دعوا إلى تأسيس شركة زراعية قابضة وتكثيف الاستثمار الخارجي

خبراء يطالبون بدعم حكومي لتشجيع الاستثمارات الخاصة في القطاع الزراعي

إقبال القطاع الخاص على الزراعة يتطلب دعماً لجعله قطاعاً ربحياً. تصوير: تشاندرا بالان

دعا خبراء اقتصاديون إلى إقامة شركة مساهمة عامة قابضة برأسمال مليار درهم في القطاع الزراعي، تسهم فيها الحكومة، لتقليل الفجوة الغذائية الزراعية في الدولة، التي بلغت 30 مليار درهم لمصلحة الواردات.

وطالبوا بزيادة وتكثيف الاستثمارات الزراعية الإماراتية في مناطق مختلفة من العالم، مع التركيز على زراعة المحاصيل الاستراتيجية، التي تشهد كمياتها وأسعارها تقلبات كبيرة، مثل القمح والأرز، إضافة إلى إنشاء مخزونات استراتيجية من السلع الرئيسة، سواء داخل الدولة أو خارجها، لتأمين وجودها طوال العام بأسعار مناسبة.

وأكدوا أنه على الرغم من الصعوبة الشديدة في تحقيق الأمن الغذائي في الدول الصحراوية مثل الإمارات، إلا أنه ينبغي العمل على تحقيقه، واستثمار توافر الفوائض المالية للدولة في استزراع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية عبر الاستثمار في تطوير الزراعة غير التقليدية، ودعم الأبحاث الزراعية الخاصة بالزراعة.

وكان المركز الوطني للإحصاء أصدر تقريراً أخيراً، انفردت «الإمارات اليوم» بنشره أمس، أوضح أن إجمالي تجارة الإمارات من السلع الزراعية خلال عام 2013 بلغ 50.5 مليار درهم، كاشفاً أن الفجوة بين الصادرات وإعادة التصدير من جانب، وواردات الإمارات من السلع الزراعية من جانب آخر، بلغت أكثر من 30 مليار درهم لمصلحة الواردات.

 

شركة مساهمة

وتفصيلاً، دعا الخبير الاقتصادي المدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، إلى تكوين شركة مساهمة عامة قابضة برأسمال مليار درهم تعمل في القطاع الزراعي، تسهم فيها الحكومة بنسبة 5% على الأقل، ويطرح الباقي في سوق المال، مشيراً إلى أهمية وجود حوافز للتشجيع على المساهمة في الشركة.

وأوضح مسلم أنه من الضروري أن تتملك هذه الشركة القابضة ثلاث شركات تابعة لها تتعلق باستصلاح الأراضي، وتوفير البذور والسماد للمزارعين، إضافة إلى توفير المعدات الزراعية اللازمة من أجل العمل على النهوض بالقطاع ككل، وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين الزراعيين ككل.

وطالب مسلم بأن يكون هناك دعم حكومي للشركة عند تأسيسها، وأن تكون هناك أسعار تفضيلية للمياه والكهرباء في المرحلة الأولى للنهوض بالقطاع الزراعي، لافتاً إلى أن قيام الشركة باستصلاح مليون فدان، على سبيل المثال، سيعمل على تقليل الفجوة الزراعية بنسبة كبيرة. وأوضح أنه «على الرغم من أن الأراضي في الإمارات معظمها أراض صحراوية تعاني شح المياه وندرة الموارد المائية بصفة عامة، فضلاً عن ارتفاع كلفة تحلية المياه، إلا أن استمرار الوضع كما هو يهدد الأمن الغذائي القومي للدولة». وأفاد مسلم بأنه «لا توجد دولة توفر كل احتياجاتها الغذائية بنسبة 100%، إلا أن توفير جانب رئيس من هذه الاحتياجات يمثل ضرورة قصوى لعدم الخضوع للاحتكارات العالمية وسيطرة حفنة من الدول وبعض المنتجين علي المحاصيل الرئيسة وتحديد أسعارها». وأشار إلى أهمية تبني استراتيجية متكاملة لدعم وتشجيع القطاع الزراعي في الدولة، لأن القطاع لايزال في مرحلة البناء، ويحتاج عناية خاصة من القطاعين الحكومي والخاص.

الاستثمار في الخارج

من جانبه، طالب عضو مجلس إدارة غرفة الصناعة والتجارة في أبوظبي، حمد العوضي، بزيادة وتكثيف الاستثمارات الزراعية الإماراتية في الخارج، لاسيما في الدول العربية والإفريقية، مثل مصر والسودان، والتركيز على زراعة المحاصيل الاستراتيجية التي تشهد كمياتها وأسعارها تقلبات كبيرة، مثل القمح والأرز.

وقال العوضي إن «هناك ضرورة لإنشاء مخزونات استراتيجية من السلع الرئيسة سواء داخل الدولة أو خارجها، لتأمين وجودها طوال العام بأسعار مناسبة».

وذكر أن «ذلك لا يعني عدم إعطاء أهمية كبرى للزراعة داخل الدولة، على الرغم من الصعوبات، نتيجة لعدم توافر الموارد المائية، بل ينبغي استثمار توافر الفوائض المالية للدولة في استزراع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية عبر الاستثمار في تطوير الزراعة غير التقليدية، ودعم الأبحاث الزراعية الخاصة بتقليل استخدامات المياه وزيادة إنتاجية الفدان، بعيداً عن أساليب الزراعة التقليدية»، وطالب العوضي باتباع استراتيجية لتوعية المواطنين بضرورة ترشيد الاستهلاك وتقليل الفاقد الكبير من الغذاء.

وأشار إلى اختلافه مع النظرية السائدة لدى البعض بشأن التوجه للاستيراد وعدم اللجوء للزراعة في ظل ارتفاع الكلفة، وعدم وجود جدوى للزراعة في هذا الإطار.

وأكد في هذا الصدد أن «الأمن الغذائي في الدول الصحراوية قضية صعبة التحقيق وبالغة التعقيد، ولا يمكن لدولة أن تحقق الأمن الغذائي بشكل كامل»، مشيراً إلى أنه «ينبغي العمل لتحقيق جانب منه بشكل دؤوب على الرغم من الظروف الصعبة».

وحول عدم إقبال القطاع الخاص على الاستثمار في القطاع الزراعي، قال العوضي إن «القطاع الخاص يسعى إلى الربح، شأنه شأن القطاع الخاص في كل دول العالم، وإنه يسعى للاستثمار في مختلف القطاعات ذات الجدوى الاقتصادية»، موضحاً أن «إقبال القطاع الخاص يتطلب وجود دعم حكومي واضح للقطاع يتمثل في تحمل جزء من الأبحاث الزراعية المتطورة لتحويل الزراعة إلى قطاع غير تقليدي، يتميز بالربحية في آن معاً».

 

تأثر الواردات

واتفق الخبير الاقتصادي، رياض خليل مطر، مع العوضي في ضرورة تكثيف الاستثمار الزراعي الإماراتي في مناطق مختلفة من العالم، لاسيما في الدول العربية، التي تمتلك أراضي زراعية خصبة وخبرات زراعية، مثل مصر والسودان، لتأمين احتياجات الإمارات الغذائية الرئيسة.

ولفت إلى أن «قضية الأمن الغذائي قضية مهمة للغاية وشديدة الحساسية»، موضحاً أن «الإمارات تستورد معظم احتياجاتها الغذائية من الخارج، ويتم استيراد بعض السلع الاستراتيجية، مثل الأرز، من مصادر محدودة للغاية، وبالتالي في حالة حدوث أي اضطرابات سياسية أو اقتصادية أو مناخية تكون الواردات عرضة للنقصان الشديد».

واعتبر مطر أن «الزراعة داخل الدولة عملية صعبة للغاية وتكتنفها الصعوبات بسبب قلة الموارد الطبيعية، لاسيما شح المياه الجوفية، فضلاً عن ملوحة المياه والجو شديد الحرارة»، لافتاً إلى اتباع بعض المزارع أساليب زراعية تعرف بالزراعة بالأوعية، إلا أن كلفة الإنتاج باستخدامها عالية للغاية، وبالتالي فمن الصعوبة بمكان اتباعها على نطاق واسع.

تويتر