السوق ستشكل منصة إقليمية لإدراج الشركات المماثلة في دول الخليج

افتتاح التداول بالسوق الثـــانية في الإمارات

تدشين التداولات تم بعد التنسيق بين وزارة الاقتصاد وهيئة الأوراق المالية وسوقي أبوظبي ودبي الماليين وعدد من الشركات المساهمة الخاصة. من المصدر

أعلنت هيئة الأوراق المالية والسلع بدء تداولات السوق الثانية في الإمارات، تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وذلك بعد إطلاق سموه السوق الثانية قبل شهرين، متوقعة ارتفاع عدد الشركات المدرجة في السوق الثانية، وإدراج أربع شركات جديدة في السوق الأولى العام المقبل.

وأعطى وزير الاقتصاد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع، سلطان بن سعيد المنصوري، إشارة البدء لتداول أسهم الشركات الخاصة بالسوق الثانية، عقب إلقائه كلمة افتتاح «المؤتمر الأول للأسواق المالية العربية».

إلى ذلك، ناقش المؤتمر، الذي نظمه اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، التحديات التي تواجه الأسواق المالية العربية، وقدرتها على منافسة المراكز المالية الدولية، وسبل تعزيز الشفافية لدى أسواق رأس المال العربية، إضافة إلى مجالات التعاون والتكامل لدى أسواق رأس المال العربية، وأدوات التمويل الإسلامي.

السوق الثانية

بناء الثقة

قال رئيس اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، حسن بولقنادل، إن «إعادة بناء الثقة بالأسواق المالية يتطلب عملاً جاداً، لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه أسواق رأس المال، سواء ما يتعلق منها بإجراء إصلاحات رقابية، لتعزيز دور الأسواق المالية في توفير التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، أو المساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، ومواجهة المخاطر قصيرة ومتوسطة الأجل للسيولة، وكذلك المخاطر المنتظمة».


أسعار النفط وإشارات إيجابية

قال المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «تومسون رويترز»، نديم نجار، إن «أسعار النفط انخفضت إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات، وقد ألقى هذا الانخفاض بظلاله على أسواق المنطقة، وإذا ما استمر الانخفاض فترة طويلة، فإن الأسواق تخشى تراجع الفوائض المالية لدول الخليج، وربما تتأثر أرباح منتجي البتروكيماويات سلباً».

وأضاف أنه «بعد خمس سنوات من ندرة الاكتتابات العامة، نرى إشارات إيجابية لاستئناف نشاط الطروحات الأولية في منطقة الخليج، وهذا النشاط يسهم في نهاية المطاف بزيادة عمق الأسواق وجذب اهتمام المستثمرين الجدد».

وذكر أن «القرار الأخير الذي اتخذته شركة (مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال) برفع أوزان الأسهم الرئيسة المدرجة في أسواق الإمارات في مؤشرها للأسواق الناشئة يعكس أيضاً تنامي السيولة في تلك الأسواق، ويرسخ موقعها ضمن وجهات الاستثمار الرئيسة».

وأفاد بأنه «أصبح من الواضح لمعظم الدول أن السياسات الاقتصادية القائمة على الملكية العامة، والضوابط البيروقراطية والحمائية والخوف من المنافسة، من شأنها أن تعيق الإنتاجية والكفاءة والنمو الاقتصادي»، لافتاً إلى أنه «من أجل تحسين البيئة الاستثمارية سيتعين على الحكومات تسريع برامج الخصخصة، وتطبيق سياسات تحرير التجارة، وبلورة إطار قانوني حديث، وطرح أدوات مالية جديدة».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/11/228667.jpg

إشارات إيجابية لاستئناف نشاط الطروحات الأولية. تصوير: أحمد عرديتي


دور محوري

قال الأمين العام لاتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، جليل طريف، إن «دور هيئات الرقابة المالية لا يقتصر على الرقابة على أسواق رأس المال بالمفهوم التقليدي، بل يتعداه للعب هيئات الرقابة دوراً محورياً في مجالات التنظيم والتطوير وبناء القدرات الذاتية للأسواق، إذ يتطلب هذا الدور تكاتف جهود جميع الجهات الفاعلة في أسواق رأس المال من أسواق مالية ومراكز وشركات التسوية والتقاص والوسطاء والشركات المدرجة وغيرها».

وأضاف أنه «ضمن هذا التصور، أدخل مجلس الاتحاد في اجتماعه الأخير بمدينة مراكش هذا العام، تعديلاً على نظامه الأساسي، يسمح بموجبه بانضمام الأسواق المالية ومراكز الإيداع وغيرها من المؤسسات المرتبطة بالأسواق المالية إلى عضوية الاتحاد، وذلك لتسهيل التواصل والتعاون بين مختلف الأطراف لتحقيق الأهداف المنشودة».

وتفصيلاً، كشف المنصوري عن إتمام إدراج بعض الشركات المساهمة الخاصة في السوق الثانية، مشيراً إلى أنه يجري العمل حالياً على إدراج المزيد من الشركات خلال الفترة القليلة المقبلة.

وأوضح أنه «تم تدشين التداولات بعد التنسيق وعقد اجتماعات متواصلة بين كل من وزارة الاقتصاد وهيئة الأوراق المالية وسوقي أبوظبي ودبي الماليين وعدد من الشركات المساهمة الخاصة، وبحيث يتزامن بدء التداولات في السوق الثانية مع احتفالات الدولة باليوم الوطني الـ43».

وذكر أن «السوق الثانية ستكون رافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني، وستتيح المزيد من الخيارات أمام المستثمرين، إضافة إلى السوق الثانوية الرسمية المخصصة لتداول أسهم الشركات المساهمة العامة، الأمر الذي سيسهم في تعميق الأسواق، وإتاحة مزيد من البدائل الاستثمارية لحملة الأسهم».

ونوه بأن «هذه الخطوة تعكس إدراكنا جميعاً أهمية الشركات المساهمة، سواء العامة منها أو الخاصة، والدور الحيوي لهما في بناء اقتصادات الدول والمشاركة مع الحكومة في تحقيق التنمية المستدامة، إذ تضطلع الموارد والخبرات المتوافرة لدى هذه الشركات بدورها في العملية التنموية، لذلك فإن سلامة وحسن أداء هذه الشركات ينعكسان على سلامة وحسن الأداء الاقتصادي للدولة بوجه عام، بالأخذ في الاعتبار أنها تسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي، لاسيما إذا علمنا أن عدد الشركات المساهمة الخاصة المسجلة في الإمارات بلغ حتى مطلع يناير الماضي 145 شركة، بإجمالي رؤوس أموال 131.3 مليار درهم، وذلك في جميع إمارات الدولة».

وأضاف المنصوري أن «وزارة الاقتصاد ستختص بالتأسيس والإشراف والرقابة والتفتيش على الشركات المساهمة الخاصة، وفقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1984 في شأن الشركات التجارية وتعديلاته، فيما يكون دور هيئة الأوراق المالية والسلع الإشراف على تنفيذ أحكام هذا القرار».

وتوقع رئيس مجلس إدارة الهيئة أن تقوم السوق الثانية بدور حيوي في إيجاد البيئة اللازمة للشركات المتوسطة والصغيرة لتطوير أعمالها، وأن تكون بمثابة منصة إقليمية لإدراج الشركات المماثلة خليجياً وعربياً مستقبلاً، ما سيكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني.

تطوير الأسواق

وأشار المنصوري، خلال إلقائه كلمة افتتاح «المؤتمر الأول للأسواق المالية العربية»، إلى أنه «وفقاً للإحصاءات الحديثة لصندوق النقد العربي عن أداء الأسواق المالية العربية بلغت قيمة التداول لـ14 سوقاً مالية عربية منذ بداية العام الجاري حتى نهاية تداولات أسبوع مضى (19 نوفمبر) قرابة 711.6 مليار دولار، كما بلغ إجمالي الأسهم المتداولة نحو 318.3 مليار سهم، تم تداولها عبر عدد من الصفقات بلغ نحو 22.3 مليون صفقة، كما بلغت القيمة السوقية لهذه الأسواق مجتمعة زهاء 1.32 تريليون دولار».

وأكد أنه «وفقاً للإحصاءات التي تضمنها تقرير (مناخ الاستثمار)، الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، فقد بلغ حجم الاستثمارات البينية العربية خلال الفترة بين عامي 2001 و2012 ما يزيد على 103 مليارات دولار، كما بلغت أرصدة الاستثمار الأجنبي الواردة للدول العربية 766.9 مليار دولار في عام 2013، مقابل 717.7 مليار دولار في عام 2012».

وأضاف أن «أسواق الأوراق المالية العربية تضم مقومات كبيرة جداً، بما يمكنها من المنافسة على المستوى الدولي»، داعياً إلى «تبني المزيد من آليات التحديث بما يتناسب مع حاجات المستثمرين وظروف الأسواق».

تنظيم التداولات الخاصة

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، عبدالله الطريفي، إن «الفكرة أصلاً من تأسيس السوق الثانية هي السماح بالتداول على أسهم شركات المساهمة الخاصة بشكل منظم بين المساهمين».

وأوضح أن «هذه السوق ستكون على غرار سوق AIM، التي تأسست في بورصة لندن عام 1995، وتتضمن مجموعة من الشركات المساهمة الخاصة والشركات التي لاتزال في مراحلها الأولى».

وأكد أن «السوق مفتوحة لإدراج شركات من دول مختلفة، لاسيما من دول الخليج، ومن قطاعات مختلفة، وأنها تهدف إلى إتاحة الفرصة للشركات التي تبحث عن التمويل بغرض النمو وتقديم الابتكارات، وبالتالي فإنها ستمثل وعاء استثمارياً جديداً، أو بعبارة أدق قناة استثمارية أخرى في الإمارات بموازاة السوق المخصصة لتداول أسهم الشركات المساهمة العامة».

وقال الطريفي إن «أبرز فوائد هذه السوق يتمثل في أنها ستمنح الفرصة للمساهمين في الشركات الخاصة للتداول بأسهمهم، والاستفادة منها في تحقيق مكاسب بدلاً من انتظار التوزيعات السنوية فقط».

التحول إلى مساهمات

وذكر الطريفي أن «هذه السوق ستكون محفزة للشركات الخاصة، ومن بينها العائلية، للتحول إلى مساهمة عامة بعد ذلك، ما سينعكس إيجاباً على السوق الأولية (سوق الإصدارات)، والثانوية (سوق التداولات لأسهم الشركات المساهمة العامة)، وبطبيعة الحال، فإن وجود سوق للتداول على أسهم الشركات الخاصة، يساعدها أيضاً في الحصول على التمويل اللازم لمشروعاتها، ويسهل من تعاملها مع المنظومة البنكية».

وأضاف الطريفي أن «تأسيس سوق للشركات المساهمة الخاصة سيسهم في معالجة الكثير من المشكلات التي تواجه عملية التداول على أسهمها، كما هو عليه الوضع حالياً، وعلى وجه الخصوص نقل شهادات ملكية الأسهم من خلال المحاكم وكتّاب العدل، وعدم الوضوح السعري العادل للأسهم».

ونبّه إلى أنه «لا يوجد أي تعارض بين قواعد إدراج وتداول الشركات في السوق الجديدة وسوقي الأوراق المالية الحالية في أبوظبي ودبي، فلكل سوق متطلبات إدراج خاصة بها، مع الأخذ في الاعتبار أن السوق الثانية سيطبق عليها نظام التداول والمقاصة والتسوية ونقل الملكية وحفظ الأوراق المالية المطبق على الشركات المدرجة في سوقي أبوظبي ودبي، غير أن طبيعة السوق الثانية، من حيث كونها مخصصة للشركات الخاصة، يجعلها لا تخضع لبعض الشروط، مثل الحد الأدنى لرأسمال الشركة الخاصة».

وأفاد بأن «هيئة الأوراق المالية تدرس في الوقت الراهن إمكانية توفير منصة لإدراج الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات، من أجل تمكين دورها في الاقتصاد وتهيأتها للعمل في السوق المالي»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر سيحتاج مدة طويلة لدراسة الوضع الحالي للشركات وإمكانية توفير تشريعات وقوانين تعزز من المنصة».

وتوقع أن تشهد بداية العام المقبل إدراج أربع إلى خمس شركات في السوق الأولى في كل من سوق دبي المالي وأبوظبي المالي.

استراتيجيات النمو

بدوره، قال رئيس مجلس الإدارة، سوق دبي المالي: عيسى كاظم، إن «تدشين منصة تداول أسهم شركات المساهمة الخاصة يمثل إضافة مهمة لسوق المال المحلية التي تمضي قدماً في تعزيز دورها كقوة محركة لجهود التنمية، ومساندة استراتيجيات النمو والتوسع في مختلف القطاعات، إذ فتحت المنصة الجديدة الباب على مصراعيه أمام 149 شركة مساهمة خاصة في الدولة، للاستفادة من مقومات ومزايا الإدراج في سوق المال، ومنها تداول الأسهم بشفافية ضمن بيئة نظامية إلكترونية متطورة».

وأشار كاظم إلى أن «وضع هذه المبادرة المهمة موضع التنفيذ خلال أقل من شهرين على إطلاقها، يدل على تكامل البنية الأساسية للسوق، سواء على صعيد رقي وجاهزية النظم الإلكترونية أو القواعد التنظيمية وفق أفضل الممارسات».

وأضاف أن «سوق دبي بصدد وضع اللمسات النهائية على الترتيبات المتعلقة بإدراج مجموعة من الشركات، بالاستفادة من علاقته الوطيدة مع العديد منها، إذ إنه يقدم بالفعل خدماته لعدد منها منذ فترة طويلة، مثل خدمة أمين السجل».

أداء أفضل

إلى ذلك، قال المدير العام رئيس مجلس الإدارة لصندوق النقد العربي، عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، إن «أسواق المال العربية تشهد فترة مميزة على صعيد الأداء منذ بداية العام الماضي، واستمر خلال العام الجاري 2014، إذ استعادت هذه الأسواق ما قيمته 434 مليار دولار من قيمتها السوقية الإجمالية خلال تلك الفترة حتى نهاية سبتمبر 2014، وجاء أداء الأسواق المالية العربية مجتمعة هذا العام، أفضل من أداء معظم الأسواق الناشئة الأخرى».

وأوضح أن «أسواق التمويل الإسلامي تشهد اهتماماً متزايداً على الصعيد العالمي»، مشيراً إلى أنه «في ما يتعلق بالمنطقة العربية تجاوزت حصيلة تمويل الشركات العربية عبر الإصدارات من الصكوك، هذا العام حصيلة التمويل من إصدارات السندات التقليدية ومن التمويل عبر أسواق الأسهم، ويقدر أن يسجل عام 2014 رقماً قياسياً على مستوى الإصدارات من الصكوك».

تويتر