مستأجرون ووسطاء طالبوا بحدود دنيا لكل فئة من الوحدات السكنية.. ومطوران يقولان إن السوق حرة

مساحات الشقق السكنية في أبوظبي بلا رقابة

مساحات الشقق في أبوظبي تشهد تناقصاً مستمراً منذ سنوات. تصوير: إريك أرازاس

قال مستأجرون ووسطاء عقاريون في أبوظبي، إن مساحات الشقق السكنية الجديدة في أبوظبي أصبحت ضيقة للغاية، على الرغم من ارتفاع القيم الإيجارية بشكل كبير.

معاناة نفسية ومادية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/314687.jpg

رضا مسلم. الإمارات اليوم

اعتبر الخبير العقاري، المدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، أن «المستأجرين في مدينة أبوظبي، لاسيما جزيرة الريم، يعانون صغر مساحات الشقق بشكل يجعلهم يعانون نفسياً ومادياً، وهو ما يرجعه ملاك إلى ارتفاع سعر الأرض والخدمات المقدمة».

وطالب بألا تقل مساحة الاستوديو عن 40 متراً مربعاً، وألا تقل مساحة الغرفة والصالة عن 65 متراً مربعاً، وألا تقل مساحة الغرفتين والصالة عن 85 متراً مربعاً، لضمان أن تكون مناسبة للعيش بها.

وأكد ضرورة عدم ترك تحديد المساحات للملاك والمطورين فقط، مطالباً بإشراف حكومي، عن طريق وجود جهة حكومية مسؤولة عن التحقق من دقة المساحات التي يتحدث عنها الملاك للمستأجرين، وعما إذا كانت تمثل صافي المساحة المستأجرة، أو المساحة الإجمالية شاملة الأسطح والحديقة في حالة وجودها، مع وضع حد أدنى معين لمساحة الشقق السكنية، يتم الالتزام به في جميع مساكن الإمارة.

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم» أنه لا يوجد أي رقابة من أي جهة حكومية في الإمارة على مساحات الشقق، بما يضمن حداً أدنى مقبولاً للسكان، معتبرين أن جشع بعض الملاك وبعض شركات التطوير العقاري جعلهم يلجؤون إلى تصغير مساحات الشقق، لتحقيق أقصى أرباح ممكنة، من خلال بناء أكبر عدد ممكن من الوحدات في أقل مساحة ممكنة.

وطالبوا بإشراف حكومي على مساحات الشقق لتوفير الحياة الكريمة للمستأجرين، مع وضع حد أدنى لكل فئة من الشقق، كما دعوا إلى إضافة بند في عقود الإيجار يحدد مساحة الشقق، ما يسهل الإشراف عليها.

من جانبهما، قال مطوران عقاريان إن سوق الإيجارات حرة تماماً، وتخضع للعرض والطلب، وإن المستأجر يقرر دون أي ضغط استئجار أي شقة، موضحين أن أسعار الأراضي في أبوظبي مرتفعة للغاية، ما يجبر البعض على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المساحات المبنية.

إلى ذلك، أكد مسؤولان في جهاز أبوظبي للتخطيط العمراني، ودائرة الشؤون البلدية في أبوظبي، أن الجهاز والدائرة لا يتدخلان في تحديد المساحات الداخلية للشقق، وأن هذا الأمر متروك تماماً للملاك والمطورين العقاريين.

مساحات صغيرة

وتفصيلاً، قال المستأجر مالك محمد، إنه كان يرغب في استئجار استوديو في أبوظبي، إلا أنه فوجئ بعد جولة في المدينة شملت جزيرة الريم أيضاً، بأن مساحات الاستوديوهات المتوافرة للتأجير صغيرة للغاية، وتراوح بين 25 و30 متراً فقط، ولا يمكن العيش فيها بشكل مريح.

وذكر أن «الأمر أصبح تجارياً بحتاً، ولا توجد أي معايير مثل راحة المستأجرين، بل الهدف الرئيس تحقيق أقصى إفادة من الأرض، لاسيما في ضوء ارتفاع أسعار الأراضي»، مطالباً بوجود رقابة من جانب الجهات الحكومية على مساحات الشقق، لاسيما الاستوديوهات وشقق الغرفة والصالة باعتبارها الأكثر طلباً والأقل تواجداً، وعدم ترك المستأجرين فريسة لأطماع بعض الملاك والمطورين العقاريين، على حد قوله.

المساحة في العقود

من جهته، قال المستأجر محمد أنور، إنه حاول استئجار شقة مكونة من غرفة وصالة في أبوظبي بعد نقله من مقر عمله في الشارقة إلى فرع الشركة الجديد في أبوظبي، موضحاً أنه أجرى جولات عدة شاهد خلالها عدداً كبيراً من الشقق، لكنه وجد أن المساحات ضئيلة للغاية، وتراوح بين 50 و55 متراً على الأكثر.

وقال إنه عندما طلب من الوسيط العقاري رؤية عدد آخر من الشقق بحثاً عن مساحات معقولة، أخبره بأن غالبية الشقق الجديدة المتاحة للإيجار حالياً هي في حدود المساحة نفسها، لافتاً إلى أنه اضطر في النهاية لاستئجار شقة يعيش فيها بالكاد لصغر مساحتها.

وطالب أنور بتضمين مساحة الشقق في العقود، ووجود حد أدنى للوحدات السكنية بمختلف أنواعها يتم الالتزام به في المساحات، يوفر حرية الحركة، مع وجود إشراف من جهات حكومية للتحقق من أن المساحة المكتوبة في العقد صحيحة.

عيش كريم

بدوره، قال عصام الكريم إنه كان يرغب في استئجار شقة غرفة وصالة له ولأسرته الصغيرة، إلا أنه فوجئ بالمساحات الضئيلة للشقق، وهي في حدود 50 متراً، ما أجبره على استئجار شقة غرفتين وصالة كبديل حمّله أعباء مالية، لكن في سبيل توفير عيش كريم له ولأسرته، لافتاً إلى أن «مساحة شقة الغرفتين والصالة هي في حدود 70 متراً، وهي تعد صغيرة أيضاً، لاسيما أن الإيجارات في ارتفاع مستمر».

وطالب الكريم برقابة حكومية رسمية على المطورين والملاك، حتى لا يتحكموا في السوق، على اعتبار أن المعروض قليل، وأن الخيارات المتاحة أمام المستأجرين أصبحت ضئيلة للغاية.

حدود دنيا

واعتبر المدير التنفيذي لشركة «سكاي لاين» للوساطة العقارية، نادر حسن، أن «مساحات الشقق في أبوظبي شهدت تناقصاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، على الرغم من الزيادات الإيجارية الكبيرة، سواء في مدينة أبوظبي أو في المناطق الجديدة، لاسيما جزيرة الريم»، موضحاً أن «بعض المطورين يستغلون نقص المعروض، وتالياً نقص الخيارات المتاحة أمام المستأجرين، ويرغبون في تحقيق أعلى دخل ممكن».

وأضاف أن «معظم العقود الإيجارية الحديثة للوحدات السكنية خالية من ذكر المساحة، بينما تعد المساحة بنداً رئيساً في تأجير الوحدات المكتبية فقط».

وأفاد حسن بأن «مساحة الاستوديو يجب ألا تقل عن 40 متراً مربعاً، بحيث تكون مناسبة لحجرة النوم والمطبخ والحمام، بينما يجب ألا تقل مساحة الشقة الغرفة والصالة عما يراوح بين 65 و70 متراً مربعاً، بينما ينبغي ألا تقل مساحة الغرفتين والصالة عما يراوح بين 80 و90 متراً مربعاً لتوفير الراحة وحرية الحركة في المسكن».

أعلى مكسب

واتفق المدير العام لشركة لؤلؤة الخليج العقارية، ناصر الحمادي، مع حسن في أن مساحات الشقق أصبحت ضيقة للغاية، وأن تحقيق أعلى مكسب هو الهدف الرئيس لمعظم الملاك حالياً، مطالباً برقابة حكومية لضمان وجود مساحات لائقة، لاسيما مع ارتفاع الإيجارات بشكل كبير.

بدورهما، قال مطوران عقاريان إن سوق الإيجارات حرة تماماً، وتخضع للعرض والطلب، والمستأجر يقرر دون ضغط من أحد استئجار الشقة التي تناسبه، موضحين أن أسعار الأراضي في أبوظبي مرتفعة للغاية، ما يجبر البعض على تحقيق أقصى استفادة ممكنة منها.

لا تدخل

إلى ذلك، قال مسؤول في جهاز أبوظبي للتخطيط العمراني، فضل عدم نشر اسمه، إن «الجهاز لا يتدخل في تحديد المساحات الداخلية للشقق، إذ إن دوره يتركز على الموافقة على المخططات العامة للمشروعات العقارية من الخارج، وضمان توافر عناصر الاستدامة والمحافظة على التقاليد الاجتماعية والثقافية في الإمارات، من حيث الخصوصية، لاسيما بالنسبة لمساكن المواطنين».

بدوره، قال مسؤول في دائرة الشؤون البلدية في أبوظبي، فضل عدم نشر اسمه، إن «الدائرة لا تتدخل في تحديد مساحات الشقق السكنية، إذ إن الأمر متروك للملاك والمطورين ليحددوا المساحة وفقاً لرغباتهم»، مشيراً إلى أن «دور الدائرة يتركز في توثيق العقود الإيجارية لحفظ حقوق الملاك والمستأجرين، وضمان عدم انتهاك أي طرف للبنود الواردة في عقود الإيجار».

تويتر