مسؤولو جمعيات يرون فيه مساواة مع منافذ البيع الكبرى.. و«الاتحاد الاستهلاكي» ينصح «الصغيرة» بالاندماج

«تعاونيات» تنتظر تعديـل قانونها للتوسع خارج مناطقها

توسع الجمعيات التعاونية يدعم قدرتها في استيراد السلع الغذائية وطرحها في الأسواق بأسعار منخفضة. تصوير: أسامة أبوغانم

تباينت آراء مسؤولي جمعيات تعاونية في دبي وأبوظبي والشارقة، حول القرار المنتظر والمتعلق بتعديل قانون الجمعيات التعاونية، بالسماح لها بإقامة فروع في مناطق أخرى خارج المنطقة التي تأسست فيها.

وفي وقت أكد فيه مسؤولون في جمعيات تعاونية أن التوسع بفروع «التعاونيات» خارج حدود الإمارة التي تعمل فيها، يساويها مع منافذ البيع الكبرى، ويدعم قدرتها على استيراد السلع الغذائية وطرحها في الأسواق بأسعار منخفضة، ما يعزز التنافسية في قطاع تجارة التجزئة، ويحافظ على استقرار الأسعار، ويصب في النهاية في مصلحة المستهلكين، اعتبر مسؤولان آخران أن الخطوة ليست في مصلحة الجمعيات التعاونية عموماً، وستنعكس على أرباحها سلباً، ما يؤثر في المواطنين الأقل دخلاً من المساهمين في تلك الجمعيات، محذرين من إغلاق الجمعيات الصغيرة وإفلاسها، لعدم قدرتها على المنافسة مع منافذ البيع الكبيرة أصلاً، التي ستنضم إليها «تعاونيات» كبيرة بعد افتتاح فروع لها.

من جهته، نصح الاتحاد التعاوني الاستهلاكي، الجمعيات الصغيرة بتطوير عملها والاندماج، لتأسيس كيانات قادرة على المنافسة.

وكان المجلس الوطني الاتحادي أقر توصيات، أخيراً، بتعديل القانون الاتحادي رقم 13 لسنة 1976، بشأن الجمعيات التعاونية، بما يواكب التطورات السياسية والاقتصادية في الدولة، وذلك بالسماح لها بفتح فروع لها في أي إمارة أخرى.

زيادة التنافسية

وتفصيلاً، قال مدير الاتصال في جمعية الاتحاد التعاونية، سهيل البستكي، إن «لدى الجمعية خططاً استثمارية مستقبلية، ستنفذها بعد صدور القرارات والتعديلات النهائية للقانون الاتحادي رقم 13 لسنة 1976»، لافتاً إلى أن خطط الجمعية تتضمن التوسع بفروع جديدة في مناطق مختلفة، سيعلن عنها بعد بلوغ قرار التعديل، مراحله النهائية.

وأكد أن لدى «الاتحاد التعاونية» الملاءة المالية المناسبة لافتتاح فروع جديدة في مناطق الدولة، لافتاً إلى أن تطبيق قرار التعديل سيرفع من تنافسية قطاع تجارة التجزئة، سواء بين الجمعيات التعاونية نفسها، أو مع المراكز التجارية، ما ينعكس في النهاية على المستهلكين بتقديم خدمات وأسعار منافسة.

واعتبر البستكي أن إقرار المجلس الوطني الاتحادي للتوصيات بتعديل القانون، ما يسمح للجمعيات التعاونية بفتح فروع لها في أي إمارة، يواكب متغيرات الأسواق، ويصب في مصلحة المستهلكين، خصوصاً أننا في عصر المستهلك الذكي الذي يمكنه المقارنة بين الأسعار في منافذ البيع المختلفة لاختيار الأنسب قبل التسوق، وبالتالي، فإن مثل هذا القرار يزيد من الخيارات المتاحة أمام المستهلكين للتسوق بأسعار فضلى.

مساواة مع المراكز

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لجمعية أبوظبي التعاونية، إبراهيم البحر، إنه توجد جمعيات قوية وكبيرة، وعندها إمكانات للانتشار، لكنها مكبلة بقيود عدة تعيق قدرتها على الحركة.

وأضاف أن فتح المجال أمام الجمعيات لفتح فروع في إمارات أخرى سيساوي بين «التعاونيات» ومنافسيها من منافذ البيع والمراكز التجارية الأخرى، التي تستطيع فتح فروع لها في أي سوق في الدولة، بينما لا تستطيع «تعاونية» مثل جمعية أبوظبي على سبيل المثال، فتح فروع في أي إمارة، بل في أي منطقة أخرى من الإمارة نفسها، إذ يحظر عليها فتح فروع خارج مدينة أبوظبي نفسها، في «بني ياس» مثلاً، أو مدينة العين، أو مدينة خليفة بن زايد.

وأكد البحر أن السماح للجمعيات بفتح فروع في أي سوق، سينعكس إيجاباً على المستهلكين الذين سيكون بمقدورهم شراء السلع بأسعار أرخص، نظراً لكون مبيعات الجمعية ستكون أكبر، ما يمكنها من الحصول على أسعار توريد أفضل، فضلاً عن أن هذه الخطوة تسهم في تحقيق رؤية الدولة المتعلقة بالأمن الغذائي، خصوصاً أن الجمعيات مؤسسات وطنية يملكها مواطنون.

ورجح البحر أن تؤدي هذه الخطوة إلى إغلاق جمعيات تعاونية صغيرة وضعيفة، نتيجة قوة المنافسة، معتقداً أن فتح فروع للجمعيات التعاونية في إمارات أخرى، سيعجل بإفلاس جمعيات صغيرة يتهددها شبح الإفلاس حالياً بالفعل. ودعا الجمعيات الضعيفة إلى الانضواء تحت مظلة جمعيات تعاونية قوية لمواجهة المنافسة الخارجية.

قرار سلبي

على الجانب الآخر، قال المدير العام لجمعية تعاونية في أبوظبي، طلب عدم نشر اسمه، إن قرار فتح فروع للجمعيات في مناطق أخرى، اتخذ بالفعل وسيتم تطبيقه قريباً.

واعتبر أن هذه الخطوة ليست في مصلحة الجمعيات عموماً، لأنها تؤدي إلى تصاعد المنافسة بين الجمعيات على المتعاملين أنفسهم، ومن المعروف أن زبائن الجمعيات من المواطنين أساساً، يليهم العرب، ثم الآسيويون، الأمر الذي سينعكس على أرباح جمعيات سلباً، ما يؤثر في المواطنين الأقل دخلاً من المساهمين في الجمعيات الصغيرة.

وأكد المدير العام أن هذه الخطوة ستؤدي إلى خفض مبيعات الجمعيات المتوسطة والصغيرة، وبالتالي تقليل قدرتها على تقديم الدعم الاجتماعي، ومساهمتها في عمل الخير الذي تقدمه سنوياً، والذي يصل إلى 10% من صافي الأرباح.

وتوقع أن تفتح الجمعيات الكبيرة فروعاً لها في مراكز تجارية رئيسة في مناطق الدولة المختلفة، لتحقيق أرباح عالية، بينما ستتجاهل المناطق النائية التي تعاني غياب الخدمات الكافية لقطاع التجزئة، في وقت تعمل فيه الجمعيات الأساسية في كل إمارة على فتح فروع لها في تلك المناطق، وتتحمل المخاطر والكلفة العالية في بداية النشاط.

ورأى أن الاندماج لا يعد الحل الأمثل أمام الجمعيات الصغيرة، موضحاً أن هناك تجارب لعمليات اندماج لجمعيات صغيرة في الدولة تحت مظلة جمعيات كبيرة، لم تستفد منها الجمعيات الصغيرة.

بدوره، اتفق المدير العام لجمعية تعاونية صغيرة أخرى، مع ملاحظات نظيره، لافتاً إلى أن هذه الخطوة ستلحق ضرراً بالغاً بالجمعيات الصغيرة التي تقاوم من أجل البقاء.

وقال إن «الخطوة ستؤدي إلى زيادة أعداد المنافسين في السوق لتضم جمعيات تعاونية ومنافذ بيع أخرى، ما ينذر بإغلاق الجمعيات الصغيرة، واحتكار (الكبيرة) للسوق في النهاية».

وكشف أن مبيعات الجمعية التي يديرها ضئيلة للغاية، ولا تجاوز 20 مليون درهم سنوياً، شأنها في ذلك شأن جمعيات تعاونية أخرى صغيرة، في حين تقترب مبيعات الجمعيات القوية في الإمارة من ملياري درهم، ما يوضح حجم التحديات التي تواجهها الجمعيات الصغيرة.

منافسة واندماج

إلى ذلك، قال رئيس الاتحاد التعاوني الاستهلاكي، ماجد حمد رحمة الشامسي، إن السماح للجمعيات التعاونية بفتح فروع لها في الإمارات الأخرى، سيصّب في مصلحة المستهلكين والجمعيات التعاونية الكبيرة معاً، لافتاً إلى أن فتح فروع سيكون مشروطاً بموافقة الدوائر الاقتصادية في كل إمارة.

وأضاف الشامسي أن افتتاح مزيد من الفروع سيمكّن الجمعيات من زيادة حجم طلباتها من الموردين، وبالتالي الحصول عليها بتخفيضات سعرية أكبر، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار البيع للمستهلكين.

وأشار إلى أن الجمعيات التعاونية الصغيرة والضعيفة ستجد صعوبة كبيرة في منافسة الجمعيات الكبيرة، ولن تصمد أمام المنافسة، وستغلق أبوابها نتيجة لذلك.

ورأى الشامسي أن على الجمعيات الضعيفة في ضوء تصاعد المنافسة، بعد السماح للجمعيات بفتح فروع لها في أي إمارة، أن تعمل على تطوير نفسها، وأن تلجأ إلى الاندماج مع جمعيات أخرى إذا لزم الأمر، حتى تصبح أكثر قوة واستعداداً لمواجهة المنافسة.

وقال إن ازدياد المنافسة في النهاية يصب في مصلحة المستهلكين في المقام الأول، الذين سيتمكنون من الحصول على السلع بأسعار أرخص، مؤكداً أن من الأفضل للجمعيات التعاونية أن تتنافس فيما بينها للحصول على حصة سوقية أكبر بدلاً من أن تستأثر كيانات غير تعاونية بالحصة الكبرى في الأسواق المحلية.

تويتر