصة ليس بواقعيتها بل بقدرة فنانين على هذا المستوى أن ينقلوا القصة بكل هذا الالم والفرح معا»، مؤكدة ان «الفيلم مدهش، وأستغرب عدم اكتمال الصالة بالمشاهدين»، معللة «أعتقد أن السبب هو الموضوع، إضافة الى انه يحمل نفحة وثائقية لا تتلاءم مع جمهور السينما التجارية».

تقتنع أسماء بالظهور تلفزيونياً لتكشف عن أزمتها بعد طردها من المستشفى عندما يكتشف الأطباء أثناء إجرائها جراحة إصابتها بالإيدز. وقبل لحظات من الظهور على الشاشة، تقرر أسماء التخفي وتكتفي بصوتها حتى لا تؤذي ابنتها وأهلها. ولكن تنقلب الحكاية رأساً على عقب عندما تفاجأ أسماء بمكالمة على الهواء من ابنتها التي تشجعها على كشف هويتها ووجهها وأنها فخورة بها وتقرر أن تكشف عن نفسها وتظهر للمجتمع وتعلن أمام الجميع أنها إذا ماتت فلن يكون بالإيدز ولكن من نظرة المجتمع.

في المقابل، تقول زينب المهيري (22 عاما) التي منحت الفيلم العلامة الكاملة، ان «الفيلم جعلني أبكي من الداخل، لأنني كنت أمام نموذج امرأة مضحية بكل معنى الكلمة». وتضيف «لحظة وقوف ابنتها الى جانبها هي القوة التي استمدتها لكشف وجهها أمام الناس، اذ نسيت كل الناس في هذه اللحظة لأنها استمدت قوتها من فلذة كبدها».

وتؤكد ان «الفيلم رائع بكل معنى الكلمة، لكن أستغرب عدم وجود حضور جماهيري كاف له، مع انه يستحق المشاهدة».

الفنانة هند صبري بالنسبة الى مؤيد العيسى (29 عاماً) «فنانة شاملة تذهل المشاهد بكل ما تقدمه وهي لا تقبل تقديم أي دور، وتستحق كل الجوائز التي نالتها عن دورها في الفيلم»، مؤكداً «الفيلم يكشف زيف المجتمع الذي يعيش فيه أشباه بشر»، حسب وصفه. في المقابل يقول منذر عبدالله (44 عاماً) ان «اداء كل فنان في الفيلم حكاية بحد ذاتها». ويضيف «لكن هند صبري هي النجمة وماجد الكدواني أيضاً»، مضيفا «قصة الفيلم مؤلمة جدا والمفارقة انها تموت من المرارة وليس من الايدز».

صحوة

تعود أسماء كما كانت من ذي قبل حسب الكاتبة السينمائية من مجلة «مصري» إسراء إمام، قوية كلبؤة تغدو أن تلتهم أي نظرة تشكك فيها أو تهاجمها، وتقرر في تلك اللحظة أن تظهر وتواجه العالم بوجهها في البرنامج. ومن بعدها تترك كفوف يديها التي اعتادت على ارتدائها في تلك المرحلة المشؤومة، تخلفها وراءها بكل بساطة دون أن تنتبه، وتخرج للشارع في عودة إلى بيتها بعد ان أصبحت الآن تقوى على المواجهة.

كل لقطة في طريق عودتها إلى منزلها يحوطها الضوء، وتحت منزلها يصطف جيرانها على الجانبين يحملقون فيها دون أن تهتم بنظراتهم. فقط تشعر بأنها قد استعادت ذاتها، واسترجعت انتماءها إلى نفسها، وعادت إلى أسماء.


أبطــال الفيلم

هند صبري

ولدت عام ،1979 وبدأت حياتها الفنية مبكراً في تونس، وشاركت في عملين مهمين للمخرجة مفيدة التلالي، هما «صمت القصور» و«موسم الرجال»، وهما العملان اللذان قدما ابنة تونس وعضو نقابة المحامين فيها للسينما المصرية.

من تونس وعن طريق إيناس الدغيدي تنتقل خريجة كلية الحقوق إلى القاهرة، وتشارك في أول أعمالها بمصر «مذكرات مراهقة»، وتحقق نجاحا كبيرا، تشارك بعده في العديد من الأعمال السينمائية المصرية، مثل «أحلى الأوقات»، و «مواطن ومخبر وحرامي»، و«بنات وسط البلد»، لتصبح بعد فترة جزءا من صناعة السينما في مصر. وفي عام 2004 نالت هند الحاصلة على ماجستير في «الملكية الفكرية» جائزة أحسن ممثلة من المركز الكاثوليكي المصري، عن دورها في فيلم «أحلى الأوقات». وتشارك في نوفمبر 2007 في مهرجان دمشق السينمائي الدولي عضوة في لجنة التحكيم لمسابقة الأفلام الطويلة.

ماجد الكدواني

ولد عام ،1967 بدأ مسيرته الفنية أثناء دراسته في معهد الفنون المسرحية الذي التحق به بعد دراسته للديكور بكلية الفنون الجميلة، ظهوره الفني كان بعدد من مسرحيات الهواة، قبل أن يشارك في عدد من الأعمال التلفزيونية مثل «القنقد»، و«نحن لا نزرع الشوك»، وشارك في عدد من الأفلام السينمائية، أهمها «عفاريت الأسلفت» و«حرامية كي جي تو»، و«حرامية فى تايلاند»، و«صعيدي في الجامعة الأميركية»، و«الرجل الأبيض المتوسط»، و«العيال هربت» و«خالي من الكوليسترول»، و«عسكر في المعسكر»، و«شباب تيك اواي»، و«عمر 2000»، و«طير انت» و«لا تراجع ولا استسلام».

أحمد كمال

ولد عام .1959 ممثل مسرحي ومخرج ، عمل في العديد من الأفلام، أسس الورشة المسرحية، عمل مذيعاً لفترة، تزوج الفنانة عبلة كامل ثم انفصل عنها. أنجبت منه أم كلثوم. هاجر إلى الولايات المتحدة للعمل، ويعود بين الحين والآخر ليقدم مسرحيات ممثلاً ومخرجاً.

هاني عادل

ولد عام.1976 بدأ الغناء من صغره، وفكرة تكوين فرقة جاءته عام ،1999 إذ كان يغني في الفنادق ويقدم فيها حفلات باللغتين الانجليزية والفرنسية، فوجد أن الأفضل أن تكون الأغاني والألحان في فرقة وتم تكوين فريق «وسط البلد» من سبعة أعضاء. حقق نجاحاً في مجال الغناء واتجه الى المجال السينمائي.

المخرج

عمرو سلامة

ولد في السعودية عام .1982 تخرج في كلية التجارة جامعة القاهرة عام ،2005 إلا أنه لم يعمل في مجال دراسته بسبب حبه للفن، وقد استعمل التجارة التي درسها في العديد من الافلام التي أنتجها، خصوصاً أنه قدم العديد من التجارب الانتاجية في مجال الافلام الروائية القصيرة والاعلانات والافلام التسجيلية، وكان مديراً للقسم الفني بالعديد من شركات الإنتاج الفني، منها شركة أفكار للخدمات الإعلامية.

تويتر