شركات تؤجل طرح وحدات جاهزة لضمان ارتفاع الإيجارات

مطالب بتدخل حكومي ووضع حوافز للملاك والشركات لتأجير الوحدات الخاليــة في أبوظبي

عقاريون يؤكدون أن فتح الوحدات المغلقة يسهم في خفض الايجارات في أبوظبي بنسبة 20%. تصوير: إريك أرازاس

أكد مستأجرون في أبوظبي أن شركات عقارية في الإمارة تؤجل طرح وحدات عقارية جاهزة في السوق، وتفضل تركها مغلقة، حتى تضمن استمرار ارتفاع القيم الإيجارية، في وقت يرفض فيه مُلاك أفراد التراجع عن الأسعار المرتفعة التي حددوها ولو بنسبة قليلة.

أقساط مصرفية

قال المالك العقاري فهد سعيد، إن الملاك يعانون الأقساط المصرفية المرتفعة، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الصيانة، لافتاً إلى أن مستويات الإيجار الحالية ليست مرتفعة، بل تتناسب مع أوضاع السوق تماماً، وكلفة الاستثمار العقاري المرتفعة.

 

وأرجع مسؤولو شركات وساطة عقارية وعقاريون ظاهرة الوحدات المغلقة في أبوظبي إلى سياسة البنوك المتشددة، التي جعلت فترة سداد القروض العقارية ثماني سنوات، بعد أن كانت 15 عاماً، ما وضع المستثمرين الأفراد تحت ضغوط كبيرة للسداد، فضلاً عن ارتفاع الملاءة المالية للشركات من جانب آخر، ما جعلها في وضع مالي قوي لا تحتاج معه سيولة عاجلة تدفعها إلى تأجير الوحدات العقارية المغلقة.وطالبوا بتدخل حكومي ووضع حوافز للملاك والشركات، لفتح هذه الوحدات المغلقة، متوقعين أن يؤدي فتح هذه الوحدات إلى خفض القيم الإيجارية بنسبة تزيد على 20% في العديد من المناطق.يشار إلى أن تقريراً لمركز الإحصاء في أبوظبي قدّر عدد الوحدات المغلقة في تقرير له منذ سنوات بأكثر من 40 ألف وحدة سكنية.

 

وحدات مغلقة

 

وتفصيلاً، قال المواطن عبدالله محمد، إنه عرض على مالك مجموعة فلل في أبوظبي مبلغاً راوح بين 300 و350 ألف درهم لاستئجار إحدى فلل المجموعة، لافتاً إلى أن المالك رفض التنازل عن السعر الذي حدده بـ400 ألف درهم سنوياً. وأكد محمد أن الفلل معروضة للإيجار منذ نحو ثلاث سنوات، فيما أفاده المالك بأنه سيترك الفلل مغلقة كما فعل في سنوات سابقة، ما لم يؤجرها بالسعر الذي يطلبه.

 

بدوره، قال المواطن يوسف النعيمي، إنه تواصل مع شركة عقارية كبرى في أبوظبي، بعد خبر صحافي يفيد بانتهائها من مشروع عقاري لطرحه للتأجير.

وأضاف أن مدير المشروع أبلغه صراحة أن المشروع جاهز للتأجير فعلاً، إلا أن الشركة تعتزم تأجيل طرحه في السوق أشهراً عدة، نظراً لوجود مشروعات أخرى مطروحة في أبوظبي وجزيرة الريم وشاطئ الراحة.

أما المستأجر أحمد النعماني، فذكر لـ«الإمارات اليوم» أن وكيل مالك لأبراج في منطقة الخالدية بأبوظبي، رفض خفض القيمة الإيجارية لشقة سكنية في أحد تلك الأبراج، وتبلغ 150 ألف درهم، موضحاً أن الأبراج مغلقة منذ أشهر طويلة، بانتظار مستأجرين يدفعون القيم الإيجارية التي حددها المالك. ولفت النعماني إلى وجود المئات من الوحدات المغلقة في أبوظبي، ما أدى إلى ارتفاع في القيم الإيجارية بشكل كبير، مطالباً بتدخل حكومي لمواجهة هذه الظاهرة، عبر تشريعات أو حوافز تساعد على فتحها، وتأجيرها، لخفض حدة ارتفاعات الإيجارات في أبوظبي.

 

خفض الإيجارات

 

من جانبه، قدّر الوسيط العقاري مصطفى عويضة، الوحدات المغلقة، بالآلاف، وذلك وفقاً لتقديرات رسمية وغير رسمية، مؤكداً أن فتح تلك الوحدات يسهم في خفض القيم الإيجارية بنسب تصل إلى 20%، وفقاً للمنطقة وعدد الوحدات التي تدخل السوق.

 

وأضاف أن معظم الوحدات العقارية الجديدة كانت بتمويل مصرفي، مشيراً إلى أن تشدد بعض البنوك في شروط التمويل العقاري مثل خفض عدد سنوات السداد، جعل الملاك يرغبون في الحصول على أعلى عائد لاستثماراتهم، لسداد تلك الأقساط المصرفية في وقتها.

 

تدخل حكومي

 

في السياق نفسه، قال مسؤول التأجير في «شركة الوادي الأخضر للعقارات»، إكرامي حماد، إن استمرار إغلاق الوحدات من جانب بعض الشركات العقارية والملاك الأفراد، والتي تصل إلى الآلاف حالياً، يؤدي إلى قلة المعروض، وبالتالي زيادة كبيرة في القيم الإيجارية، متفقاً مع عويضة في أن فتح هذه الوحدات سيؤدي إلى انخفاض القيم الإيجارية بنسب تصل 20% في العديد من المناطق، وطالب بتدخل حكومي لحل هذه الأزمة، فضلاً عن توفير حوافز للملاك، لإقناعهم بفتح الوحدات المغلقة، والاستفادة منها طالما هي ليست للاستخدام الشخصي.

ولفت حماد إلى عامل آخر شجّع الملاك على إبقاء وحداتهم مغلقة، والمتمثل في الوضع المالي القوي لبعض الشركات، ما يجعلها لا تتعجل في طرح وحدات مشروعاتها العقارية للحصول على أسعار مرتفعة، فضلاً عن أن بعض الأفراد أنهوا سداد مستحقات القروض التمويلية للبنوك، ويرغبون في الاستفادة من القيم الإيجارية المرتفعة، وهؤلاء لا يمانعون من إغلاقها لتحقيق ذلك.

 

قلة العرض

 

من جانبه، قال المدير العام لـ«شركة لؤلؤة الخليج للوساطة العقارية» ناصر الحمادي، إن إغلاق عدد كبير من الوحدات السكنية، وعدم عرضها للإيجار، يسهم بشكل كبير في استمرار الارتفاع الكبير في الإيجارات، نظراً لقلة العرض عن الطلب في السوق.

 

وأكد الحمادي أن هناك ملاكاً أفراداً يحددون أسعار تأجير مرتفعة للوحدات العقارية التي يمتلكونها من فلل وشقق سكنية، ويرفضون خفض الأسعار ولو بنسبة بسيطة، حتى إذا كان ذلك يعني إغلاق تلك الوحدات شهوراً أو سنوات.

وأوضح أن بعض المُلاك يرون أن التأجير بأسعار منخفضة يعني أنهم سيدفعون جزءاً من الأقساط المستحقة عليهم للبنوك، بينما تركها مغلقة يتيح أمامهم طلب مهلة، أو إعادة جدولة للديون من تلك البنوك.

وشدد الحمادي على أهمية أن يتفهم المالك أن من الأفضل له تأجير الوحدة العقارية بقيمة أقل لمؤجر جيد طويل الأمد، مقابل تأجيرها بقيمة مرتفعة على المدى القصير، أو لمستأجر غير منتظم في الدفع.

 

قانون ملزم

 

واتفقت المدير العام لـ«شركة إيسترن ساندز» عبير نديم، في أن استمرار إغلاق الوحدات السكنية، وعدم تأجيرها يساعد على زيادة أسعار القيم الإيجارية في ضوء نقص المعروض، لافتة إلى أن الأشهر الماضية شهدت دخول آلاف الوحدات السكنية في أبوظبي إلى السوق، لاسيما في جزيرتي «الريم» و«السعديات»، وشاطئ الراحة.

 

وكشفت أن بعض الشركات العقارية ينهي فعلاً مشروعاته، دون أن يطرحه في السوق، للحفاظ على المستويات السعرية المرتفعة، فضلاً عن أن بعض الملاك يحددون فترة زمنية معينة يتركون فيها الوحدات خالية، إذا لم يتمكنوا من تأجيرها بأسعار مرتفعة، ويستمر هذا الوضع إلى أن يتم التأجير بالقيم التي يحددونها، للاستفادة من طفرة الإيجارات، لاسيما إذا كانوا ملتزمين بدفع أقساط مصرفية خاصة بالتمويلات العقارية خلال فترة معينة. ولفتت نديم إلى أن فتح الوحدات المغلقة يسهم في خفض الإيجارات بنسبة 20%، مؤكدة أنها تؤيد صدور قانون يلزم الملاك بتأجير الوحدات المغلقة، على ألا يسري ذلك على الوحدات المخصصة للاستخدام الشخصي للعائلة والأبناء.

 

قروض عقارية

 

من جانبه، أرجع الخبير العقاري الرئيس التنفيذي لـ«شركة تمكّن العقارية» المهندس عبدالرحمن محمود العفيفي، إحجام بعض الملاك الأفراد عن طرح الوحدات السكنية الجديدة في السوق، إلى حصول نسبة 99% منهم على التمويل العقاري من البنوك.

 

وأضاف أن هناك التزام بمواعيد الأقساط والفوائد، ولذلك يرفض المالك التأجير حتى يحصل على قيمة إيجارية تغطي الأقساط والفوائد المترتبة على القرض، فضلاً عن نسبة ربح معين للمالك من استثماره.

 

وأوضح أن عدم التأجير يمنح المالك فرصة مطالبة البنك الممول تمديد مهلة السداد، إلى أن يستطيع تأجير الوحدات السكينة بقيم جيدة.

وذكر العفيفي أن البنوك ألزمت خلال الفترة الأخيرة، المقترضين، بسداد الأقساط في القطاع العقاري على فترة تصل إلى ثماني سنوات تقريباً، بدلاً من 15 عاماً، كما كان الحال سابقاً، ما زاد الضغوط على المُلاك.

 

عرض وطلب

 

وكشف العفيفي أن بعض الشركات الكبيرة، وهي من صناع السوق الرئيسين، تلجأ كذلك إلى طرح الوحدات الجديدة للتأجير تدريجياً، وليس دفعة واحدة، وذلك حتى لا تنخفض القيم الإيجارية، ما يؤدي إلى خسارة، أو تحقيق أرباح ضئيلة في أفضل التقديرات.

 

وقال إن دور الحكومة الرئيس هو سنّ التشريعات والقوانين الخاصة بتنظيم السوق، إلا أن الجهات المعنية بالقطاع العقاري ترغب في جعل العرض والطب هو المتحكم الرئيس في السوق، ليكون السعر واقعياً، وليس ناجماً عن تدخل أي جهة.

 

الملاءة المالية

 

في السياق نفسه، طالب الخبير العقاري مسعود العور، بتدخل الهيئة الحكومية التي تم الإعلان عن تشكيلها حديثاً للتنظيم العقاري في أبوظبي، في مسألة الوحدات المغلقة، باعتبار أن دورها يرتبط بالإشراف على المعروض من الوحدات السكنية، وتحقيق توازن بين العرض والطلب.

 

وأرجع العور إغلاق الوحدات إلى ارتفاع الملاءة المالية للشركات والأفراد بشكل كبير بعد مرور سبع سنوات من الأزمة المالية العالمية، مبيناً أن الشركات تتجه للحفاظ على مستويات الأسعار المرتفعة في السوق، لاسيما أن مستويات السيولة عالية لديها، وهي لا تحتاج تدفقات مالية جديدة. وأضاف أن الملاءة المالية لبعض الأفراد تحسنت كذلك، فضلاً عن انتهاء سداد مديونية بعض الملاك للبنوك، ما جعلهم يستطيعون الانتظار فترة للحصول على قيم إيجارية عالية إذا لم يصلوا إلى المستوى الذي يرغبونه حالياً.

تويتر