استبعدا تأثر الدرهم بـ «حرب العملات».. وحذرا من ضغط تراجع أسعار النفط

خبيران ماليان: السياسة النقدية للإمارات ضمانة للاستثمارات الأجنبية

سياسة ربط الدرهم بالدولار الأميركي كانت الأفضل عقب الخروج من الأزمة المالية العالمية. تصوير: أشوك فيرما

أكد خبيران ماليان أن السياسة النقدية للإمارات، المتمثلة في ربط الدرهم بالدولار الأميركي، تعد ضمانة للاستثمارات الأجنبية، في ظل حرب عملات يشهدها العالم حالياً، جراء اتخاذ بعض الدول إجراءات تمس عملاتها بشكل مباشر، وكان آخرها الصين التي خفضت قيمة عملتها بنسبة 3%، مستبعدَين تأثر الدرهم الإماراتي بهذه الحرب.

وقال الخبيران لـ«الإمارات اليوم» إن هذه السياسة كانت ناجحة في ضمان استقرار قيمة العوائد والاستثمارات الأجنبية في الدولة، موضحَين أن مخاطر تقلب أسعار العملات ومعدلات التضخم، يعدان من أهم المخاطر التي يراقبها كل مستثمر يرغب في ضخ أموال لاستثمارها في أي من بلد.

شريك تجاري

أظهرت إحصاءات صادرة عن وزارة الاقتصاد أن الإمارات تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري للصين في المنطقة، مبينة أن قيمة المبادلات التجارية غير النفطية بين البلدين، (شاملة تجارة المناطق الحرة)، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، إذ بلغت 46 مليار دولار (168.82 مليار درهم) خلال العام الماضي.

وأضافا أن هذه السياسة النقدية كانت الأفضل أيضاً عقب الخروج من الأزمة المالية العالمية، إذ لايزال مصرف الإمارات المركزي يحافظ على نسب انكشاف محدودة للغاية بين البنوك الإماراتية والبنوك الأجنبية عالية المخاطر، فضلاً على رفع احتياطات الأمان في بنوك الدولة لمواجهة أي طارئ من حالات التعثر، لكنهما حذرا في الوقت نفسه من ضغط تراجع أسعار النفط على هذه السياسة في حال استمرار انخفاض الأسعار.

 

سياسة ناجحة

وتفصيلاً، قال الخبير الاقتصادي، الرئيس التنفيذي لشركة AXITRADER، المتخصصة في تداول العملات، محمد الأحمد، إن «تغير سعر صرف العملات دائماً ما تكون له جوانب سلبية وإيجابية على أي دولة، ولكن نظراً إلى التنوع الاقتصادي والعلاقات التجارية والسياسة النقدية الناجحة في الإمارات، فإنها استطاعت أن تجعل التغير في سوق العملات يصب في مصلحتها»، لافتاً إلى أن «سياسة ربط الدرهم بالدولار الأميركي سياسة نقدية ناجحة من قبل الإمارات، إذ استطاعت خلال الأعوام الماضية أن تقوم بدور مهم في تحصين أموال المستثمرين من مخاطر التقلب في أسعار العملات، وهو ما أسهم في الحفاظ على استمرارية ضخ الاستثمارات في الاقتصاد الإماراتي».

وأكد الأحمد أن «هذه السياسة هي الأفضل وهي دعامة استقرار رئيسة لاقتصاد الدولة»، مشيراً إلى أنها «ذات فائدة عظمى لكل مستثمر، لأن مخاطر تقلب أسعار العملات ومعدلات التضخم، تمثل أحد أهم المخاطر التي يراقبها كل مستثمر يرغب في ضخ أموال لاستثمارها في أي بلد».

وطالب في الوقت نفسه «بضرورة تسليط الضوء وفهم الحرب التي تستهدف حرب العملات، وذلك لمزيد من التحصين للسياسة النقدية للإمارات»، مبيناً أن «الصراع الآن يدور بين الدولار الأميركي واليورو الأوروبي والين الياباني، وتعد العملتان الأخيرتان الطرفين الرئيسين في تلك الحرب، إضافةً إلى اليوان الصيني المنضم حديثاً بقوة، وهو يعد المشارك الصامت كونه يخرج من الصورة في بعض الأحيان ويبرز بكل وضوح في أوقات أخرى».

ولفت إلى أن «هدف صناع السياسة النقدية في أميركا وأوروبا واليابان والصين، هو الخروج باقتصاداتهم من حالة الركود، والإفلات من أنياب الأزمة المالية السابقة أو أزمة الديون الحالية في أوروبا، على سبيل المثال».

معدلات التضخم

وأفاد الأحمد بأن «البنوك المركزية في كل من هذه الدول تستهدف رفع معدلات التضخم إلى 2%، ما يضمن نمواً جيداً لاقتصاد دولهم ومناطقهم الاقتصادية»، موضحاً أن «عملات اليورو والين واليوان، تحارب لتصل إلى عملة أقل سعراً لتضمن نمو التضخم وتحقق المستهدف وتحمي تنافسية مصدريهم».

وأكد الأحمد أن «سياسة مصرف الإمارات المركزي بربط سعر صرف الدرهم بالدولار، هي سياسة ناجحة بالضرورة في ظل هذه الحرب، إذ اكتسب الدولار على مدار العام ونصف العام تقريباً زخماً وقوة مقابل بقية العملات الرئيسة، ولكون الاستثمارات والصناديق السيادية الإماراتية بالأساس مكونة من الدولار الأميركي، فضلاً عن أن ما نسبته 30% من صادرات الإمارات إلى العالم الخارجي هي من منتجات الطاقة المسعرة بطبيعتها بالدولار، فإن ذلك يصب في النهاية في مصلحة الميزان التجاري الإماراتي».

واستبعد الأحمد تأثير هذه الحرب في سياسة «المركزي الإماراتي» على المدى القريب، كونها سياسات رشيدة، لافتاً إلى أن «هذه السياسة كانت الأفضل، خصوصاً عقب الخروج من الأزمة المالية العالمية، إذ اتبع المصرف المركزي سياسة أكثر أماناً من حيث الحفاظ على نسب انكشاف محدودة للغاية بين البنوك الإماراتية والبنوك الأوروبية، كونها عالية المخاطرة، خصوصاً في الوقت الحالي، وكذلك رفع احتياطات الأمان بالبنوك الإماراتية لمواجهة أي طارئ من حالات التعثر».

وحذر من «إمكانية أن يشكل انخفاض أسعار النفط ضغطاً على صانعي السياسة النقدية، إذا طالت مدة هذه التراجعات واتسع مدى الانخفاض، فضلاً عن تباطؤ الاقتصاد العالمي بوتيرة أكثر حدة».

 

تراجع النفط

من جهته، قال رئيس قسم استراتيجية التداول لدى «ساكسو بنك»، جون هاردي، إن «تراجع أسعار النفط في العالم من الممكن أن يضغط على السياسة النقدية للإمارات نحو فك ربط الدرهم بالدولار، إذ سيقود هذا العامل إلى المزيد من التركيز السلبي على الربط بين الدرهم والدولار، لاسيما حال استمرت أسعار النفط تحت مستوى 50 دولاراً للبرميل»، لافتاً إلى أنه «مع استمرار تراجع أسعار النفط من المتوقع أن يحدث تغيير نسبي للسياسة النقدية الإماراتية».

وأشار هاردي إلى أن «السؤال الأهم بالنسبة للعالم أجمع، وللإمارات أيضاً، هو عن السبب وراء إشعال الصين فتيل حرب العملات»، مبيناً أنه «يمكن فهم هذا القرار جزئياً في ضوء التوقعات برفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، في حين تعمل الصين حالياً على تسهيل سياساتها المالية، ما يعني أن توجُّه الصين نحو تحرير أكبر لأسعار الصرف يمثل خطوة منطقية (لا تقل أهميتها عن التخفيض الفعلي المتواضع الذي أقرته على قيمة عملتها بنسبة 3%)».

وأضاف «من ناحية أخرى، إذا كان الدافع وراء هذا التخفيض هو وجود مخاوف من تراجع إضافي في الأداء الاقتصادي الصيني، فإن هذا سيقود في نهاية المطاف إلى تخفيض أكبر في قيمة العملة، وهو ما سيترك حتماً آثاراً مهمة على المستوى العالمي».

واستبعد هاردي، إمكانية تأثر التجارة الإماراتية جراء حرب العملات التي يشهدها العالم منذ فترة، والتي كان آخرها تخفيض العملة الصينية، مؤكداً أن «هذا التراجع في العملة الصينية سيؤدي إلى خفض فاتورة واردات الإمارات من الصين، فضلاً عن أنه سيفيد المستوردين من داخل الإمارات».

تويتر