ملاك يؤكّدون أنه لا مانع قانونياً من الزيادات.. وعقاريون يطالبون باللجوء إلى «المنازعات الإيجارية»

مستأجرون: 50% ارتفاعاً في إيجارات أبوظبي خلال عامين

ملاك أبلغوا المستأجرين عن طريق إخطارات رسمية بزيادة القيم الإيجارية. تصوير: إريك أرازاس

قال مستأجرون في أبوظبي إن ملاكاً أبلغوهم عن طريق إخطارات رسمية بزيادة القيم الإيجارية، للعام الثاني على التوالي، للوحدات السكنية التي يقيمون فيها، بنسب كبيرة وصلت إلى 35%، لتصل نسبة زيادة الإيجار الإجمالية خلال عامين إلى أكثر من 50%، بعد قرار إلغاء سقف الزيادة الإيجارية.

وطالبوا بإعادة تحديد سقف للزيادات الإيجارية، وعدم السماح بزيادات كل عام أو عامين متتاليين، في حالة حدوث زيادات تفوق الـ5% في العام السابق، واصفين هذه الزيادات التي وصفوها بأنها غير مبررة، خصوصاً في ظل عدم زيادة الرواتب.

من جانبهما، اعتبر مالكان لعقارات في أبوظبي أنه لا يوجد مانع قانوني من الزيادات بشكل سنوي، مهما بلغت نسب الزيادة، لافتين إلى أن الوضع سابقاً لم يكن منصفاً للملاك، جراء تحديد نسب الزيادة بحد أقصي 5%.

وقالا إن العديد من الملاك يدفعون جانباً رئيساً من الزيادات الإيجارية في عمليات الصيانة، وتحسين الخدمات المقدمة للسكان، خصوصاً إذا كانت البناية قديمة.

بدورهم، قال وسطاء وعقاريون إن الزيادات الإيجارية الكبيرة المتتالية، أصبحت ظاهرة في أبوظبي، وسط توقعات بإمكانية استمرارها، في ظل عدم وجود قرار حكومي يضع حداً لها.

وطالبوا المستأجرين بعدم الاستسلام للملاك، واللجوء فوراً إلى لجنة فض المنازعات الإيجارية في أبوظبي، للتدخل وندب خبير لتحديد القيم الإيجارية العادلة، خصوصاً في حالات الزيادات الكبيرة المتكررة.

 

زيادتان متتاليتان

أسعار النفط والإيجارات

قال المدير العام لشركة لؤلؤة الخليج العقارية، ناصر الحمادي، إنه «من المنتظر أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى انخفاض الإيجارات، نتيجة تأجيل بعض المشروعات غير الضرورية، وبالتالي تقليل العمالة، ووجود تراجع في الطلب على الوحدات السكنية، وزيادة المعروض، فضلاً عن أن انخفاض النفط قد يؤدي إلى نقص التمويلات من جانب المصارف للإسكان، ما يؤدي إلى انخفاض الإيجارات».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/240361.jpg

وتفصيلاً، قال المستأجر بسام أبومكاوي إنه فوجئ بمالك البناية، التي يسكن فيها بمنطقة الكورنيش بأبوظبي، يبلغه رسمياً برفع إيجار شقته (ثلاث غرف وصالة) من 92 ألف درهم إلى 125 ألفاً، بزيادة تتجاوز نسبتها 35.8%، اعتباراً من أول شهر مارس المقبل، وذلك بعد أن رفع المالك الإيجار العام الماضي، بنسبة تصل 15%.

وأضاف أنه قرر ترك السكن الحالي والبحث عن سكن آخر، غير أنه لم يجد سكناً مناسباً في الإمارة، مشيراً إلى أنه «بدأ البحث في مناطق محيطة بالعاصمة، وهو لا يعلم ماذا سيفعل خصوصاً أن عائلته كبيرة، ولا يستطيع السكن في مساحة أصغر».

من جهته، قال المستأجر محمد يوسف إن مالك البناية التي يسكن فيها في شارع «إليكترا» بأبوظبي، أرسل له خطاباً رسمياً منذ أيام، يبلغه فيها برفع الإيجار من 75 ألف درهم إلى 85 ألفاً، بزيادة تتجاوز 13.3%، اعتباراً من فبراير المقبل ولمدة عام، بعد أن كان رفع إيجار الوحدة السكنية التي يقطن بها والمكونة من غرفتين وصالة، في فبراير الماضي، من 62 ألف درهم إلى 75 ألفاً بزيادة 21%.

وأضاف أن «حدوث زيادتين كبيرتين في عامين متتاليين بإجمالي 23 ألف درهم، يعد غير عادل وغير مبرر، خصوصاً أن البناية قديمة، وتعدى عمرها 15 عاماً».

وأوضح أنه «سيضطر إلى ترك الشقة التي يسكن فيها، والبحث عن شقة أخرى وعائلته في منطقة خارج أبوظبي، لأن إمكانياته لا تتحمل هذه الزيادات المتتالية، كما أنه لا يستطيع تحمل القيم الإيجارية الكبيرة في العاصمة»، لافتاً إلى الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، التي تنجم عن ذلك لأنه سيضطر إلى السكن بعيداً عن عمله، وعن مدارس أبنائه وعمل زوجته.

وطالب يوسف بـ«قرار حكومي يمنع حدوث زيادات كل عام أو عامين متتاليين، إذ تعدت نسبة الزيادة 5%، لأن الزيادات أصبحت كبيرة بعد إلغاء سقف الزيادة، ولا يمكن أن يتحملها معظم المستأجرين، خصوصاً أن الرواتب لم تزدد خلال هذه السنوات، بل انخفضت قيمتها نتيجة عوامل التضخم».

كما طالب بأن «تتم مراعاة عمر البناية ومكانها، والسنوات التي أمضاها الساكن في البناية، ومدى التزامه بدفع الإيجار، والخدمات التي يتم تقديمها للسكان قبل تحديد قيم الزيادات الإيجارية».

 

زيادة غير مبررة

أما المستأجر فريد السيد محمد، فقال إن مالك البناية التي يقطنها في شارع حمدان، أبلغه في إخطار رسمي تسلمه أخيراً، برفع إيجار شقته 15 ألف درهم دفعة واحدة، اعتباراً من يناير المقبل، لترتفع من 70 إلى 85 ألف درهم، بنسبة تتجاوز 21%، بعد أن زاد القيمة الإيجارية 12 ألف درهم في يناير الماضي، لترتفع القيمة الإيجارية من 58 إلى 70 ألف درهم، بزيادة وصلت نسبتها إلى 20.6%.

وأضاف أن «هذه الزيادة غير مبررة، والمالك يفرض أمراً واقعاً على السكان، لأنه يعلم صعوبة إيجاد سكن، في ظل الارتفاع الكبير في القيم الإيجارية في الإمارة، في جميع المناطق، بما فيها المناطق المحيطة بأبوظبي»، مشيراً إلى أنه بدأ البحث عن سكن آخر، لكنه حتى الآن لم يجد مسكناً يناسب إمكانياته المالية.

وطالب محمد بـ«إعادة وضع سقف للزيادات الإيجارية، لمنع المبالغات من جانب بعض الملاك، واستغلال إلغاء السقف لزيادة الإيجارات بشكل متتالٍ، كما طالب بوجود قرار حكومي، بمنع حدوث زيادات إيجارية بشكل سنوي، طالما تخطت الزيادة نسبة 5%».

بدوره، قال المستأجر بشير الصياح إنه فوجئ بمالك البناية، التي يقيم بها في شارع المطار، يبلغه في إخطار رسمي بزيادة القيمة الإيجارية للوحدة السكنية التي يقطنها من 60 ألف درهم إلى 75 ألفاً، بزيادة بلغت نسبتها 25%، رغم رفع المالك الإيجار بنسبة 20%، خلال العام الماضي، بعد أن رفع الإيجار من 50 إلى 60 ألفاً بزيادة 15 ألف درهم.

وأضاف أنه «تحمل الزيادة الإيجارية الماضية بصعوبة بالغة، بعد أن قلل ميزانية المنزل ليستطيع مواجهة الزيادة، لكنه لن يستطيع تحمل هذه الزيادة هذه المرة، في الوقت الذي قلت فيه القيمة الحقيقية لراتبه، نتيجة ارتفاع التضخم، فضلاً عن المسؤوليات الأخرى الملقاة على عاتقه، خصوصاً مصاريف المدارس».

وأشار الصياح إلى أنه «لا يعلم ماذا سيفعل في ظل إمكانياته المادية المحدودة، وأنه يدرس إرسال زوجته وأبنائه إلى بلده الأصلي واستئجار شقة أصغر، حتى يستطيع مواجهة تكاليف الحياة بعد الزيادة الإيجارية».

 

مانع قانوني

وبالمقابل، قال خلدون محمد، مالك بنايات عدة في أبوظبي، إن «الزيادات السنوية في الإيجارات تعد أمراً طبيعياً، بعد أن تعرض الملاك لظلم، أثناء تحديد سقف الزيادة بنسبة 5%»، لافتاً إلى أن «العام الجاري شهد نسبة تضخم عالية، وارتفاع أسعار العديد من السلع بنسب تفوق نسب الزيادة الإيجارية».

وأضاف أن «هناك تفاوتاً في نسب الزيادة التي أقرها الملاك لعام 2015، بعد زيادات العام الجاري، خصوصاً أنه لا يوجد مانع قانوني من الزيادات سنوياً، مهما بلغت نسب الزيادة».

واعتبر محمد أن العديد من الملاك يدفعون جانباً رئيساً من الزيادات الإيجارية في عمليات الصيانة، خصوصاً إذا كانت البناية قديمة، لتحسين الخدمات المقدمة للسكان.

أما المالك حمد سالم، فأقر بتزايد المنازعات الإيجارية خلال الفترة الماضية بنسبة كبيرة، نتيجة للزيادات الإيجارية، موضحاً أن كل طرف يبحث عن مصلحته دون مراعاة مصالح الطرف الآخر.

وأشار إلى أن «زيادة الإيجارات، خلال الفترة الماضية، أسهمت في زيادة الاستثمارات العقارية، وهو الأمر الذي ينعكس إيجاباً على مختلف الأطراف خلال السنوات المقبلة».

 

قرار حكومي

إلى ذلك، اعتبر الشريك في شركة بازار العقارية، عمر أبوسلطان، أن «مسألة الزيادات الإيجارية الكبيرة المتتالية أصبحت ظاهرة في أبوظبي، وسط توقعات بإمكانية استمرارها، في ظل عدم وجود قرار حكومي يضع حداً لها».

وأضاف أنه «لا يوجد أي بند أو نص قانوني يمنع حدوث زيادات بأي نسب سنوياً، ما جعل الزيادات تخضع لرغبات الملاك فقط».

ودعا أبوسلطان إلى وجود نص قانوني واضح جديد، يضع سقفاً للزيادات السنوية، بحيث لا تتجاوز 10% سنوياً، على أن تكون كل عامين أو ثلاثة أعوام، وفقاً للقيم الإيجارية في المناطق المختلفة.

كما طالب المستأجرين بعدم الاستسلام للملاك، وباللجوء إلى لجنة فض المنازعات الإيجارية في أبوظبي، للتدخل وحسم الأمر، خصوصاً في حالة الزيادات الكبيرة المتكررة.

من جهته، اتفق المدير العام لشركة لؤلؤة الخليج العقارية ناصر الحمادي، مع أبوسلطان، في ضرورة اللجوء للجنة المنازعات الإيجارية في أبوظبي، من أجل ندب خبير لتحديد القيم الإيجارية العادلة بين المالك والمستأجر.

وطالب الحمادي ببناء وحدات سكنية في مناطق محيطة بأبوظبي، مثل الرحبة والسمحة، تكون مخصصة لمتوسطي الدخل، حتى يستطيعوا إيجاد مساكن بإيجارات معقولة، حتى إصدار القوانين الحكومية المنظمة للقطاع.

وقال إن «ارتفاع الإيجارات، خلال الفترة الماضية، أدى إلى ارتفاع تكاليف الأعمال، وحدوث زيادات سعرية لتعويض الزيادات».

وفي السياق ذاته، قال الخبير العقاري مبارك العامري إن «الزيادات الكبيرة بشكل سنوي غير مبررة»، مشيراً إلى أن «إلغاء سقف الزيادة يتطلب عدم السماح بزيادات متتالية كل عام، مع ضرورة مراعاة وجود فوارق بين البنايات القديمة والحديثة، والخدمات المقدمة للسكان».

وأضاف العامري أن بعض الملاك اضطروا إلى رفع الإيجارات، لوجود فوارق كبيرة بين إيجارات الوحدات السكنية في البناية نفسها.

ولفت إلى أهمية وضع تشريعات حكومية بشكل عاجل، تنظم الزيادات الإيجارية، وتعمل على وجود توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.

تويتر