جزء رابع ثلاثي الأبعاد

«شر مقيم: آخرة».. أهـــــــلاً بكم في عالم الألعاب الرقمية

الفيلم يتبع وصفات جاهزة ومعدة سلفاً بالاتكاء المفرط على «الغرافـــيك». آوت ناو

الشر مقيم لا يغادر، إنه متواصل ومستمر وعلى شيء يجعلنا نتوقعه يطفو على سطح الشاشة متى أمكن وفي أي وقت، فهذا الشر مقيم -علينا أن نكرر- لن يتردد في أن يعود لأربع مرات مع فتح الباب على مصراعيه للحبل على الجرار والذي يعني سينمائياً المزيد من الأجزاء والكثير من المغامرات والمفاجآت والاكتشافات التي ستنجو منها أليس التي لن تكون إلا في بلاد العجائب، بلاد ما بعد فناء البشرية وقد أصيبت بفيروس فتاك.

ما تقدم يراد له الدخول إلى فيلم Resident Evil: Afterlife «شر مقيم: آخرة» الذي يعرض حالياً في دور العرض المحلية، ويدعونا إلى تجربة ثلاثية الأبعاد هذه المرة، بحيث نكون أمام الجزء الرابع من هذه السلسلة الخارجة من رحم الألعاب الرقمية، وتحت عنوان ترويجي عريض يتمثل في أنه أول فيلم مأخوذ عن لعبة رقمية يقدم ثلاثي الأبعاد، الأمر الذي يقودنا أيضاً إلى علاقة متشابكة تزداد قوة بين الأفلام التجارية والألعاب، وعلى شيء يتخطى ما أصبح كلاسيكياً الآن بمعنى تحويل أي فيلم تجاري ناجح إلى لعبة رقمية، إلى عملية معكوسة ليس «شر مقيم» بأجزائه الأربعة إلا إحدى تجلياتها، وليمتد الأمر إلى التماس أثر الألعاب الرقمية في بنية أفلام «الأكشن» التي أصبحت منذ زمن تمنح المشاهد شعوراً بأنه أمام لعبة رقمية وليس سيناريو تمضي على هديه الدراما التي يقدمها، لا بل إن الرغبة تمتد لأن تحتوي مقاعد السينما على مجموعة من المفاتيح التي تمكن المشاهد من التحكم في المصائر، التي لن تكون مخيبة طالما أن البطل سينجح في النهاية في اجتياز المراحل الخطرة كافة، والوصول إلى المرحلة النهائية محققاً «السكور» المطلوب، ولعل ما قدم عليه جيمس بوند في جزأيه الأخيرين سيمنحنا الشعور سابق الذكر، وذلك بعد مقارنتهما بالأجزاء السباقة للعميل 007 لنكون أمام تغليب لمنطق الألعاب الرقمية على الشخصية الجاسوسية وعوالمها الخاصة التي صيغة أولاً على يد الكاتب ايان فليمينغ، وليكون هذا المنطق من جهة أخرى منطق جيل بأكمله تشكل ويتشكل، واسترسالاً يمكننا الحديث عن أن الحروب أصبحت تتبع هذا المنطق، فكل شيء يظهر أمام الشاشة، وليس على من يجلس أمامها إلى الضغط على المفاتيح لقتل البشر ليس بوصفهم بشراً بل أهدافاً مماثلة لما مارسه الجندي في طفولته ومراهقته.

نعود إلى فيلم «شر مقيم: آخرة»، الذي يعود إلى إخراجه مجدداً بيتر اندرسون، كاتب ومنتج هذه السلسلة في أجزائها الأربعة، تاركاً الإخراج في «شر مقيم: قيامة» 2004 لالكسندر ويت و «شر مقيم: انقراض» 2007 لراسل مولكاي، ويبقى احتمال جزء خامس أمراً وارداً بقوة، لكن في اتباع لأرباح هذا الجزء وكل ما سيتبع بدراسات تسويقية، يشكلان في النهاية كل ما يراد لهذا الفيلم تحقيقه.

آلبرت (شاون روبرتس) الذي ما أن يتهشم حتى يعيش، وكلما أودعت الرصاصات في جسده عاد من جديد، قد فجرت طائرته كما نشاهد في النهاية، لكن لنا أن نسأل أيضاً كم مرة حدث ذلك مع آلبرت وعاد، فهذا تفصيل لا معنى له متى تم إقرار جزء جديد، فله أن يعيش أيضاً.

أليس ستكون المتنقلة بين الأجزاء الأربعة، أليس أي الممثلة ميلا جوفافيتش في الأجزاء الأربعة، ومعها تلك المسدسات المعلقة على ظهرها كما لو أنها نينجا لكن ذات أسلحة نارية.

ومع بداية الفيلم سنكون أمام الشركة اللعينة التي اخترعت فيروساً كان كفيلاً بتدمير البشرية، لكن كما هي العادة فإن هناك ناجين، وعلى رأسهم أليس الأمل الأكبر والأخير، ومعها ستبدأ اللعبة الرقمية خصوصاً في القسم الأول من الفيلم وهي تهاجم المعقل الآمن الذي أوجدته الشركة التي لم نعرف لما عليها أن تكون يابانية، وفي الوقت نفسه فإن من يدير كل شيء هو آلبرت الأبيض وكل من حوله آسيويون، وسرعان ما تخرج أليس كواحـدة من عجائب القتال الرقمي، ومع قيام المخرج باجتراح لقطات بطيئة ومعها تثبيت اللقطة عند حركة بهلوانية أو قفزة في الهواء أو مع الرصاصات وهي في طريقها إذ تتوقف قليلاً لنراها ثم تكمل، وكل ذلك على هدي «ماتريكس» و«الماتريكسية» السينمائية.

نعود إلى منطق اللعبة الرقمية لئلا نسأل عن أي منطق درامي، فبعد معركة حامية الوطيس ينجو منها كل من آلبرت وأليس، يعود الفيلم إلى أليس وهي تبحث عن مكان اسمه «أركاديا» يكون آمناً غير ملوث بالفيروس اللعين، وقد التقطت نداءاته عبر أجهزة الاتصال.

أليس ستعثر في بحثها عن «أركاديا» على ناجين آخرين أولهم كلير (آلي لارتر) التي تكون فاقدة لذاكرتها، ومن ثم تعثر أيضاً على ناجين في لوس أنجلوس موجودين على سطح مبنى سجن، بينما هم محاصرون بأعداد هائلة من البشر المصابين بالفيروس، البشر الذين ما عادوا بشراً بل جموعاً هائجة ومتوحشة تزأر فتخرج من أفواهها ما يشبه الوردة المتوحشة التي تبتلع ما يقف أمامها، وعليه يصبح الوصول إلى «أركاديا» التي يكتشفون أنها باخرة راسية في البحر كل ما على أليس ومجموعة الناجين من حولها فعله، خصوصاً أن الوحوش البشرية تكون قد بدأت بالتسرب إلى المبنى المحصن والذي ما عاد آمناً، لكن فإن ما ينتظرهم في «أركاديا» سيكون فصلاً جديداً من الخديعة.

لن يدهشنا الفيلم وهو يتبع وصفات جاهزة ومعدة سلفاً، ولعل أفلاماً لا تعد ولا تحصى تلتقي على الثيمة نفسها وتجد في «الغرافيك» مربط خيلها المروض جيداً، ولن يكون إلا من تلك الأفلام التي تترافق ونقرشة «الناتشوز» أو «الفوشار» التي لن تتسبب في أي إزعاج قد يضر بالمشاهدة، وله إن كان مدعاة لدهشة هنا ودهشة هناك، فإن ذلك سيكون متأتياً بالدرجة الأولى من البناء البصري في القسم الذي تصل فيه أليس لوس أنجلوس المحترقة، خصوصاً عندما تهبط بطائرتها المروحية على سطح مبنى يكون تحته مئات آلاف من الوحوش البشرية، وعلى شيء من أجواء غرائبية وقيامية، ومن ثم تصعيد حالة الحصار التي تطالها ورفاقها الناجين، والتي لن تطول كثيراً ونحن نعود مجدداً إلى اللعبة الرقمية للفيلم، بينما تقوم أليس ومن معها بقتل الأعداد اللامتناهية من البشر المتوحشين الذي يبدأون بالتسرب إلى المبنى الذي كان منيعاً ووقع تحت قبضة المتوحشين، وما عدا ذلك فلنا أن نشهد كيف لهم أن ينجوا مع بضع خسائر لا أهمية لها طالما أن أليس مازالت على قيد الحياة، وبالتالي تحقيقهم أعلى «سكور» من قتل تلك الوحوش مع ظهور أحدها عملاقاً يرتدي قناعاً فيه مسامير وقد حمل مهدة هائلة الحجم، ونحن ننسى الخيال العلمي ونفكر بالواقع الرقمي، نخرج من الفيلم ونمضي خلف اللعبة الرقمية لمنافسة ميلا جوفافيتش وجعلها تفعل أكثر مما فعلت في الفيلم.

تويتر