اقتصاديان يؤكدان أهمية الترشيد لتجنب الآثار السلبية الناجمة عن نموه

تقرير: 2558 درهماً متوسط إنفاق الفرد على السلع الاستهلاكية في 2014

نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك ينبغي أن يكون على مدار العام وألا يقتصر على شهر رمضان. تصوير: أحمد عرديتي

قدرت شركة «بيزنس مونيتور» للأبحاث متوسط إنفاق الفرد على السلع الاستهلاكية في الدولة خلال عام 2014 بنحو 2558 درهماً، بنمو 6.5%، متوقعة وصول إجمالي مبيعات منافذ بيع السلع الاستهلاكية في الدولة إلى 23.9 مليارات درهم خلال العام الجاري.

بدورهما، أكد خبيران اقتصاديان أهمية نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك، لتجنب الآثار السلبية الناجمة عن نمو الإنفاق الاستهلاكي مقابل تقلص معدلات الادخار والاستثمار، مطالبين بتنفيذ حملات موسعة لتقليل الإسراف الاستهلاكي.

نمو شحن السلع

أفاد المدير العام لشركة «بيراميدز» للشحن، عصمت طلعت، بأن «هناك زيادة ملحوظة في كميات السلع الاستهلاكية في الدولة، لاسيما دبي وأبوظبي، نتيجة زيادة حركة الأعمال والانتعاش الاقتصادي الذي تشهده الدولة حالياً». وبين أن «حركة الشحن المتعلقة بالسلع الاستهلاكية سجلت ارتفاعات كبيرة ومتتالية خلال الفترة الماضية»، لافتاً إلى أن «هناك توقعات بزيادة كبيرة في الطلب على هذه السلع خلال الفترة المقبلة، وهو ما توضحه عقود التوريد المستقبلية التي يشهدها قطاع الشحن والنقل والقطاع اللوجيستي في الوقت الراهن».


مبيعات منافذ البيع

توقع تقرير شركة «بيزنس مونيتور» أن يصل إجمالي مبيعات منافذ البيع الكبرى (هايبرماركت) في الدولة خلال العام الجاري إلى 15.49 مليار درهم، بنمو 7.1%، مقارنة بعام 2013، الذي سجل نحو 14.4 مليار درهم، مشيراً إلى أن من المتوقع وصول إجمالي مبيعات المنافذ الكبرى خلال عام 2015 إلى 16.2 مليار درهم، بنمو 9.2%.

وأوضح أن إجمالي مبيعات الـ«سوبر ماركت» خلال عام 2014 من المرجح أن يبلغ 7.14 مليارات درهم، بنمو 10% مقارنة بالعام السابق، الذي حقق 6.48 مليارات درهم، متوقعاً استمرار النمو في المبيعات خلال العام المقبل بنسبة 10%، وصولاً إلى 7.87 مليارات درهم.

وأشار إلى أن إجمالي مبيعات محال البقالة في الدولة خلال عام 2014 يتجه لبلوغ 1.28 مليار درهم، بنمو 15%، مقارنة بعام 2013، الذي سجلت فيه البقالات مبيعات بـ1.12 مليار درهم، مبيناً أن إجمالي المبيعات المتوقعة للبقالات خلال العام المقبل سيصل إلى 1.49 مليار درهم، بنمو نسبته 15.7% عن العام الجاري.

وتفصيلاً، توقع تقرير لشركة «بيزنس مونيتور» للأبحاث أن يبلغ إجمالي مبيعات منافذ بيع السلع الاستهلاكية في الإمارات خلال العام الجاري 23.9 مليار درهم، بنمو 8.3% عن العام الماضي، الذي بلغ فيه 22 مليار درهم، مشيرة إلى أن المبيعات المتوقعة خلال العام المقبل ستنمو بنسبة 9.9%، لتصل إلى 26.2 مليار درهم.

وأوضحت، في تقرير حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، أن متوسط إنفاق الفرد في الإمارات على السلع الاستهلاكية يصل إلى 2558 درهماً خلال العام الجاري، بنمو 6.5% مقارنة بعام 2013، ومن المتوقع أن يرتفع العام المقبل مرة أخرى ليصل إلى 2781 درهماً بنمو 7.1%.

وبين التقرير أن إجمالي مبيعات السلع الاستهلاكية توزع بين ثلاث فئات، استحوذت منافذ البيع الكبرى على النسبة الأكبر، التي بلغت 64.8%، فيما تلتها منافذ (سوبرماركت) بـ29.8%، فيما جاءت البقالات الأقل في الحصة (5.4%)، لكنها الأكبر في النمو، إذ سجلت نمواً بنحو 15% مقارنة بالعام الماضي.

وأكد التقرير أن النظرة المستقبلية لأسواق الإمارات إيجابية، لاسيما في ظل العوامل الجيدة التي أظهرها الاقتصاد المحلي، مثل عودة ثقة المستهلك، وتحسن معنويات المستهلكين، ونمو مختلف القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي يدعم حركة الإنفاق على السلع والمواد الاستهلاكية، خصوصاً الغذائية منها والمشروبات.

وذكر أن متوسط معدل الإنفاق الذي وصل إليه الفرد في الإمارات من شأنه أن يشكل رافداً يدفع عجلة التنمية الاقتصادية في الدولة، ويعطيه طابع الاستدامة عبر تنوع الاستثمارات، ما يدفع إلى زيادة الثقة لدى رجال الأعمال، ويجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.

في السياق ذاته، قال الخبير في قضايا شؤون المستهلك، حسن الكثيري، إن «ارتفاع معدلات الإنفاق الاستهلاكي للفرد في الدولة بنسبة 6.5%، يرجع بشكل أساسي إلى غياب ثقافة ترشيد الاستهلاك من المجتمع»، مبيناً أن «المجتمع يعاني بلوغ عمليات الإنفاق لدى بعض الأفراد درجة الإسراف والبذخ».

وأشار إلى أن «مظاهر زيادة الإنفاق تتضح بشكل كبير داخل منافذ البيع، سواء عبر الزيادة الملحوظة في أعداد عربات التسوق الممتلئة بالسلع الغذائية والاستهلاكية، أو من خلال نمو الإنفاق على مستلزمات العناية الشخصية، التي تستأثر مع الهواتف المحمولة ومستلزماتها بجزء كبير من عمليات الإنفاق الاستهلاكي»، مشيراً في هذا الصدد إلى امتلاك شريحة واسعة من أفراد المجتمع أكثر من هاتف واحد.

وأضاف أن «نمو معدلات الإنفاق الاستهلاكي في المجتمع يستلزم تنظيم حملات مكثفة وموسعة لنشر ثقافة ترشيد الاستهلاك بين الأفراد والأسر، مع ضرورة وضع معايير وقوانين أكثر تنظيماً وحماية للمستهلكين ضد هجمات وإغواء حملات الدعاية والإعلان، التي تحض على الإسراف في الإنفاق الاستهلاكي، لاسيما التي تستهدف الأطفال والنساء»، لافتاً إلى أن «زيادة حدة المنافسة بين منافذ البيع والشركات التجارية على استقطاب المستهلكين عبر العروض والحملات الترويجية يسهم في زيادة حجم إنفاقهم غير الرشيد».

وأوضح الكثيري أن «عدداً كبيراً من المستهلكين في الدولة تسيطر عليهم عادات شرائية سيئة تسهم في نمو الإنفاق الاستهلاكي، مثل ثقافة شراء العلامات التجارية الشهيرة ذات الأسعار المرتفعة، على الرغم من توافر السلع ذات الجودة والأسعار المناسبة، بغض النظر عن علاماتها التجارية، الأمر الذي يرسخ من احتكار العلامات التجارية الشهيرة للسوق، وتالياً تتحكم بالأسعار، ما يزيد من الإنفاق الاستهلاكي».

وذكر أن «نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك طوال العام بين الأفراد والأسر مسؤولية مجتمعية، لا تقتصر على شهر رمضان فقط، لها انعكاسات إيجابية سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية، إذ إن تقليل الإنفاق الاستهلاكي يتبعه توجه نحو الادخار والاستثمار، هذا عدا عن الفوائد البيئة التي ستتجلى بتقليل كميات المخلفات الناجمة من عمليات زيادة الاستهلاك في شتى القطاعات».

من جهته، قال رئيس قسم التمويل والاقتصاد في جامعة الشارقة، الدكتور حسين عبدالله التميمي، إن «نمو الإنفاق الاستهلاكي جاء وفقاً لزيادة معدلات الدخول في الدولة، نتيجة تحسن القطاعات الاقتصادية المختلفة».

وأوضح أن «زيادة الإنفاق الاستهلاكي، الذي واكب انتعاشاً في المؤشرات الاقتصادية، لها آثار سلبية على المدى الطويل في المجتمع، تظهر في تحوله إلى مجتمع استهلاكي على حساب تقليص معدلات الادخار والاستثمار»، لافتاً إلى أن «الانتعاش الاقتصادي وارتفاع معدلات الرفاهية يفرضان على الأفراد والأسر الموازنة بين حجم الإنفاق وتوجهات الادخار والاستثمار، والمفتاح الأساسي لهذا الأمر هو ترشيد الاستهلاك».

تويتر