عقاريون يعتبرونها نصيحة من مديري عقارات غير محترفين.. ويرجعونها إلى القلق من انخفاض قيم بيع عقارات

«تجميد» الوحدات السكنية.. سياسة مُلاك لتثبيت الإيجارات

اكتمال عدد كبير من المشروعات العقارية يدفع باتجاه خفض أسعار الإيجارات. تصوير: باتريك كاستيلو

كشف خبراء عقاريون أن بعض ملاك العقارات في دبي يلجأون إلى سياسة «تجميد» الوحدات السكنية، أي إبقاؤها خالية من دون تأجير، بهدف الحفاظ على القيمة الإيجارية والبيعية لتلك الوحدات من الهبوط، تزامناً مع ضغوط سوقية هبطت بأسعار الإيجارات في بعض المناطق أخيراً.

وأرجعوا انتهاج هذه السياسة، إلى تخوف الملاك من أن القبول بخفض القيمة الإيجارية لوحدة سكنية من الممكن أن ينسحب على بقية وحدات العقار، فضلاً عن كونها نصائح عقارية للملاك من مديري عقارات غير محترفين وليس لديهم أساليب ابتكارية في التسويق، ورغبة البعض في «تعطيش» السوق من المعروض السكني في بعض الأماكن.

بدورهم، أكد مستأجرون أن هناك مكاتب عقارات ترفض تأجير الوحدات السكنية في بعض البنايات رغم وجود شواغر فيها، في وقت قال فيه مالك إن العقارات ملكيات خاصة يديرها الأفراد بحسب ما يرونه مناسباً، ووفقاً للعائد الاستثماري المتوقع منه.

وتواصلت «الإمارات اليوم» مع دائرة الاراضي والأملاك في دبي، لكنها لم تتلق رداً رسمياً حتى تاريخ النشر.

رفض التأجير

نظرة مستقبلية

ذكر تقرير صادر عن شركة «سي بي آر إي» للاستشارات العقارية، أن وفرة الوحدات الجديدة خلال عام 2015 لعبت دوراً مهماً في زيادة الضغط على سوق العقارات السكنية، متوقعاً تراجع الإيجارات في بعض مناطق دبي خلال العام الجاري.

وأشار التقرير إلى بعض الأماكن التي شهدت انخفاضاً في الإيجارات فعلاً، وشملت: «النهدة»، «البرشاء»، المنطقة العالمية للإنتاج الإعلامي، «موتور سيتي»، و«الليوان»، لافتاً إلى أنه تم تسجيل أكبر انخفاض في الأسعار ضمن مشروعي «قرية جميرا» و«ذا فيلا»، إذ شهدتا انخفاضاً بنسبة 3 و4% على التوالي على أساس ربعي.

وفي تقرير حديث لبنك الإمارات دبي الوطني صدر الأسبوع الماضي، جاء فيه أن النظرة المستقبلية لوكلاء العقارات سلبية، وتشير إلى حدوث انخفاض في إجمالي أسعار الإيجارات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

وتفصيلاً، قال المستأجر توفيق أبومحمد، إنه استفسر من شركة وساطة عقارية عن وحدة سكنية مكونة من غرفتين وصالة، وأكدت له الشركة توافر طلبه بأكثر من نموذج وفي أكثر من طابق، إلا أنه عندما طلب خفض قيمة الإيجار، رفضت الشركة التأجير وأفادته بأن طلبه غير متوافر حالياً.

أما المستأجر معتصم الشوا، فذكر أنه وجد وحدات سكنية عدة في إحدى البنايات، وعندما طلب خفض القيمة الإيجارية للعقد، أبلغه الوسيط بأن المالك لا يريد أن يؤجر بأسعار أقل من بقية العقود.

القيم الإيجارية

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لـ«شركة إس إيه إس انترناشيونال للعقارات»، سيف بن يوخه، إن «أداء قطاع الإيجارات شهد انخفاضاً في بعض المناطق خلال النصف الأول من العام الجاري، ما جعل بعض الملاك يتمسكون بالقيم الإيجارية دون تخفيض، ويمتنعون عن التأجير عبر (تجميد) بعض الوحدات السكنية داخل عقاراتهم، حتى لا تتأثر الحصيلة النهائية من العقار ككل».

وأوضح أن المعادلة المحاسبية لهؤلاء الملاك تقول إن انخفاض القيمة الإيجارية لأي وحدة سكنية ولو بنسبة ضئيلة قد ينسحب على بقية وحدات العقار عاجلاً أم آجلاً، إذ إن انخفاض القيمة الإيجارية لبناية مكونة من 100 شقة سكنية، من 100 ألف درهم إلى 90 ألف درهم سنوياً للشقة، يعني خسارة مقدارها مليون درهم سنوياً في القيمة الإيجارية، ولذلك، يلجأ بعض الملاك في هذه الحالات إلى حل يعتبرونه الأسلم من وجهة نظرهم، وهو «تجميد» بعض الوحدات فترة شهرين أو ثلاثة، دون الهبوط بالقيمة الإيجارية.

وتوقع بن يوخه تراجع أسعار الإيجارات خلال الأشهر المقبلة حتى نهاية العام الجاري، مع انسحاب هذا التراجع على أداء القطاع العقاري في عام 2016، نظراً لاكتمال عدد كبير من المشروعات العقارية ودخولها إلى السوق.

أساليب ابتكارية

من جانبه، أكد المدير الإداري في «شركة هاربور العقارية»، مهند الوادية، وجود هذه الظاهرة السلبية في السوق، قائلاً إنها ناجمة عن نصائح عقارية خاطئة لهؤلاء الملاك من قبل بعض مديري العقارات غير المحترفين، لافتاً إلى أن هؤلاء لا يقبلون بمستأجرين يدفعون أقل من القيمة الإيجارية تخوفاً من تدني القيمة البيعية للعقار ككل، مشيراً إلى أنه يتم احتساب قيمة العقار في حالة البيع بناء على إيرادات الإيجار السنوية له.

وقال إن «هناك أساليب ابتكارية أفضل يجب أن يتبعها الملاك بعيداً عن هؤلاء الوسطاء العقاريين الذين يديرون هذه البنايات»، مستشهداً بتسهيلات قامت بها شركات عقارية حافظت بها على القيم الإيجارية للعقارات دون اللجوء إلى إغلاق الوحدات السكنية حتى العثور على مستأجر قادر على دفع القيمة الإيجارية المستهدفة، ومنها زيادة عدد الشيكات إلى ست أو ثماني شيكات أو جعل عملية الدفع شهرية، وإمداد العقار بمرافق أكثر تحقق الراحة للمستأجر.

«تعطيش» السوق

إلى ذلك، أشار المدير العام في «شركة عوضي قرقاش للعقارات»، رعد رمضان، إلى أن نسبة قليلة من الملاك تجمّد الوحدات السكنية، نظراً لاعتيادها على إيرادات محددة من العقارات، لافتاً إلى رغبة البعض في «تعطيش» السوق من المعروض السكني في بعض الأماكن للحفاظ على المستويات السعرية. وقال إن بعض الملاك لا يستوعب الضغوط التي أوجدها شح الطلب في السوق العقارية.

ضغوط السوق

من جهته، استبعد المدير التنفيذي لـ«شركة الرواد للاستشارات العقارية»، إسماعيل الحمادي، لجوء ملاك العقارات إلى هذا السلوك، معتبراً أنه ليس حلاً للحفاظ على عائدات القيم الإيجارية للعقارات. وقال إن هناك بعض الملاك لديهم التزامات مالية، كما أن بعضهم اشترى العقار بسعر مرتفع، ما يفسر هذا السلوك.

ورأى الحمادي أن لملاك العقارات كامل الحرية في التصرف بعقاراتهم، إلا أن إغلاق بعض الوحدات السكنية في أي عقار قد يتسبب في خسائر لصاحب العقار.

وأضاف أن هناك عوامل عدة ضغطت على القيم الإيجارية في الفترة الماضية، منها دخول وحدات جديدة إلى السوق، وهدوء حركة العقارات خلال فترة الصيف، إضافة إلى تريث قرار المستأجر الإيجاري لإمكانية الحصول على سعر أقل مع دخول مشروعات جديدة، ما أسهم في تباطؤ نشاط الإيجارات.

وطالب الحمادي ملاك العقارات بتقديم تسهيلات تدفع بحركة الإيجارات في السوق نحو استعادة نشاطها.

في السياق نفسه، قال مدير مكتب وساطة، طلب عدم نشر اسمه، إن مالك العقار الذي يديره طلب منه عدم الهبوط بالقيم الإيجارية، على الرغم من وجود وحدات شاغرة كثيرة في العقار، لافتاً إلى أن المستأجر يقارن عادة مع قيم الإيجارات في المنطقة المحيطة والتي هبطت بالفعل أخيراً.

وتابع: «العديد من ملاك العقارات لا يتابعون السوق وما يحدث فيها، وما يهمهم هو ضمان عدم تأثر إيرادات عقاراتهم، إلا أن لدى البعض منهم أعذاره»، مؤكداً أن شركات الوساطة هي المتضرر بسبب بطء الحركة في السوق.

ملكية خاصة

في المقابل، قال الرئيس التنفيذي لـ«شركة الوليد للعقارات»، محمد عبدالرزاق المطوع، إن «هذه الظاهرة غير موجودة حالياً، نظراً إلى وجود قوانين قوية منظمة للقطاع»، مستدركاً أن من الممكن أن تكون حدثت في أوقات الطفرات مع ارتفاع أسعار العقارات بنسبة كبيرة، إذ أبقى بعض الملاك وحدات سكنية مغلقة للحصول على سعر أعلى. وقال مالك عقارات، طلب عدم ذكر اسمه، إن العقارات ملكيات خاصة يديرها الأفراد بحسب ما يرونه مناسباً، ووفقاً للعائد الاستثماري المتوقع منه، لافتاً إلى أن تصرف بعض الملاك وفق هذه السياسة في السوق غير مستهجن، نظراً إلى أن هناك بنايات عليها التزامات مصرفية، ولا يمكن الهبوط بالقيم الايجارية حتى لا يتأثر الموقف المالي للشركة.

تويتر