أكدوا أنها «عقود إذعان».. ونصحوا المتعاملين مع البنوك بقراءة تفاصيلها كافة

قانونيون: توحيد عقود الصنـاديق الاستثمارية يزيل اللّبس من بنودها ويوحّد معايير صياغتها

صورة

أكّد قانونيون أن توحيد عقود معاملات الصناديق الاستثمارية والادخارية، يصب في مصلحة المتعاملين، ويزيل اللبس والشك في حال غموض بنودها، فضلاً عن حفظ توازن العلاقة العقدية للطرفين، وتوحيد معايير صياغة العقود.

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم» أنه لا يوجد أي بند قانوني واضح يلزم البنوك بتوحيد عقود معاملات الصناديق الاستثمارية والادخارية، في وقت لا توجد فيه أي نصوص قانونية تمنع من توحيدها بين البنوك، لافتين إلى أن تعليمات التوحيد ترجع إلى المصرف المركزي، المسؤول عن تنظيم المعاملات بين الأفراد والبنوك.

وأكدوا أن عدم توحيد عقود المعاملات البنكية، ومنها عقود الصناديق الاستثمارية والادخارية، يتسبب في وضع كل بنك شروطه الخاصة في تلك العقود، لافتين إلى أن عقود البنوك «عقود إذعان»، يكون فيها البنك دائماً الطرف الأقوى، ولذلك، لابد أن يهتم المتعامل بقراءة تفاصيلها كافة.

ونبّهوا إلى أن عدم وضوح تلك العقود، لا يضعف حجتها قانوناً، في حال نشوب أي نزاعات بين طرفي العقد.

عقود واضحة

- إذا ارتضى المتعامل التوقيع على عقود باللغة الإنجليزية، أو مكتوبة بحجم خط صغير، فهو ملزَم ببنودها كافة قانوناً.

- بعض البنوك تضع شروط إذعان بحجم خط أصغر مقارنة ببقية بنود العقد، مثل الشروط المتعلقة بالفوائد.

وتفصيلاً، قال المستشار القانوني في «مكتب السعيدي للمحاماة والاستشارات القانونية»، وائل أحمد، إن «من حق المتعاملين مع البنوك، المطالبة قانوناً بعقود واضحة ومكتوبة باللغة العربية، سواء للصناديق الاستثمارية أو الادخارية، وغيرها من المعاملات المصرفية، والامتناع عن التوقيع حتى معرفة وإدراك بنود العقد كافة، وترجمتها للّغة العربية إذا كانت بالإنجليزية فقط».

وأضاف: «إذا ارتضى المتعامل التوقيع على عقود باللغة الإنجليزية، أو مكتوبة بحجم خط صغير، فهو ملزَم ببنودها كافة، قانوناً، وبالتالي، فإن من المهم زيادة وعي المتعاملين، للمطالبة بحقوقهم قبل التوقيع على أي عقود».

ونبّه أحمد إلى أن صغر حجم الكلمات المكتوبة بالعقد، وعدم وضوحها، لا يضعف حجة العقد قانوناً، عند التقاضي، في حال نشوب أي نزاعات بين طرفي العقد، موضحاً أن المشكلة تكمن في أن البنوك تضع شروطاً وصفحات عدة للعقود، تكون أحياناً على هيئة كتيبات صغيرة، ما يضطر المتعامل إلى التوقيع عليها، دون قراءتها كلها، تجنباً لمشقة استغراق وقت طويل في قراءة بنود العقود.

ورأى أحمد أن إيجاد حلول لتلك الإشكالات، يرجع إلى جهة واحدة هي المصرف المركزي الذي يضع التعليمات التي تنتهجها البنوك بشكل ملزم، سواء في المعاملات أو في طريقة صياغة العقود.

وأكد أن ضعف وعي المتعاملين بشروط عقود التعاملات البنكية، يعرّضهم للعديد من المشكلات القانونية، لافتاً إلى أن عدداً كبيراً منهم يجهل، عند الحصول على تمويلات شخصية أو بطاقات ائتمانية، الحالات التي يتعرض لها عند التعثر في السداد، والفوائد البسيطة أو المركبة التي تتكالب عليه، فضلاً عن أن سداده لأصل المبلغ مع بقاء شيك الضمان لدى البنك، وعدم حصوله على براءة ذمة بذلك، قد يعرّضه لمطالبات بسداد مستحقات مالية أخرى.

توحيد العقود

وتابع أحمد: «لا يوجد أي بند قانوني واضح يلزم البنوك في توحيد عقود معاملات الصناديق الاستثمارية والادخارية، كما لا توجد أي نصوص قانونية تمنع من توحيدها بين البنوك»، معتبراً أن وجود تعليمات التوحيد يرجع فقط إلى المصرف المركزي بهذا الشأن، والمسؤول عن تنظيم المعاملات بين الأفراد والبنوك.

وأضاف: «من الصعب المقارنة بين نظم المعاملات البنكية الموجودة في دول العالم ودولة الإمارات، وذلك لاختلاف القوانين والتشريعات المنظمة، فعلى سبيل المثال، تعتبر قضايا الشيكات المالية في دولة الإمارات بمثابة جنحة، فيما تعد في عدد من الدول الأوروبية بمثابة تقاضي مدني بين الطرفين، لا يقتضي العقوبة».

ولفت إلى أن من المهم قانوناً أن يحرص المتعامل مع البنوك في أي معاملة، أن يحصل على صور من عقود التعاملات بشكل واضح، والمطالبة بأن تكون باللغة العربية، وأن يعي تفاصيلها كافة قبل اتخاذ قرار بالتوقيع عليها، مؤكداً أن من حق المتعامل الاستفسار عن أي بند غير مفهوم في العقود، والحصول على نسخ منها ومن الشيكات المحررة بعد توقيعها.

عقود إذعان

من جانبه، قال الخبير القانوني صالح عبدالله، إن الأصل في التعاقدات أنها شريعة المتعاقدين، إلا أن هناك أموراً يجب أن يتم توضيحها للمتعامل من قبل موظفي البنوك، إذا كان هناك لبس فيها.

وشدّد عبدالله على أهمية أن يقرأ المتعامل بقية البنود جيداً، معرباً عن أسفه من أن هذا لا يحدث.

وأضاف: «سواء كان هناك عقد موحد أم لا، فإن الثابت في عقود البنوك هي أنها عقود إذعان، يكون فيها البنك دائماً الطرف الأقوى، ولذلك، لابد أن يهتم المتعامل بقراءة التفاصيل كافة، والحصول على إجابة وافية لاستفساراته كافة، قبل الدخول في أي علاقة مع البنك».

علاقة تعاقدية

في السياق نفسه، قالت المحامية، حوراء موسى، إنه لا يوجد أي نص قانوني يوجب على المصارف كافة توحيد عقودها مع المتعاملين، لكن هناك حد أدنى من الاشتراطات القانونية التي لا يجوز النزول عنها أو مخالفتها، وإلا اعتبر العقد باطلاً، مؤكدة أنه وبناء على تعليمات المصرف المركزي، فقد تم توحيد الشروط والأحكام العامة للمنتجات والخدمات المصرفية.

وأكدت أن لتوحيد العقود بين البنوك مزايا للمتعامل، في حال صاغتها، لجنة متخصصة من خبراء مصرفيين وقانونيين، لتحافظ على توازن العلاقة العقدية للطرفين.

ورأت موسى في توحيد العقود إزالة اللبس والشك في حال غموض بنودها، إضافة إلى توحيد معايير صياغة العقود، بحيث تلتزم البنوك كافة بكتابة البنود والشروط بخطٍ واضح وبلغة يفهمها المتعامل، وهما اللغتان العربية والإنجليزية، فضلاً عن تمكين المتعامل من الاطلاع على البنود والشروط قبل توقيع العقد.

وشددت على حق المتعاملين في الحصول على شرح من قبل الموظف أو المندوب البنكي بشأن البنود والشروط الواردة في العقد، وصياغة العقود بلغةٍ يفهمها العامة بمعيار الرجل العادي، وغيرها من الاشتراطات الموحدة المعتمدة والمختومة من المصرف المركزي، تأكيداً على توحيد المعايير والشروط.

مصلحة البنوك

وأوضحت موسى أنه على الرغم من أن العديد من البنوك سيرى في الأمر إضراراً بمصالحه متى وُحّدت عقود المتعاملين بين المصارف، لاسيما في ما يتعلق بنسب الأرباح والفوائد، إن تم تقييدها وتوحيدها، فإن تلك البنوك ستتنافس في ما بينها، لافتة إلى أن توحيد عقود المتعاملين يقيد البنوك ويجعلها متساوية.

ولفتت موسى إلى أن هناك إشكالات تواجه المتعامل عند التعاقد مع المصرف، لعل أشهرها بند الإقرار على قراءة الشروط والأحكام من قبل المتعامل، في حين أن المتعامل فعلياً لم يطّلع عليها.

الشروط والأحكام

وتابعت: «قد يطلب المتعامل قراءة الشروط والأحكام العامة، لكن الموظف أو مندوب البنك قد يتعذر بعدم توافر نسخة مطبوعة منها، ويطلب منه قراءة النسخة الإلكترونية المتوافرة على الموقع الرسمي للمصرف نفسه، أو التي سيرسلها له عبر البريد الإلكتروني»، مؤكدة أن هذا الأمر يجبر المتعامل على التوقيع دونما قراءة لهذه الشروط والأحكام العامة، فضلاً عن أنها قد تكون مصاغة بلغةٍ لا يفهمها الشخص العادي أو لصغر حجم الخط المكتوبة به، أو لتوافرها باللغة الإنجليزية فقط بالنسبة للمتعامل العربي.

ولفتت موسى إلى أنه بمراجعة الشروط والأحكام العامة، فقد وجد أن هناك بنوداً تنص على حق المصرف بزيادة الفوائد السنوية بمقدارٍ ما، دونما حق المتعامل على الاعتراض، أو معرفة سبب الزيادة، وهذه الأمور تظل غائبة عن المتعامل عند إبرام العقد. وأشارت موسى إلى أن للبنوك والمصارف حق وضع شروط وبنود عند التعاقد، كون العقد شريعة المتعاقدين، على ألّا تخالف ما نصت عليه قوانين الدولة وتعليمات المصرف المركزي ولجان الشريعة الإسلامية بالنسبة للمصارف الإسلامية.

وقالت إن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في دولة الإمارات، فضلاً عن أنها اللغة التي يُعتدّ بها في المحاكم، ولا يعتدّ بأي مستند محرر بلغة أجنبية ما لم يترجم ترجمة قانونية إلى اللغة العربية، وهو الأمر الذي حتّم على المصارف في دولة الإمارات اعتبار «العربية» اللغة الرسمية.

ولفتت إلى أنه ونظراً لأن من المتعاملين أجانب، فإن تحرير العقود يكون باللغتين العربية والإنجليزية، الأولى باعتبارها اللغة الرسمية في الدولة والمحاكم والمصارف، والثانية باعتبارها لغة المتعامل.

شروط إذعان

أما المحامية شوق الكثيري، فقالت إن «عدم توحيد عقود المعاملات البنكية، ومنها عقود الصناديق الاستثمارية والادخارية، يتسبب في وضع كل بنك شروطه الخاصة في تلك العقود، ما يسهم في تضمين العقود البنكية ما يمكن وصفه بشروط الإذعان».

وأوضحت أن «أبرز أمثلة شروط الإذعان في العقود البنكية، ما تتضمنه بعض عقود التمويل من بند يفيد بأنه في حال تأخر المتعامل عن سداد دفعة من باقي دفعات المستحقات المالية، فإنه يحق للبنك المطالبة بكامل قيمة المديونية»، مؤكدة أن في ذلك إذعاناً للمتعامل، لأن ذلك ينطبق عليه حتى لو سدد جزءاً كبيراً من المديونية المستحقة سابقاً. ورأت الكثيري أن توحيد العقود البنكية أسوة بعقود موحدة أخرى في الدولة، من الأمور الإيجابية، وتعد ضرورة مهمة، كونها تنعكس بشكل مفيد على المتعاملين، خصوصاً أن توحيد العقود، سيتضمن في حال حدوثه، إشراف المصرف المركزي على العقود، ما يسهم في تنقية العقود التي تخضع للسياسات الخاصة لكل بنك.

عقود واضحة

وطالبت الكثيري البنوك بتوفير العقود باللغة العربية، وبشكل واضح ومقروء للمتعاملين، مؤكدة أنه يحق للمتعامل رفض أي عقود غير مصاغة باللغة العربية أو بشكل غير مفهوم له. ولفتت إلى أن بعض البنوك تضع شروط إذعان بحجم خط أصغر مقارنة بباقي بنود العقد، مثل الشروط المتعلقة بالفوائد، ما يجعل المتعامل لا ينتبه إليها، كما أن صعوبة بعض المصطلحات المصرفية، وزيادة عدد صفحات العقود يصعّب من معرفة المتعامل بشكل كامل لبنود العقد كافة، وبالتالي، فإن من المهم وضع دليل إرشادي لشرح بعض المصطلحات، أو صياغتها بشكل أوضح في العقود.

وشددت الكثيري على أن توحيد وتبسيط العقود، والالتزام بتعريبها، من الأمور المهمة في تطبيقها بالمعاملات البنكية، دعماً لحقوق المتعاملين بشكل أكبر، ما يجنبهم التعرض للمشكلات المصرفية.

تويتر