فيلم للنيوزيلندي لي تاماهاري

«شبـيـه الشيـطان».. «أكشن» عدي صدام حسين

صورة

يستدعي فيلم The Divel's Double (شبيه الشيطان) المعروض حالياً في دور العرض المحلية نصيحة ترويجية طالما أنه يعرض لمشاهد عربي، تتمثل في أن يكون عنوانه «عدي صدام حسين»، كون الفيلم متمركزاً حول شخصية ابن الرئيس العراقي السابق، وللدقة حول بديله أو شبيهه، الذي لن يكون إلا الضابط في الجيش العراقي لطيف يحيى، ويلعب كلا الشخصيتين الممثل البريطاني دومينك كوبر، فيكون عدي وشبيهه.

قبل المضي مع ما يقدمه هذا الفيلم، فإن هناك ما يستدعي المرور على مخرجه النيوزيلندي لي تاماهوري، الذي على ما يبدو ينتقل من فيلم رديء إلى آخر أشد رداءة، متتبعاً بوصلة تلك الأفلام التجارية التي تشاهدها وتنساها وأنت تهم بمغادرة مقعدك في دار العرض، كما هو فيلم Next (التالي) الذي كان آخر ما أخرجه قبل «شبيه الشيطان»، حيث البطولة كانت من نصيب نيكولاس كيج الذي لا ينفصل عن الرداءة أيضاً، مع أن بداية تاماهوري مع «كنا يوماً مقاتلين» 1994 أو «مولهولاند فولز» ،1996 لم تكن تشير إلى ما سيصل إليه من انحياز مطلق لما يسمى «أفلام الوجبات السريعة»، التي لن يكون «شبيه الشيطان» إلا واحداً منها، وليست بدايتنا بتوجيه نصيحة ترويجية إلا تأكيداً على أن الأمر لا يتعدى فيلم حركة (أكشن) تجارياً يستند الى شخصية حقيقية، وأحداث مستقاة من كتاب ألفه لطيف يحيى بنفسه عما عاشه وعايشه من خلال كونه بديلاً لعدي صدام حسين.

طبعاً هناك جملة استفزازية تطالع المشاهد على الدوام مع مثل هذه الأفلام، تقول «الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية»، وهي استفزازية ليست في هذا الفيلم تحديداً، بل في كل فيلم روائي. وكلما رأيتها تطالعني في فيلم من الأفلام ينتابني سؤال مفاده: إن كانت القصة حقيقية فلماذا لا يكون الفيلم وثائقياً، وصولاً إلى أن القصة الحقيقية لن تكون كذلك متى كانت مروية في سياق روائي له ما له من أدوات سردية تتناغم والخيال شرطاً رئيساً لأن يكون الفيلم روائياً.

المادة التي في حوزة تاماهوري غنية جداً، بمعنى أن تتبع مصير من يجبر أن يكون شبيها لأحد ما رغماً عنه أمر مملوء بالدراما، فكيف إن كان هذا الشبيه مرتبطا بشخصية مثل عدي حسين. كما أن الصراع الداخلي عند مجابهة مثل هذا المصير سيكون مثيراً للفضول إن قدّم وعين صانع الفيلم على هذا المسار، وليس على تقديم فيلم «أكشن» في النهاية.

فيلم «شبيه الشيطان» مشغول تماماً في الاستثمار بما هو معروف عن شخصية عدي، ومع هذا ستكون هناك أيضاً مناسبة للتعريج على صدام الأب، والعلاقة المأزومة بين الأب والابن، تعلق الأخير بأمه كما كل ديكتاتور، مروراً بميول عدي العنفية وقدرته على القتل دون أن يرف له جفن، إضافة لتتبعه كل أنواع الشهوات، بما في ذلك اغتصابه بنات مدارس، والوصول بشهواته غير الخاضعة لشيء إلى أبشع ما يمكن أن يقود إليه انفلات العقل وانتصار الغرائز البدائية المترافقين بسلطة مطلقة تضع الضحايا على الدوام أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الموافقة على ما يطلبه عدي أو الموت، كما يتردد عن تلك الشخصية. كل ذلك يظهر في الفيلم من خلال شخصية لطيف، الذي يقاوم بداية أن يكون عدي صدام حسين، وينجرف رويداً للعب الدور بعد أن يخضع لعمليات جراحية وتجميلية ليكون الشبيه تاماً، وليقول له صدام حسين (فيليب كواست) «لقد أصبح عندي ولدان اسمهما عدي»، إضافة لدورات تدريبية ليبدو سلوكه على اتصال تام مع سلوك عدي، اذ ينجرف بداية مع مغريات ما يوفره أن يكون عدي، لكن سرعان ما يعدل عن ذلك حين يكتشف المزيد والمزيد من المآسي، ولعل أكثرها تأثيراً فيه انتحار تلميذة مدرسة يعتدي عليها عدي جنسياً، إضافة لوقوعه في غرام إحدى عشيقات عدي الأثيرات، والمقصود هنا سراب (لوديفيني ساغينير). كل ذلك في تتبع لحبكة هوليوودية بامتياز، تتمثل بالتغيير الدرامي الذي يحدث في قفزة درامية يكون كل ما سبقها عملية تهيئة لهذه القفزة، ولتكون في هذا الفيلم إيذاناً بالمزيد من «الأكشن»، وتحول لطيف إلى متمرد، وعلى شيء من المنتقم من عدي في العملية المسلحة التي تعرض لها الأخير ونجا فيها من موت محقق. يمتلك الفيلم كل مقومات فيلم «الأكشن» أو «المافيا»، عدا كون تلك «المافيا» أو «الشخصية المافياوية» التي يقدم لها تنتمي إلى سلطة حكمت بلداً. وهنا تماماً ما يشغل الفيلم، أي تحويل كل ما نشاهده من أحداث إلى أعمال تشويقية بمنتهى التسطيح وارتهان إلى الوصفات الدرامية الجاهزة، بل حتى صراعات لطيف يحيى التي عاشها وهو يتحول إلى بديل يشبه في كل شيء عدي، تبدو سطحية، وعلى شيء من ردود الفعل الانفعالية، والمواقف الملفقة التي تأخذه إلى البطولة بمعناها السخيف، ولا شيء يفعله إلا الرفض، ودومينك كوبر الذي جسد الشخصيتين يرطن بالإنجليزية، كونها لغة الفيلم مع ورود خمس أو ست كلمات عربية طوال الفيلم «يلا» أو ما شابه، كما ليقول لنا الفيلم «يلا» لنشاهد مجموعة من المشاهد الجنسية والمطاردات وتبادل إطلاق النار وفق أي فيلم «أكشن» من الدرجة العاشرة، مصنوع بارتجال تجاري أيضاً.

تويتر