«أسماء».. المرض الحرام في المرأة الحلال

فيلم " أسماء" يراهن على " الميلودراما "

يراهن المخرج المصري عمرو سلامة في فيلم «أسماء» على الميلودراما، بعد أن جاء فيلمه الأول «زي النهارده» 2008 تشويقياً مبنيا على اللعب على الزمن والمصادفات، وليتخذ «أسماء» مساحة واقعية على اتصال بإشكالية متعلقة بحال المصاب بمرض الأيدز في المجتمع المصري، الأمر الذي يمتد ليكون حالة عربية وشرقية بامتياز.

يرسخ سلامة في الفيلم الذي سيعرض قريباً في دور العرض المحلية، من قدرته على تقديم سردٍ بصري محكم، لكن عينه هذه المرة على شباك التذاكر، ولعل عرضه في صالاتنا المحلية يحمل تأكيداً لذلك الاعتبار حين شاهدته، للمرة الأولى، في الدورة الأخيرة من مهرجان أبوظبي السينمائي.

سنكون من البداية مع مشكلة أسماء الأساسية، الأرملة والأم لابنة وحيدة، المتمثلة بضرورة إجرائها عملية للمرارة، الأمر الذي تكون في صدد القيام به، لكن حين تعترف للأطباء بأنها مصابة بالأيدز فإنهم يطردونها، وهنا يكمن الصراع الأكبر الذي تعيشه، كون ما يتهدد حياتها ليس الأيدز، بل ضرورة إجرائها العملية.

الإشكالية سابقة الذكر سيتمركز حولها الفيلم الذي تقوم ببطولته هند صبري، والذي سيتحرك في زمنين، الأول يتمثل بمسعى أسماء للحصول على مساعدة في خصوص عمليتها، والثاني «فلاش باك» يسرد لنا حياتها في القرية وزواجها، ومن ثم إصابة زوجها بالايدز حين يدخل السجن، وحيثيات اصرارها على الحمل منه رغم معرفتها بإصابته، وليكون هذا المستوى مسعى للإجابة عن الكيفية التي انتقل إليها المرض واضفاء الطهرانية على ذلك، ولعل الحل الدرامي لهذا المأزق سيأتي على شيء من إحاطة المريضة بطهرانية مطلوبة مطابقة تماماً لما يفترض أن الفيلم يدينه، بمعنى أن مشكلة أسماء الأساسية تكمن في عزوف المجتمع عن مساعدة المريض بناء على أحكام أخلاقية مسبقة، إذ إن ما يشغل المجتمع ليس إنقاذ حياة الإنسان أو المريضة، كما في حالة أسماء، بل الكيفية التي انتقل إليها هذا المرض المدان أخلاقياً، إدانة لدرجة تدفع الأغلبية لقبول جريمة فقدان الانسان حياته أمام حرمة ما قامت به، وفي تغييب كامل لقيمة المغفرة إن كان لنا أن نمضي وفق منطق من يطلقون الأحكام الأخلاقية المسبقة والمعدة سلفاً، والذين يعانون في الوقت نفسه من كل ما يسارعون إلى إدانته.

الفيلم لن يغفل هذا الجانب، إذ إنه سيحيك كل ما يطلبه الجمهور في هذا الخصوص، وسيتعامل مع ذلك وفق منطق يسعى إلى ادانته إدانات خجولة، ستنسى جميعاً، طالما أنه سينسج قصة سحرية بخصوص الطريقة التي انتقل الأيدز فيها إلى أسماء، كما ليقول لنا، عليكم مساعدة مرضى الايدز، ففيهم من انتقل إليه المرض دون أن يغرق في الحرام، مع ادعائه العكس من ذلك، أي أن يكون الأمر لا علاقة له، لا من قريب ولا بعيد، من حكم القيمة هذا، فالمريض مريض، والانسان انسان، وقيمة الحياة حق للجميع تقاة وخطاؤون، والحكم الأخلاقي والديني أمر رباني. سيقول لنا الفيلم في النهاية ان ذلك لم يحدث في الواقع، أي ان أسماء لم تظهر وجهها في التلفزيون، ولم تنل أي تبرع، وماتت لأنها لم تتمكن من إجراء عملية المرارة، بينما يؤكد الفيلم في البداية أن الأحداث مستقاة من قصة حقيقية. هنا المشكلة، إنها في نهاية فيلم «أسماء»، والسؤال الذي يحضر بقوة: لماذا إذن علينا أن نشاهدها في الفيلم وقد نالت كل ما تريده؟ إنها لعنة النهاية السعيدة التي تخون مصائر من نسرد قصصهم! فالنهاية لا تنسجم مع رسالة الفيلم، إنه واقع صادم فلماذا لا تكون نهايته صادمة أيضاً، ربما علينا التفكير بشباك التذاكر لتفسير ذلك.

تويتر