‏‏‏«أولاد الحرام» بلا جائزة.. وعاصفة «أفاتـار» تتنحّى

أوسكار 2010 فـي «خزانة الألم»‏

كاترين بيغلو أول مخرجة تنال جائزة «أوسكار» بين فريق عمل فيلمها «خزانة الألم» الذي خطف 6 جوائز «أوســــــــــــــــــــــــــــــــكار». غيتي

‏«أتمنى أن يعود الجنود في العراق وأفغانستان إلى ديارهم سالمين». تلك هي أمنية كاترين بيغلو التي صرحت بها وهي تنال أوسكار أفضل إخراج ومعه أوسكار أفضل فيلم ليلة أول من أمس، عن فيلمها Hurt Locker «خزانة الألم»، ولتكون أول امرأة تنال «أوسكار» الإخراج في عمر هذه الجائزة التي بلغت عامها الـ.82

يمكن لتأنيث الأوسكار إخراجياً أن يكون الحدث الأبرز أول من أمس، كون الاحتفالية خلت من أية اختراقات، وجاءت الجوائز مثلها مثل الأفلام المرشحة متوقعة، مع فواصل ترفيهية مثل الرقصات المميزة التي سبقت الإعلان عن جائزة أفضل موسيقى تصويرية التي ذهبت إلى فيلم الأنيماشن Up (إلى الأعلى)، وبالتأكيد مع «حس الفكاهة» الهوليوودي الذي على كل من يعتلي الصالة أن يتحلى به كما هما مقدما الحفل الرئيسان، وغيرها من تقاليد راسخة في تقديم الأوسكارات كأن تقدم كيت وينسلت الفائزة بأوسكار أفضل ممثلة في دور رئيس العام الماضي إلى الفائز هذا العام جيف بريدج عن تجسيده شخصية المغني باد بليك، ونحن ننتقل معه في سجايا أغاني «الكانتري» وما يلهمه وما يحبطه، ولينتزع بريدج هذا الأوسكار من مورغان فريمان الذي طال الزمن به طويلاً دون أن يحصد هذه الجائزة، وقد رشح هذا العام عن تجسيده شخصية نيلسون مانديلا، ومع فريمان كان من المرشحين أيضاً جورج كلوني وجيرمي رانر وكولين فيرث، وليقول بريدج مخاطباً أعضاء أكاديمية الفنون «أخيراً تذكرتم» في إشارة لترشحه لأربع مرات للأوسكار من دون أن ينالها.

نسوياً كان على شون بن أن يسلم ساندرا بولوك أوسكارها الأول كأفضل ممثلة في دور رئيس عن الشخصية التي قدمتها في «الجانب الأعمى»، من إخراج جون لي هانكوك، الأمر الذي كان متوقعاً بناء على حالة المرشحين الآخرين معها، وهن ميرل ستريب الحائزة على الأوسكار مرتين، وهيلين ميرن «الملكة» التي حصلت عن تجسيدها الملكة إليزابيث أوسكار عام ،2006 دون أن يكون من المتوقع أن تمنح لغابوري سيديبي وهي تقف أمام الكاميرا للمرة الأولى في حياتها في «بريشوس»، وتقدم دوراً استثنائياً من نواح عدة، وليكون أوسكار أفضل ممثلة في دور ثان من نصيب أمها في الفيلم أي الممثلة مو نوكيو.

تنحية «أفاتار»

اللافت ليلة أول من أمس تنحية «أفاتار» ومعه مخرجه جيمس كاميرون عن الجوائز الكبرى، حصد ثلاث أوسكارات لها أن تكون استحقاقات لا محيد عنها في كل من المؤثرات البصرية والتصوير والإدارة الفنية، ولعل ما حصده من نجاحات وتخطي أرباحه المليارين وضعته بعيداً عن خيارات الأعضاء فلاحاجة لمثل هذا الفيلم إلى أوسكار أو غيره من جوائز، ثم إن كاميرون نفسه متخم بأوسكارات «تيتانك» 1997 التي بلغت 11 في حينها.

لا أعرف إن كان في ما تقدم تفسيرات لنصر «خزانة الألم» المظفر على «أفاتار»، بحصده الأوسكارات الست، أو الانتقال إلى مستوى آخر من القراءة يتمثل في رسالة فيلم «خزانة الألم» نفسه الذي له أن يشكل بشكل أو آخر تحية لجهود الجنود الأميركان «الانسانية» في العراق، على الرغم من القتل اليومي الذي يتعرض له العراقيون على يد اولئك المحتلين.

والفيلم الذي تم تصويره في الأردن، دون الخوض في هجائيات أو تقديم ما له أن يكون فعل إدانة لاحتلال العراق وغير ذلك مما حملته أفلام كثيرة وانتاجات هوليوودية أو غير هوليوودية، وعلى شيء من نصرة مثل هذه المقاربة للحروب الأميركية بعيداً عن النقد والمواقف المناهضة لهذه الحرب.

على كلٍ، يمكن لـ «خزانة الألم» أن يحظى بفرصة عرض أخرى جراء الأوسكارات في دور العرض المحلية، بعد أن مرّ كالشبح على سطح الشاشات، فهو يضمن الآن تحقيق أرباح، وبالتالي فما مانع أن يبقى لأشهر مثله مثل «أفاتار» الذي لم يفارق شاشات العرض والإقبال الجماهيري على أشده، وهنا ستحضر قيمة الجائزة التي توجه الجمهور إلى ما غاب عنه، ومع هذا ستصل رسالة الفيلم والجنود الأميركان «أصحاب القلوب الرهيفة» يحققون نجاة الأبرياء من الألغام.

تارنتيو

كونتن تارنتيو وفيلم «أولاد الحرام المجهولون» خرج خالي الوفاض عدا أوسكار أفضل ممثل في دور ثان كانت من نصيب كريستوف فالس، دون أن يروق لأعضاء الأكاديمية أن يروا ربما رأس ضابط نازي يهشم بعصا البيسبول بينما آخر يحفر عليه الصليب النازي المعقوف، ودون أن تشفع له أول ربع ساعة من الفيلم التي مهد فيها لانقضاضه على فرقة من الجنود الأميركان اليهود وتقديمهم محتكمين على وحشية تتفوق على وحشية النازيين.

على كلٍ، قام تارنتينو وبرفقته المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار بتسليم الأرجنتيني جوان خوسيه كامبينلا أوسكار أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية عن فيلمه «الأسرار في أعينهم»، الذي كان مرشحاً لها فيلم «عجمي» الاسرائيلي الناطق بالعربية في ثلثيه كونه من إخراج الفلسطيني اسكندر قبطي والاسرائيلي يارون شاني، وليكون فعل المجاورة هذا تناوباً بين واقع عربي يوغل في عوالمه السفلية في تأكيد على هامشيته وصراعاته الداخلية وانحداره الأخلاقي إلى جانب مجتمع اسرائيلي يتبدى مسالماً لا يطاله التهديد إلا من هؤلاء العرب الذين يبدون مهاجرين في أرضهم، دون أن أعرف ما الذي قدمه قبطي لشعبه في هذا الفيلم، هل هو واقع الفلسطينيين المتبقين في حيفا؟ إن كان كذلك فقد كان علينا أن نثني على ذلك، لكن ماذا عن الشق الاسرائيلي من الفيلم، والسياق التاريخي لما نشاهده؟

لن نستسلم لخروجنا عن سياق جوائز الأوسكار، وقد سبق أن خصصنا على هذه الصفحة مقالاً موسعاً عن فيلم «عجمي»، لكن علينا أن نؤكد أن فوز الفيلم الأرجنتيني أبعد فيلمي هنكه وأوديار كونهما متوجين في «كان» وغيره من مهرجانات وجوائز، وكذلك الأمر بالنسبة للفيلم البيروفي «حليب هذا الأسى» المتوج العام الماضي بدب برلين الذهبي.

يبقى لنا أن نشير إلى أن أفضل فيلم وثائقي جاء بحرياً ومناصراً للحيوانات والدلافين وحمل عنوان «الخليج الصغير» بعيدا عن ترشيحات الأفلام الأخرى التي كانت تتمحور حول الوضع السياسي في بورما، أو مشكلة الأطفال العابرين للحدود في المكسيك وغيرها، وفي تأكيد أهمية الفيلم القصير الذي يبشر بولادة مخرج سرعان ما يحقق أفلاماً روائية طويلة، فقد كان أوسكار أفضل فيلم قصير من نصيب «السكان الجدد»، وهو من إخراج جوشيم باك وجايمس فلاين، وبالتأكيد فإن «إلى الأعلى» حصد أوسكار أفضل فيلم «أنيماشن» طويل، بينما كان أوسكار الأنيماشن القصير من نصيب «لوغوراما» لنيكولاس شمركين.‏

تويتر